الرئيس الراحل أحمد بن بلة … رمز للكفاح المسلح، النضال السياسي والتضحية الرياضية
لا يختلف اثنان أن طرد الاستعمار الفرنسي الغاشم كان باهض الثمن، فالجزائر قدمت الغالي والنفيس مقابل نيل الحرية كيف لا؟ وأن أرض الشهداء ارتوت بالدماء لتنعم الأجيال الحالية بالاستقلال، فتضحيات الرجال كانت عهدا قطعوه أمام الله ولم يبدلوا تبديلا إلى غاية تحقيق المبتغى ، فسجلوا أسماءهم في الذاكرة بأحرف لن تمح إلى أن يرث الله الأرض وما عليها .ومع كل مناسبة وطنية وعيد نستشعر تلك التضحيات التي تبعث في الجزائري القح حب الوطن واستذكار أمجاد الأبطال ،وها نحن في هذا الشهر نحتفل بذكرى مظاهرات ال 11 من ديسمبر 1960، والتي أثبت فيها الجزائريون للعالم كافة وللمستعمر خاصة أنهم لن يرضوا عن الاستقلال بديلا رافضين السياسة التي نادت بها السلطات الاستعمارية لامتصاص قوة الثورة ،لكن الشعب الجزائري برهن بخروجه للشارع أنه لن يفرط في الحرية . ومن بين الشخصيات الوطنية التي كان لها الفضل في نجاح الثورة الجزائرية الرئيس الراحل أحمد بن بلة الذي مزج بين النضال السياسي ،و الكفاح المسلح وحتى الرياضي بدليل تضحيته بمشواره الرياضي ،وهذا بعد انطلاق الحرب العالمية الثانية في شهر سبتمبر من سنة 1939 حيث لم يستطع الرئيس السابق للجزائر مواصلة اللعب مع فريقه مارسليا بسب التجنيد الإجباري في صفوف القوات المسلحة ، ورغم أنه تلقى عرضا مغريا من طرف مسؤولي فريقه من أجل العودة إلى صفوف ناديهم بما أنهم كانوا يأمنون جدا بقدراته الكروية ،إلا أن الراحل فضل العودة إلى أرض الوطن وشارك أبناء بلده في الحرب على الإستعمار الغاشم ، أين شارك في الحياة السياسة وساهم في نشاط الحركة الوطنية 8 ماي 1945 وكذا حزب الشعب وحركة انتصار الحريات، ليشارك في الهجوم على بريد وهران في 1949 رفقة حسين آيت أحمد ، ورابح بيطاط ، الأمر الذي جعل المستعمر الغاشم يصدر في حقه 7 سنوات سجان سنة 1950 قبل أن يفر سنة 1592 ليلتحق بالقاهرة أين انظم مع رفقاء دربه إلى الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني. ليلقى عليه القبض مرة أخرى سنة 1956 خلال عملية القرصنة الجوية التي نفذها الطيران العسكري الفرنسي ضد الطائرة التي كانت تنقله من المغرب إلى تونس رفقة أربعة قادة آخرين لجبهة التحرير الوطني وهم محمد بوضياف، رابح بيطاط، حسين آيت أحمد، محمد خيضر والصحفي مصطفى الأشرف، أين تم اقتياده إلى سجن تابع لقوات الاستعمار يقع في الأراضي الفرنسية، وبقي معتقلاً فيه إلى غاية الاستقلال في 5 يوليو 1962 ،عاد هو ورفاقه إلى الجزائر لينتخب في 15 سبتمبر 1963 كأول رئيس للجمهورية الجزائرية إلى غاية 1965 إذ كان له شرف حضور أول نهائي لكأس الجمهورية الذي جمع بين وفاق سطيف ومولودية سعيدة.
مسيرته كرياضي بدأت من مغنية وانتهت بمرسيليا
الرئيس الراحل والمجاهد السابق أحمد بن بلة، بدأ مداعبة الكرة في أحد أحياء مدينة الحاجة مغنية مسقط رأسه قبل أن يلتحق بفريق المدينة الحدودية آنداك ــ حسب الشهادات ــ ليتقمص أولوان فريق الثانوية التي كان يزاول دراسته بها بمدينة تلمسان خلال فترة تعليمه. وبعد تنقله إلى مارسليا واصل بن بلة مزاولته للنشاط الرياضي حيث شهدت مضامير ألعاب القوى على أنه رياضي بامتياز، أين أبهر في سباقات السرعة ،زيادة على أنه بعث مشواره الكروي من بوابة فريق شاطو جومير أحد أحياء مارسليا الناشط بالأقسام السفلى أين لمع بريقه مما جعل مستواه يلفت الأنظار، الأمر الذي أدى بمسؤولي فريق نادي أولمبيك مارسليا إلى إستعارته سنة 1939 ،حيث شارك رفقة الفريق في بطولة الجنوب الغربي لفرنسا التي كانت تضم عدة فرق قوية في صورة نيس ،سانت إيتان، وعلى الرغم من مستواه العالي إلا أن أحمد بن بلة لم يكن محظوظا للعب الكثير من المباريات بسب الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من أن الفترة التي تقمص فيها أحمد بن بلة لأولوان مارسليا لم تكن طويلة إلا أنه قد رسم إسمه بأحرف من ذهب من خلال مشاركته في مباراة كأس فرنسا في نفس السنة التي إلتحق فيها بالنادي، أين شارك أساسيا وقد أحرز هدفا من جملة تسعة أهداف سجلت في مرمى أف سي أنتيب، لا زال عشاق النادي الجنوب الفرنسي يتذكرونه حتى الآن.
الصحف الإنجليزية وصفته بأكبر لاعب في تاريخ الكرة
صيت الرئيس الراحل أحمد بن بلة لم يتوقف حتى بعد الاستقلال، حيث ذاع صيته عالميا بدليل وصفه من طرف إحدى الصحف الإنجليزية بأكبر لاعب في تاريخ الكرة العالمية، وذلك على هامش المباراة الإستعراضية التي أقيمت على شرفه في 2009 حين ظهر اللاعب السابق لمارسليا وهو يداعب الكرة رغم أنه كان في السن 93.
إعداد: ياسين