حماني عبد الحميد رئيس رابطة الرياضات التقليدية لولاية وهران : ” المطرق له تاريخ كبير في وهران و هدفنا تطويره في كل بقاع الوطن ”
في حوار خص به جريدة بولا ، أكد رئيس رابطة الرياضات التقليدية لولاية وهران ،السيد عبد الحميد حماني ، أن رياضة المطرق يعود اصلها لولاية وهران ، و التي تأسست رابطتها في الرياضات التقليدية ، قبل الفدرالية الجزائرية ، و صرح أيضا أنه منذ توليه تسيير الرابطة ، ألا و رياضة العصى في تطور كبير، لا سيما من الناحية القانونية ، و من ناحية عدد المهتمين بهذه الرياضة التقليدية الوراثية ، كما قال لنا أيضا أن رابطة وهران كانت السبب في تأسيس عدة رابطات وطنية ، و الذي كان هدفه رفقة مساعده تيفماتين في تعميم هذه الرياضة في الوطن ، تفاصيل أخرى تجدونها داخل الحوار .
كيف حالك؟
” الحمد الله بخير ” .
اعطنا نبذة تاريخية عن هذه الرياضة في ولاية وهران ….
” تاريخ الرياضات التقليدية بولاية وهران ، مرتبط برياضة العصى ، أو كما نقول هنا ” المطرق ” ، لأن شيوخ هذه الرياضة منحو لها هذا الإسم ، الذي هو مرتبط بتقاليدهم كثيرا .
تاريخيا قبل 1930 كان الشيوخ الكبار يمارسون هذه اللعبة ، التي لم تكن رياضة ، بل كانت هواية تقليدية ، حيث لم تكن لهم أي تقنيات ، بل كانت عبارة عن مصالبة ( الضرب و التلقي ) فقط ، حيث مارسها في بدايتها ميلود ولد لصهب، محمد الغانمي …. و غيرهم ، و في سنة 1930 أيضا جاء رجل مغربي لولاية وهران ، و استقبله الحاج الطاهر بوزيان و الذي فتح له أبواب منزله و وفر له المأكل و الشراب ، هذا المغربي جاء بالتقنيات الرباعية و الخماسية و السداسية حتى الثانية عشر ، التي كان يحتاجها لاعبي هذه الرياضة ، حيث أن هذا الشخص كان يلعب العصى بالحساب الدقيق ، و علم الطاهر بوزيان ، و قدور ولد قرادة ، هذين الشخصين هما من صنعا تاريخ هذه الرياضية هنا في وهران ، لا سيما و أن هذا المغربي توفي بعد عامين فقط من تواجده في وهران ، ليبقى هذين الشخصين يمارسا رياضة العصى سريا ، لأن الإستعمار لم يكن يترك الجزائريين يمارسوا هذه الرياضة ، قدور ولد قرادة كان يعلم تلاميذه هذه الرياضة في حي بلونتار ، أما الطاهر بوزيان كان يعلم تلاميذه داخل إسطبل الخيول الخاص به ، بعيدا عن أنظار الإستعمار الذي كان يمنعهم .
و في سنة 1945 جاء الإستعمار، و اوقف هذه الرياضة كليا ، لكن بقي قدور ولد قراضة وحده يمارس هذه الرياضة ، و طورها و علم الكثير من التلاميذ ، أين جاء بتقنيات جديدة في المطرق ، و خرج من مدرسته إبنه سعيد ، و تلميذه الطاهر الهوش و يحي الهوش .
بعد أن اوقف الإستعمار ممارسة هذه الرياضة تواصلت ممارستها سريا إلى غاية 1965 ، إلا أن قام بيكاتجي بوحجر من الإصغاء لتلاميذه ، الذي كانوا يذهبون إليه يوميا طالبين منه أن يعلمهم ، و على رأسهم مدار غزالي و عبد القادر ولد سليم ، و كان معهم بوتليليس و كرشاي هؤلاء الصغار جاؤوا بعزيمة قوية ، لتعلم هذه الرياضة و تطويرها في ولاية وهران ، و في سنة 1982 كان الحاج مسكين مندوب في بلدية وهران ، شاهدهم يلعبون فأصبح يدعوهم إلى المشاركة في المهرجان الرياضي ، المنظم كل سنة من طرف البلدية في شوارع ولاية وهران ، حتى أصبح لاعبي المطرق يخطفون أنظار الناس لأن هذه الرياضة كانت فرجة ، و من هذا الحاج مسكين ضم كل من بوتليليس و الحاج صالح و قدور ولد قرادة و بيكاتجي بوحجر ، ليصبحوا من القائمين على المهرجان الرياضي في ولاية وهران ” .
كيف تم تأسيس الرابطة الولائية لرياضة العصى؟
” جاء بوتليليس رحمه الله بفكرة تأسيس رابطة خاصة برياضة العصى ( المطرق آنذاك ) ، بعدما كانت قبل 1982 لعبة يتم ممارستها في الشارع ، بطريقة عشوائية ، و جاءت فرقة بوتليليس المعروفة في رياضة العصى آنذاك ، فيها الشيخ بوعمامة و قلال و غالم و الهوش و غيرهم……. ، و كان هدفهم تأسيس رابطة خاصة ، و لكي يتم تأسيس رابطة ، يجب أن يكون هناك جمعيات رياضة نشطة ، و كما قلت لكم كان الحاج مسكين هو المتكلف بالرياضة على مستوى البلدية ، قام باستدعاء هذه الفرقة ، و فتح لهم جمعيات رياضية تابعة للاتحاد الرياضي البلدي ، و تم منحهم الاعتمادات ، التي اخذوها إلى مديرية الشباب و الرياضة ، و طالبوا بفتح رابطة خاصة برياضة العصى ، و تم افتتاحها رسميا سنة 1984 ، بمساعدة بن قنان سعادة رحمه الله ، و الذي سهل لهم المأمورية في إنشاء أول رابطة ولائية على المستوى الوطني في رياضة العصى ( المطرق قديما ) ، و هؤلاء الرجال هم السبب في إنشاء رابطة وهران ، و على الرغم من هذا تواصلت ممارسة رياضة العصى بطريقة همجية ، بدون تقنيات محترفة ، و بدون حكام ” .
كيف اصبحت رئيس الرابطة ؟
” في سنة 1992 بعد وقوع مشاكل داخلية بين أعضاء المكتب المسير لرابطة وهران في رياضة العصى ، قامت مديرية الشباب و الرياضة لولاية وهران ، بالإتصال بي ، و عرضوا علي فكرة تسيير هذه الرابطة كرئيس بحكم اني كنت أمارس رياضة العصى ، و بعد الانتخابات فزت انا بالأغلبية الساحقة ، بعد تصويت كل الشيوخ علي ، و بما أنه أتيحت فرصة الكلام عن هذا الموضوع، الحقيقة تقال ، أنا شخصيا لم يسبق لي التسيير من قبل في أي مجال ، و لم أكن أعرف أي شيء ، اتصلت بالسيد محمد تيفماتين و الذي مزال معي حاليا ، و الذي يعتبر قامة رياضة في المطرق بتسييره المحترف ، لقد قام بعمل كبير لتطوير هذه الرياضية ، لا سيما من الناحية القانونية ” .
ما هي أبرز الأعمال التي قمتم بها ؟
” من أبرز الأعمال التي جئنا بها في هذه الرياضة ، هي تحضير وجبات غذائية كل اسبوع للرياضين المشاركين في النشاطات الأسبوعية ، و هذا لتقوية التمسك بالتقاليد ، الوجبات كانت عبارة عن الطعام ، و هذا لتعويد الناس على هذه القيم الأخلاقية ، و لا سيما الترحيب بالضيوف القادمين من ولايات بعيدة ، كل هذا كان من جيوبنا لأن الإعانة التي تحصل عليها الرابطة من مديرية الشباب و الرياضة ، قليلة لا تكفي ، و لاعب رياضة العصى لا يهمه المال لأنه ، يخرج الطعام ، و يشتري المطرق و اللباس من ماله الخاص ، كما قمنا بتنظيم اول بطولة بلدية في رياضة العصى ، لا سيما و أن المطرق كان لا يزال محصور في ولاية وهران فقط ، و قمنا بوضع قوانين جديدة لعدد الجولات و الوقت ، و تأطير الحكام لتسيير النزاعات ، و الطول القانوني للعصى ، مع إخراج الوجبات التقليدية ، و بدئنا في العمل مرة ننجح في التنظيم مرة نفشل ، حتى وصلنا إلى الهدف أين أصبحنا ننجح في تنظيم كل الدورات التي ننظمها ، بعدما تعلمنا الكثير من التجارب السابقة ” .
متى تأسست الفدرالية الجزائرية للرياضات التقليدية ؟
” في سنة 1992 تأسست أول فيدرالية للألعاب التقليدية ، في ولاية بشار و كنت انا و السيد تيفماتين ، من مؤسسيها ، رفقة رئيسها صالحي ، و بحكم خبرتنا أصبحت الفدرالية تستدعينا مرار و تكرار ، لنساعدهم في وضع القوانين للرياضات التقليدية ، على غرار السيك و المعابزة و التسلق على النخيل، التي كانت ألعاب فقط ، كما كان الحال على رياضة العصى و مع مرور الوقت تطورت الرياضات التقليدية ، لكن بقيت رياضة العصى هي الرياضة البارزة ، و قمنا بتنظيم بطولة ولائية و بعدها بطولة وطنية ناجحة بكل المقاييس ” .
ما هي المشاكل التي كانت ضدكم ؟
” المشكلة كانت تكمن في مشاهدتنا بانحصار الرياضة في ولاية وهران و بشار فقط ، حيث فكرنا في تعميميها على باقي ولايات الوطن ، و شاركنا انا و تيفماتين بتأسيس كل الرابطات الولائية لرياضة العصى في الوطن ، حوالي 15 رابطة تابعة للفدرالية الوطنية للرياضات التقليدية المتواجدة حاليا في ولاية بشار ” .
ما هو الشيء الذي ساعدكم في تعميم رياضة العصى ؟
” الشيء الذي ساعدنا على تعميم رياضة العصى ، هو الدورة التي نقوم بتنظيمها كل سنة ، و الخاصة بالمرحوم قدور ولد قرادة ، أين كنا نستدعي كامل محبي هذه الرياضة ، من كل ربوع الوطن للمشاركة ، مع توفير الطعام و الجوائز ، و في الأخير نمنح لهم القوانين الخاصة بهذه الرياضة ، و اعجبوا بالفكرة و أصبحوا يأتون لولاية وهران من أجل التعلم ، و اسسوا رابطات ولائية ” .
ما رأيك في مستوى رياضة العصى بولاية وهران ؟
” في وقت سابق لم نكن نهتم بالمستوى قدر كمية الأشخاص الممارسين لهذه الرياضة ، و بعدها قمت رفقة تيفماتين بمنح لاعبي هذه الرياضة شهادات مدربين سنة 1996 ، بحكم انهم كانوا متمكنين في هذه الرياضة و كبار في السن ، و طلبنا منهم تكوين و تدريب الصغار ، و من هذا بدأ المستوى بالتصاعد تدريجيا ، بدون تجريح ولاية وهران هي ام رياضة العصى ، و خير دليل اذهب الى أي ولاية تحب ، و أسأل شيوخها أين تعلمت المطرق ، جوابهم سيكون واضح ، و الناس التي تعاكسني القول في تطور مستوى هذه الرياضة في ولاية وهران ، سأتحدث معك بالإحصائيات ، لأنه بعد ما كان 5 شيوخ فقط في ولاية وهران و ليس لديهم شهادات ، أصبح لدينا الأن ما يفوق 1000 شيخ و كلهم بشهادات قانونية ، و بمستوى كبير ، ثانيا قديما لم يكن هناك جمعيات خاصة بهذه الرياضة في ولاية وهران ، الآن لدينا 12 جمعية تمارس نشاطها بشكل قانوني ” .
برأيك لماذا لا تنفصل رياضة العصى عن الرياضات التقليدية ؟
” انا من مشجعي هذه الفكرة و بما انك سألتني حول هذا الموضوع ، يوجد نقطة أريد التحدث فيها ، هناك اشخاص يفكرون في إنشاء جمعية وطنية لرياضة العصى ، و هم منذ أربعة سنوات يبحثون عن تجسيدها ، و لحد الآن لا يوجد جديد ، لو هؤلاء الناس تم منحهم الحق و الحرية و إعانتهم في فتح جمعية وطنية خاصة برياضة العصى ، نحن هنا كرابطة وهران ننضم إليهم ، هذا بدون التقليل من قيمة عمل الفدرالية التي ننضم إليها حاليا ، لأنها تقوم بمجهود جبار ، لكن تبقى رياضة العصى متميزة عن الرياضات التقليدية ، و أن شاء الله تكون فيدرالية خاصة بهذه الرياضة وحدها فقط ” .
ما هي الأساسيات التي على لاعب رياضة العصى التحلى بها ؟
” أولا نحن لا نسمي المدرب مدرب ، بل نسميه بالشيخ لكون هذه الرياضة مرتبطة بالحكمة ، لذا على ممارسها ، أن يتحلى بالأخلاق ، سأضيف لك معلومة منذ غاية 1992 يوم جئنا على رأس الرابطة إلى غاية يومنا هذا ، لم يذهب أي لاعب للمستشفى ، لم تكن هناك أي إصابات خطيرة ، على الرغم من أن رياضة العصى تبدو رياضة خطرة لكن ، ممارسها يبقى دائما انسان ذو رزانة و حكمة ، و تحكم كبير في النفس ، و هذه هي أساسيات اللاعب الخلوق للمطرق ” .
كلمة أخيرة نختتم بها هذا الحوار الشيق …..
” أتقدم بالشكر لكل رؤساء الجمعيات المنخرطة في رابطة وهران ، و اعيد و اذكر انني سأدعم الجمعية الوطنية لرياضة العصى ، و في الأخير أشكر مديرية الشباب و الرياضة على ثقتها العمياء فينا ، الشكر موجه لبلدية و ولاية وهران على الرغم من أن المنحة المقدمة في الدعم قليلة إلا أنهم لم يبخلوا علينا ، و أشكر السيد محمد تيفماتين و الذي أقول له استاذي على الرغم من اني أكبره سنا ، إلا أنه علمني كثيرا ، و بسببه انا على رأس الرابطة لأنه في الحقيقة هو المسير و الرأس المدبر ، كما أشكر جريدة بولا على هذه الزيارة القيمة ، و التي فتحت لنا من خلالها فرصة التحدث عن تاريخ اللعبة ، و تذكر أناس تركوا بصمتهم التاريخية بأخلاقهم و حبهم لهذه الرياضة ، و ضحوا من أجلها كثيرا ، و مازلنا نحن نسير على نفس الطريق لتكون هذه الرياضة مسموعة وطنيا أن شاء الله ” .
نبيل شيخي