الأولىمتفرقات

ملتقى الإعلام الجهوي بوهران .. من تنظيم وزارة الإتصال بالتنسيق مع ولاية وهران …منبر لتطوير الممارسة الصحفية و تعزيز الوحدة الوطنية

شهدت مدينة وهران أول أمس الخميس تنظيم الملتقى الجهوي الأول للإعلاميين والفاعلين في قطاع الاتصال، في حدث استثنائي جمع إعلاميين من مختلف الولايات الغربية والجنوبية الغربية للجزائر، ليكون بمثابة منصة حوارية شاملة تهدف إلى مناقشة الواقع الإعلامي الوطني وتقديم الحلول لتطويره، بما يتماشى مع التحولات التي تشهدها الجزائر داخليًا وخارجيًا. هذا اللقاء، الذي استضافته وهران، المدينة ذات التاريخ العريق والإرث الثقافي الغني، لم يكن مجرد حدث مهني بل بمثابة تأكيد جديد على أهمية الإعلام كركيزة أساسية في بناء الدولة الحديثة. وهران، المدينة المضيافة التي تُعدّ عاصمة الغرب الجزائري ومرآة الثقافة والفكر، كانت الاختيار الأمثل لاحتضان هذا الملتقى. فهذه المدينة، التي لطالما وقفت شامخة أمام التحديات عبر تاريخها، تُعتبر اليوم رمزًا للإشعاع الوطني والتنوع الفكري. وبما أنها كانت شاهدة على نضالات لا تُنسى في مواجهة الاستعمار، أصبحت اليوم نموذجًا حيًا يُجسد قوة الإرادة والابتكار، وقدرتها على احتضان المبادرات التي تعزز الحوار وتجمع القلوب حول الأهداف الوطنية المشتركة.

الملتقى كان نقطة انطلاق لتعزيز مسؤولية الإعلام الوطني

في ظل الظروف الإقليمية والدولية الدقيقة التي تعيشها الجزائر، يأتي هذا الملتقى ليكون نقطة انطلاق نحو إعادة النظر في دور الإعلام الوطني، وتعزيز مسؤوليته في الدفاع عن القيم الوطنية وترويج صورة الجزائر في الداخل والخارج. فالإعلام الوطني اليوم، وفي ظل التحولات العميقة التي يشهدها العالم، يُعد أكثر من مجرد وسيلة لنقل المعلومات، بل هو واجهة تعكس تطلعات الشعب وقيمه، ووسيلة استراتيجية للدفاع عن البلاد أمام الحملات الإعلامية المشبوهة والأخبار الزائفة. وقد ركز هذا اللقاء على مناقشة محاور حيوية ذات صلة مباشرة بتطوير القطاع الإعلامي، أبرزها التحولات الرقمية التي تُعيد تشكيل المشهد الإعلامي العالمي، ودور الذكاء الاصطناعي في إثراء عملية التواصل ونقل المعلومات، بالإضافة إلى كيفية التصدي للإشاعات التي تُهدد استقرار المجتمع وتماسكه. هذه المواضيع لم تكن مجرد قضايا نظرية، بل جاءت لتسلط الضوء على التحديات الحقيقية التي تواجه الإعلاميين اليوم، والتي تتطلب منهم التكيف مع المستجدات التكنولوجية وتطوير مهاراتهم لمواكبة العصر.

التكوين المتواصل كان صلب اهتمام الملتقى

وإلى جانب النقاشات المتعلقة بالمحتوى الإعلامي، كان موضوع التكوين المتواصل والمتخصص للإعلاميين في صلب اهتمام الملتقى، حيث أُجمعت الآراء على أن تحسين جودة العمل الإعلامي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاستثمار في التكوين المهني المستمر. الإعلاميون، باعتبارهم سفراء القيم الوطنية، يحتاجون إلى أدوات حديثة تمكنهم من تقديم رسائل دقيقة وموثوقة، قادرة على التأثير الإيجابي في الرأي العام، ودفع عجلة التنمية الوطنية. ولهذا، فإن تقريب مراكز التكوين من المؤسسات الإعلامية وتوفير برامج تدريبية متقدمة يُعدّ مطلبًا ضروريًا لتحقيق هذا الهدف.

توحيد الرؤى بين مختلف المؤسسات الإعلامية

علاوة على ذلك، كان هذا الملتقى فرصة لتوحيد الرؤى بين مختلف المؤسسات الإعلامية، وتعزيز التعاون بينها لتحقيق رسالة مشتركة تُعبر عن طموحات الجزائر الجديدة. فالالتقاء بين الإعلاميين من خلفيات مختلفة ومن كافة أنحاء الوطن شكّل أرضية مثالية لتبادل الخبرات، وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي يواجهها الإعلام الوطني. ومن القضايا التي كانت حاضرة بقوة في نقاشات الملتقى، التصدي للاستخدام السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت في بعض الأحيان مصدرًا لنشر المعلومات المغلوطة والمحتويات التي تهدد الأمن الوطني. الإعلام الوطني اليوم مطالب بأن يكون حصنًا منيعًا ضد هذه الظواهر، من خلال ترسيخ قيم المهنية والالتزام بأخلاقيات المهنة الصحفية، والعمل على بناء محتوى يرتقي بتطلعات الشعب ويحترم هويته الثقافية.

ملتقيات أخرى جهوية منتظرة

هذا الملتقى الجهوي الأول يُعد جزءًا من سلسلة من اللقاءات التي ستنظمها وزارة الاتصال في مختلف جهات الوطن، بهدف جمع مخرجات هذه النقاشات وتوحيدها في تقرير شامل يُسهم في تعزيز الإعلام الوطني، ويضعه في صدارة المجالات الحيوية التي تدعم التنمية الشاملة للجزائر. فاللقاء القادم في قسنطينة، والآخر في ورقلة وصولاً إلى الملتقى المركزي في العاصمة، يعكس التزام الدولة بإشراك كل الفاعلين في قطاع الإعلام في عملية النهوض بهذا المجال، لضمان تحقيق نقلة نوعية تُواكب الطموحات الوطنية.

الإعلام شريك استراتيجي في تعزيز مكانة الجزائر دولياً و إقليمياً

وفي ظل النجاحات الدبلوماسية المتلاحقة التي تحققها الجزائر، مثل الانتصار البارز في قمة أديس أبابا، يُصبح الإعلام الوطني شريكًا استراتيجيًا في تعزيز مكانة الجزائر إقليميًا ودوليًا، وتسليط الضوء على إنجازاتها التنموية، خاصة في المجال الاقتصادي الذي يؤهلها لدخول مصاف الدول الناشئة. هذه المسؤولية تُضاف إلى دور الإعلام التقليدي في التوعية وبناء الرأي العام، لتجعل منه أداة فعالة للدفاع عن البلاد ودعم تطلعاتها. وفي نهاية المطاف، يبقى الملتقى الجهوي الأول في وهران ليس مجرد حدث، بل نقطة تحول في مسيرة الإعلام الجزائري، حيث يجسد الرؤية الطموحة التي تسعى إلى بناء إعلام محترف، مسؤول، ومتجدد، قادر على مواجهة التحديات، والدفاع عن المصالح الوطنية، والمساهمة الفعالة في بناء الجزائر الجديدة.

مصطفى خليفاوي

تصوير: مكالي عبد الكريم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى