تحقيقات وروبورتاجات

رياضيون جزائريون رفضوا التطبيع … الرياضة الجزائرية بشعار واحد “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”

لم يبدو موقف الجزائر الداعم للقضية الفلسطينية إلا موقفا  أصيلا يعبر عن عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين الفلسطيني والجزائري ،حيث إن فلسطين هي امتداد طبيعي للجزائر، فكانت كلمات الرئيس هوراي بومدين (مع فلسطين ظالمة أو مظلومة) لترى وتشاهد وتسمع كل أبناء الجزائر يرددون هذه العبارة، وتجسد الجزائر حكومة وشعبا هذه المقولة الهامة والمهمة في تاريخ العلاقات الفلسطينية الجزائرية.

الجيدو أول وأكبر الرافضين للتطبيع

يزخر تاريخ الرياضيين الجزائريين بعدة مواقف رفضوا فيها بشدة مواجهة منافسين من الكيان الصهيوني. ويحوز الجيدو الجزائري الأسبقية التاريخية في مقاطعة التطبيع مع المنافسين من الكيان الصهيوني، والتي تتجلى من خلال مواقف كثيرة. وتعود أول حادثة إلى عام 1991 عندما رفض بطل إفريقيا في الجيدو مزيان دحماني، مواجهة رياضيين من الكيان الصهيوني وهذا في مناسبتين بإسبانيا، أولاهما في بطولة العالم ثم في الألعاب الأولمبية 1992. بدورها رفضت المصارعة الجزائرية أمينة بلقاضي في وزن 63 كلغ، مواجهة منافسة من الكيان الصهيوني في البطولة الدولية، التي أقيمت في مدينة أغادير بالمملكة المغربية في 2018 ، كما رفض المصارع فتحي نورين في وزن 73 كلغ، نزال خصمه الصهيوني في بطولة العالم باليابان 2019.

عبد الرحمان بن عمادي فرط في الميدالية البرونزية

رفض مصارع الجودو الجزائري، عبد الرحمن بن عمادي، مواجهة المصارع لي كوشمان من الكيان المحتل، في فئة تحت 90 كلغ، من أجل الحصول على الميدالية البرونزية في الجائزة الكبرى للجيدو بمدينة أنطاليا التركية ،في موقف مشرف للمصارع الجزائري الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني.وبهذا الموقف ضيع بن عمادي على نفسه فرصة اقتطاع بطاقة المشاركة في أولمبياد طوكيو وهو الذي كان يملك فرصة قوية للحصول على الميدالية البرونزية، مادام أنه تفوق في الأدوار الأولى خلال تلك الدورة على نائب بطل العالم الياباني، موكاي شيشيرو، وخسر فقط أمام السويدي، نيمان ماركوس، الذي توج بذهبية هذه الدورة، وأنهى بن عمادي المسابقة في المركز السابع.

شنوف ضحى بالبكالوريا و مريم موسى ضحت ببطولة العالم

ومن المواقف التي بقيت في أذهان الجزائريين ،نجد موقف مصارعة الجيدو مريم موسى، التي صنعت الحدث في كأس العالم التي جرت فعالياتها بإيطاليا في أكتوبر من عام 2011، حين رفضت مبارزة نظيرتها الصهيونية شاهار ليفي، ليتم إقصاؤها بعد أن امتنعت عن الحضور إلى مراسيم تقديم المتنافسين قبل انطلاق المواجهة.وخرجت قضية المصارعة مريم موسى من إطارها الرياضي، بعد أن أقدمت العديد من المواقع الصهيونية على اتهام الحكومة الجزائرية، بأنها هي من تقوم بتحريض رياضيي بلدها على عدم مواجهة الإسرائليين على غرار موقع “إسرائيل فالي”، الذي أكد أن هناك أوامر فوقية يتلقاها الرياضيون الجزائريون بضرورة الانسحاب في كل مرة حين يتعلق الأمر بمنافس إسرائيلي. وإلى جانب مريم موسى هناك أيضا مصارع التايكواندو زكريا شنوف، صاحب 18 ربيعا الذي ضحى بكأس العالم ورفض منازلة نظيره من الكيان الصهيوني ، رغم أنه كان يراهن على أداء بطولة في القمة بعد أن فرط في امتحان شهادة البكالوريا.

حليش ،ابراهيمي ،مبولحي و مطمور تحججا بالإصابة ورفضوا التنقل

وبعيدا عن الرياضات القتالية، فإن لاعبي كرة القدم الجزائريين بدورهم لم يخرجوا عن القاعدة، وخير دليل على ذلك ما أقدم عليه حارس “الخضر” رايس وهاب مبولحي، حين رفض المشاركة في المباراة الودية التي جمعت الموسم ما قبل الماضي، بين فريقه السابق سلافيا صوفيا البلغاري وهابويل كغار من الكيان الصهيوني ، بالإضافة إلى رفضه عرضا مغريا قدمه له فريق هابويل تل أبيب، وصل إلى حدود 2 مليون أورو، كما أن الدولي المعتزل كريم مطمور، قاطع سفرية فريقه السابق بوريسيا موشنغلادباخ إلى الكيان الصهيوني ، بعد أن تلقت إدارة النادي الألماني دعوة من طرف الاتحاد الصهيوني لكرة القدم للمشاركة في احتفالية الذكرى الستين لتأسيس الاتحاد، واعترف مطمور ضمنيا بأنه رفض السفر مع فريقه، لكنه رفض آنذاك أن يعلق على القضية، وادعى مطمور تعرضه لإصابة حيث طلب من مسؤولي فريقه إعفاءه من التنقل إلى تل أبيب. و رفض الدوليان الجزائريان رفيق حليش وياسين براهيمي التنقل إلى الكيان الصهيوني لمواجهة فرق محلية بمناسبة منافسات أوروبية.و امتنع مدافع الخضر رفيق حليش عام 2012 عن مرافقة فريقه الأسبق أكاديميكا كويمبرا البرتغالي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، لمواجهة فريق هابوعيل تل أبيب في بطولة الدوري الأوروبي، مُدعيا الإصابة وذلك تجنبا للتطبيع. ورفض بدوره ياسين ابراهيمي في 2015 التنقل لمواجهة ماكابي تل أبيب من الكيان الصهيوني، وهذا لحساب منافسة دوري أوروبا لكرة القدم.ورفض حينها صانع ألعاب فريق بورتو البرتغالي ياسين براهيمي مرافقة بعثة فريقه، التي وصلت إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أين لقي موقفه تقديرا واسعا من الجزائريين.بالمقابل تعرّض الدولي الجزائري لانتقادات لاذعة في الصحف البرتغالية، التي اتهمته بافتعال الإصابة من أجل تفادي السفر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكنه نجح في الخروج من المأزق بعدما تحجج بعدم شفائه من الإصابة.

الاحتياجات الخاصة والتايكواندو يقاطعون مواجهة منتخبات الكيان الصهيوني

وكان المنتخب الجزائري لكرة القدم الخاصة بالصم وثقيلي السمع آمال، قد قاطع مواجهة منتخب الكيان الصهيوني في بطولة العالم التي أقيمت في نوفمبر 2019 بسويسرا. وانسحب حينها الفريق الجزائري ولم يحضر اللقاء، ولم تكترث تشكيلته للهزيمة التي منحت لمنافسه بنتيجة 5 لـ 0. وسار التايكواندو على خط الرافضين للتطبيع الرياضي، بعدما امتنع زكريا شنوف في عام 2011 مواجهة منافس من الاحتلال الإسرائيلي وقرر الانسحاب من البطولة العالمية من دورها الأول.

كرة اليد الجزائرية تفرض منطقها في بطولة العالم

أحدث منتخب كرة اليد لأقل من 20 سنة طوارئ حقيقية في كأس العالم التي جرت بالسويد، حين هدد بمقاطعة الدورة بأكملها في حال ما إذا وقع في نفس مجموعة المنتخب الصهيوني ، وهذا ما اضطر القائمين على تنظيم المنافسة إلى تجنيب الجزائر مواجهة منتخب الكيان الصهيوني من أجل إنجاح الموعد العالمي.

بيراف أول مسؤول جزائري يقع في المحظور

وعلى عكس الرياضيين أخطأ رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية السابق مصطفى بيراف ووقع في المحظور في مخالفة الموقف الجزائري الأمر الذي أنهى مسيرته على رأس الهيئة الرياضية.وكان الرئيس السابق للجنة الأولمبية مصطفى بيراف، قد وقف مستعدا لنشيد الكيان الصهيوني بمناسبة منافسات الجيدو بفرنسا مطلع فيفري من هذا العام.وأظهر المقطع الذي نقلته وسائل إعلام يظهر بيراف وهو يقف وسط ممثلي اللجان الأولمبية عبر العالم خلال تكريم المصارع الإسرائيلي ورفع علم الكيان الصهيوني.

حالات شادة و غير مفهومة لدى بعض الرياضيين

وعكس المواقف المشرفة للمصارعين السابقين، خالفت جازية حداد القاعدة، بقبولها مواجهة منافستها من الإحتلال الإسرائيلي في 2015 بمناسبة بطولة “آيبيك” غراند سلام، في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي أثار موجة انتقاد واسعة في الجزائر.و جاءت حادثة سفر الجزائري هشام بوداوي، مع فريقه نيس الفرنسي إلى الكيان الصهيوني، عكس المواقف المشرفة التي رفض فيها عدة رياضيين التنقل إلى الأراضي المحتلة أو مواجهة رياضيين إسرائيلي،

بلفوضيل سافر إلى إسرائيل وميناسيل هرب منها

سافر لاعب المنتخب الوطني سابقا إسحاق بلفوضيل لاعب نادي بارما الإيطالي آنذاك و قبل الالتحاق بصفوف الخضر، مع المنتخب الفرنسي للشباب إلى أراضي الكيان الصهيوني ، حيث خاض مباراتين وديتين هناك، فيما هرب اللاعب الفرانكو جزائري ناصر ميناسل من الكيان الصهيوني في جانفي من العام 2007، بعد أن تعرض لضغط شديد من عائلته في الجزائر وفرنسا، حيث كان على وشك الإمضاء لنادي هاكوا ماكابي، بعدما أجرى هناك تجارب ليومين كللت بالنجاح.

ابتكار الحيل الحل الوحيد لتفادي عقوبات اللجنة الأولمبية الدولية

تجدر الإشارة، أن الرياضيين الجزائريين كانوا يلجأون إلى استعمال الحيلة في كل مرة توقعهم القرعة في مواجهة الإسرائيليين، حيث يكثرون تارة من الأكل حتى يخالف وزنهم الوزن المحدد، ويتحججون تارة أخرى بالإصابات والمرض قصد تفادي تعرضهم والجزائر إلى العقوبة،و كانت اللجنة الأولمبية الدولية، أصدرت قانونا يقضي بمعاقبة الدولة التي يرفض رياضيوها مواجهة نظرائهم من الكيان الصهيوني ،و أصدرت قانونا جديدا يطبق على كل الدول المشاركة في الألعاب الأولمبية، ويقضي بإقصاء الدولة التي يرفض أي رياضي منها مواجهة منافس من الكيان الصهيوني ، ولذلك فقد عمد بعض الرياضيين المسلمين إلى انتهاج حيلة جديدة لتفادي العقوبات، وهي زيادة وزنهم عشية المواجهة مع أي مصارع من الكيان الصهيوني ، بتناول كمية كبيرة من الأكل وبالتالي يقصى الرياضي لوحده فقط من المنافسة.

الجزائر تصر واللجنة الأولمبية تحذر

وفي ذات السياق أطلقت اللجنة الدولية الأولمبية تهديدات ضد الجزائر بحرمان رياضييها من المشاركة في أي منافسة رياضية قادمة، بدعوى رفض مواجهة نظرائهم الإسرائيليين في حال التقائهم في أولمبياد لندن 2012. ونقلت تقارير صحفية دولية وقتها أن المسؤولين في اللجنة الدولية الأولمبية تلقوا تقارير عن حالات رفض الرياضيين الجزائريين مواجهة الإسرائيليين سابقا بحجج لم تقنعهم. ومع تنامي هرولة عدة دول عربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، نجد الرياضيين الجزائريين في واجهة المقاطعة لأن هناك قانونا عرفيا جزائريا غير مكتوب مفاده “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.

سنينة مختار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P