المشجع المصري الذي عشق المنتخب الجزائري أبانوب خلف:”هذا هو سبب تعلقي بالخضر”

من الإسكندرية، المدينة المصرية التي لطالما كانت منارة للثقافة والفن، يأتي صوت فريد في عالم التشجيع. أبانوب خلف، الشاب الذي اختار أن يحلق بعيداً عن ألوان بلده، ليعشق “الخضر” ويُعلي راية الجزائر في الملاعب المصرية وخارجها. قصته ليست مجرد حكاية مشجع، بل هي قصة شغف يكسر الحدود، ويؤكد أن الرياضة جسر حقيقي يربط القلوب، في حواره مع بولا ، يكشف أبانوب عن جذور عشقه للجزائر، وسبب ولائه غير المعهود.
غالباً ما يكون للحب قصة بداية. ما هي أول شرارة أشعلت هذا العشق للمنتخبات الجزائرية؟
“كانت البداية من خلال الرياضة نفسها، في عام 2009، كنت وقتها في الثانية عشرة من عمري، ولم أكن أعرف الكثير عن الجزائر، فقد بدأ كل شيء مع مباراة البليدة الشهيرة في السابع من جوان 2009، والتي فاز فيها المنتخب الجزائري على مصر بثلاثة أهداف لهدف، أحببت طريقة اللعب والأهداف التي سجلها مطمور، وغزال، وجبور، بعدها أصبحت أتابع الفريق في كل مباراة، وكنت أتمنى أن يتأهل، كان الأمر بالنسبة لي قصة نجاح ملهمة، وتوجت بأجمل وأعظم فرحة في التاريخ وهي الانتصار في أم درمان يوم 18 نوفمبر 2009، منذ ذلك اليوم، أصبحت أتابع كل مباريات المنتخب الجزائري وأشجعه، وهكذا كبرت مع “الخضر”، هذا الفريق جعلني أتعرف على البلد وثقافته وشعبه بكل إيجابياته وسلبياته، ومنذ الصغر، زرعت في عقلي فكرة زيارة الجزائر واستكشافها، فكيف لي أن لا أزور بلد فريقي الذي أشجعه.”
في ظل وجود منافسة رياضية أحياناً بين مصر والجزائر، ما هي العوامل التي صنعت هذا الولاء؟ وما هو الشيء الذي وجدته في الرياضة الجزائرية تحديداً ولم تجده في غيرها؟
“المنافسة مع منتخب مصر هي ما جعلتني أتعلق بالجزائر أكثر، بصراحة، لم أكن من المتابعين كثيرا للمنتخب المصري في قرارة نفسي حتى قبل أن أعرف الجزائر. والمنتخب الجزائري في 2009 كتب تاريخاً من ذهب بتأهله التاريخي على حساب أقوى منتخب إفريقي، أما الشيء الذي وجدته في الرياضة الجزائرية وأعجبني، فهو الشغف الجماهيري والحماسة الكبيرة التي يتمتع بها الشعب، سواء داخل البلاد أو في المباريات التي تقام خارجها. التاريخ يشهد على إبداع أنصار “الخضر” في عدة مناسبات، وما جعلني أحب المنتخب منذ صغري هو الشغف الجماهيري، فهو اللاعب رقم 12 الذي حسم الانتصار والتأهل في أم درمان والعديد من المباريات الأخرى”
.من بين كل المنتخبات الجزائرية، ما هو الفريق الأقرب إلى قلبك؟ وهل هناك لاعب معين من أي رياضة تشعر أنك متابع له بشكل خاص؟
“كرة القدم هي الرياضة الأقرب إلى قلبي بالطبع، لكنني أتابع وأشجع المنتخبات الجزائرية في كل الرياضات، التشجيع داخل قاعة مغلقة له نكهة خاصة، خاصة عندما تكون وحيداً وتغني، فالأمر يكون أسهل بكثير من الغناء في ملعب كبير، أما بخصوص اللاعبين، فنحن نشجع الراية قبل أي شيء، لأن اللاعبين يذهبون ويأتون، وتبقى الراية هي الأهم.”
بصفتك مشجعاً أجنبياً، ما هو أكثر شيء يثير إعجابك في الجمهور الجزائري وطريقة تشجيعه؟
“الجمهور الجزائري له طريقة خاصة في التشجيع، دائما ما أرى إنها مزيج من الحرارة، والجنون، والهستيريا، عندما يكون المنتخب الجزائري يلعب، يكون هناك شغف لا حدود له في المدرجات، أنصار المنتخب الحقيقيون هم دائماً هيبة للفريق، ويشعلون الأجواء، على سبيل المثال، مجموعة غرين باور تصنع “تيفوهات” رائعة، وهناك منتخبات عالمية جماهيرها لا تفعل ذلك، فعندما تلعب الجزائر، يكون هناك مباراة في الملعب وأخرى في المدرجات.”
بما أننا تكلمنا عن حبك للرياضة، ماذا عن الجزائر كبلد؟ تزور الجزائر بشكل متكرر، ما الذي يجذبك للعودة إليها في كل مرة؟ وهل كانت لك تجربة خاصة مع الجزائريين خارج الملاعب؟
“زرت الجزائر أربع مرات في سنوات 2017، و2018، و2022، ومؤخراً في 2025، ما يجذبني دائماً للعودة هو حب الملاعب، فأنا أحب أن آتي لأشجع المنتخب الوطني، وأن أتابع مباريات الأندية لأكتشف الأجواء الجماهيرية وأرى عقلية المشجعين، لقد تطورت مدرجات الأندية الجزائرية مؤخراً كثيراً، سواء في التنظيم، أو الأغاني، أو التيفوهات. في الجزائر، أحب التجول في الأحياء والشوارع، لأني أشعر أنني أتجول في بلد كريم زياني وعنتر يحيى، وخلال زياراتي، تعرفت على الكثير من الأشخاص الرائعين، تشرفت بلقائهم، وتجولت معهم، وتحدثنا لساعات، أرى أن الطيبة هي سمة متأصلة في الشعب الجزائري، وهي الميزة التي تجعلني أرتاح أكثر في بلدي الثاني.”
من خلال تجربتك في الحضور في الملاعب، ما هي رسالتك للمشجع الجزائري حول طريقة التشجيع؟ وكيف يمكن للجمهور أن يكون لاعباً إضافياً حقاً؟
“من وجهة نظري، أرى أن دوري في المدرجات لا يقتصر على مجرد التفرج، بل أن أكون لاعباً إضافياً في قلب الفريق، أرى أن الشغف الحقيقي يكمن في التفاعل المباشر مع اللحظة، وأن أعبر عن انتمائي بصوتي وأهازيجي، لا بتوثيق اللحظة عبر عدسة هاتفي، بالنسبة لي، الهدف الأسمى هو أن يكون حضوري مؤثراً وداعماً، وأن أساهم في صناعة الأجواء الحماسية التي يستحقها المنتخب. أتذكر بكل فخر وشوق ذلك التقليد الجميل الذي كان يميز مدرجاتنا في الماضي، وهو رفع الراية عالياً فوق الرؤوس أثناء عزف النشيد الوطني، لقد كان هذا المشهد يجسد روح الوحدة والانتماء بشكل فريد، أرى أن الشغف الحقيقي يكمن في إعطاء الأولوية للحظة، وأن نساهم في إشعال المدرجات بأصواتنا وطاقتنا، لا أن نكتفي بالتوثيق من خلف شاشات الهواتف، رسالتي هي أن نعود إلى ذلك الشغف والحرارة التي كانت تميز جمهورنا، وأن نستثمر كل لحظة لدعم المنتخب، لأن جمهور ‘الخضر’ معروف بإبداعه، ومستواه يجب أن يبقى في القمة دائماً.”
حاورته: حليمة.ك