حوارات

عبد الهادي بودراع (صاحب الميدالية الفضية في بطولة العالم لذوي الهمم): “كنت أطمح للذهب لولا ضغط السباقات”

من العاصمة الهندية نيودلهي، حيث تُصنع أمجاد الأبطال البارالمبيين، عاد العداء الجزائري عبد الهادي بودراع حاملاً الميدالية الفضية في سباق 5000 متر (فئة T12-T13)، بعد أن أظهر إرادة فولاذية في أول مشاركة عالمية له بهذا الحجم، متحدياً الإرهاق الناتج عن خوضه سباقين نهائيين خلال 36 ساعة، الإنجاز لم يكن سهلاً، بل جاء كثمرة تحدٍ بدني ونفسي غير مسبوق، في هذا الحوار الخاص، يفتح بودراع قلبه لـ “بولا”، ليكشف عن كواليس الإعداد الصعب، ويوضح حقيقة الدعم المتوفر، ويتحدث عن فلسفته في الحياة والرياضة وصولاً إلى حلم لوس أنجلوس 2028.

أولاً، مبروك التتويج، كيف تصف إحساسك وأنت تصعد منصة التتويج العالمية في هذه المشاركة المميزة؟

“شعرتُ بمزيج لا يُوصف من الفخر والراحة العميقة بعد عمل طويل وشاق، هذه مشاركتي الثانية في البطولة وليست الأولى لكنها الأهم بالتأكيد، كان هذا التتويج هو الهاجس الذي لازم تفكيري على مدار سنوات طويلة من العمل المتواصل والتحضير الدائم، مضت فترة طويلة وأنا أتدرب صباحاً ومساءً، وكان الحلم الأسمى هو أن أصعد فوق المنصة وأرفع راية الجزائر، يبقى هذا الشعور صعب الوصف ولا يحسّ به إلا من عاش اللحظة فعلاً بكل أبعادها، وأؤكد أن هذه الميدالية هي اختيار الله أولاً ثم حصاد لتلك السنوات الطويلة من الجهد والتضحية البدنية والنفسية.”

كيف كانت تحضيراتك لهذه البطولة؟ وهل توقعت الوصول إلى الميدالية الفضية في ظل المنافسة القوية؟

“كانت التحضيرات صعبة بل وصعبة جداً، خاصة في ظل غياب الإمكانيات الكبيرة ونوع من التأخر في بداية الإعداد، حيث لم نتمكن من التأهل إلا في الأشهر الأخيرة، استغلّينا كل الإمكانيات المتوفرة وحضرنا في مركز سيدي موسى وقمنا بما قدرنا عليه في التحضير، وربّي وفقنا في النهاية، بالنسبة للتوقعات كان هدفنا الأول في بداية الإعداد هو الميدالية البرونزية، لكن في المراحل الأخيرة من التحضير وصلتُ إلى مستوى جعلني أطمع في ميدالية من نوع أثمن فضية أو ذهبية، لم أكن أتوقع الفضية يقيناً لكني كنت أطمح بصدق، والحمد لله وفقنا الله لتحقيقها، وأعتقد أن الميدالية الذهبية كانت في المتناول لو كنت شاركت في سباق واحد فقط لتجنّب ضغط السباقات المتتالية.”

شاركت في سباقي 1500م و5000م خلال فترة قصيرة، كيف تمكنت من الحفاظ على تركيزك ولياقتك؟

“شكلت المشاركة في سباقي 1500 متر و5000 متر تحدياً بدنياً وذهنياً قاسياً، خاصة وأن المنافسين كانوا من أقوى الأبطال في العالم، أقرّ بأن سباق 1500 متر كان صعباً جداً وقد وضعني تحت ضغط كبير لتحقيق نتيجة في السباق الأول، وكان علينا المحافظة على التركيز حتى لا نغفل لحظة فنضيع الميدالية، لكن التحضير البدني الجيد ساعدني على تجاوز كل التعب والعراقيل وسمح لي بافتكاك الميدالية، أضافت خلفيتي كخريج من المدرسة العليا لعلوم الرياضة (ESTS) قيمة كبيرة لي، حيث ساعدتني في التعامل مع ضغط المنافسات وفهم الجانب الذهني والبدني للرياضة، وهذا ما جعلني ثابتاً حتى في أصعب اللحظات الحاسمة.”

ما أبرز الصعوبات التي واجهتها خلال المنافسة، وكيف تقيّم الدعم المقدم من الاتحادية والجهاز الفني؟

“واجهتُ صعوبات هي نفسها التي يعاني منها أغلب الرياضيين وهي نقص الإمكانيات والمرافق عموماً، تضاعفت الصعوبة بالنسبة لي لأنني من فئة ذوي الإعاقة البصرية والمرافق المهيأة لنا قليلة جداً، وكنت أجد صعوبات في التدريبات والتنقل، لكنني في المقابل أشهد أن الفيدرالية والطاقم الفني قاما بما في وسعهما حسب الإمكانيات المتاحة، خاصة في الأشهر الأخيرة حيث وفروا لنا كل ما قدروا عليه، لذلك لا يمكنني أن أقول إنهم قصروا، بل قاموا بجهودهم لضمان مشاركتنا وتتويجنا ونحن نُقدر هذا الدعم.”

ما هي طموحاتك المقبلة بعد هذا الإنجاز؟ وما الرسالة التي توجهها للشباب الجزائري من خلال تجربتك؟

“ترتفع طموحاتي الآن نحو الوصول إلى القيمة الحقيقية للبوديوم، وأعترف أن الوصول إلى القمة صعب لكن الأصعب هو الحفاظ عليها، هدفي القادم هو أن أرفع مستواي لأتمكن من إحراز الميدالية الذهبية في المحافل القادمة وسماع النشيد الوطني، أتطلع بشكل كبير للمشاركة في الألعاب البارالمبية بلوس أنجلوس 2028 وإن شاء الله أكون حاضراً على المنصة بأكثر من ميدالية، أما الرسالة التي أوجهها فأختصرها في جملة واحدة، سرّ النجاح يتمثل في الكثير من العمل والصبر والقليل من الكلام، يجب على الشباب أن يسعوا دائماً نحو أهدافهم، وأن لا يحصروا النجاح في الرياضة فقط، فالنجاح الحقيقي هو أن تكون عنصراً فعالاً في المجتمع تقدم إضافة لبلدك وتساهم في بنائه.”

حاورته: حليمة.خ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى