عينٌ على رياضيي الإحتياجات الخاصة …تحدي العوائق مجتمعةً لم يمنع أصحاب الهمم من بلوغ القمم
أن يتوّج الرياضي بالبطولات ويصل لمنصات التتويج فذلك أمر يعدّ بمثابة الإنجاز نظرا للطريق الصعب الذي سلكه من أجل بلوغ نقطة الوصول، لكن أن ينجح في ذلك من يسمون بذوي الإحتياجات الخاصة فهو أمر يستحق أن يصنّف في خانة الإعجاز، فمن يصل إلى القمم بالأثقال ليس كمن يبلغها دون أحمال. يُعرفون بذوي الاحتياجات الخاصة، لكن المنصفون والعارفون بحجم الصعوبات يطلقون عليهم إسم أصحاب الإنجازات الخاصة.
جريدة ” بولا ” حاولت في هذا التحقيق تسليط الضوء على ” أصحاب الهمم ” ومن نجحوا في تخطي العوائق مجتمعةً لبلوغ القمم، عن معاناتهم، مشاكلهم فضلا عن رأي الخبراء والمتتبعين والحلول المقترحة للرقي بهذه الفئة وتقليص حجم الصعوبات التي تعترض مسيرتهم.
محمد علاّق …بطل ترك البصمة، زرع البسمة ورحل في صمت
لا يمكن للحديث عن رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة أن يكتمل دون تسليط الضوء على الراحل سنة 2016 محمد علاق صاحب الإنجازات و البطولات و رافع راية الجزائر في أكبر المحافل الدولية و القارية ، إبن قرية إقني قعران بمدينة تيزي وزو يعتبر أكثر رياضي تتويجا في تاريخ رياضة المعاقين ،رحل تاركاً وراءه سجلا حافلا و مسيرة حافلة بالتحديات يستلهم منها من قاسموه الإعاقة ليسيروا على خطاه، فهو الذي هزم الإعاقة وحولها إلى مصدر نجوميته وشرّف ألوان وطنه عبر تتويجات قوامها 60 لقبا وطنيا وعالميا، حيث نال أول لقب عالمي له سنة 1994 وهو في سن الـ20 في برلين بألمانيا، واللقب الأولمبي ثلاث مرات متتالية في أطلنطا سنة 1996 وسيدني سنة 2000، وافتك ثلاث ميداليات ذهبية وبعدها أثينا سنة 2004، التي اعتزل خلالها اللعب ليلتحق بخانة المدربين، لكنه انهزم أمام مرض السرطان، الذي غيبه عن الساحة الرياضية وشاءت الأقدار أن يرحل في وقت مبكرٍ في سن 42 ، حيث وافته المنية في منزله العائلي بالعاصمة وقد أوصى قبل وفاته بأن يدفن في مسقط رأسه بتيزي وزو ،رحل ليترك تاريخا بأكمله و مؤكدا أن الأبطال لا يموتون فهم يُذكرون عند كل تحفيز و عند كل إنجاز .
صرخات ونداءات الرياضيين تعكس حجم معاناة مستمرة منذ سنين
وليست الإعاقة الجسدية من تشكل مطبةً أمام رياضيي الإحتياجات الخاصة ،فهناك عوائق أكثر صعوبة تعترض مسيرة أصحاب الهمم و التي تتمثل بالأساس في نقص الإمكانيات للتحضير الجيد و المثالي للمنافسات القارية وهو أمر طفا للسطح بشكل كبير في الآونة الأخيرة و لعل آهات و صرخات بقة ،نويوة مولود نورة ،ليندة حمري و أخيرا وليس آخراً محمد برّحال و القائمة طويلة، فضلا عن قلة الإهتمام بهذه الرياضة من القائمين عليها بالأساس ،فكيف الحال ممن هم بعيدون عنها، كل هذا يضاف إليه انعدام ” السبونسور ” لأبطال أولمبيين أو على الأقل منحة تتساوى مع ما يتقاضاه نظرائهم الأصحاء.
تأمين شامل ومنحة متساوية مع الأصحاء قد تغير المستقبل إلى الأفضل
ما يمكن استخلاصه من خلال تسليطنا الضوء على رياضيي ذوي الاحتياجات الخاصة و فتحِنا المجال أمام جميع الأطراف الفاعلة للحديث ولو باختصار عن أبرز المشاكل و العقبات المادية التي اتّحدت مع إعاقتهم الجسدية للوقوف حاجزاً أمام فرصتهم في ممارسة الرياضة في ظروف مثالية ،هو أن الصرخات و النداءات لن تتوقف على الأقل في الوقت الحالي ما لم تتحقق أهم المطالب المتمثلة في منحهم تأمينا شاملا يضمن لهم العيش الكريم و التحضير السليم خلال مسيرتهم فضلا عن المطلب الباطني الذي يرفض غالبيتهم الجهر به مخافةً من التعرض للتضييق و للتهميش و المتمثل في منحة متساوية مع نظرائهم الأسوياء على أمل أن يجد صدى صرخاتهم طريقا لآذان المعنيين .
♦ محمد طاهر حجاج عضو إتحادية رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة:” رياضة المعاقين على المحك و ننتظر تدخلاً من الوزارة لتصحيح المسار ”
أكد عضو إتحادية رابطة ذوي الاحتياجات الخاصة محمد طاهر حجاج من ورقلة أن الصرخات المتكررة للرياضيين في الآونة الأخيرة كانت نتيجة لتكدّسات جملة من المشاكل التي يعانون منها منذ سنوات، والتي جعلت رياضة هذه الفئة على المحك، كما تمنى تدخل الوزارة في أقرب وقت لتصحيح المسار ومحاسبة المتسببين باتخاذ الإجراءات اللازمة لأن استمرار الوضع على حاله قد يتسبب في الكارثة، مؤكدا أن الأمور لا تبشر بالخير على الإطلاق.”
♦ العسري سيد أحمد الرئيس السابق لإتحادية رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة:” الإتحادية بحاجة إلى إعادة هيكلة جديدة حتى تتماشى مع القوانين الحالية و مشكل الرياضيين في منحة التتويج ”
كشف الرئيس السابق لاتحادية رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة سيد أحمد العسري أنّ المشاكل التي تعيشها الإتحادية ليست وليدة اليوم فحتى خلال فترة عهدته عاش نفس هذه الصعوبات وهذا بسبب عدة عوامل مختلفة حين قال :” لا يمكننا حصر المشاكل و الصعوبات التي يواجهها رياضيو الإحتياجات الخاصة في شخص معين أو طرف ما ،لأن المشكل حسب رأيي تنظيمي و إداري بحت خاصة وأن العمل لا يزال جاريا بنفس الطريقة رغم أن قوانين الوزارة تغيرت مقارنة بالسنوات الفارطة ،لذا فأعتقد أن إنشاء لجنة بارالمبية خاصة تهتم برياضيي النخبة لذوي الإحتياجات الخاصة بات أمراً ضروريا قد يساعد على تحسين أمور الرياضيين و الإهتمام بهم أكثر ،كما أننا ننتظر إعادة هيكلة و تنظيم جديد لإتحادية المعاقين فمن غير المعقول أن يتم تسيير قطاع كامل بخمسة أعضاء فقط.” وختم العسري حديثه قائلا:” لا يمكننا الحديث باختصار عن كل المشاكل التي يواجهها الرياضيون الشبه أولمبيون لأن الموضوع يحتاج لساعات طويلة حتى نعالجه من كافة الجوانب لكن أعتقد أنّ النقطة السلبية هي المنحة المخصصة لهم عقب أي تتويج بارالمبي، حيث يتقاوضون ثلث ما يتقاضاه نظرائهم من الأسوياء.
♦ ميسوري رزقي خبير ومحاضر دولي في التدريب الرياضي التنافسي والنخبوي: ” الحل في إنشاء لجنة بارالمبية تهتم بالرياضيين و الإتحادية تتحمل الجزء الأكبر من المشاكل ”
أستاذ التعليم العالي ،الخبير و المحاضر الدولي في التدريب الرياضي التنافسي النخبوي ميسوري رزقي تحدث بإفادةٍ عامة عن واقع رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة و المشاكل التي يعانون منها حين أكد أن المشكل بالدرجة الأولى يقع على المسيرين و بالأخص رئيس الإتحادية حشفة محمد الذي فشل -حسبه- في مهمته وعليه الرحيل و ما نداءات الإستغاثة المتكررة من المدربين و الرياضيين و حتى أعضاء المكتب الحالي للإتحادية إلا دليل على ذلك ،كما أكد الدكتور ميسوري أن إنشاء لجنة بارالمبية خاصة بات ضرورة حتمية أكثر من أي وقت مضى حتى يتهيكل الرياضيون في قطاع تنظيمي يقلص من جحم معاناتهم .”
♦مولود نورة بطل بارالمبي في رياضة الجيدو لذوي الاحتياجات الخاصة:” أطراف دفعتني للإعتزال و أنا في أوج العطاء و أريد فتح تحقيق لمعرفة من تسبب في إقصائي”
بنبرة حزن عميقة أكد البطل البارالمبي في رياضة الجيدو لذوي الاحتياجات الخاصة و المتوج بالعديد من الميداليات الذهبية في المنافسات القارية و العالمية مولود نورة أن هذه الفئة لا تحظى بالإهتمام اللازم، ما يجعل بعض الأطراف تستغل ذلك لممارسة بعض التلاعبات مثلما حدث في قضيته عندما حُرم من المشاركة في الدورات الدولية المؤهلة للأولمبياد المقبل رغم أنّه توج ببطولة العالم في مناسبتين متتاليتين ،كاشفا أن الكواليس تسيطر على هذه الرياضة بشكل كبير ما يتطلب فتح تحقيق مستعجل لمعرفة المتسببين في إقصائه و محاسبتهم مؤكدا في الوقت ذاته أن هذه التصرفات يعاني منها أغلب الرياضيين .”
نور الدين عطية