تحقيقات وروبورتاجات

التهميش و الإحتقار  يدفع الأغلبية للتوقف … نزيف مواهب كرة القدم في الأقسام السفلى يتواصل

اللاعب الهاوي في كرة القدم هو ذلك الممارس لهذه الرياضة في بطولة غير محترفة . في الجزائر الهاوي هو ذلك الشخص الذي  يتخذ  هذه الرياضة هواية و ليست مهنة  ، لكن هذا خطأ لبلاد مثل الجزائر يتنفس كرة القدم ، و أطلق مشروع الإحتراف منذ حوالي 10 سنوات ، حيث لا يمكن تسمية أي لاعب كرة قدم بالهاوي  كونه  يلعب في فريق  ، لديه كل المواصفات القانونية و يشارك بشكل رسمي  في البطولات ، لأنه قابل للعطاء في أي وقت ، كما أن  تطوير ذهنية اللاعب ، تتطلب  تشجيعه ، حيث   من الأحسن أن  تنزع كلمة الهواة من هرم كرة القدم في البلاد و يتم تغييرها بالدرجات . هذا الموضوع هام و به عدة محاور منها الجانب الفني و النفسي والاجتماعي ،  لأن اللاعب قبل كل شيء هو إنسان يتأثر بمحيطه ، أي إبن بيئته من الأسرة و الشارع حتى الجمعية الرياضية المنخرط بها ، هناك عدة عوامل تؤثر في اللاعب ، منها محيطه و مستواه  التعليمي و الفريق الذي ينتمي إليه ،  تكوينه في الفريق هل هو تكوين سليم مبني على أسس علمية و منهجية ،  و هل يؤطره مربون و مدربون أكفاء؟ و خاصة من الناحية علم النفس الرياضي و البيداغوجي ،ليصبح فردا صالحا سويا و كذلك من الجانب المنهجي ،الفني والتكتيكي ليكون لاعبا في المستوى العالي .

لاعبو الأقسام السفلى في الجزائر …. البداية بعزيمة النجاح و النهاية بسعادة التسلية في نفس المستوى

يتميز لاعب كرة القدم  الدرجات السفلى في الجزائر بالعزيمة و الإرادة الكبيرة ، في بداية مشواره عندما يكون في سن الثامنة عشر حتى الرابعة و العشرون ، حيث يعمل و يتدرب مع النادي بطموح كبير ، تجده يركز على  المباريات بشكل ملفت للإنتباه ، كما أنه يبتعد عن الآفات الإجتماعية و السهر ، كل هذه الأمور قد تجعله لاعبا  محترفا مميزا،   وسط مجموعة من الهاويين  .  من  هم الهاوون ؟  هم من مروا بالمراحل المذكورة سابقا ، و تقدموا في السن و أصبحوا يمارسوا كرة القدم للتسلية و تمضية الوقت ، كما أنهم  فقدوا الأمل في تحقيق أحلامهم و إصطدموا بالواقع  الرياضي الأليم ، السبب هنا يعود للكثير من النقاط ، يمكن القول بنسبة أقل الجانب المادي الذي يجعل اللاعب في مثل هذه الدرجات يعلم أن كرة القدم لن تكون مهنة في هذا المستوى ، و بنسبة أكبر يعود السبب إلى العقلية الهاوية للمسيرين،  و القائمين على هذه الرياضة في الأقسام السفلى ، لا تشجيع  لا جوائز فردية  و لا حتى عمليات إنتقاء لاعبين، زد على ذلك الجانب الذهني الذي يجعل اللاعب يحس بأنه في مستوى ليس لديه أي أهمية ، القليل من اللاعبين يحملون حقائبهم نحو الأمام منهم من يتقدم و يكتب إسمه في أكبر الأندية بأحرف من ذهب ، مثل إسلام سليماني و بغداد بونجاح المثال الحي ، لكن للأسف مثل هؤلاء اللاعبين قليلين جدا ، لأن نزيف المواهب كبير جدا ،  و ذلك لعدم  إستغلال القوى النفسية للاعبي هذا المستوى في وقتها اللازم .

التهميش و غياب أهل الإختصاص في المستويات الدنيا سبب  ضياع المواهب

من الأسباب التي يعاني منها لاعبو الأقسام الدنيا في الجزائر هي التهميش من طرف القائمين على كرة القدم ، حيث يعاني اللاعبون في هذا المستوى من إنعدام التشجيع  و التحفيز ، مثلا في الفئات الشبانية تعطى مسؤولية التدريب لشيخ كبير متقاعد ربما لم يمارس كرة القدم في حياته ، و لا يملك أي شهادة في التدريب ، مع غياب السلطات المعنية التي تبقى تتفرج على هذا الموضوع ، نقطة أخرى مع نفس الفئة من النادر أو من المستحيل أن يحضر رئيس الرابطة للوقوف على سير مباريات بطولة هذه الفئة ، كما أن أغلب مباريات الفئات الشبانية لا يحضرها الحكام ، و إن حضر يحضر الحكم الرئيسي فقط ، هذه الأسباب قد تعجل بفقدان الثقة عند الشبان ، و يحسوا أنهم بدون أهمية ، و من هنا تبدأ رحلة الضياع ، و في فئة الأكابر مازالت عقلية من يصرف كثيرا يصعد ، بدون الرجوع لمستوى الفريق ، كما أن مسؤولي الفرق غالبا ما يلعبوا بعقول اللاعبين  من أجل الإمضاء للفريق ، على الرغم من علمهم  بمستواهم الكبير ، همهم هو جمع أوراق إعتماد اللاعبين  بالعدد المطلوب .

مناطق تتنفس كرة القدم و لا يوجد فيها أي لاعب محترف في القسم الأول

لحد كتابة هذه الأسطر حول لاعبي المستويات السفلى ، أو كما يطلق عليه باللاعب  الهاوي ، قد يرى الجميع أن هذا الأمر عادى و متعود عليه ، لكنه في الحقيقة إنتهاك في حق إنسان لديه فكر و طموح قوي ، مثلا في المنطقة التي أقطن فيها كرة القدم تعتبر من الأساسيات،  تلعب ليلا نهارا ، في مدينة سيق و زهانة و واد تليلات و عقاز و جنين مسكين ، قرية عين عميروش،  زغلول بوهني ،  حسين  ، هذه المناطق كلها تتنفس كرة القدم من الصغار إلى الكهول ، من غير المعقول أن لا يكون هناك لاعب أو إثنين أو ثلاثة  ضمن 600 لاعب الذين يلعبون في القسم الأول، السبب هنا راجع إلى عدم التشجيع و الإهتمام ، حيث إذا ذهب لاعب من هذه المناطق لإجراء التجارب في فرق كبيرة  سيتعرض للظلم و يحتقر  . وإذا تحدثنا عن المستوى ، فحتى أغلب لاعبي المحترف الأول دون المستوى ، و من ناحية حب النجاح  نجد لاعبي الأقسام الدنيا أكثر إرادة و عزيمة للبروز و مواصلة النجاح ،  لكن تبقى دائما الخطوة الأولى صعبة جدا على هؤلاء اللاعبين لطرق أبواب النجومية ،حيث يقول أغلب وكلاء اللاعبين  أنهم أثناء عرض اللاعبين على الفرق يقابلهم مسؤولي الفريق بكلمة ” أحتاج لاعبا لديه إسم و معروف على الساحة ” .

♦ بليدي تواتي مدرب كرة قدم: ” الموهبة لا تكفي وحدها و إن لم يتم نقلها و توجيهها جيدا فلن تبرز “

بليدي تواتي
بليدي تواتي

و في تدخل حول موضوع معاناة لاعبي كرة القدم في الأقسام السفلى بالجزائر،  أكد المدرب و أستاذ التربية البدنية بليدي تواتي الذي يعمل حاليا في مديرية الشباب والرياضة لولاية مستغانم ،أن الجزائر تنزف نزيفا حادا من خلال فقدانها المواهب سنويا لاسيما في الأقسام السفلى ،و هذا راجع إلى نقص الإهتمام و غياب الأخصائيين، حيث قال: ” الموهبة لا تكفي لوحدها إن لم نصقلها جيدا ،  و نعتني بها و نوجهها للطريق الصحيح و السليم ،  في الأقسام السفلى اللاعب يشعر بأن ليس له مستقبل في كرة القدم أو أي رياضة أخرى ،لأن الفرق غير مهيأة و الشروط منعدمة ،هنا الفرق تسير بطرق عشوائية ،نقص الكفاءة في  التسيير و في التأطير الفني و الوسائل البيداغوجية ،  حتى حصص التدريب ناقصة  كما و كيفا  و لا تلبي طموحات اللاعب الموهوب ،  لهذا السبب تنطفئ الكثير من المواهب في سن مبكر بهذه الأقسام،   إن لم تكتشف أو تجد  لها مكانا بالأقسام العليا ،  حتى تفجر طاقتها و موهبتها و يكون لها طموح في حمل الراية الوطنية ، و  تشريف وطنها في المحافل الدولية . و من الأسباب كذلك في هذه الفرق لا يوجد محضر بدني و لا محضر نفسي أو ذهني  يرافق مشوار هذا اللاعب ،و لا توجد وسائل مادية و لا معنوية  بعيدا عن الأضواء و الإشهار من حوارات صحفية و تلفزيونية تعطيه ثقة بالنفس و تجعل له مكانة اجتماعية في محيطه ، فهو يصارع مستقبله الرياضي لوحده ،لذا يفقد التركيز و عدم بذل المجهود لتحقيق أهدافه و يضيع أمله مع مرور الوقت ، في الفترة الأخيرة أصبح لا ينظر للموهبة  القادمة من الأقسام الدنيا ، بل للاعب الذي له علاقات مع المناجرة و المسيرين ،رغم أن اللاعب الهاوي هو الخزان لفرقنا المحترفة ،أما فيما يخص ذهنية اللاعب في الأقسام السفلى تشبه لحد ما عقلية اللاعب المحترف الجزائري ،لذا وجب إعادة النظر في التكوين القاعدي للاعب الجزائري ، سأعطيك مثالا : أغلب اللاعبين الذي نجحوا في عالم كرة القدم المحلية أو الدولية هم من جاءوا من الأسفل و هم بكثرة ، محليا على غرار إسلام سليماني و عالميا على غرار رياض محرز و محمد صلاح ، و في الأخير على المسؤولين أن يأخذوا  هذا الموضوع بعين الإعتبار .”

إعداد : نبيل شيخي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P