أسامة بوجميعة (مساعد مدرب رائد القبة لفئة أقل من 13 سنة): “تتويجنا بالدورة الدولية تجسيد لإهتمامنا البالغ بالتكوين القاعدي “

في إنجاز لافت خطفت به الأضواء، تمكنت فئة أقل من 13 سنة لمدرسة رائد القبة من تحقيق سداسية نظيفة والتتويج بلقب دورة دولية مرموقة في تونس، مؤكدةً علو كعب الكرة الجزائرية الواعدة. و كان ل”بولا” حديث مع أسامة بوجميعة، مساعد مدرب هذه الفئة الواعدة، و الذي فتح قلبه ليكشف لنا كواليس هذا النجاح الباهر، وفلسفة العمل المتقنة التي قادت هؤلاء البراعم نحو التألق، مؤكداً أن التكوين العميق هو حجر الزاوية في بناء أي مشروع رياضي مستدام.
ما هي الجوانب الفنية المحورية التي تركزون عليها خلال التدريبات والتي مكنتكم من تحقيق هذا التفوق اللافت؟
“إن تتويجنا بهذا الإنجاز الباهر، الذي تجلى في سداسية نظيفة ومسار مظفر، لم يكن سوى تجسيد طبيعي لعمل دؤوب بدأناه في منتصف الموسم، بعد قرار شجاع من إدارة النادي بإعادة إحياء مدرسة رائد القبة عبر فئة أقل من 13 سنة. لقد مُنحنا صلاحيات واسعة لضمان اختيار دقيق لأفضل المواهب وتشكيل مجموعة متجانسة. وترتكز فلسفتنا التدريبية على التطوير الشامل للاعبين فردياً وجماعياً، مع إيلاء اهتمام بالغ بالجوانب التقنية، التكتيكية، البدنية، النفسية، والمعرفية. فنحن نؤمن بأن هذه الفئة تمر بـ”المرحلة الذهبية للتكوين”، ولذلك، فإن جوهر عملنا لا ينصب على النتائج الفورية، بل على البناء القاعدي المتين الذي يضمن النضج المستقبلي. وكما نردد دوماً: “النتائج سوف تأتي وحدها كثمرة للعمل المنجز” هذا هو عماد استراتيجيتنا.”
ما هي الفلسفة الأساسية لمدرسة رائد القبة في تكوين المواهب في هذه الأعمار المبكرة، وكيف يتم اكتشاف هذه المواهب وتنميتها لتصب في مسار كروي واعد؟
“عندما نستفيض في الحديث عن التكوين، فإننا نستحضر أولاً المدرسة كمنظومة تربوية ورياضية متكاملة، فالعمل في المدرسة يتخذ مساراً مختلفاً كلياً عن العمل في الفئات الشبانية الأخرى أو مع الفريق الأول. إذ يرتكز هنا على مخططات استراتيجية طويلة المدى، تتضمن برامج تدريبية سنوية مفصلة ومعدة خصيصاً لكل فئة عمرية. كل برنامج يحدد أهدافاً تعليمية وتدريبية دقيقة، مع تركيز بالغ على الجانب التقني الدقيق، بتعليم الناشئين مختلف المهارات الأساسية في كرة القدم. إضافة إلى ما يجب تناوله بعناية في الجانبين التكتيكي والبدني.
فالأطفال في هذه الأعمار الحساسة يتميزون بكونها “المرحلة الذهبية للاستيعاب والاكتساب”. وأي تجاوز أو “حرق” لمرحلة من مراحل التكوين الأساسية قد يؤدي إلى فقدان لاعب كان من الممكن أن يحمل في طياته مستقبلاً كروياً باهرا. وكما أشرت سابقاً، فإن الهدف الجوهري للإدارة الحالية هو إعادة إحياء مدرسة رائد القبة لمجدها التكويني العريق. وقد كانت البداية الميمونة هذا العام مع فئة أقل من 13 سنة، على أمل أن يشمل هذا التجديد والتطوير الشامل مختلف الفئات العمرية في الموسم القادم بمشيئة الله.”
الدورة التي تُوجتم بها شهدت مشاركة فرق من عدة دول وتعتبر محكاً قوياً للمستوى. ما هي أبرز التحديات التي واجهها الفريق خلال البطولة الدولية؟
“بالنسبة لهذه الدورة الدولية التي خضنا غمارها بتونس الشقيقة، جاءت عقب تتويجنا ببطولة “زرالدة الوطنية” التي جمعت بين 48 فريقاً من شتى ولايات الوطن، وشهدت مشاركة نخبة من ألمع المدارس والأكاديميات الكروية الوطنية. وهذا الفوز المسبق منحنا جرعة وافرة من الثقة، ودفعنا لدخول البطولة الدولية بتونس بحماس متجدد وعزيمة لا تلين، بهدف تأكيد مستوى فريقنا وتشريفه ورفع راية الجزائر عالياً في المحافل الخارجية.
كما أن تحضيراتنا الفنية والبدنية للدورة انطلقت فعلياً على أرض الوطن، وعند وصولنا إلى تونس ركزنا أولاً على ضمان استرجاع اللاعبين الكامل من عناء السفر. بعدها، قمنا بوضع بعض اللمسات الفنية والتكتيكية النهائية فيما يخص تموضع اللاعبين والانضباط التكتيكي داخل المستطيل الأخضر، مع إيلاء الجانب الذهني اهتماماً بالغاً طوال فترة الإقامة، منذ اللحظة الأولى لوصولنا وحتى موعد خوض غمار الدورة. والحمد لله، كانت النتائج تبعث على الفخر حقاً، حيث تمكنا من تحقيق النصر في جميع المباريات والتتويج بالدورة عن استحقاق تام وتفوق لا لبس فيه، ونلنا إشادة وثناء كل من تابع مبارياتنا هناك.”
ما هي خطط النادي لضمان استمرارية تطورهم والحفاظ عليهم، وتجنب أي عوامل قد تعيق مسارهم الكروي الواعد في المستقبل؟
“بالنسبة لخطة النادي للموسم المقبل مع هذه الفئة الواعدة، تتمحور حول صون الأغلبية الساحقة من المجموعة الحالية، مع تدعيم الفريق بعناصر إضافية نوعية إن سنحت الفرصة، خاصة من مواليد 2011، وتوفير كافة الإمكانيات والظروف الملائمة التي تسمح لهم بمواصلة صقل مستواهم وتحقيق الأهداف الطموحة المسطرة للنادي. فالهدف الأساسي هو أن يتم تصعيد غالبية لاعبي فئة أقل من 13 سنة لهذا الموسم إلى فئة أقل من 15 سنة في الموسم المقبل. والأمل الأكبر الذي يحدونا هو أن يتدرجوا بسلاسة في جميع الفئات العمرية بالنادي حتى يصلوا إلى الفريق الأول (الأكابر). وهذا يبقى الغاية الأسمى لنا ولإدارة النادي بمشيئة الله.”
هل هناك تنسيق بين مدرسة رائد القبة والاتحادية أو الأندية الكبرى لتوفير مسار واضح لهؤلاء اللاعبين للانتقال إلى مستويات أعلى، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي؟
“بالنسبة لهذا الاستفسار، أرى أن الإجابة عليه تقع ضمن اختصاص الإدارة والمسؤولين على الفريق، فهم الأدرى بكواليس الجوانب التنظيمية والعلاقات مع الهيئات الرياضية الأخرى، لكن من جانبنا كطاقم فني، وكما ذكرت سابقاً، يبقى الهدف الجوهري للإدارة من خلال توفير كل الإمكانيات اللازمة للناشئين والفئات الشبانية هو أن نتمكن يوماً ما من رؤية هؤلاء اللاعبين يمثلون الفريق الأول للنادي ويساهمون في صناعة إنجازاته الكبرى، بل وربما يتجاوزون ذلك ليشرفوا الكرة الجزائرية في المحافل الدولية الأرفع.”
ما هي الرسالة التي يود الطاقم الإداري والفني توجيهها لأولياء أمور هؤلاء اللاعبين الصغار، لدعمهم وتشجيعهم على مواصلة هذا المسار الكروي…
“ما أود إيصاله لأولياء الأمور الكرام هو ضرورة مواصلة دعم أبنائهم بكل قوة، تماماً كما عهدناهم يفعلون دائماً. وأن يحرصوا على مرافقتهم الحثيثة في مسيرتهم الدراسية والكروية على حد سواء. فالتوازن بين هذين المسارين ضروري لبناء شخصية متكاملة ومستقبل مشرق، كما يجب عليهم التأني في اختيار المكان الأنسب لأبنائهم، سواء الفريق الرياضي أو المدربين الذين سيتولون رعايتهم. والأهم من ذلك كله هو تحصينهم من المتربصين ومنتحلي صفة التكوين، أي السماسرة وأشباه المدربين الذين قد يستغلون أحلام الأطفال والأولياء في الفئات الشبانية. التي تُعد مرحلة مفصلية وحساسة جداً في مسار التكوين الرياضي. وفي الختام، أتمنى كل التوفيق والنجاح لجميع اللاعبين الذين تشرفت بالعمل معهم، سواء في مسيرتهم الكروية الواعدة أو في تحصيلهم الدراسي. كما أتقدم بالشكر الجزيل لكم مرة أخرى على هذا الحوار العميق والمثمر.”
حاورته: مها. ك