خرجات النجوم

سوني ويليامز (نجم الريغبي العالمي) أوقف ماله لليتامى ونشر الإسلام في نيوزيلندا 

من الشك إلى اليقين 

في سنواته الأولى، ظلت ذكرى انفصال والديه تطارده، كلما غدا أو راح، عانى كثيرا من تمزق العائلة الصغيرة.. اتجه لرياضة الرجبي، يقتل فيها شبح الفراق الذي حل به، أصبح نجما كبيرا ومعشوقا للجماهير في بلاده نيوزيلندا، ومع اتساع شهرته، انغمس في الملذات، واتسم بالغرور، وانتابه الشعور بالزهو والافتخار على أقرانه. لكن في لحظة ما.. وجد نفسه عالقا بين الشك واليقين، اختلطت في رأسه الأفكار وتباينت الآراء حول الديانات السماوية، فلم يتخذ قرارا، ولم يمنح نفسه فرصة للتفكير والتدبر في هذا الأمر، بل ظل على حاله واتجه إلى استراليا للاحتراف، وهناك تألق وحصل على لقب أفضل لاعب، ثم لعب الملاكمة بجانب الرجبي، وساعدته قوته وجرأته على تحقيق لقب بطولة العالم على حساب الجنوب إفريقي فرانسوا بوثا، بعد 6 نزالات شارك فيها كمحترف. إنه «سوني بيل وليامز» نجم المنتخب النيوزيلندي للرجبي الذي وصفته «سي إن إن» الأميركية «بأنه ليس أعظم لاعبي رياضة الرجبي على مدى تاريخها فقط، بل هو أكثر الشخصيات الرياضية المثيرة للجدل. فجأة وقف سوني مع الذات.. لحظات، كانت كفيلة بتغيير حاله وأحواله.. سأل فيها نفسه عما ستؤول إليه شهرته إذا تركها وغادر الدنيا بما فيها ومن فيها، ولمن سيكون المرجع والمآل. تلك اللحظة التي أيقن فيها أنه مهما بلغ من نجومية وحصل على أموال فهو مفارقها بلا جدال.. ولابد من الاستعداد ليوم الرحيل ولقاء الخالق العظيم.. لحظات فاصلة في مسيرته تحول معها إلى شخص مختلف عما كان عليه من عبث ومعاقرة الخمر وإدمان الكحوليات.

الإسلام والسعادة

كان سوني بيل وليامز جاراً لأسرة تونسية في مدينة طولون خلال الفترة التي احترف فيها بناديها، وقد تصادق مع هذه العائلة التي دعته على الإفطار في شهر رمضان، فكان عليه أن يصوم ذلك اليوم حتى يشاركهم طقوسهم، غير أن معايشته للصيام في ذلك اليوم، لم يكن مثل باقي الأيام التي عايشها من قبل.. شعر بحالة من الرضا الذي تحياه هذه الأسرة رغم تواضعها. تحمل الجوع في يوم صيامه الأول، فصفت نفسه وهدأت بداخلها زحمة المتناقضات.. أيقن أن الإسلام هو دين الحق، فاعلن إسلامه. يقول سوني عن هذا اليوم:أعتقد أن الله سبب لي الأسباب لأكون في ضيافتهم، كانوا جيرانا لي عندما كنت محترفا في نادي طولون، ولم أكن أتصور ان 7 أفراد يعيشون في شقة من غرفة نوم واحدة، الأب والأم وخمسة أطفال، ومع ذلك كانوا في رضا تام، وعندما جربت معهم الصوم، لم يكن مثلما كنت أعتقد، لقد تعلمت من تلك التجربة الاكتفاء بالقليل والتعامل ببساطة مع الحياة، ومغالبة النفس، وهو ما جعلني أعرف معنى السعادة الحقيقية في حب الآخرين.

جمعيات لليتامى

سوني بيل الذي ولد يوم 3 أغسطس 1985، في أوكلاند بنيوزيلندا، رفض بعد إسلامه عقد احتراف بخمسة ملايين دولار، حتى يعود لبلاده، ويشارك مع منتخبها في كأس العالم، وهو تغيير لم تتوقعه الصحافة هناك،بعد أن شككت في إسلامه وقالت انه اعتاد على بعض التجارب، ثم سرعان ما ينفك عنها، لكنه تحدى الجميع واستمر على الثبات، لدرجة جعلت الصحافة تؤكد انه غير سوني الذي يعرفونه بحب المال والغرور،و أنه أصبح يكتفي بالحد الأدنى من أرباحه المالية، وينفق الباقي على الأعمال الخيرية وجمعيات اليتامى وفاقدي العائلين، ونشر الدعوة في نيوزيلندا واستراليا، بجانب شراء بيتين لوالديه المنفصلين.

الميدالية لطفل

في إحدى المباريات التي فازت فيها نيوزيلندا على أستراليا ببطولة العالم ، اندفع إلى الملعب أحد الأطفال ليلتقط صورة مع منتخب بلاده، وفي محاولات رجال الأمن منعه سقط الطفل أمام سوني ويليامز، فما كان منه إلا انه حنى عليه واحتضنه لمنع الأمن من القبض عليه، بل واتجه إلى المدرجات مصطحبا الطفل إلى عائلته، فحياهم والتقط معهم الصور التذكارية. الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد، بل فاجأ سوني الجميع بإهداء الميدالية الذهبية للطفل وقال حينذاك:” إنها على عنقه تبدو أجمل منها على عنقي.. أريد أن يبقى هذا المشهد عالقا في ذهنه مدى حياته”. لذلك.. عندما أعلن إسلامه، تهافت النيوزيلنديون على شراء الكتب الإسلامية، التابعة للمركز الذي أنشأه خصيصا لمعرفة شيء واحد.. هو حقيقة الإسلام.

نور الدين عطية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P