وجهة نظر بولا

وهران… حيث تُكتب بداية جديدة لمخيمات صيفية تليق بأحلام شبابنا

حين تنطلق مبادرة جديدة من مؤسسة رسمية، قد تمرّ كخبر عابر في زحمة الأحداث، لكن ما جرى في وهران مساء التاسع عشر من جوان 2025، لم يكن مجرد نشاط وزاري روتيني، بل لحظة تأسيسية تحمل في طياتها مفهوماً جديداً لمعنى “مخيم صيفي” في الجزائر. من القرية المتوسطية، وبين تفاصيل الخيم والورشات والمشاركين، أطلق السيد مصطفى حيداوي، وزير الشباب، أول عملية محاكاة نموذجية لمراكز العطل والترفيه، وهي خطوة جريئة نادراً ما نشهدها في العمل العمومي: أن تجرّب الإدارة نفسها قبل أن تُجرب على المواطن.

الرسالة كانت واضحة: لا نريد موسماً صيفيًا شكليًا، بل تجربة حياتية مؤطرة، تراعي السلامة، وتخاطب القيم، وتبني مهارات الجيل الجديد. ما فعله الوزير، وما أطلقه من وهران تحديدًا، لم يكن ليأخذ هذا الزخم لولا أن التحضيرات الميدانية كانت في مستوى التحدي. كيف لا، ودور الشباب في عين الترك ووهران استحالت إلى فضاءات لائقة، نظيفة، منسّقة، وكأنها منتجعات تربوية، بفضل العمل الجاد لمديرية الشباب والرياضة بالولاية، تحت إشراف السيد عادل تجار، الذي أثبت أن الفعل الصامت أفعل من ضجيج الشعارات. لقد راكمت مخيمات الجزائر لسنوات طويلة إرثًا متواضعًا و روتينيا وفقر البرامج، مما جعلها تتحول في أذهان كثيرين إلى “إيواء موسمي” أكثر من كونها محطة تربوية.

لكن اليوم، ثمة وعي جديد يتشكل: أن تربية الطفل لا تؤجل، حتى ولو في عطلة صيف. عملية المحاكاة، بتمارينها وسيناريوهاتها الواقعية، تمنحنا أملاً بأننا نتحرك في الاتجاه الصحيح، نحو دولة تُخطط، تُعدّ، تُقيّم، وتفتح باب المرافعة التربوية حتى في التفاصيل الصغيرة. إن صيف 2025، إن كُتب له النجاح كما نرجو، فسيكون أكثر من مجرد موسم: سيكون امتحانًا وطنيًا لقدرتنا على صناعة الجودة في المجال العمومي، ومتى نجحنا في ذلك، فسنكون قد بدأنا فعلاً ببناء الإنسان الجزائري من جديد… بدءًا من المخيم الصيفي.

مقال رأي | بقلم: مصطفى خليفاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى