حماني أسامة (أستاذ تربية بدنية ومدرب لكرة القدم): “رمضان فرصة للاعبين لتطوير قوة التحمل الذهني”

شهر رمضان يُشكل تحديًا كبيرًا للرياضيين، خاصة لاعبي كرة القدم الذين يعتمدون على التحمل البدني العالي والجاهزية المستمرة. و في هذا الصدد، يتحدث المدرب والمحلل الفني حماني أسامة عن هذا الموضوع، و هو الذي يمتلك خبرة واسعة في مجال التدريب والتحليل الرياضي.
بدايةً، من هو حماني أسامة ؟
“حماني أسامة هو أستاذ تربية بدنية ومدرب كرة قدم، أبلغ من العمر 34 سنة، وأسعى دائمًا إلى تطوير نفسي ومساعدة اللاعبين على بلوغ أعلى مستوياتهم. بدأت مسيرتي التدريبية منذ سنوات، وتحصلت خلالها على شهادة “فاف 3″ من الاتحاد الجزائري لكرة القدم، إلى جانب شهادة محلل أداء فني ومحلل فيديو، بالإضافة إلى شهادة بناء الوحدات التدريبية من الاتحاد الألماني. كما أنني عضو في اللجنة الوزارية لتطوير الرياضة المدرسية، وأشارك في العديد من المشاريع الهادفة إلى النهوض بالرياضة المدرسية وكرة القدم بشكل خاص.”
كيف ترى تأثير الصيام على اللاعبين؟
“رمضان شهر له خصوصيته في حياة كل رياضي، فهو يفرض تغييرًا في النظام الغذائي والتدريبي، ما يتطلب تكيّفًا سريعًا للحفاظ على اللياقة. بالنسبة للاعبي كرة القدم، أهم تحدٍ هو الحفاظ على مستوى التحمل البدني، لأن الصيام يقلل من مخزون الطاقة في الجسم، خاصة في فترات ما قبل الإفطار. اللاعبون الذين لا يتبعون نظامًا غذائيًا سليمًا قد يعانون من نقص الطاقة، ضعف التركيز، وحتى الإرهاق. لذلك، من الضروري أن يكون هناك تخطيط جيد للتدريبات والتغذية، بحيث لا يؤثر الصيام على الأداء في الملعب.”
كيف يتم برمجة التدريبات في رمضان لضمان أفضل أداء؟
“في العادة، يتم تقسيم التدريبات وفقًا للفترة الزمنية التي يكون فيها اللاعب في أفضل حالاته البدنية. خلال الصيام، تكون مستويات الطاقة منخفضة، لذلك لا يُفضل التدريب المكثف خلال النهار. أفضل توقيت للتدريبات يكون بعد الإفطار، حيث يكون الجسم قد استعاد طاقته ويمكنه تحمل الجهد البدني العالي. بالنسبة للفرق التي تتدرب بشكل مكثف، يتم تقسيم الحصص إلى فترتين: حصة خفيفة قبل الإفطار: تكون قصيرة وتُركز على الجانب الفني والتكتيكي، دون بذل مجهود بدني كبير. حصة رئيسية بعد الإفطار: تكون أكثر شدة، حيث يتم التركيز على التحمل البدني، السرعة، والقوة العضلية، لأن الجسم يكون قد استعاد طاقته بعد وجبة الإفطار. هذا البرنامج يساعد اللاعبين على التكيف مع الصيام دون أن يؤثر ذلك على أدائهم في المباريات.”
ما هي الأطعمة التي يجب أن يركز عليها اللاعبون في رمضان؟
“التغذية السليمة عنصر أساسي للحفاظ على اللياقة في رمضان. هناك فرق كبير بين النظام الغذائي للاعب كرة القدم والإنسان العادي، لأن الرياضي يحتاج إلى طاقة متجددة دون أن يشعر بالخمول أو الثقل أثناء اللعب. من الضروري الاعتماد على الكربوهيدرات المعقدة التي تمنح طاقة تدوم لفترات طويلة، مثل الأرز البني، البطاطا، والشوفان. البروتينات أيضًا مهمة للحفاظ على الكتلة العضلية، لذلك يُفضل تناول اللحوم البيضاء، البيض، والأسماك. أما بالنسبة للدهون، فيجب تجنب الأطعمة الدسمة والمقلية، لأنها تبطئ عملية الهضم وتسبب الخمول. بدلاً من ذلك، يُنصح بتناول الدهون الصحية مثل زيت الزيتون، المكسرات، والأفوكادو. كما أن الماء هو العنصر الأهم، حيث يجب على اللاعب شرب كميات كافية بين الإفطار والسحور لتجنب الجفاف. يجب تجنب المشروبات الغازية والمشروبات الغنية بالكافيين لأنها تزيد من فقدان السوائل.”
ما هي النصائح التي تقدمها للاعبين للحفاظ على جاهزيتهم خلال رمضان؟
“أهم شيء هو الانضباط، سواء في التدريب، التغذية، أو الراحة. اللاعب الذي يهمل نظامه الغذائي أو لا ينام بشكل كافٍ لن يستطيع الحفاظ على مستواه البدني. أيضًا، من المهم أن يتعامل اللاعب مع رمضان كفرصة لتطوير قوة التحمل الذهني، لأن اللعب أثناء الصيام يتطلب تركيزًا أكبر وإرادة قوية. كما أن النوم عنصر حاسم، فاللاعب يجب أن يحصل على ساعات نوم كافية ليتمكن من استعادة طاقته. عدم انتظام النوم قد يؤثر على الأداء البدني، لذلك من الضروري تحديد جدول واضح للنوم والاستيقاظ.”
كيف يمكن للاعب استغلال رمضان لتطوير مستواه؟
“رمضان هو فرصة حقيقية لكل رياضي لتطوير ذاته. الانضباط في التدريبات والتغذية خلال رمضان ينعكس إيجابيًا على أداء اللاعب بعد انتهاء الشهر. كما أن الجانب الروحي له تأثير قوي على العقلية الرياضية، فالصيام يعزز الصبر والتحمل، وهي صفات أساسية لكل لاعب كرة قدم ناجح. أعتقد أن أي لاعب قادر على تحقيق التوازن بين التدريبات والصيام، إذا كان لديه وعي كامل بأهمية تنظيم وقته والاهتمام بجسده. اللاعبون المحترفون حول العالم يستغلون رمضان في تحسين لياقتهم، وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال بالنسبة لكل رياضي طموح.”
في الختام، ما هي رسالتك للرياضيين خلال شهر رمضان؟
“رسالتي لكل اللاعبين: الصيام ليس عائقًا، بل فرصة لاختبار إرادتكم وقدرتكم على التحدي. الانضباط هو مفتاح النجاح، سواء في الرياضة أو في الحياة عمومًا. التزموا بالتدريبات، اتبعوا نظامًا غذائيًا صحيًا، وامنحوا أجسادكم الراحة التي تحتاجها. وأهم شيء، استغلوا رمضان لتطوير أنفسكم، بدنيًا، ذهنيًا، وروحيًا.”
حاوره: نبيل شيخي
تصوير: عبد الكريم مكالي