سهولي شيخ فيصل (الموهبة الجزائرية الماليزية في القفز الطويل): “أحمل في قلبي وطنين ولا أستطيع العيش دون أحدهما”
في عالمٍ يفيض بالتحديات، تظهر بين الحين والآخر قصص ملهمة تذكّرنا بأن الخير لا يُقاس بالعمر، وأن الحلم يمكن أن يولد صغيرًا لينمو مع صاحبه. الطفل سهولي شيخ فيصل، ابن التاسعة، نموذجٌ فريد يجمع بين الروح الجزائرية والابتسامة الماليزية، اشتهر منذ نعومة أظفاره بلفتة إنسانية رائعة حين منح حذاءه لطفلٍ مشرد في كوالالمبور، قبل أن يشق طريقه بثبات نحو عالم ألعاب القوى. في هذا الحوار، يحدثنا فيصل عن بداياته، أحلامه، وجوهر اللطف الذي يصنع الأبطال.
من هو فيصل؟ وهل يمكن أن تعرّفنا بنفسك بإيجاز؟
“أنا سهولي شيخ فيصل، عمري تسع سنوات. والدي جزائري و أمي ماليزية. نعيش في ماليزيا، أدرس في المدرسة وأمارس الرياضة، وأحب كثيرًا الجري والقفز الطويل.”
متى بدأت رحلتك مع ألعاب القوى؟
“بدأت عندما كان عمري ست سنوات. ذهبت مع خالي إلى الملعب، وهناك شاهدني مدرب وطلب مني أن أشارك في سباق. جريت وربحت، ومنذ ذلك اليوم أصبحت أتدرّب بجدّ.”
لماذا اخترت رياضة القفز الطويل تحديدًا؟
“لأنني أحب الإحساس بالطيران عندما أقفز، أشعر وكأنني أحلّق. والمدرب قال إن لدي موهبة في هذه الرياضة وشجعني على الاستمرار.”
ما هي أهم الصعوبات التي واجهتها أثناء التدريبات على القفز الطويل؟
“في البداية كان من الصعب تنسيق الجري السريع مع القفز في اللحظة المناسبة. كنت أسقط كثيرًا وأغضب، لكن المدرب قال لي لا بأس، فكل بطل يبدأ بالأخطاء. ومنذ ذلك الوقت صرت أحاول أكثر وأقوّي جسدي.”
كيف كان شعورك عندما نافست الكبار وتفوّقت عليهم؟
“كنت متوترًا في البداية، لكن عندما فزت شعرت بالفخر وقلت في نفسي العمر لا يعني شيئًا، المهم هو الإصرار.”
كم عدد الميداليات الذهبية التي أحرزتها حتى الآن في ألعاب القوى؟
“لدي ثماني ميداليات ذهبية، كلها من المركز الأول، والحمد لله.”
ما هي الميدالية الأقرب إلى قلبك ولماذا؟
“الأولى التي ربحتها، لأنها كانت البداية. بكيت من الفرح، وماما كانت تصفق لي، وبابا حملني على كتفيه.”
كيف تستعد نفسيًا وجسديًا قبل خوض منافسة في القفز الطويل؟
“أستمع إلى تسجيل تحفيزي لقدوتي في الجري أوسين بولت، وأغمض عينيّ وأفكر في النجاح. كما أقوم بتمارين صغيرة لتسخين جسمي قبل القفز.”
ما الذي يميّز تمثيلك لولاية سيلانغور في البطولات الرياضية؟
“ولاية سيلانغور كبيرة وفيها رياضيون أقوياء، وتمثيلها شرف كبير لي. أشعر بالفخر عندما أرى اسمي في القائمة.”
ما هي النصائح التي تتلقاها من مدربيك لتحقيق نتائج أفضل في القفز الطويل؟
“يقولون لي دائمًا تنفّس جيدًا، ابقَ مركزًا، ولا تخف من القفزة. ويعلّمونني كيف أحافظ على التوازن والطاقة.”
كيف توفّق بين دراستك وتدريباتك الرياضية؟
“أحاول تنظيم وقتي. أتدرّب في الصباح وأدرس بعد الظهر في المدرسة، وماما تساعدني في المراجعة في البيت.”
ماذا يعني لك أن تكون جزائريًا وماليزيا في الوقت نفسه؟
“يعني أن لدي روحين، أحب الكسكس والساتاي، وأشعر بالانتماء لكلا البلدين، فكل واحد منهما علّمني شيئًا جميلًا.”
ما هي طموحاتك المستقبلية في رياضة القفز الطويل وألعاب القوى عامة؟
“حلمي أن أشارك في الألعاب الأولمبية وأفوز بميدالية ذهبية.”
كيف كان شعورك عندما أعطيت حذاءك للمشرد في كوالالمبور وأنت في سن الثالثة؟
“كنت صغيرًا جدًا ولم أكن أفهم الكثير، لكني رأيت طفلًا حافيًا و أوجعني قلبي. نزعت حذائي وأعطيته له، وبعدها قالوا لي إنني فعلت شيئًا كبيرًا، لكني فقط شعرت بالفرح.”
ما هي تفاصيل جائزة اللطف العالمي التي حصلت عليها؟
“جائزة اللطف العالمي أعطاني إياها أشخاص يهتمون بمن يقومون بأعمال طيبة حول العالم. قالوا لي إن اللطف لا يجب أن يكون كبيرًا، فحتى الأشياء الصغيرة تُحدث فرقًا. كنت فخورًا جدًا بها.”
كيف دعمتك أسرتك بعد تلك الحادثة المؤثرة في طفولتك؟
“ماما وبابا شجعاني كثيرًا، وقالا لي دائمًا كن طيبًا ولا تتغيّر. وهما من علّماني مساعدة الناس، وساعداني في توزيع المال الذي حصلت عليه من التكريم. أصلًا، هما تعرّفا على بعض عندما كانا متطوعين في جمعية خيرية.”
هل زرت الجزائر؟ وكم مرة كان ذلك؟
“نعم، زرت الجزائر ثلاث مرات. زرت جدي وعائلتي في البيض وسيدي بلعباس ووهران. أحببت لَمّة العائلة ولعب الأطفال معي هناك.”
هل تشعر بالفرق بين الجزائر وماليزيا؟
“قليلًا، في الجو والأكل واللغة، لكن الناس في البلدين طيبون جدًا، وهذه أهم حاجة.”
ما هو البلد الذي ستحمل ألوانه مستقبلاً في البطولات العالمية والقارية؟
“ما زال الوقت مبكرًا، لكني أتمنى أن أمثل البلدين معًا، الجزائر وماليزيا، لأن هذا سيكون حلمًا تحقق.”
كيف تشعر أكثر، أنك ماليزي أم جزائري؟
“أشعر أن قلبي نصفه جزائري ونصفه ماليزي، ولا أستطيع أن أختار أحدهما دون الآخر.”
ما هي الكلمة التي تود توجيهها للأطفال الذين يحلمون بأن يصبحوا أبطالًا رياضيين مثلك؟
“أقول لهم لا تتوقفوا عن الحلم، اعملوا، تدربوا، وكونوا طيبين، فاللطف والجهد يفتحان كل الأبواب.”
حاوره: سنينة. م



