حوارات

سليم مزري (رئيس إتحادية البادمنتون):   كرة الريشة تدخل مرحلة الإقلاع”

تمكن سليم مزري من اعتلاء كرسي رئاسة الاتحادية الجزائرية للبادمنتون (كرة الريشة) لبقية العهدة الأولمبية 2025-2028، بعد فوزه بثقة أعضاء الجمعية العامة الانتخابية التي انعقدت بالمركز الوطني لتحضير النخبة الرياضية بالسويدانية، وقد جاء انتخابه، وهو عضو في المكتب الفدرالي، ليخلف الرئيس المستقيل خير بركات، في ظرف حساس يتطلب عملاً جذرياً وسريعاً، ويقوم برنامج الرئيس الجديد على محاور أساسية تتعلق بالعمل الجماعي وتوسيع قاعدة المشاركة، إضافة إلى تطوير كل من الأداء التقني والمهني للاعبين لتمكينهم من اعتلاء منصات التتويج القارية والدولية، وللوقوف على تفاصيل هذا البرنامج والتحديات التي تواجه اللعبة، تحدثت “بولا” مع الرئيس المنتخب.

 بداية نهنئكم مرة أخرى على هذا المنصب، فانتخابكم على رأس الاتحادية جاء في ظرف حساس بعد استقالة الرئيس السابق، كيف تقيّمون وضع كرة الريشة الجزائرية اليوم، وما هو أول تشخيص قمتم به مباشرة بعد تسلّمكم المسؤولية؟

“شكراً جزيلاً لكم على التهنئة، أقرّ بأن تولي المسؤولية جاء فعلاً في ظرف دقيق وحساس، خاصة بعد الاستقالة المفاجئة للرئيس السابق، وهو ما ضاعف من حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، وأوجب علينا العمل بجدية مضاعفة، وفي تقييمي المبدئي أرى أن وضع كرة الريشة الجزائرية اليوم ينطوي على إمكانيات هائلة قابلة للانفجار، لكنه يواجه في الوقت نفسه تحديات تنظيمية وفنية تتطلب عملاً جذرياً لا يحتمل التأجيل، وتتمثل الإيجابيات الواضحة في وجود طاقات شابة ورياضيين يمتلكون الموهبة والقدرة على تحقيق نتائج، خاصة على المستوى القاري، بالإضافة إلى شغف كبير بالرياضة يظهر في بعض الأندية الناشطة، أما السلبيات الكبرى فتتمحور حول ضعف الهيكلة الإدارية والفنية للاتحادية، مما أدى إلى عدم استقرار في البرامج التدريبية والتنظيمية، فضلاً عن ضيق قاعدة الممارسة وتمركزها في عدد محدود من الولايات، وهو ما يعيق اكتشاف المواهب وتطويرها بشكل شمولي، يضاف إلى ذلك نقص في تأطير وتكوين المدربين والحكام وفقاً للمعايير الدولية الحديثة، وباختصار يمكن القول إن رياضة كرة الريشة الجزائرية كانت في مرحلة ركود، ونحن الآن نعمل على الانتقال بها إلى مرحلة الإقلاع بدءاً بإعادة البناء من الأساس.”

تحدثتم عن برنامج يقوم على العمل الجماعي وتوسيع قاعدة المشاركة، ما هي الخطوات العملية الأولى التي ستباشرونها ميدانياً لضمان انتقال فعلي من الوعود إلى الإنجاز؟

“كما ذكرتم تماماً، العمل الجماعي ليس مجرد شعار، بل هو المنهج الذي سنسير به، ولهذا فإن الخطوات العملية الأولى التي سنباشرها ميدانياً تبدأ بإعادة هيكلة سريعة وفعالة للجهاز الإداري والفني على مستوى الاتحادية، لضمان الاستقرار والشفافية في اتخاذ القرار، وسنعمل على إطلاق برنامج وطني طموح لتوسيع قاعدة الممارسة، يبدأ من الفضاء المدرسي والجامعي وينتقل إلى المراكز الجهوية، وذلك بهدف اكتشاف المواهب الجديدة والواعدة، كما سننشئ قنوات اتصال شفافة ومستمرة مع الروابط والأندية، باعتبارها شريكنا الأساسي في العمل الميداني، لتمكينها من القيام بدورها كاملاً في التكوين وتطوير الأداء.”

من بين أهدافكم تطوير الأداء التقني والمهني للاعبين، ما هي الآليات التي ستعتمدونها لرفع مستوى التكوين، وهل هناك مخطط لاستقطاب خبرات أجنبية أو تعزيز الكفاءات الوطنية؟

“هذا سؤال محوري يمس صلب برنامجنا، لرفع مستوى الأداء التقني والمهني للاعبين يجب أن نعتمد على ثلاثة محاور رئيسية، أولها يتعلق بتكثيف الدورات التكوينية للمدربين والحكام الوطنيين لضمان حصولهم على شهادات وتأطير وفق المعايير الدولية الحديثة، وثانيها يتمثل في استقطاب خبرات أجنبية متخصصة وخاصة من المدارس الآسيوية الرائدة في اللعبة لتدريب المنتخبات الوطنية، مع التركيز على نقل التكنولوجيا والمعرفة إلى الإطارات الوطنية، أما ثالثها فيشمل وضع برامج تدريب نوعية طويلة المدى للنخبة الوطنية، تُركز على الأداء الاحترافي والتغذية والتأهيل النفسي لتمكينهم من المنافسة في أقوى الدورات العالمية.”

كرة الريشة تبقى رياضة ناشئة في الجزائر مقارنة برياضات أخرى، ما هي رؤيتكم لجعلها “رياضة وطنية حقيقية” كما ذكرتم، وما هي الأدوات التي تراهنون عليها لكسب جمهور أوسع؟

“هذه نقطة في غاية الأهمية، وهي إحدى الوعود التي قطعناها على أنفسنا، رؤيتنا لجعل كرة الريشة “رياضة وطنية حقيقية” تعتمد على استراتيجية واضحة، أولها يتعلق بالاستفادة القصوى من نجاحات أبطالنا الحاليين، كنجم الزوجي كسيلة معمري، واستخدام قصصهم كقاطرة للترويج للعبة بين الشباب، وثانيها يتمثل في تنظيم بطولات وطنية ودولية كبرى داخل الوطن وتأمين التغطية الإعلامية اللازمة لها، مما يكسب اللعبة حضوراً جماهيرياً وإعلامياً واسعاً، وسنعمل كذلك على توظيف المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال للوصول إلى الجمهور الشاب وتعميم قواعد اللعبة، إضافة إلى العمل على اللامركزية وتوزيع مراكز الممارسة وتجهيزها في مختلف جهات الوطن بدلاً من تمركزها في العاصمة فقط.”

كيف تتوقعون أن يسهم المكتب الفدرالي الجديد والروابط والأندية في تنفيذ برنامجكم، وهل تخططون لإعادة هيكلة بعض الجوانب التنظيمية داخل الاتحادية؟

“نعم، نحن نراهن بشدة على العمل المشترك، نراهن بشكل كبير على أن يسهم المكتب الفدرالي الجديد والروابط والأندية في تنفيذ برنامجنا من خلال العمل الجماعي الفعال والشفافية المطلقة، ولهذا سنباشر إعادة هيكلة بعض الجوانب التنظيمية داخل الاتحادية لضمان فعالية دور كل عضو ومسؤولية واضحة لكل لجنة، وسنعتمد على نظام حوكمة رشيد لضمان الشفافية في التسيير المالي والإداري، كما نتوقع من الروابط والأندية أن تلعب دوراً محورياً كشريك أساسي في اكتشاف وتكوين المواهب الشابة، وتوسيع قاعدة الممارسين محلياً، حيث ستصبح هذه الهيئات هي النواة الحقيقية لتزويد المنتخبات الوطنية بالخلف الذي نأمل في بنائه.”

وعلى الصعيد الدولي، ما هي الأهداف الواقعية التي تضعونها للمنتخب الجزائري خلال هذه العهدة 2025–2028، وهل يمكن أن نرى الجزائر على منصات التتويج القارية بصفة منتظمة؟

“بالطبع يمكن ذلك، بل هو هدف واقعي للغاية، ما حققه المنتخب الجزائري للريشة الطائرة (البادمنتون) مؤخراً وخصوصًا في البطولات الإفريقية يجعلك متفائلاً بشأن مستقبله، الأهداف الواقعية للمنتخب (2025–2028) تعتمد على الإنجازات الأخيرة التي تشير إلى أن الجزائر أصبحت قوة إفريقية رائدة، خاصة بعد التتويج بلقب البطولة الإفريقية للفرق المختلطة لأول مرة في تاريخها في 2025، وحصدها المراكز الأولى في الترتيب العام في نسخ سابقة، ولهذا فإن الهدف الأبرز هو الحفاظ على الهيمنة القارية من خلال تأكيد الزعامة الإفريقية بشكل منتظم، بالإضافة إلى مواصلة حصد الميداليات الذهبية في منافسات الزوجي (رجال، مختلط).

كما نسعى لتحقيق التميز الفردي بضمان تواجد اللاعبين الجزائريين، مثل كسيلة معمري ورفاقه، على منصات التتويج في منافسات الفردي والزوجي في البطولات الإفريقية الفردية، أما على مستوى التحدي العالمي، فهدفنا هو التأهل المتتالي لبطولة العالم، وتحديداً كأس سوديرمان للفرق المختلطة بعد التأهل التاريخي الأخير، ونعتبر التأهل للأولمبياد هدفاً عالي المستوى وواقعياً في نفس الوقت، خاصة لثنائي الزوجي المختلط الذي يسجل نقاطًا مهمة في التصنيف العالمي، ونتوقع تأمين مقاعد للجزائر في دورة الألعاب الأولمبية 2028 (لوس أنجلوس).

وبناءً على المعطيات والإنجازات الأخيرة، فإن الإجابة تميل إلى الإيجاب بشكل كبير، والمنتخب الجزائري بالفعل بدأ مرحلة الانتظام في الصعود على منصات التتويج، وهذا يتطلب استدامة من خلال تكوين قاعدة واسعة، ودعم مالي ولوجستي مستمر.”

حاورته: حليمة.خ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى