مهدي عبد القادر صغير مهندس زراعي وخبير في العشب الطبيعي: “ملاعبنا تعاني من مشاكل الصيانة ما بعد تسليم المشاريع و الحلول موجودة”
لا يخفى على الجميع ما تعانيه الرياضة في الجزائر من شح الملاعب و ما سببته من مشاكل للأندية أولا في عدم وجود الملاعب التدريبية المجهزة بالعشب الطبيعي، و للفريق الوطني ثانيا.و السؤال الذي يطرح ، لماذا لا نرى هذه المشاكل في الدول المجاورة؟ لماذا لا نسمع عن إغلاق ملعب لشهور طويلة لزراعة أرضيته من جديد؟ للإجابة عن هاته التساؤلات حاورت جريدة بولا المهندس الزراعي “مهدي عبد القادر صغير” و في هذا الحوار ، سنتطرق إلى هذه الأسباب و إلى بعض الحلول التي يمكن الاستفادة منها.
تزامنا مع إجراء مباراة المنتخب الوطني أمام منتخب جيبوتي في إطار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2022 ظهرت أرضية ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة في حالة متدهورة، ما تعليقك ؟
“في مثل هذا المستوى و القيمة التي وصل إليها المنتخب الوطني عيب أن نكافئ المنتخب بهكذا ملاعب ،و هو لأمر مخزي فعلا على منتخب بحجم الجزائر و كما تحدث مدير ملعب مصطفى تشاكر كمال ناصري عن حالة أرضية الميدان التي احتضنت مواجهة الخضر أمام منتخب جيبوتي فقد أرجع ذلك إلى أن أرضية الميدان تعرضت لضربة شمس قوية خلال شهر أوت، حيث وصلت درجة الحرارة إلى 48° بسبب الحرائق الكثيرة التي شهدتها البليدة و لا أظن أن المشكلة تكمن فقط في ارتفاع درجة الحرارة”.
ما هو أصل المشكلة؟
“هناك عدة أسباب، مجتمعة أو منفردة تسببت في تفاقم مشكلة الملاعب منها عدم وجود الكوادر المؤهلة للتعامل مع الملاعب، الطرق البدائية التي يتم فيها زراعة الملاعب، حيث أن الطريقة المتبعة حاليا هي إغلاق الملعب لمدة قد تصل إلى سنة أو أكثر لإعادة زراعة الملعب من جديد، ضغط المباريات على الملاعب الجاهزة مما يسبب في سرعة استنزافها”.
ما هي الطريقة التي يتم فيها زراعة ملاعبنا؟ وهل تختلف عن الطرق المتبعة في الملاعب العالمية؟
” الاختلاف الوحيد من وجهه نظري هو مكان زراعة العشب و ليس في نوعية البذور المستخدمة في تجهيز أرضية الملعب. في ملاعبنا، يتم استخدام الطريقة التقليدية في زراعة العشب و استنباته على أرضية الملعب نفسها”.
هل لهاته الطريقة تأثيرات غير مرغوبة؟
“أكيد هذه الطريقة لها الكثير من السلبيات، منها احتمالية عدم تجانس جميع أجزاء الملعب بنفس الدرجة، إعادة عملية الزراعة كاملة في حال تعرض بعض مناطق الملعب إلى التلف، الوقت الطويل الذي تحتاجه أرضية الملعب حتى تصبح جاهزة للعب المباريات”.
ما هو الحل لمشكلة عدم تجانس العشب مع الأرضية؟
” الحل يكمن في استخدام الرولات كما في الملاعب العالمية، التي يتم استخدام رولات العشب الطبيعي التي يتم زراعتها و تجهيزها في مزارع و حقول خاصة لهذه العملية ،و من ثم يتم قص و نقل مساحة كافية من العشب إلى ارض الملعب المراد تجهيزه.
لماذا لا يتم استخدام الرولات في ملاعبنا؟ هل هي مكلفة؟
“بصراحة لا أجد سببا واحدا مقنعا يدعو إلى عدم استخدام هذه الطريقة المتبعة في كافة ملاعب العالم” .
هل هي مكلفة؟
“أبدا، كل ما نحتاجه هو استملاك أو استئجار أرض مناسبة صالحة لزراعة العشب واستخدام بذور مناسبة لمناخ و جو الجزائر و شراء الآليات اللازمة لقص و تجهيز الرولات وهذه يمكن الاستغناء عنها و استخدام بعض المعدات البسيطة و النصف آلية ذات التكلفة البسيطة وشراء الآليات التي تساعد على فرش رولات العشب”.
ما هي المدة التي تستغرقها عملية تجهيز أرضية الملعب الجديدة؟
” في المتوسط، تأخذ العملية من أسبوعين إلى ثلاثة فقط ، فرش الرولات يحتاج إلى أقل من 24 ساعة،و المدة المتبقية هي المدة اللازمة لإستنبات الجذور على الأرضية الجديدة.و في الحالات المستعجلة و الطارئة، يمكن تجهيز الملعب و اللعب عليه خلال فترة أقل من أسبوع”.
ملعب تشاكر بالبليدة في حالة يرثى لها و نحن في غمرة مقابلات المنتخب الوطني الهامة جدا، ما سبب تلف العشب الطبيعي في ملعب تشاكر حسب رأيك؟
” للأسف عشب ملعب البليدة كان مضربًا للمثل في الجودة، وكان المنتخب الجزائري يستقبل فيه خصومه قبل أن يتدهور. وحسب بعض ما تداول من أخبار فقد كان هناك شاب تلقى تدريبًا على يد أحد الخبراء على صيانة الملعب، قبل أن يغادر الخبير البلاد، ويستقيل الشاب الذي كان يقوم بعمل مضنٍ، بسبب راتبه الذي لا يتجاوز 120 دولارًا شهريًا و حدث تدهور كبير للأرضية بعدها”.
توجد في الجزائر العديد من الملاعب ذات عشب طبيعي لكنها خارج الخدمة، ما تعليقك”؟
“سؤال مهم تفضلت به، عدة ملاعب صرفت عليها الدولة أموالًا طائلة من الخزينة العمومية، دون أن تستفيد منها النوادي، مثلما حدث مع ملعب “أول نوفمبر” بمدينة باتنة، الذي دُشّن عام 1984،عندما احتضن نهائي كأس الجمهورية آنذاك، ووُصفت أرضيته بعشبها الطبيعي بالرائعة، لكن سرعان ما تدهور وضعها، وأقدم المسؤولون على غلقه لمدّة طويلة حتى نسي جمهور المدينة أمره، وعادت نوادي المولودية والشباب إلى “ملعب سفوحي” بأرضيته الترابية، و نفس الحال مع ملعب عنابة الذي كان قد احتضن جزءًا كبيرًا من نهائيات كأس إفريقيا للأمم عام 1990 و العديد من مباريات المنتخب.و لا يختلف حال ملاعب بومرداس والرويبة والبويرة، عن حال ملعب باتنة و عنابة ، فكل ملاعب تلك المدن، كانت جميلة بأرضيات من العشب الطبيعي، وكانت مؤهّلة لأن تحتضن مباريات دولية، لكن لأسباب مجهولة تدهورت أرضياتها، وأقدم مسؤولوها على غلقها لمدّة طويلة أيضًا للأسف الشديد “.
هل هناك أسباب أخرى لهذه المشكلة؟
” مشكلة ملاعبنا ليست مادية، المشكلة إدارية بحتة إضافة إلى غياب الكادر البشري المؤهّل لصيانة الأرضية، وعوضًا عن الاعتماد على مهندسين متخصّصين، فإن من يقوم بالصيانة هو حارس الملعب”.
كلمة أخيرة في هذا الحوار؟
“ماذا عسانا نقول إلا أننا نأمل في إيجاد الحلول الدائمة لمشاكل الملاعب و أرضياتها في بلادنا، و ما أخشاه هو أن يلجأ المسؤولون إلى العشب الاصطناعي في ظلّ هذه المشكلة “المزمنة” لملعب 5 جويلية وهران و تشاكر مؤخرا ، و كل الخوف أن يلجأ المسؤولون إلى أسهل الحلول، بالعودة إلى العشب الاصطناعي في ظل فشل “تعشيب” الملاعب طبيعيا”.
حاوره: سنينة مختار