بحضور والي ولاية تيارت …نهاية خرافية لدورة ديار الشمس

في لحظة اختلطت فيها مشاعر الفخر بالعرفان، أسدل الستار على دورة “ديار الشمس” الكروية التي احتضنها حي ديار الشمس بمدينة تيارت، لتتحول هذه المبادرة الشعبية إلى محطة رياضية وإنسانية بامتياز، رسمت أروع صور التلاحم بين الأحياء والشباب، وبين الماضي والحاضر، في أجواء استثنائية لا توصف.

نهائي حماسي وجمهور فاق التوقعات

النهائي الكبير الذي جمع بين فريقي “سوداني خالد” و”فيدال قرموزي” لم يكن مجرد مباراة، بل كان عُرسًا كرويًا بكل المقاييس، شهد حضورًا جماهيريًا غفيرًا فاق كل التوقعات، حيث غصّت ساحة الملعب بأهالي الحي وعشاق الكرة الشعبية من كل أطياف المدينة، ما أضفى على المواجهة طابعًا احتفاليًا بامتياز. واستُهل الحفل الرياضي بمباراة براعم المستقبل، تلتها مواجهة استعراضية لقدامى لاعبي تيارت، فكان ذلك بمثابة ربط أصيل بين الأجيال وتكريم غير مباشر لمن صنعوا مجد كرة الحواري في الزمن الجميل.

فريق فيدال ينتصر بهدف ثمين وروح رياضية عالية

المواجهة النهائية بين الفريقين كانت على قدر كبير من الندية، أدارها باقتدار ثلاثي التحكيم المكون من محوز محمد، سفيان بن ساحة، وبن مصابيح أيمن. ورغم الحماس والتكتيك العالي الذي أظهره الفريقان، فإن فريق “فيدال قرموزي” عرف كيف يستغل الفرص، ليحسم النتيجة لصالحه بهدف يتيم لكنه ثمين، جاء بعد مجهودات جماعية قادها المتألق جوة أسامة. أما من جهة “سوداني خالد”، فقد قدم اللاعبون كل ما لديهم، من يوسف سقاقفي وخالد سوداني إلى محمد عيبوط وعابد مصطفى وأسامة زعيتري، إلا أن الصلابة الدفاعية لسكسي وعماري، ويقظة الحارس طاهري، حالت دون العودة في النتيجة، لينتهي اللقاء وسط تحية كبيرة من الجمهور لكلا الفريقين على الروح الرياضية العالية.

والي تيارت يفاجئ الجميع بحضوره دون بروتوكول

اللحظة التي خطفت الأضواء وجعلت الدورة أكثر تميزًا، كانت حضور السيد خليل سعيد، والي ولاية تيارت، حفل الختام وتكريم الفائزين، استجابة لدعوة المنظمين، حيث اختار الوالي أن يكون قريبًا من شباب منطقته دون أي بروتوكول رسمي أو مواكب أمنية، في صورة نادرة ورسالة بالغة الدلالة على أهمية دعم الرياضة القاعدية ومبادرات الأحياء. وقد حظي هذا الحضور بتقدير واحترام الجميع، حيث تفاعل السيد الوالي بكل تواضع مع اللاعبين والمنظمين، وشاركهم فرحتهم، مقدّمًا دعمه لمثل هذه التظاهرات التي تُعدّ متنفسًا للشباب ورسالة قوية بأن الدولة تضع ثقتها في طاقات الأحياء.

دورة بروح الوفاء لروح إلياس وعقاد

ولم تكن هذه الدورة مجرد منافسة رياضية، بل كانت محملة بالمعاني النبيلة، حيث أقيمت على روح الفقيدين داود إلياس وعقاد نور الدين، أبناء الحي الذين رحلوا عن الدنيا، لكن ذكراهم ظلت حيّة بين زملائهم وأصدقائهم. وقد وقف الحضور دقيقة ترحم، وسط لحظات مؤثرة تُجسّد قيم الوفاء والارتباط الوجداني الذي تميّز به سكان الحي.

رسالة حي ديار الشمس.. الرياضة تجمع ولا تفرق

أثبتت دورة ديار الشمس أن الأحياء الشعبية لا تزال تصنع الفارق، حين تُمنح لها الثقة والدعم، وأن كرة القدم الشعبية ليست مجرد تسلية، بل أداة تربية، وترابط اجتماعي، وتخليد للذكرى. دورة كشفت عن مواهب، جمعت أجيالًا، وحيّت أرواحًا راحلة، لتقول في النهاية الرياضة ما تزال في قلب المجتمع، وديار الشمس أضاءت الطريق من جديد.

خليل سعيد (والي ولاية تيارت):“أنا هنا لأقول شكراً لشباب تيارت”

في تصريحه على هامش حضوره للمباراة النهائية لدورة “ديار الشمس” الكروية، أكد والي ولاية تيارت السيد خليل سعيد أن حضوره جاء بدافع تشجيع هذه المبادرات الشعبية التي تعكس حيوية المجتمع المدني وشغف الشباب بالرياضة، وقال: “لقد سررت كثيرًا بالدعوة، وحرصت على الحضور شخصيًا دون بروتوكول، لأن ما شاهدته هنا من تنظيم، حضور جماهيري، وروح رياضية عالية، يُعد نموذجًا لما نطمح إليه في العمل الجواري والمبادرات المحلية.

شباب حي ديار الشمس أظهروا قدرة كبيرة على لمّ الشمل، وتحويل كرة القدم إلى رسالة وحدة وتكريم ووفاء. مثل هذه المبادرات تستحق منا كل الدعم، وسنعمل في الولاية على مرافقة الجمعيات والمجموعات النشطة التي تُنظم وتُبدع بعيدًا عن أي دعم رسمي تقليدي. أنا هنا لأقول شكراً لشباب تيارت، أنتم فخر هذه الولاية”.وختم السيد الوالي تصريحه بتوجيه تحية خاصة لعائلات الفقيدين داود إلياس وعقاد نور الدين، الذين نظّمت الدورة تخليدًا لذكراهما، مؤكدًا أن تضحيات أبناء تيارت وشبابها لن تُنسى، وأن الولاية ستظل وفية لروح التضامن والمواطنة.

سنينة. م