تحقيقات وروبورتاجات

الجولة 17 تلعب ب 6 مباريات دون جمهور في رقم قياسي ..  عقوبة”الويكلو”.. بين الضرورة التأديبية و التأثيرات السلبية

تشهد الجولة 17 من الرابطة المحترفة الأولى إقامة ست مباريات دون جمهور من أصل ثمانية، في سابقة خطيرة تعكس حجم العقوبات المسلطة على الأندية الجزائرية هذا الموسم حيث باتت الملاعب الجزائرية تعيش على وقع “الويكلو” بشكل غير مسبوق، ما يؤثر بشكل مباشر على مستوى البطولة و صورتها العامة،  و رغم أن هذه العقوبة تأتي في إطار الحد من التجاوزات إلا أن تطبيقها المتكرر يطرح العديد من التساؤلات حول جدواها و مدى تأثيرها على كرة القدم الوطنية…

الويكلو.. سلاح ذو حدين

تعتمد الجهات المسؤولة على عقوبة اللعب دون جمهور كإجراء ردعي ضد التجاوزات في المدرجات، خاصة فيما يتعلق بأعمال الشغب أو استخدام الألعاب النارية المفرطة، لكن استمرار فرضها بنسق متصاعد جعلها تتحول إلى مشكلة تؤثر سلباً على الأندية، اللاعبين، وحتى الاقتصاد الكروي فالبطولة الجزائرية التي كانت تعرف بقوة أجوائها الجماهيرية أصبحت اليوم تعاني من مدرجات فارغة و مباريات تفتقد إلى النكهة الخاصة التي لطالما ميّزت المنافسة.

تأثير مباشر على المستوى الفني

و يعدّ الجمهور أحد العوامل الرئيسية التي تمنح المباريات روحها التنافسية حيث يساهم التشجيع الحماسي في تحفيز اللاعبين لتقديم أفضل ما لديهم لكن مع غياب الجماهير، تفقد المواجهات جزءاً كبيراً من الحماس و الإثارة التي تميزها، ما يؤثر على المردود الفني بشكل واضح ،إذ يجد اللاعبون صعوبة في تقديم نفس المستوى من الأداء في غياب الضغط الجماهيري الإيجابي الذي يشكل عاملاً محفزاً لتقديم صورة جميلة عن بطولتنا ، وهو ما يجعل العديد من المواجهات دون طعم حتى وإن كانت تحمل طابع القمة على الورق.

ضربة قاضية للصورة الجمالية و التسويقية

لطالما ارتبطت الملاعب الجزائرية بالمشاهد الجماهيرية الرائعة التي تعكس الشغف الكبير بكرة القدم من تيفوهات و أهازيج و تصاميم فنية تميز كل فريق عن الآخر مثلما يحدث في الداربيات العاصمية ، لكن عقوبة الويكلو المتكررة جعلت المشهد يبدو قاتما بما أن المدرجات أصبحت مهجورة كما أن الصورة الباهتة للمباريات انعكست سلباً على جاذبية الدوري، سواء بالنسبة للجماهير المحلية أو حتى عبر شاشات التلفزيون حيث أن نقل مباريات بدون حضور جماهيري يفقدها الكثير من المتعة التي تجعل المشاهد مرتبطاً بها، كما تلعب العوامل التجارية و التسويقية دوراً أساسياً في تطوير أي بطولة حيث تعتمد الشركات الراعية و البث التلفزيوني على الأجواء الحماسية لضمان منتج كروي أكثر جاذبية،  لكن مع استمرار مباريات الويكلو، تأثرت مداخيل الأندية و الاتحاد الجزائري لكرة القدم بشكل مباشر،  حيث أن غياب الجماهير عن الملاعب يعني تراجع مبيعات التذاكر، قلة الإقبال على المتابعة التلفزيونية، و ضعف القيمة التسويقية للدوري مقارنة ببطولات أخرى تعتمد على إبراز الحضور الجماهيري كأحد أهم عوامل الجذب.

التراجع عن خيار الغرامة المالية لم يحل المشكل

و منحت الرابطة المحترفة للأندية خلال الموسم الماضي خيار دفع غرامة مالية بقيمة 100 مليون سنتيم بدلاً من اللعب دون جمهور، وهو ما كان بمثابة حل وسط يسمح بالحفاظ على الحضور الجماهيري مع فرض عقوبات مالية على المخالفين لكن هذا الموسم تم التراجع عن هذا الخيار، مما جعل الأندية أمام واقع صعب حيث تجد نفسها مضطرة للعب دون جمهور في حال وقوع أي تجاوزات، وهو ما يفسر الارتفاع القياسي في عدد المباريات المعاقبة بعقوبة الويكلو مقارنة بالمواسم السابقة.

هل حان الوقت للبحث عن حلول بديلة لتفادي العقوبة

رغم أن الغاية من تطبيق الويكلو هي ضبط سلوك الجماهير و الحد من أعمال الشغب، إلا أن العديد من المتتبعين اقترحوا حلولاً بديلة على ضوء تجارب بعض الدوريات العالمية يمكن أن تكون أكثر نجاعة دون الإضرار بالمنافسة منها فرض عقوبات مالية صارمة من خلال إعادة تفعيل خيار الغرامات المالية الكبيرة كبديل عن حرمان الجماهير، مع توجيه هذه الأموال لتحسين الملاعب و زيادة حملات التوعيةؤ فضلا عن معاقبة المتسببين بدل الجماهير ككل،  فبفضل التكنولوجيا الحديثة و زيادة عدد كاميرات المراقبة في الملاعب يمكن التعرف على المشاغبين و فرض عقوبات فردية عليهم مثل المنع من دخول الملاعب مستقبلاً بدلاً من معاقبة الفرق و جماهيرها العريضة مع تحسين التنظيم الأمني من خلال تعزيز التواجد الأمني و مراقبة المدرجات بشكل أكثر احترافية، يمكن تقليل حالات الشغب و التجاوزات التي تؤدي إلى العقوبات الجماهيرية، ناهيك عن إطلاق حملات توعية موسعة من خلال تنظيم حملات توعية داخل الملاعب و عبر وسائل الإعلام لتعزيز الروح الرياضية، بمشاركة اللاعبين و المسؤولين و المؤثرين الرياضيين.

نور الدين عطية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى