تحقيقات وروبورتاجات

أسباب إصابة لاعبي كرة القدم بالرباط الصليبي…  قراءة علمية مع الخبير هشام علام

تُعد إصابة الرباط الصليبي الأمامي واحدة من أكثر الإصابات إثارة للقلق داخل الملاعب، نظراً لتأثيرها المباشر على مستقبل اللاعب وقدرته على العودة إلى المنافسة. وفي إطار الملف الذي تُعدّه جريدة بولا حول هذا الموضوع، يكشف السيد هشام علام، رئيس الجمعية الوطنية للطب الرياضي، تفاصيل علمية دقيقة حول الأسباب الحقيقية لانتشار هذه الإصابة في أوساط لاعبي كرة القدم، محلياً وعالمياً. في مستهل حديثه، أكد علام أن “إصابة الرباط الصليبي الأمامي أصبحت اليوم من أبرز التحديات الطبية والبدنية لدى الرياضيين، خاصة لاعبي كرة القدم، إذ تمثل عالمياً ما بين 4% إلى 6% من مجموع الإصابات المسجلة سنوياً”. وأوضح أن هذه النسبة ترتفع بشكل أكبر لدى الفئات الشابة بسبب التطور السريع في نسق اللعب وارتفاع حجم المنافسة.

التغيير المفاجئ للإتجاه… المتهم الأول

قال رئيس الجمعية الوطنية للطب الرياضي إن “الحركة الأكثر تسبباً في قطع الرباط الصليبي هي التغيير المفاجئ للاتجاه أثناء الجري، وهي مسؤولة عن نحو 70% من الإصابات غير الاحتكاكية”. وأشار إلى أن اللاعب يقوم أحياناً بتغيير مسار الكرة بسرعة بينما تكون القدم مثبتة على الأرض، ما يضع قوة التواء عالية على مفصل الركبة، كفيلة بإحداث تمزق كامل في الرباط. وأضاف قائلاً: “في المنافسات عالية النسق، يكون اللاعب مطالباً باتخاذ قرارات سريعة جداً، ومجرّد خطوة خاطئة في لحظة فقدان التوازن قد تؤدي إلى إصابة خطيرة.”

هبوط خاطئ… وإصابات لا ترحم

وكشف علام أن الهبوط غير المتزن بعد القفز يعد سبباً رئيسياً أيضاً، إذ يمثل حوالي 20% من حالات الإصابة. وفي هذا السياق قال: “اللاعب الذي يقفز لافتكاك الكرة أو لتسجيل هدف يجب أن يهبط بطريقة صحيحة. أي خلل في زاوية الركبة أو توزيع الوزن قد يؤدي إلى تحميل قوي على الأربطة، وهذا ما نلاحظه كثيراً لدى اللاعبين الشباب.”

التوقف المفاجئ… خطر يهدد الأجنحة والمهاجمين

وتوقف المتحدث عند حالة أخرى كثيراً ما تمرّ دون انتباه، وهي التوقف المفاجئ أثناء التسارع. وأوضح قائلاً: “هذه الحركة شائعة جداً لدى الأجنحة والمهاجمين، الذين يعتمدون على السرعة والانطلاقات القصيرة. لكن التوقف الحاد يمكن أن يضع ضغطاً كبيراً على الركبة، خاصة عند الإرهاق.”

ضعف عضلات الفخذ الخلفية… خلل غير مرئي

وفي تحليله للعوامل العضلية، قال علام إن “اختلال التوازن بين عضلات الفخذ الخلفية والأمامية يُعد من أخطر العوامل المساهمة في الإصابة، وكلما كانت العضلات الخلفية أضعف، ارتفع خطر التمزق”. وأضاف: “العديد من الإصابات التي نراها اليوم ليست نتيجة احتكاك مباشر أو صدمة قوية، بل نتيجة ضعف في عضلات داعمة كان يفترض أن تحمي الركبة.”

الإحتكاك المباشر… أقل انتشاراً لكنه أكثر خطورة

وأوضح رئيس الجمعية الوطنية للطب الرياضي أن الاحتكاك المباشر مع الخصم لا يمثل سوى 30% من الإصابات، لكنه في العادة يكون الأعنف. وقال: “التحام غير محسوب، أو تدخل قوي في زاوية خاطئة، قد يؤدي إلى التواء حاد يقطع الرباط بالكامل.”

ملاعب لا ترحم… وأحذية تزيد الخطر

أما في الجزائر، فيشير علام إلى أن نوعية الملاعب تلعب دوراً مهمّاً في ارتفاع عدد الإصابات المسجلة. وكشف قائلاً:“لاحظنا نسباً أكبر من الإصابات في بعض ملاعب العشب الصناعي، خصوصاً ذات الجيل القديم، لأنها تزيد من الاحتكاك بين القدم والأرضية، وتمنع الحركة الطبيعية للدوران”. وأضاف: “الحذاء غير المناسب أيضاً عامل مؤثر، وقد يكون سبباً مباشراً في إصابة لاعبٍ متمرس.”

بين العلم والوقاية… رسالة للوسط الكروي

وفي ختام حديثه، شدّد السيد هشام علام على أن فهم هذه الأسباب هو حجر الأساس في تقليل الإصابات والحد من آثارها، قائلاً: “إصابة الرباط الصليبي اليوم ليست نهاية المسار الرياضي. الجراحة المتقدمة والتأهيل العلمي يعيدان اللاعب إلى المنافسة بمستوى ممتاز. لكن الأهم أن الوقاية ممكنة، وبرامج التدريب الحديثة قادرة على تقليل الإصابات إلى النصف”. وأضاف برسالة واضحة لأندية كرة القدم في الجزائر: “إذا أردنا مستقبلاً كروياً صحياً للاعبينا، يجب الاستثمار في الوقاية، وفي تحسين نوعية الملاعب، وفي التكوين العلمي للمعدين البدنيين وأخصائيي العلاج الفيزيائي. هذا هو الطريق الصحيح لحماية نجومنا.”

مصطفى خليفاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى