رياضات أخرىمختلف الرياضات

الفروسية … من تنظيم نادي “مونتي كريستو” .. مشاركة 25 نادي في المسابقة الوطنية للقفز على الحواجز

عاشت عاصمة الغرب الجزائري وهران  نهاية أسبوع استثنائية مع انطلاق فعاليات الأسبوع الأول من المسابقة الوطنية للقفز على الحواجز، التي احتضنها مضمار مركز الفروسية “مونتي كريستو” بالسانية.  وسط أجواء مثالية وطقس مشمس، اجتمع أزيد من 150 فارسًا وفارسة، يمثلون 25 ناديًا قادمًا من مختلف ولايات الوطن، ليعانقوا مضمار “مونتي كريستو” في منافسة من فئة نجمة ونجمتين. تنوع المشاركين من حيث السن والمستوى والتجربة منح الحدث طابعًا وطنيًا جامعًا، يعكس اتساع رقعة الممارسة ومكانة الفروسية كتراثٍ أصيل في الذاكرة الجماعية الجزائرية.

 حضور جماهيري غفير

الميزة الأبرز في التظاهرة، إلى جانب مستوى الفرسان، كانت في الحضور الجماهيري المعتبر، حيث اصطفت العائلات والشباب من محبي الفروسية حول المضمار منذ الصباح الباكر، في مشهد يليق برياضةٍ ضاربة في عمق تقاليد الجزائريين. حرص المنظمون، تحت إشراف نادي “مونتي كريستو” وبمرافقة الاتحادية الجزائرية للفروسية، على ضبط كل كبيرة وصغيرة من أجل راحة الجمهور، الذي صنع الحدث بتفاعله المتواصل مع كل محاولة قفز ناجحة أو مثيرة.

 مضمار بمواصفات دولية

لم يكن نجاح هذا الأسبوع الأول محصورًا في عدد المشاركين أو الجمهور فحسب، بل تجلى أيضًا في جودة المضمار الذي تم تهيئته وفق معايير تقنية حديثة. حيث صُمّمت الحواجز بعناية، وراوحت ارتفاعاتها بين 1.15 و1.30 متر، ما فرض على الفرسان مهارات مركزة وتحكمًا دقيقًا في خيولهم. هذا المستوى من التجهيز التقني سمح بمنافسة متقاربة وندية، زاد من جماليتها تنوع الأشواط واختلاف طبيعة الحواجز. لم تكن هذه المنافسة مجرد موعد لتوزيع الميداليات وتحديد الفائزين، بل جسدت فلسفة رياضية ترتكز على التكوين المستمر، وتجريب المهارات الميدانية، وتمكين الفرسان من تطوير قدراتهم في أجواء تنافسية حقيقية. المدربون وجدوا في هذا اللقاء محطة ثمينة لتقييم أداء خيولهم، ورصد الجوانب التقنية التي تحتاج إلى تعزيز أو تصحيح. كما تحوّل الحدث إلى مساحة لاكتشاف أسماء شابة واعدة، أبدعت في فئات الأشبال والأواسط.

تنظيم في المستوى

النجاح التنظيمي الكبير لهذا الحدث لم يأت من فراغ، بل كان ثمرة مجهودات فريق محترف منظم ومحكم، سهر على تأمين كل التفاصيل، بدءًا من الاستقبال، مرورًا بتسجيل المشاركين، إلى ضبط توقيت الأشواط واحترام البروتوكول المعتمد. الطاقم التحكيمي، بخبرته وصرامته، أضفى مصداقية على النتائج، ما منح المتسابقين ارتياحًا وطمأنينة. ما يبعث على الاعتزاز، هو أن ولاية وهران رسخت موقعها كواحدة من أهم الوجهات الفروسية على المستوى الوطني، بفضل امتلاكها لمنشآت مميزة، واهتمام متزايد من السلطات المحلية، فضلاً عن الحركية التي تنشطها الأندية المحلية.

مستوى فني مقبول وتفاؤل بالجيل الجديد

ومع إسدال الستار على هذا الأسبوع الأول الناجح، تتجه الأنظار الآن صوب الأسبوع الثاني من المنافسة، المقرر من 29 إلى 31 ماي بنفس المضمار. مرحلة ستشهد رهانات رياضية مضاعفة، سواء من أجل تعويض الفرسان الذين لم يسعفهم الحظ في الجولة الأولى، أو لرفع رصيد النقاط ضمن التصنيف الوطني. المنتظر أن تشهد المرحلة الثانية تحسنًا إضافيًا في الأداء، خاصة بعد وقوف الجميع على مستوى المنافسة الأولى. اتفق أغلب المتابعين من تقنيين، مدربين وملاحظين، على أن المسابقة كشفت عن مستوى تقني متطور، وترجمة عملية للبرامج التكوينية التي باشرتها الأندية في السنوات الأخيرة. عدة أسماء صاعدة أبانت عن كفاءة ومهارات تبشر بمستقبل واعد للفروسية الجزائرية، خاصة في ظل استمرارية تنظيم مثل هذه البطولات الوطنية.

يوسف زين الدين (مدير المنافسة):“تنظيم في المستوى و مضمار عالمي “

يوسف زين الدين
يوسف زين الدين

“تنظيم هذه الدورة الوطنية للقفز على الحواجز بوهران يُعد محطة بالغة الأهمية ضمن مسار الفروسية الجزائرية، ليس فقط من حيث حجم المشاركة ونوعية الأندية الحاضرة، بل لما تحمله من رمزية تعكس استمرار هذه الرياضة العريقة رغم مختلف التحديات. اختيار مركز مونتي كريستو لاحتضان هذه المنافسات كان مدروسا، فهو يمتاز بمضمار يستوفي كل المعايير التقنية المطلوبة، فضلاً عن جودة الخدمات المرافقة، مما يجعله من أبرز المرافق الوطنية المعتمدة في اختصاص القفز على الحواجز.

المشاركة الواسعة التي تجاوزت 25 نادياً من مختلف جهات الوطن تؤكد مدى الانتشار الذي تعرفه رياضة الفروسية حالياً، ومدى حرص الفاعلين الميدانيين على النهوض بها. وأخص بالذكر نادي العاديات من ولاية غرداية، الذي تحدى بُعد المسافة ليكون حاضراً، في صورة تعكس روح الانتماء والتفاني في خدمة هذه الرياضة. كما يسعدني أن أسجل عودة نادي الأمن الوطني الجزائري إلى أجواء المنافسة بعد فترة غياب.

هذا النادي له تاريخ عريق وسجل مشرف في الفروسية الجزائرية، وعودته تُعتبر مكسباً معنوياً ورياضياً هاماً. صحيح أن مرحلة ما بعد ألعاب البحر الأبيض المتوسط وهران 2022 كانت صعبة على مستوى التنظيم واستمرارية النشاط، غير أننا اعتبرناها فرصة لتقييم الوضع وضبط الأولويات. اليوم نحن أمام ديناميكية جديدة، تقوم على التخطيط المحكم والشراكة الفعالة مع الاتحادية الجزائرية للفروسية.

نؤمن أن وهران تملك من المؤهلات ما يجعلها تلعب دوراً محورياً في خارطة الفروسية الوطنية والعالمية ، ونعمل على إعادة بعث مركز مونتي كريستو ليكون محطة إشعاع حقيقية من خلال برنامج متكامل يتضمن منافسات دورية ودورات تكوينية للفرسان والمدربين.”

بوعكاز تقي الدين (فارس):“الأجواء مميزة بوهران”

بوعكاز تقي الدين
بوعكاز تقي الدين

“مشاركتي في هذه الدورة تحمل طابعاً خاصاً، لأنها تقام في مركز مونتي كريستو، الذي يُعد من أبرز المرافق الفروسية في الجزائر. عودة هذا المركز للنشاط بعد توقف دام أكثر من سنة ونصف هو مكسب حقيقي لكل الفاعلين في هذا الاختصاص، من فرسان وأندية ومدربين وحتى جمهور محب للفروسية. ما يميز هذه الدورة أن تهيئة المضمار تمت وفق مقاييس تقنية عالية، وهو ما انعكس إيجاباً على ظروف التنافس ونوعية الأداء.

كفارس، أرى أن هذه المنافسات تمنحنا فرصة ثمينة لاختبار مستوانا الفني، ومقارنتها ببقية المشاركين، خاصة أن الظروف المحيطة مثالية من حيث التنظيم وجودة الأرضية. التنظيم المحكم الذي طبع الدورة يستحق الإشادة، سواء من خلال احترام توقيت البرنامج أو توفير أفضل الظروف للفرسان. الأجواء كانت متميزة جداً، والتفاعل بين المشاركين والمنظمين يعكس روحاً رياضية جميلة تحفز الجميع على تقديم الأفضل.

أعتقد أن ما تحتاجه رياضة الفروسية الجزائرية هو الاستمرارية في تنظيم مثل هذه التظاهرات، لأن هذا التخصص بطبيعته يتطلب دعماً متواصلاً ونسقاً منتظماً في التنظيم، حتى نتمكن من تكوين قاعدة شابة قوية وبناء نخبة وطنية قادرة على تمثيل الجزائر دولياً.”

نبيل شيخي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى