عادل بن عياش (مصور رياضي): “التحول الرقمي ضروري لدفع القطاع نحو الأمام”
في حديث خاص لجريدة بولا، استعرض المصور الرياضي عادل بن عياش رؤيته الشاملة حول التطور الرياضي الكبير الذي تشهده الجزائر، مركّزًا على التحولات التي شهدتها البنية التحتية الرياضية في السنوات الأخيرة. وأشاد بالنهضة الواضحة في تصميم وتطوير الملاعب، معتبرًا أنها تمثل أكثر من مجرد منشآت رياضية، بل هي تجسيد فعلي لالتزام الجزائر بالتفوق الرياضي على المستويين المحلي والدولي. يقول عادل: «كنت محظوظًا بتغطية مباراة مولودية الجزائر على أرضية ملعب الدويرة “علي لابوانت” خلال دوري أبطال إفريقيا مؤخرًا، وكانت تجربة فريدة من نوعها. كوني مصورًا رياضيًا، أبهرتني الإضاءة المتقدمة في هذا الملعب، فهي تُعتبر أداة لا غنى عنها للمصورين.
توفر هذه الإضاءة الظروف المثالية لالتقاط صور احترافية تعبر عن روح المباراة وتخلد اللحظات الحاسمة بأسلوب فني وجذاب. كما أنها تسهم بشكل فعال في إظهار التباين بين اللاعبين، الكرة، وأرضية الملعب، مما يساعد المصور على التركيز بوضوح على التفاصيل الدقيقة. أضف إلى ذلك، شعرت باندماجي مع حماس الجماهير الذي ملأ المدرجات بأغانيهم وأهازيجهم التي تعبر عن ولائهم وحبهم الكبير لناديهم. هذه الأجواء الحماسية تذكّرني بأفضل التجارب التي عشتها في أكبر الملاعب الأوروبية. الملعب هنا ليس مجرد ساحة تنافس، بل هو تجربة متكاملة تعكس شغف الجزائر بكرة القدم وعمق تاريخها في هذا المجال.» واصل بن عياش حديثه مشيرًا إلى أن الإنجازات الرياضية الأخيرة للجزائر على الساحة الدولية كانت حافزًا كبيرًا لتسريع تطوير البنية التحتية الرياضية.
وذكر: «فوز الجزائر بكأس إفريقيا في 2019 والكأس العربية في 2021، بالإضافة إلى النجاح الباهر الذي حققته قطر في تنظيم كأس العالم 2022، كلها كانت عوامل دفعت الجزائر إلى التحرك بسرعة نحو تعزيز وتطوير بنيتها الرياضية. لقد تم بناء ملاعب متميزة مثل ملعب ميلود هدفي في وهران، وملعب نيلسون مانديلا في براقي، إلى جانب التحفة الجديدة، ملعب مولودية الجزائر “علي لابوانت”. هذه المنشآت ليست مجرد مرافق رياضية، بل هي رموز لتقدم الجزائر الرياضي وتأكيد على أنها تسير بخطى ثابتة نحو تقديم تجربة رياضية عالمية المستوى. حتى افتتاح ملعب أيت أحمد في تيزي وزو بمباراة بين شبيبة القبائل وأولمبيك أقبو أكد على أن الجزائر تخطو نحو آفاق جديدة في المشهد الرياضي.»
“التنظيم الإحترافي مفتاح النجاح”
لكن عادل بن عياش يشدد على أن بناء هذه المنشآت الضخمة لا يكفي وحده لتحقيق النجاح. ويوضح: «النجاح الحقيقي يكمن في كيفية إدارة هذه المنشآت، وتحويلها إلى مساحات آمنة ومنظمة لاستقبال الفعاليات الرياضية الكبرى. هناك ثلاثة عناصر رئيسية يجب الاهتمام بها: أولها هو ضمان سلامة الجمهور وتنظيم تدفقه بسلاسة، من لحظة دخوله إلى الملعب حتى خروجه، دون مواجهة الفوضى والزحام الذي نشهده في بعض المباريات حاليًا. فتح جميع البوابات وتنسيق الدخول والخروج بطريقة ذكية يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتفادي الطوابير الطويلة والتأخير غير المبرر.»
“التحديات أمام الإعلام الرياضي”
وعلى صعيد تجربته الشخصية، أبدى بن عياش استياءه من تجربته الأخيرة عندما حاول تغطية مباراة في القسم الثاني بين شبيبة جيجل وأولمبيك المقرن أثناء زيارته لمسقط رأسه. واضطر إلى مغادرة الملعب بعد دقائق من بداية المباراة بناءً على طلب محافظ اللقاء. قال عادل بأسف: «لقد غطيت العديد من البطولات العالمية مثل كأس العالم 2022 في قطر ، و كأس أوروبا للأمم 2024 في ألمانيا و دوري أبطال أوروبا، والبطولات الفرنسية والإيطالية، ولم أواجه مثل هذه الصعوبات. في أوروبا، الأمور أكثر تنظيمًا وسلاسة بفضل الأنظمة الرقمية التي تُسهل على الإعلاميين والمصورين الحصول على الاعتمادات بسرعة وفعالية.
هنا في الجزائر، لا يزال الاعتماد على النماذج الورقية يمثل عقبة كبيرة أمامنا.» ويواصل عادل بن عياش قائلاً: «نحن في عام 2024، ولا يزال النظام الورقي معتمدًا بشكل كبير في تغطية الفعاليات الرياضية، وهو أمر غير مقبول. يجب أن يتم التركيز على التحول الرقمي، حيث يوفر هذا النظام سهولة الوصول إلى الاعتمادات ويقلل من البيروقراطية التي تعيق العمل الإعلامي. في فرنسا مثلاً، يمكنك طلب الاعتماد وأنت في منزلك دون الحاجة للتنقل أو التعامل مع الأوراق التقليدية.»
“لابد من تعزيز الروح الرياضية ومحاربة العنف”
أما العامل الثالث، فيرى بن عياش أنه يتمثل في تعزيز مبادئ اللعب النظيف والروح الرياضية بين اللاعبين والجماهير. ويضيف: «كرة القدم هي رياضة للاستمتاع والتفاعل الإيجابي، ولكن للأسف نرى في بعض الأحيان تصرفات غير لائقة من قِبل فئة قليلة من المشجعين. يجب اتخاذ إجراءات صارمة للحد من الشغب والعنف في الملاعب، بما في ذلك فرض عقوبات تصل إلى حظر هؤلاء المشجعين من حضور المباريات لفترات طويلة، حفاظًا على سلامة الجميع وضمان أن تبقى الملاعب مكانًا للمتعة والتنافس الشريف.» وختم بن عياش تصريحه بالتأكيد على ضرورة الاستفادة من التجارب العالمية في تطوير القطاع الرياضي بالجزائر.
وأوضح: «لقد رأيت في العديد من البلدان كيف تسهل الأنظمة الرقمية عمل الإعلاميين والمصورين عبر تواصل سلس وفعال بين الأندية والجهات المنظمة. هذه التجارب العالمية يمكن أن تكون نموذجًا يحتذى لتطوير القطاع الرياضي في الجزائر، وتعزيز التجربة الشاملة للرياضة كوسيلة للتواصل والتفاعل الإيجابي بين الجميع.» بهذا الأسلوب المتجدد والرؤية المستقبلية، يأمل عادل بن عياش في أن تصبح الجزائر رائدة في تنظيم وتطوير الرياضة على مستوى العالم العربي وأفريقيا، حيث لا تكون الرياضة مجرد منافسة، بل تجربة إنسانية متكاملة.
نبيل شيخي