بمشاركة 32 فريقا … “دورة الكأس الذهبية” تُشعل صيف ولاية تيارت

ككل صيف، تُعيد دورة “الكأس الذهبية” لكرة القدم بمدينة تيارت رسم البهجة في نفوس عشاق الكرة المستديرة، وتمنح للمواهب الكروية في الجهة الغربية من الوطن فرصة الاحتكاك والتألق في أجواء تنافسية مفعمة بالحماسة. النسخة الخامسة من هذه التظاهرة الرياضية أضحت تقليدًا صيفيًا راسخًا ينتظره الجميع، نظير النجاح المتراكم والتنظيم المحكم الذي أصبحت تعرف به بفضل سواعد شبابها ومُحبي اللعبة.
وقد عرفت الدورة هذا الموسم مشاركة 32 فريقًا من مختلف البلديات التابعة لولاية تيارت، إضافة إلى فرق من ولايات مجاورة اعتادت الحضور مثل الأغواط، تيسمسيلت وغليزان، ما يؤكد البعد الجهوي لهذه الدورة التي لم تعد حكرًا على تيارت فحسب. وقد توزعت الفرق على أربعة ملاعب رئيسية، وهي ملحق مركب قائد أحمد، ملعب أيت عبد الرحيم، ملعب شاوشاوة كارمان، وملعب بلدية الدحموني، لضمان أفضل الظروف لكل مجموعة مكونة من ثمانية فرق خلال الدور الأول.
لجنة تنظيم شابة بقيادة فدول قادة
وراء هذا الإنجاز التنظيمي تقف لجنة محلية مخلصة، يقودها السيد فدول قادة، بمساعدة ممول الدورة الرئيسي فيصل مولاي، صاحب تجهيزات حاباش المتخصصة في الأثاث الرياضي والأجهزة الإلكترونية المنزلية. كما ساهم في دعم وتنشيط الدورة ثلّة من النشطاء الرياضيين، في مقدمتهم المدرب المعروف محمد زواوي، إلى جانب بختي لخضر وفدول مختار، وجميعهم جنّدوا طاقاتهم من أجل إنجاح نسخة هذا العام.وقد تم تنظيم الدورة تحت إشراف مديرية الشباب والرياضة لولاية تيارت، وإدارة مركب قائد أحمد، والرابطة الولائية للرياضة الجوارية برئاسة السيد جعفر، الذين قدموا كل التسهيلات الممكنة لضمان السير الحسن للمباريات، وذلك بمساهمة فعالة من الأطقم الطبية بقيادة شوبان محمد، وأسماء أخرى مشهود لها في خدمة الرياضة على غرار سوسي حسين وحميش.
مواهب بارزة وفرق متألقة في الدور الأول
من الناحية الفنية، عرف الدور الأول من الدورة تألقًا واضحًا لعدد من اللاعبين الذين أثبتوا جاهزيتهم وأكدوا أن الدورة تمثل محطة مهمة لاكتشاف الطاقات الكروية، على غرار حمي وحيرش من السوقر، وبوقزول هشام من مدروسة، ومهداوي من توسنينة. كما برزت أسماء شابة وواعدة مثل جلايلي وليد من نفس البلدية، ما يعكس المستوى التنافسي العالي للدورة، خاصة مع الأداء المتميز الذي قدمه فريق قصر الشلالة في مبارياتهم الأولى.ورغم كل الجهود التنظيمية، سجلت الدورة هذا العام نقصًا لافتًا في الحكام الرسميين، حيث لم تتمكن لجنة الحكام التابعة للرابطة الولائية لكرة القدم من توفير طاقم تحكيم محترف رغم الاتصالات المتكررة برئيس اللجنة عبد الصمد عبد السلام، الذي يقال إنه في عطلة بعد نهاية التربصات التحضيرية للموسم المقبل. هذا الوضع دفع المنظمين إلى الاستنجاد بعدد من الشباب المتطوعين من محبي التحكيم، والذين أدوا مهامهم لحد الساعة بكفاءة تُحسب لهم.
الدورة مناسبة لاكتشاف المواهب
الدورة، التي أضحت جزءًا من الذاكرة الرياضية الصيفية لمدينة تيارت، ليست فقط مجرد تنافس رياضي، بل تعتبر أيضًا فرصة ثمينة للأندية من أجل تحضير فرقها للموسم الكروي المقبل، وتجريب التشكيلات، وتقييم مستوى اللاعبين في بيئة تنافسية حقيقية. كما أنها منصة لاكتشاف المواهب الكروية الجديدة التي قد تشق طريقها مستقبلًا نحو نوادٍ أكبر، ما يمنح بعدًا تكوينيًا هامًا لهذه التظاهرة.غير أن المنظمين، وعلى رأسهم جماعة فدول قادة، يؤكدون أن استمرارية الدورة في السنوات المقبلة تتطلب دعمًا أكبر من السلطات المحلية، وعلى وجه الخصوص من رئيس المجلس الشعبي البلدي، ورئيس المجلس الشعبي الولائي، إضافة إلى التطلع لحضور السيد والي الولاية لحفل الاختتام. فمثل هذه المبادرات بحاجة إلى دعم معنوي ومرافقة رسمية ترفع من قيمتها وتؤكد اهتمام الدولة بالشباب والرياضة الجوارية.
دورة بمذاق الإنجاز
بين الطموح والإصرار، وبين الإرادة والإبداع، تواصل دورة “الكأس الذهبية” رسم ملامح رياضة محلية نابضة بالحياة، قوامها شغف الشباب، وتفاني المنظمين، وتشجيع الجمهور. فتيارت، بهذه الدورة السنوية، تثبت أنها ليست فقط عاصمة للهدوء والسكينة، بل أيضًا قلعة من قلاع الرياضة الجزائرية التي تعرف كيف تحتضن الإبداع الكروي، وتمنح الفرصة لأحلام جديدة أن تولد.
سنينة. م