الأولىحوارات

الحكم الدولي مصطفى غربال يفتح قلبه لجريدة بولا: “التحكيم في مونديال قطر هو أجمل ذكرى لي “

فتح الحكم الدولي الجزائري، مصطفى غربال قلبه لجريدة بولا الرياضية، أين تحدث عن العديد من المواضيع الخاصة به وكذا تلك المتعلقة بالتحكيم. تطرق مصطفى غربال للعديد من المواضيع المتعلقة بمسيرته التحكيمية، دخوله لعالم التحكيم وكذا أجمل ذكرى له في الميادين التي اعتبرها مشاركته في مونديال قطر.

بداية نود أن تسرد لنا بدايتك في عالم التحكيم…

 ” السلام عليكم. بودي أولا أن أشكر جريدة بولا والرياضية. فالحديث عن مسيرتي التحكيمية يعود لسن ال15 سنة. وكما تعلمون، فإن والدي هو رئيس رابطة وهران لكرة القدم. أتذكر بأنني كنت أحضر التربصات الخاصة بالحكام منذ الصغر.  حينها، أعجبت كثيرا بالجو السائد هناك، وقررت التوقف عن ممارسة كرة القدم، بعدما كنت أنشط في الفئات الشبانية، والتوجه لسلك التحكيم. وهكذا كانت بدايتي في عالم التحكيم.”

.. وكيف كانت البداية الفعلية في سلك التحكيم؟

 ” كما تعلمون، فالحكم، و خلال مسيرته الحكيمية يتدرج في مختلف الأصناف، بداية بحكم ولائي متربص، ثم بعدها حكم درجة ثانية، ثم حكم جهوي. فأنا شخصيا قضيت خمس سنوات بين الرابطة الولائية والرابطة الجهوية، أي منذ سنة 2001 وإلى غاية 2005 وأنا حكم ولائي. بعدها من سنة أصبحت حكم جهوي من سنة 2005 حتى سنة 2009. وحتى تتدرج في سلم التحكيم، يجب أن تجتاز اختبارات تطبيقية واختبارات بدنية قبل المرور للمباراة الاختبارية. كنت حكم موهوب في الرابطة الجهوية مع الحاج بلعيد لاكارن. كنا نقوم نقوم بتربص خلال كل شهر بوهران، عين تموشنت ومعسكر. لنصبح بعدها حكم بارزين ونقوم بتحكيم أقوى المباريات. بعدها، وفي سنة 2008، نجحت في الارتقاء لحكم ما بين الرابطات، وهذا خلال الفترة الممتدة ما بين 2009 لغاية 2012، قبل أن أصبح بعدها حكم فيدرالي. كما تعلمون، وحتى تصبح فيدرالي آنذاك، يجب عليك أن تكون قد أدرت 20 مباراة ما بي البطولتين الأولى والثانية. الحمد لله، فلقد تحصلت بعدها على الشارة الدولية سنة 2014. الحمد لله، فأنا حكم دولي إفريقي محترف، حيث أنني الجزائري الوحيد من بين ال20 حكام دوليين المحترفين.”

حسب رأيك، إلى ماذا يحتاج الحكم حتى ينجح في إدارة مباراته؟

 “سأتكلم بصفة عامة، سواء من الرابطة الولاية حتى المستوى الدولي، فأهم شيء من أجل إنجاح الأداء التحكيمي هو معرفة قوانين اللعبة. بمعنى أخر، أن الحكم مطالب بمعرفة قانون اللعبة. يجب عليه أن يحفظه عن ظهر قلب. لأنه بعض المرات يحدث للحكم مواقف يجب أن يعرف كيف يسيرها. كما يجب عليه أن يطبق القانون بحذافيره. والشيء الثاني الذي يعتبر بالنسبة لي من أساسيات نجاح تحكيم المباريات هو اللياقة البدنية. فبدون اللياقة البدنية لا يستطيع الحكم فعل أي شيء. فالحكم مطالب بالجري أكثر من اللاعبين، لهذا فاللياقة البدنية عامل مهم ومهم جدا لنجاح إدارة أي مباراة من الناحية التحكيمية. بالإضافة أيضا للتحضير الذهني، خاصة في مباريات الأقسام العليا أو في المباريات الدولية. فالحكم، وإن لم يكن محضر بشكل جيد من الناحية الذهنية، يمكن له أن يتأثر بضغط الجماهير، أو بضغط الإعلام، مواقع التواصل الاجتماعي. فيجب على الحكم أن تكون لديه شخصية قوية.”

هل التحكيم أفضل بتواجد الجماهير في المدرجات أو بغيابه؟

 ” بكل صراحة، فإن متعة كرة القدم تكون بحضور الجمهور. فعلى سبيل المثال، وخلال فترة جائحة كورونا، كانت المباريات تلعب من دون جمهور، لكن وبكل صراحة فإن المتعة كانت غائبة خلال تلك المباريات بسبب غياب الجمهور. فنحن نسعد عندما نجد ملعب مكتظ على أخره وبحضور 50 أو 60 ألف متفرج. حينها، فإن إحساس الحكم يكون مرتفع، وهو ما أعتبره شخصيا أحسن من المباريات التي تقام من دون جمهور.”

ما رأيك في تقنية الفار؟ وهل هذه التقنية عادلة؟

 ” بالنسبة لي شخصيا، و عند بداية تطبيق هذه التقنية في الملاعب الدولية، فإنني لم أكن مقتنع بها بتاتا. ولكن عندما بدأت أُحكم المباريات الدولية بتواجد بتقنية الفار غيرت رأي، حيث اتضح لي بأن هذه التقنية هي شيء أساسي بالنسبة للحكم. فالحكم بشر، قد يخطأ أحيانا، وهنا تسمح تقنية الفار بتصليح هذا الخطأ. فتقنية الفار تتدخل في حالات معنية، لكن دائما ما يعود القرار الأخير يبقى للحكم وفقط. لهذا تقنية الفار ضرورية وعادلة.”

هل تتذكر أول مباراة دولية أدرتها؟

 ” نعم، فأول مباراة دولية قمت بإدارتها كانت في السودان فئة بالنسبة لفئة أقل من 17 سنة وكانت بين المنتخب السوداني والمنتخب المصري، وكان الفوز لصالح المنتخب المصري سنة 2014.”

ما هي أهم المباريات التي قمت بتحكيمها؟

 ” أهم المباريات التي قمت بتحكيمها هي نهائيين في منافسة كأس الجزائر في 2017 بين شباب بلوزداد ووفاق سطيف، و في 2020 بين نجم مقرة وشبيبة القبائل. كما أنني أدرت سنة 2016 نهائي كأس الجزائر العسكرية. أدرت أيضا سنة 2009 نهائي كأس الجمهورية لأقل من 20 سنة. أما على الصعيد الدولي، فمشاركة الأولى كانت سنة 2014 من خلال منافسة كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة في النيجر، أين حكمت أربع مباريات بالإضافة إلى المباراة النهائية. شاركت أيضا سنة 2017 في كأس إفريقيا في الغابون لفئة أقل من 17 سنة أين حكمت عدة مباريات مهمة بالإضافة للنهائي كحكم رابع. بالإضافة لمشاركتي سنة 2018 في دورة “الشان” في المغرب أين أدرت مبارتين. بعدها، كانت انطلاقتي الحقيقية عندما شاركت في كأس العالم لفئة أقل من 20 سنة أين حكمت المباراة الترتيبية والمباراة الافتتاحية. أدرت أيضا العديد من مباريات كأس رابطة أبطال إفريقيا. في 2020 حكمت مباراة نهائي كأس رابطة أبطال إفريقيا بين الأهلي والزمالك، وكذا نهائي كأس السوبر الإفريقي بين الأهلي ونهضة بركان. عندي مشاركة أيضا في كأس إفريقيا للأمم في الكاميرون، أين أدرت مباراة الافتتاحية، إلا أن أهم منافسة شاركت فيها هي كأس العالم 2022 بقطر.”

أجمل ذكرى لك خلال مشوارك التحكيمي؟

 ” صراحة أجمل ذكرى لي في مشواري التحكيمي هو مشاركتي في كأس العالم التي تبقى  مشاركة تاريخية، خصوصا و أن الأمر يتعلق بأكبر تظاهرة  رياضية يمكن للحكم أن يصل إليها.”

وماذا عن أسوء ذكرى لك؟

 ” الحكم يبقى في الأخير بشر، وبإمكانه أن يرتكب خطأ في أي مباراة. لكن الحكم الناجح هو الذي يتعلم من أخطائه. بالنسبة لي، فالحمد لله، ولا مرة تعمدت الخطأ. فالخطأ دائما ما يكون عفوي ولكن قد يؤثر على النتيجة النهائية للمباراة. أتذكر عندما كنت حكم ولائي أو جهوي، كانت بعض المباريات تتوقف بسبب الاعتداء على الحكم. هذا أمر مؤسف لا يمكن أن يحدث في ملاعب كرة القدم.”

ما هي الرسالة التحفيزية التي تريد توجيهها للحكام الشباب؟

 ” دعيني أقول أن الحكم في مسيرته يمر بعديد المراحل. فالمسيرة لن تكون دائما مفروشة بالورود، وهذا في أي مجال ما. فدائما ما نجد أناس تُعرقل مسيرتك الخاصة، لك وهذا شيء طبيعي لأن الحياة تمشي هكذا. فحتى ينجح الإنسان في مسيرته، يجب أن يُحب تلك المهنة، من أجل مواصلة المسيرة بكل عزيمة عندما يواجه العراقيل. يجب أن تضع هدف لتصل إليه. يجب أيضا ألا يتخلى عن حلمه مهما كانت العراقيل. بالنسبة لي كأس العالم كانت حلم، والحمد لله تمكنت من تحقيق حلمي. لهذا أوصي الشباب دائما بعدم الفشل والعمل من أجل تحقيق أحلامهم.”

ما هو شعورك وأنت تحكم أول مباراة في كأس العالم؟

 “أنا دائما ما أتكلم مع عائلتي عبر الهاتف ما بين الشوطين. أتذكر بأنهم أخبروني خلال مبارتي الأولى التي أدرتها في منافسة كاس العالم بأن مزاجي كان متغيرا، وهذا أمر طبيعي بالنظر لضغط المباراة والمنافسة. لكنني تمكنت من أداء مباريات في المستوى وتشريف الصافرة الجزائرية في أكبر تظاهرة كروية في العالم.”

رسالة لمن دعمك خلال مسيرتك التحكيمية؟

 ” بكل صراحة، فإن أكبر الداعمين لي خلال مسيرتي التحكيمية هم الوالدين حفظهما الرحمن. أوجه لهم التحية من هذا المنبر. بالإضافة لإخوتي أيضا الذين ساندوني طوال مسيرتي التحكيمية. ولا أنسى زوجتي التي تقف دائما معي. فهي من تحضر لي كل شيءٍ وتعرف نظام أكلي. أشكر جميع من دعمني وأتمنى ألا أخيبهم إطلاقا.”

هل تتمنى أن يسلك أبنائك نفس طريقك في عالم التحكيم؟

 ” صراحة لا أتمنى ذلك. فأنا لا أتمنى أن يسلك أبنائي طريق التحكيم. فالتحكيم مهنة صعبة للغاية، خاصة في الجزائر.”

ما هي طموحاتك حاليا؟

 ” طموحي كان إدارة مباريات في كأس العالم و الحمد لله تمكنت من تحقيق هذا الطموح. طموحي المستقبلي هو جلب ميداليات في أكبر التظاهرات الرياضية سواء الإفريقية أو منافسات الفيفا.”

ما هو رأيك في التحكيم الجزائري؟

 ” صراحة التحكيم الجزائري في تطور ملحوظ. كما أن التحكيم الجزائري دائما ما كانت لديه لمسة خاصة خلال مشاركاته الدولية على غرار الحكام حنصال محمد، بلعيد لكارن، حيمودي جمال، بنوزة محمد، مهدي عبيد شارف وإيتشعلي عبد الحق. حاليا، هناك العديد من الحكام المتميزين على غرار بن براهم وبكواسة.”

نعلم أنك تمتلك مهنة أخرى بعيدا عن التحكيم، فهل لنا أن تُحدثنا عنها؟

 ” نعم بعيدا عن التحكيم، أنا طبيب أسنان. فأنا أعمل في هذا المجال، وأنا سعيد بذالك. فبعد نيلي لشهادة الباكالوريا، اقترح علي أبي بأن أن ألتحق بالمعهد لنيل الشهادة في هذا التخصص. وفي 2005 توجهت لمدينة تلمسان ودرست هناك لمدة سنتين حتى تحصلت على شهادة معترف بها دوليا في مجال طب الأسنان. في سنة 2009، تحصلت على دعم من الدولة “لونساج” وتمكنت من الحصول على عتاد خاص بصناعة الأسنان. تمكنت من النجاح في هذا المشروع، بدليل تسديدي لكل ديوني، والآن عندي مخبر صناعة أسنان. فعندما أغيب أنا، فإن والدي هو من يخلفني، وعند غياب الوالد، فأخي بشير والذي أوجه له ألف تحية هو من يُسير المخبر.”

كلمة ختامية..

 ” في الأخير رسالتي موجهة لجريدة بولا و التي أشكرها جزيل الشكر لأنها دائما ما تتابع أخبارنا، كما أنها تساعد الرياضيين في مختلف الرياضات، بالإضافة للحكام. أتمنى لها كل التوفيق، وشكرا لكم على هذا الحوار الشيق.”

هاشم وداد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى