معالي قادة (رئيس نادي منار الباهية): “مشروعنا يقوم على التربية و الإنضباط”
في قلب حي فلاوسن النابض بالحيوية، ووسط شغف لا ينطفئ بكرة القدم، وُلد نادي منار الباهية، تحت قيادة رئيسه الشاب معالي قادة. استطاع هذا النادي الفتي أن يصنع لنفسه مكانة محترمة في الساحة الكروية الوهرانية بفضل عمله القاعدي المنظم، واهتمامه الكبير بتكوين الفئات الشبانية. في هذا الحوار الخاص مع جريدة بولا، فتح لنا معالي قادة قلبه وتحدث عن الرؤية، الصعوبات، والأمل الذي يحمله هذا المشروع الرياضي والاجتماعي الواعد.
ما الذي يميز نادي منار الباهية عن باقي الأندية الشبانية في وهران؟
“نحن لا نكوّن لاعبين فقط، بل نبني إنساناً قبل كل شيء.منار الباهية يتميز برؤية واضحة تقوم على التربية، الانضباط، وغرس روح الجماعة. هدفنا الأساسي هو صناعة جيل يفكر، يحترم، ويعرف كيف يعيش الرياضة كقيمة، وليس كمجرد منافسة. نحن نزرع حب اللعبة والالتزام الأخلاقي منذ أول حصة تدريبية.”
كيف جاءت فكرة تأسيس النادي؟
“الفكرة انطلقت من الميدان.كنا نرى أطفالاً صغاراً يلعبون في الأزقة دون تأطير أو توجيه، فأردنا أن نحول هذا الشغف العشوائي إلى طاقة منظمة. بدأنا من الصفر بإمكانيات محدودة جداً، لكن بإيمان كبير. اليوم، وبعد سنوات من العمل، أصبح النادي معروفاً في الأوساط الرياضية الوهرانية كمثال للنادي التكويني الجاد.”
كم يبلغ عدد اللاعبين حالياً، وكيف يتم توزيعهم على الفئات؟
“نضم حالياً أكثر من 150 لاعباً موزعين على مختلف الفئات من أقل من 6 سنوات إلى أقل من 14 سنة. كل فئة مؤطَّرة من طرف مدربين مختصين في التكوين القاعدي.نحن نعمل وفق منهج تدريبي علمي يراعي الفروق العمرية والنفسية، ونحرص على تطوير الجوانب التقنية والتربوية معاً، لأن اللاعب الناجح هو الذي يجمع بين الموهبة والانضباط.”
رغم النشاط الكبير للنادي، إلا أنكم لم تشاركوا هذا الموسم في البطولة الولائية، ما السبب؟
“السبب الرئيسي هو الجانب المالي.المشاركة الرسمية في البطولات تتطلب مصاريف كبيرة تفوق إمكانياتنا الحالية، خصوصاً في ما يتعلق بالتنقلات والتجهيزات. لذلك، قررنا أن نركّز هذا الموسم على الجانب التحضيري والمشاركات الودية، على أن نعود الموسم القادم بقوة إلى المنافسة الرسمية بكل الفئات العمرية.”
النادي معروف أيضاً بنشاطه خارج البطولات الرسمية، حدثنا أكثر عن ذلك...
“صحيح، منار الباهية لا يتوقف عن النشاط طيلة السنة.نحن ننظم دورات كروية كبرى خلال شهر رمضان وفترة الصيف، تشمل كل الفئات العمرية من اللاعبين الهواة والأندية الرياضية من داخل وخارج وهران. كما أن النادي لا يفوّت أي مناسبة وطنية دون أن يحتفل بها بطريقته الخاصة، من خلال تنظيم منافسات رياضية ونشاطات شبانية هادفة. لقد كان منار الباهية دائماً مروجاً للأحداث الرياضية الكبرى التي احتضنتها وهران، سواء الألعاب المتوسطية أو المنافسات الوطنية، لأننا نؤمن بدورنا في دعم الصورة الجميلة لمدينتنا الباهية.”
كيف تصفون الأجواء داخل النادي بين اللاعبين والأطقم الفنية؟
“العلاقة هنا عائلية مئة بالمئة. اللاعب يشعر أنه في بيته، والمدربون يتعاملون بروح المربي قبل أن يكونوا مؤطرين تقنيين. نعمل في جو من الاحترام، التعاون، والانضباط.الهدف ليس الفوز بالمباريات فقط، بل تكوين شخصية متزنة تعرف معنى العمل الجماعي. نحن نربي قبل أن ندرّب.”
ما الدور الاجتماعي الذي يلعبه النادي في محيطه المحلي؟
“منار الباهية مشروع اجتماعي بامتياز. هدفنا الأساسي هو إبعاد الأطفال عن الشارع والآفات الاجتماعية.نفتح أبوابنا لكل طفل يريد أن يعبّر عن نفسه عبر الرياضة، بغض النظر عن إمكانياته المادية. هنا نحتضن الجميع، نوجّههم، ونساعدهم على بناء الثقة في النفس والانتماء للمجتمع.”
ما أبرز الصعوبات التي تواجهونها في تسيير النادي؟
“المشكل المالي يبقى العائق الأكبر. نحن نعمل بإمكانيات بسيطة وجهود ذاتية، ومع ذلك لم نتوقف يوماً.هناك أيضاً نقص في التجهيزات والوسائل اللوجستية، لكننا نحاول التعويض بالروح الجماعية والنية الصادقة. المهم بالنسبة لنا هو الاستمرارية وعدم فقدان الحماس.”
ما هي تطلعاتكم المستقبلية لهذا المشروع الرياضي الطموح؟
“طموحنا كبير وواضح: المشاركة في البطولة الولائية الموسم القادم بكل الفئات، وإنشاء مركز تكوين مصغّر خاص بالنادي. نريد أن نواصل غرس القيم، وتخريج لاعبين يمثلون وهران خير تمثيل.نؤمن أن النجاح لا يُقاس بعدد الألقاب، بل بعدد الأطفال الذين أنقذناهم من الشارع ووجهناهم نحو مستقبل مشرق.منار الباهية بالنسبة لنا ليس مجرد نادٍ… إنه رسالة، ومشروع حياة قبل أن يكون مشروع كرة.”
حاوره: نبيل شيخي




