تحقيقات وروبورتاجات

جيل ذهبي للكاراتي الجزائري… قوة جديدة تكتب التاريخ

في واحدة من أحلك المراحل التي تمرّ بها الرياضة الجزائرية، يبرز الكاراتي كواجهة مشرّفة بفضل جيل شاب يجمع بين الموهبة، الانضباط، الروح القتالية، والطموح اللامحدود. جيلٌ استطاع أن يصنع الفارق رغم التحديات، ويعيد للجزائر مكانتها على البساط الدولي، بوجود ثلاثي مذهل في عمر 22 سنة فقط، أنيس حلاسة، لويزة أبوريش، وسيليا ويكان، إضافة إلى الشاب الواعد نزيم داودي الذي يمثّل الامتداد الطبيعي لهذه القوة الصاعدة. إنهم النجوم الذين كتبوا صفحة جديدة في تاريخ الكاراتيه الوطني، وصنعوا إنجازات غير مسبوقة، واضعين الجزائر في قلب المنافسة العالمية.

 أنيس حلاسة روح المقاتل وذهبية الألعاب العالمية

يعدّ أنيس حلاسة واحدًا من أبرز الوجوه التي غيّرت نظرة العالم للكاراتيه الجزائري، حيث قدّم أداءً استثنائيًا توّجه سنة 2022 بإحراز ذهبية الألعاب العالمية، وهو إنجاز نادر يضعه في خانة الكبار. يمتاز حلاسة بقوة شخصية هادئة، تركيزٍ عالٍ، ودقة تكتيكية تجعله نموذجًا للمقاتل العصري. تألق في كل الفئات السنية، حصد البطولات الإفريقية، وفرض نفسه عالميًا بفضل أسلوب قتالي مبني على السرعة والذكاء التكتيكي. إن مسيرة أنيس ليست مجرد نجاح فردي، بل هي رسالة واضحة بأن الجزائر قادرة على منافسة مدارس عالمية رائدة، عندما يمتلك الرياضي البيئة المناسبة والدعم الكافي.

 سيليا ويكان ذهب شنغهاي واسم يتوهّج عالميًا

برزت سيليا ويكان كواحدة من أقوى الرياضيات في العالم خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد إنجازها التاريخي سنة 2025 حين منحت الجزائر ذهبيتها الوحيدة في الدوري العالمي بشنغهاي. تتميز سيليا بثبات ذهني استثنائي، وانضباط رهيب يجعلها دائمًا حاضرة في اللحظات الحاسمة. منذ الفئات الشبانية، وهي تتدرج بثبات في المراتب العالمية، محققة ألقابًا قارية وعالمية أدخلتها مبكرًا نادي النخبة. مسيرتها دليل على أن الكاراتيه النسوي الجزائري لم يعد مجرد مشارك، بل منافس شرس قادر على فرض نفسه في أرقى المواعيد الدولية. فسيليا اليوم ليست مجرد بطلة، بل أيقونة تلهم جيلاً كاملًا من الفتيات.

لويزة أبوريش البرونزية العالمية وأيقونة الحضور النسوي

أما لويزة أبوريش، فهي واحدة من أكثر الرياضيات الجزائريات ثباتًا واستمرارية في الأداء. تألقها توّج سنة 2025 بانتزاع البرونزية العالمية للأكابر بالقاهرة، في بطولة يحلم الكثير بمجرد المشاركة فيها. لويزة تتميز بدرجة عالية من النضج، وروح قتالية لا تستسلم، وقدرة كبيرة على قراءة النزال والتكيف مع خصوم من مدارس مختلفة. نجاحها ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج سنوات من العمل الهادئ والعطاء المستمر. وجودها ضمن هذا الجيل الذهبي يعكس عمق التجربة الجزائرية في الكاراتيه النسوي، ويثبت أن الإنجازات لا تأتي إلا بالجدية والالتزام.

نزيم داودي الإمتداد الطبيعي ووريث الجيل الذهبي

لا يمكن الحديث عن صعود الكاراتيه الجزائري دون ذكر نزيم داودي، الشاب الذي خطف الأضواء سنة 2022 بإحرازه لقب بطل العالم للناشئين، في إنجاز جعل اسمه يتردد بقوة على الساحة الدولية. يتمتع داودي بموهبة خام وذكاء ميداني نادر، وهو مثال واضح لجيل جديد من الرياضيين الذين يجمعون بين المهارة والثقة والطموح. يمثل نزيم اليوم امتدادًا طبيعيًا للجيل الذهبي، ونواة حقيقية للمنتخب الوطني في السنوات القادمة، مما يضمن استمرار إشعاع الكاراتيه الجزائري على المدى الطويل.

 نحو الذهب العالمي حلم لم يعد بعيدًا

رغم كل الإنجازات الكبيرة المحققة، لا يزال هذا الجيل بحاجة إلى دعم أكبر ورعاية أوسع تليق بقدراته. فالبطولات تُصنع في القاعات، ولكن التتويج يُصنع بالدعم، بالتحضير الاحترافي، وبالاستثمار الحقيقي في المواهب. ومع وجود هذا المستوى من التميز، يبدو أن الذهب العالمي للأكابر — الغائب عن الجزائر — أصبح هدفًا ممكنًا وقريبًا جدًا.

سنينة. م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى