رياض بن تواتي لـ “بولا” بعد حصده ذهبية إفريقيا: “هذه بداية لجيل جديد وهدفي الآن هو العالمية”
في إنجاز لافت يؤكد علو كعب الرياضة الجزائرية في المحافل القارية، تمكن بطل الكانوي كاياك، رياض بن تواتي، من انتزاع الميدالية الذهبية في سباق 200 متر K1 ضمن البطولة الإفريقية التي أقيمت في لواندا، أنغولا، في سباق حبست فيه الأنفاس، حيث فرض بن تواتي منطقه بقوة وعزيمة، متفوقا على نخبة من أبطال القارة السمراء، هذا التتويج لم يكن مجرد انتصار شخصي، بل هو رسالة قوية عن عودة الجزائر للمنافسة على أعلى مستوى في هذه الرياضة، “بولا” حاورت البطل العائد بالذهب، الذي تحدث بصراحة عن رحلة التحضير الشاقة، واللحظات الحاسمة في السباق، ودور طاقمه الفني، وطموحاته المستقبلية التي باتت تتجه نحو العالمية.
رحلة التحضير كانت طويلة وشاقة، هل فعلا كنت تدخل البطولة بهدف الذهب رغم مستوى المنافسين؟
“التحضير للذهبية لم يكن سهلا على الإطلاق، بل كان رحلة طويلة وشاقة امتدت لأشهر، تطلبت انضباطا حديديا وتضحيات يومية على المستويين الشخصي والرياضي، كنت أشعر بأنني في حالة جيدة وجاهز بدنيا وذهنيا، لكن بصراحة، لم أكن أتوقع الفوز بشكل مؤكد، حين ترى قائمة المشاركين وتعرف مستوى المنافسين الأفارقة الذين يملكون خبرة كبيرة، يصبح التوقع صعبا، كان هدفي الأساسي هو الدخول إلى السباق وتقديم أقصى ما أملك، وأن أكون في أفضل مستوى لي في ذلك اليوم تحديدا، دخلت بتركيز عال وعزيمة على تشريف الراية الوطنية، والحمد لله، حين تكون النية صادقة والعمل كبير، يوفقك الله في النهاية لتحقيق هذا الإنجاز.”
في سباق متقارب بهذا الشكل، ما اللحظة التي شعرت فيها أنك قد تخسر السباق؟ وهل الظروف المناخية ضربت جاهزيتك؟
“أصعب لحظة كانت بلا شك لحظة الانطلاقة، في سباق 200 متر لا يوجد أي هامش للخطأ أو وقت لتصحيح أي هفوة، الانطلاقة هي مفتاح الفوز، وأي تأخير ولو بجزء من الثانية قد يكلفك السباق بأكمله، الضغط النفسي في تلك اللحظات يكون في ذروته، حيث يجب أن تجمع كل قوتك وتركيزك في حركة واحدة، بالإضافة إلى ذلك، كانت الأمتار الخمسون الأخيرة صعبة للغاية، حيث يبدأ الجسد في الشعور بالإرهاق، لكن يجب عليك أن تقاوم وتواصل التجديف بنفس القوة والتقنية العالية مع ضغط المنافسين الذين تسمع أصواتهم بجانبك، أما بالنسبة للظروف، فقد شكلت تحديا حقيقيا، حيث انتقلنا من تربص في أجواء باردة ورطبة بجيجل، إلى أجواء صيفية حارة جدا في أنغولا، هذا التغير المناخي المفاجئ أثر على الجسد وقدرته على التحمل، لكن كان عليّ التأقلم بسرعة، والحمد لله، تمكنت من تجاوز هذا العائق.”
تحدثت عن الضغط والتحضير، ما الذي قدمه المدرب فعليا ليوصلك للذهب؟ هل كان دوره أكبر من الجانب التقني؟
“مدربي، عبد المالك أزّون، كان سندي ووقودي نحو هذه الميدالية الذهبية، دوره كان محوريا وأساسيا في كل خطوة من خطوات هذا الإنجاز، فهو لم يكن مجرد مدرب يقدم التعليمات التقنية، بل كان أخا وداعما نفسيا، ثقته في قدراتي كانت كل شيء بالنسبة لي، ففي اللحظات التي كنت أشك فيها في نفسي، كان هو من يذكرني بقدراتي ويمنحني دافعا نفسيا هائلا، دعمه المتواصل وتشجيعه المستمر، خاصة في الجانب التكتيكي وكيفية التعامل مع الضغط، كانا بمثابة الوقود الذي جعلني أتجاوز كل الصعوبات وأصل إلى منصة التتويج، هذا النجاح هو نتاج عمل جماعي متكامل، وأنا مدين له وللطاقم التقني بالكثير.”
ذهبية إفريقيا اليوم، كيف تغيّر خريطة الكانوي كاياك إفريقيا؟ وهل تضع الجزائر الآن في موقع المنافس وليس المشاركة؟
“هذه الميدالية ترفع اسم الجزائر عاليا في عالم الكانوي كاياك على المستوى الإفريقي، وتثبت أن بلادنا قادرة على المنافسة بقوة على أعلى المستويات في هذه الرياضة التي ربما لا تحظى بنفس الاهتمام الإعلامي، أعتبرها رسالة لكل الرياضيين الشباب في الجزائر بأن الطريق مفتوح أمامهم، وأن الإنجاز ممكن بالعزيمة والعمل الجاد، حتى في الرياضات الفردية الصعبة، آمل أن تكون هذه النتيجة بداية حقيقية لجيل جديد من الرياضيين الطموحين، وأن تلهم الشباب للانضمام لهذه الرياضة الجميلة، وتثبت للمسؤولين أن هناك مواهب تستحق الدعم لتتمكن من رفع راية الجزائر في كل المحافل.”
إذا كانت هذه بداية جيل جديد، فما حدود طموحك الآن؟ العالمية أم الأولمبياد مباشرة؟
“بعد هذا التتويج، أصبح الهدف واضحا والطموح أكبر، الهدف الآن هو تطوير مستواي أكثر فأكثر، والمنافسة على أعلى الساحات العالمية، أفكر بكل جدية في المشاركة في البطولات العالمية الكبرى، والتأهل لأكبر المنافسات مثل الألعاب الأولمبية، أعرف أن الطريق لا يزال طويلا وشاقا، وأن المستوى العالمي يتطلب تضحيات مضاعفة وإمكانيات أكبر، لكن العزيمة كبيرة، والطموح للوصول إلى القمة أصبح أقوى من أي وقت مضى، هذا الذهب الإفريقي هو مجرد بداية ومحطة مهمة، والقادم أفضل بإذن الله.”
كلمة أخيرة.. لمن تهدي الذهب؟
“لا يمكنني أن أنهي هذا الحوار دون أن أتوجه بشكر خاص وعميق لكل من كان وراء هذا النجاح، شكرا لوالدي، بن تواتي براهيم، ووالدتي، علي زبير خيرة، على دعمهما اللامحدود، وتضحياتهما التي لا تقدر بثمن، وصبرهما علي طوال سنوات التدريب، وشكر كبير لمدربي في المنتخب الوطني على ثقته وعمله الدؤوب، بدون دعاء الوالدين ودعمهم وتشجيعهم المستمر، لم أكن لأصل إلى هذه اللحظة، هذا الإنجاز هو إنجازهم قبل أن يكون إنجازي.”
حاورته: حليمة .خ



