فيما انسحب زطشي و تعيين إيفانتينو لموتبسي رئيسا …إلى متى تبقي الكاف دمية في يد الفيفا
مثلما كان منتظرًا ،قام أعضاء الجمعية العمومية للإتحاد الإفريقي لكرة القدم ” الكاف” خلال جلسة الجمعية العامة الإنتخابية التي جرت أشغالها يوم أمس بالعاصمة المغربية “الرباط”، بتزكية الملياردير الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي رئيسا لأكبر هيئة كروية في القارة ،إذ استفاد رئيس نادي صان داونز من انسحاب المرشحين الثلاثة قبل أيام من الموعد الإنتخابي و الأمر يتعلق بكل من السنيغالي أوغستين سنغور ،الموريتاني أحمد ولد يحيي و الإيفواري جاك أنوما ،الأمر الذي غيّر موعد الرباط من موعد إنتخاب إلى جلسة تزكية و تسليم و استلام المناصب داخل الهيئة التي أعاب عليها المتتبعون رضوخها الواضح لأوامر رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم ” الفيفا” جاني إنفانتينو.
إنسحاب المرشحين الثلاثة فسح المجال أمام موتسيبي
وجاء انسحاب المرشحين الثلاثة للموعد الإنتخابي، السينغالي أوغستين سنغور، الموريتاني أحمد ولد يحيي والإيفواري جاك أنوما ليجعل من الجمعية العمومية الانتخابية شكلية بكل المقاييس بالنظر إلى أن الأمور حسمت قبل موعد الرباط، ذلك ما أجمع عليه الكثير من المتتبعين، مرجعين السبب لزيارة رئيس الفيفا جياني أنفانتينو إلى نواكشوط، قبيل موعد نهائي كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة، حين تم الحسم في هذه الانتخابات التي تم تحويلها إلى موعد لتزكية الملياردير الجنوب إفريقي ليكون خليفة للملغاشي أحمد أحمد على رأس الكاف.
أنفانتينو لعب دورًا كبيرًا في حشد الدعم للمياردير الجنوب إفريقي
و أجمع أغلب المتتبعين للشأن الكروي داخل القارة السمراء أن رئيس الفيفا جاني إنفانتيو لعب دورا كبيرا خلال الأيام الماضية لحشد الدعم و التأييد لباتريس موتسيبي من خلال التأثير على منافسيه و إقناعهم بالإنسحاب من السباق ،بل و دعم المرشح الجنوب إفريقي ليكون صاحب الإجماع ،خصوصا و أن الإجتماع الذى جرى بين السويسري و المرشحين الأربعة بنواكشط قبل أيام على هامش كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة كان من أجل التوافق على هذا الطرح الذي كان من نتائجه الاتفاق على منح السنغالي سانغور منصب نائب أول للرئيس، والموريتاني ولد يحيى نائبا ثانيا، على أن يظفر الإيفواري جاك أنوما بمنصب المستشار الخاص لرئيس الكاف ،فيما كان الجيبوتي سليمان أوباري النائب الثالث والمغربي فوزي لقجع النائب الرابع، أما النيجيري أماجو بينيك كان النائب الخامس لرئيس الكاف.
رئيس الكاف باتريس موتسيبي في سطور
رجل أعمال جنوب إفريقي وأحد أقطاب صناعة التعدين في إفريقيا، من مواليد 28 جانفي 1962 في سيوتو بجنوب إفريقيا، وصهر رئيس البلاد ” سيريل رامافوزا”، والرئيس غير التنفيذي لشركة هارموني جولد ثاني أكبر شركة تعدين للذهب في العالم. فاز موتسيبي بجائزة أفضل رجل أعمال في جنوب إفريقيا عام 2002، وفي عام 2004، احتل المرتبة 39 في قائمة أفضل الشخصيات في جنوب إفريقيا في استفتاء هيئة الإذاعة المحلية، وفي عام 2008، دخل موتسيبي، قائمة أغنى 503 أشخاص في العالم. في عام 2003 وبعد أن أصبح أحد أغنى أغنياء جنوب إفريقيا قرر موتسيبي الاستثمار في الرياضة، ولم يجد أفضل من كرة القدم ليحقق رغبته فقام آنذاك بشراء أسهم بنادي ماميلودي صن داونز، بعدها بعام اشترى باتريس موتسيبي 51% من أسهم نادي صنداونز، وتباعا استحوذ على النسبة المتبقية من الأسهم، وبالتالي أصبح المالك الوحيد للنادي، وعاد صنداونز لمنصات التتويج بعد غياب 6 سنوات في عام 2006، بعد تطويره ودعمه بفضل أموال موتسيبي، وبعد 10 سنوات حقق لقبه الوحيد في دوري أبطال إفريقيا. ساهم موتسيبي في تطوير كرة القدم داخل صن داونز حيث حقق الفريق العديد من الألقاب المحلية، إضافة إلى إحرازه لقب دوري أبطال إفريقيا عام 2016 للمرة الأولى في تاريخه، ومشاركته في كأس العالم للأندية.
زطشي إنسحب في لحظة ولقجع وأبو ريدة كانا في طريق مفتوح لعضوية الفيفا
ورغم أن المحكمة الرياضية الدولية أعادت الإعتبار لرئيس الفاف خير الدين زطشي، بعدما قبلت طعنه في قرار الإتحادية الدولية” الفيفا” التي رفضت ملف ترشحه لعضوية المكتب التنفيذي ،إلا أن ممثل الجزائر في هذه الإنتخابات فاجأ الجميع قبل ساعات من الموعد و ذلك عندما فضل الإنسحاب ،ليسير على خطى المترشح الآخر غوستافو ندونغ إيدو من غينيا الاستوائية ليفسح بذلك الثنائي المنسحب المجال لكل من المغربي فوزي لقجع و المصري هاني أبو ريدة للفوز بمقعدي تمثيل المجموعة الناطقة بالعربية ،البرتغالية و الإسبانية في إفريقيا لدى المكتب التنفيذي للفيفا.
الفاف في بيان لها تؤكد أن زطشي كان حكيما بإعلان انسحابه
و مباشرة بعد إعلان رئيس الإتحاد الجزائري لكرة القدم خير الدين زطشي إعلان انسحابه من الترشح لعضوية المكتب التنفيذي للفيفا ،نشرت الفاف بيانا لها عبر موقعها الرسمي تؤكد فيه أن زطشي اختار طريق الحكمة بهذا القرار الذي جاء قبل ساعات من الموعد الإنتخابي ،مؤكدة في الوقت ذاته أن زطشي لم يتمكن من القيام بالحملة الإنتخابية مثل باقي المترشحين بسبب العقوبة التي تعرض لها ،ذلك ما جعل رئيس الفاف يخسر الكثير من الوقت سيما وأن إعادة تأهيله من طرف المحكمة الرياضية كان متأخرا ،و اختتم البيان بالإشارة إلى أن الفاف ستواصل سعيها من أجل تطوير كرة القدم الجزائرية من خلال لجان الكاف التي ستكون ممثلة بقوة مستقبلا من طرف الجزائر .
بافضل محمد بلخير (أستاذ محاضر بجامعة مستغانم وأستاذ باحث في قانون الرياضة):”إينفانتينو حسم أمر رئاسة الكاف مسبقا و قسّم المناصب في موريتانيا و انسحاب زطشي كان متوقعا”
“أولًا بالنسبة لانتخابات الكاف فقد كانت محسومة وهذا بسبب التأثير الذي مارسه رئيس الفيفا بإشرافه المباشر على اتفاق موريتانيا لتقسيم الغنائم فكان على الهيئة الكروية العالمية الابتعاد عن التأثير في الانتخابات وسيرها ،والسؤال الذي يطرح، هل يمكن لإفانتينو أن يقوم بهذه التحركات غير الأخلاقية خارج إفريقيا ومع الكونفدراليات الأخرى ،في تقديري كولسة اللعبة الإنتخابية في إفريقيا ربما تخدم المستقبل الانتخابي لإنفانتينو خاصة وأن انتخابات 2023 على الأبواب وأن العدّاد الانتخابي سيبدأ ب 54 صوت في القارة السمراء. لقد أصبحوا يرتبون الإنتخابات كترتيبهم للمباريات، لقد عمّ الفساد وغابت الأخلاق الرياضية والنزاهة التي تغنوا بها كثيرا عبر لوائح ونصوص أهمها مدونة الأخلاقيات (code d’éthique). أما عن الترشيحات والمعارك القضائية التي شاهدتها (التاس ) أقول هذه الأخيرة ضحكت على الأفارقة عندما قبلت طعونهم عشية الانتخابات وكأن الأمر يتعلق بإقصاء ممنهج شاركت فيه أكثر من جهة ،أما عن انسحاب رئيس الفاف من السباق فكان أمرا متوقعا نتيجة كل الظروف التي سبقت هذه الانتخابات.”
محمد محمود علي (صحفي مصري):” الفساد المتواصل منذ عقود داخل الكاف سهّل على إينفانتينو التحكم في شؤون القارة من خلال تعيين موتسيبي”
“حسب رأيي لن تختلف الأوضاع كثيرا مع وجود موتسيبي ورحيل أحمد أحمد والمشاكل القائمة حول مواعيد مسابقات الكاف ونزاعات الأندية واللغط القائم حول التحكيم لأن الكاف في السنوات الأخيرة أصبح عبارة عن لوبيات الأولوية فيها اللوبي الأكثر عددا والأقوى تأثيرا، الأمر يحتاج لإصلاح داخلي على مستوى الكاف إذا جاز التعبير ،أمّا فيما يخص تدخلات الفيفا في شؤون القارة فهي سياق متصل يعكس حالة التردي التي تعيشها إفريقيا بسبب الانقسامات الداخلية في الكاف و البحث القائم عن المصلحة الشخصية على حساب تطوير اللعبة، الآن الأمور داخل الكاف أصبحت أشبه بحرب بين مجموعات تسعى كل منها لنصرة جبهتها على الآخرين لدرجة أنك بالكاد ،قد تذكر لائحة أو قانون أو شيء إيجابي وحيد قدمته لجان الكاف القارة في السنوات الأخيرة ،لذلك فلا نستغرب أن من يقرر أمور الكاف هو إنفانتينو الذي يعمل هو الآخر على حشد الأصوات الداعمة له عندما يترشح مجددا لرئاسة الفيفا بعد سنتين من الآن”.
نور الدين عطية