حقق العداء الجزائري إسماعيل بن حمودة ذهبية سباق 5000 متر مشي ضمن منافسات ألعاب القوى في دورة الألعاب الإسلامية التي أقيمت في المملكة العربية السعودية عام 2025، وجاء هذا الإنجاز ليؤكد جاهزية البطل الجزائري الذي يطمح للمزيد من الألقاب القارية والدولية، وفي حوار خص به “بولا”، تحدث بن حمودة عن أصعب مراحل التحضير وكيف أثّر هذا التتويج على مساره الشخصي وأهدافه المستقبلية.
أولاً… ألف مبروك إسماعيل، كيف عشت لحظة الوصول إلى خط النهاية وإدراكك أنك حققت الذهبية في سباق 5000 متر مشي؟
“شكراً جزيلاً لكم على التهنئة وأهلاً بكم، أعتقد أن أهم مرحلة تدريبية كانت فترة العمل القاعدي بعد نهاية الموسم، رغم أنها كانت قصيرة جداً، حيث استغرقت أسابيع معدودة كان يجب خلالها استعادة اللياقة والوصول إلى أفضل جاهزية ممكنة، ركزت خلالها على بناء اللياقة تدريجياً والعودة إلى الإيقاع دون مدرب رسمي يشرف على تفاصيل عملي اليومية، بل اعتمدت بشكل كامل على خطتي الخاصة التي رسمتها بناءً على خبرتي وعلى التغذية الراجعة التي كنت أستخلصها من أدائي، وكان للعمل على السرعة والتحمل معاً قبل السباق دور كبير في تطوير مستواي، فلم يكن التحضير مقتصراً على مسافات طويلة رتيبة، بل كان مزيجاً مدروساً من الحصص المتنوعة.
وهذا التكثيف الذكي منحني الثبات خلال مراحل السباق المختلفة، إلى جانب الانطلاقة القوية في الكيلومترات الأخيرة التي مكنتني من التفوق على منافسي، فسباق 5000 متر مشي يتطلب توازناً دقيقاً بين الحفاظ على التقنية الصحيحة والقدرة على رفع الإيقاع، وقد اعتمدت على استراتيجية تقوم على التحفظ في البداية والتركيز على المنافسين الأقوياء، وعندما تجاوزت شريط الوصول أولاً شعرت بمزيج كبير من الراحة والفخر، لأن هذا التتويج يلخص كل ساعات التدريب الشاق والتضحيات التي بذلتها لرفع العلم الوطني عالياً في محفل دولي كبير.”
بما أنك أشرت إلى أن التحضير كان فردياً ودون مدرب، ما هو تأثير هذا التتويج على مسارك الشخصي وعلى رياضة المشي في الجزائر؟ وهل تعتقد أنه قد يغيّر نظرة الجمهور لها؟
“هذا التتويج يعني لي الكثير على المستوى الشخصي، فالفوز بالميدالية الذهبية في حدث إقليمي كبير هو تأكيد لقدراتي وإثبات أن الإرادة يمكن أن تتغلب على نقص الموارد أو غياب التأطير، لأنه جاء نتيجة عمل كبير واعتماد كامل على نفسي منذ بداية الموسم، وهذا النجاح يمنحني دافعاً أقوى لمواصلة المسار الصعب والاقتراب أكثر من المستوى العالمي، كما أعتبره نقطة تحول حقيقية في مسيرتي الرياضية، أما بالنسبة لرياضة المشي في الجزائر، فأرى أن هذا الإنجاز خطوة مهمة جداً لإبراز هذا الاختصاص وإعطائه المكانة التي يستحقها ضمن الرياضات التي تتألق دولياً، لأن المشي الرياضي لطالما عانى من نقص الاهتمام الإعلامي والجماهيري مقارنة بسباقات أخرى، وأعتقد أن هذا التتويج يمكن أن يغيّر نظرة الجمهور للمشي، لأنه يبرز أنه رياضة تتطلب قوة بدنية عالية وتركيزاً ذهنياً متواصلاً وانضباطاً كبيراً في التقنية، تماماً مثل باقي الرياضات، وأتمنى أن يكون هذا الإنجاز دافعاً للشباب لممارسة هذا الاختصاص وتمثيل الجزائر بأفضل صورة في المستقبل.”
بصراحة، أي فترة إعداد لا تخلو من الصعوبات، خصوصاً وأنك ذكرت أن التحضيرات كانت في وقت ضيق، ما أبرز التحديات التي واجهتها وكيف تعاملت معها للحفاظ على جاهزيتك الذهنية والبدنية؟
“طبعاً، أي فترة إعداد، حتى تلك التي تتم تحت إشراف طاقم كامل، لا تخلو من الصعوبات البدنية والذهنية، لكن حين يكون التحضير فردياً فإن التحديات تتضاعف كثيراً، وقد مررت ببعض اللحظات الصعبة أهمها الشعور بالإجهاد والتعب المزمن الذي قد يؤدي إلى الإنهاك الكامل، خاصة وأن الفترة التي فصلت نهاية الموسم عن المنافسة كانت قصيرة للغاية، ما جعل الضغط أكبر لتحقيق الجاهزية في وقت ضيق، وتعاملت مع هذه التحديات بالتركيز على الاسترجاع الجيد عبر الالتزام بنظام نوم صارم ومراقبة التغذية بدقة وتخصيص وقت كافٍ للراحة العضلية والذهنية، كما كان تنظيم الحصص بطريقة ذكية أمراً ضرورياً، حيث وازنت بين الحصص المكثفة وحصص الاستشفاء لتجنب الإرهاق، إضافة إلى الانضباط الذهني والثقة في العمل الذي أنجزته، ما سمح لي بالوصول إلى السباق في جاهزية عالية رغم الظروف.”
وبالنسبة للمستقبل، بعد هذا الإنجاز القاري، ما هي أهدافك المقبلة وما أهم الاستحقاقات الدولية التي تستعد لها؟
“أهدافي واضحة وتتجاوز هذا الإنجاز القاري، فأنا أطمح إلى تحسين أرقامي الشخصية والاقتراب أكثر من مستوى النخبة العالمية، ولدي استحقاقات كبيرة في الفترة القادمة أهمها بطولة إفريقيا لألعاب القوى التي ستقام في غانا ثم ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي ستستضيفها إيطاليا، وهاتان المحطتان مهمتان جداً لتأكيد المستوى الذي وصلت إليه والمنافسة على منصات التتويج، وأسعى لأن أكون في أفضل جاهزية لتمثيل الجزائر بقوة ومواصلة إبراز تفوق المشي الجزائري الذي بدأ يلفت الأنظار في المحافل الدولية.”
حاورته: حليمة.خ




