خص الدكتور عبد المومن محمد الأمين رئيس مصلحة جراحة العظام بمستشفى مجبر تامي الجامعي بمدينة عين الترك جريدة “بولا” بهذا الحوار الذي تطرق من خلاله إلى أهمية الطب الرياضي في عالم كرة القدم على وجه التحديد، خاصة مع تحول هذه اللعب من الهواية إلى الاحتراف، ما جعلها تذر أموالا و مداخيل خيالية على اللاعبين و الأندية في مختلف أصقاع العالم، وحاول عبد المومن المتخصص في الجراحات الدقيقة لإصابات اللاعبين أن يطلعنا عن أخر التقنيات و التطورات التي تحدث في هذا المجال الطبي الواسع، خاصة و أنه كان ضمن الطاقم الذي أجرى العملية الجراحية للظاهرة البرازيلية رونالدو داليما سنة 2008 و التي كانت جد صعبة و معقدة، فكان لنا معه الحوار التالي:
بداية نود أن نتحدث عن تجربتك الرائدة التي سمحت لك بالاحتكاك مع كبار المختصين الذين أشرفوا على العملية الجراحية للاعب الأسطورة البرازيلي رونالدو داليما، كيف جرت الأمور؟
“لقد مضى على هذه العملية الجراحية حوالي 15 سنة بما أننا قمنا بها سنة 2008 من أجل علاج إصابة خطيرة تعرض لها البرازيلي رونالدو على مستوى الركبة و التي تعرضت لتهتك كبير و ضرر بالغ كان من الصعب حينها علاجه، والحمد لله كنت محظوظا و تواجدت رفقة الطاقم الطبي المشرف على حالته في غرفة العمليات و تابعت عن كثب كل التفاصيل، وبصراحة تم لأول مرة حينها استعمال تقنيات جديدة لأول مرة، ومن هنا كانت الانطلاقة الحقيقية بالنسبة لي، واستفدت كثيرا من تلك التجربة التي مكنتني من تطوير معارفي و مهاراتي في هذا المجال، وعدت إلى الجزائر و تحديدا وهران بغية اطلاع بقية الأطباء و حتى الشباب عما يمكن أن نقوم به في مجال الجراحة بالنسبة للرياضيين، ويمكن القول بأننا الآن نتحكم في مثل هكذا عمليات رغم الفارق الموجود طبعا من ناحية الإمكانيات، لتبقى نسب النجاح مقبولة للغاية و قريبة من النسب العالمية.”
ما الذي اختلف في مجال الطب الرياضي و جراحة العظام في الماضي و الحاضر؟
“في حقيقة الأمر المجال العلمي بات يسير بخطى أسرع من السابق، وهذا بفضل القفزة التكنولوجية الهائلة التي نعيشها خلال السنوات العشرين الأخيرة، لذا ظهرت تقنيات و معدات دقيقة جديدة تختصر الوقت، وتقلص الجهد، وتعطي نتائج أفضل بكثير، فالآن يمكننا تشخيص الإصابات في حينها، ونتمكن أيضا من إجراء الجراحات بسرعة فائقة ما يخفض من نسبة الخطر أو حدوث مضاعفات أكبر، وساهم مثلا “ليارام” في التشخيص الدقيق و السريع للإصابات، كما أن جراحة المناظير تعتبر طفرة نوعية في مجال الجراحة، ونفس الشيء للروبوتيك، والرياضيون و لاعبو كرة القدم صاروا يغادرون المستشفيات أو العيادات في ظرف وجيز لا يتعدى 48 ساعة، وهذا الأمر لم يكن متاحا سنوات الثمانينات و أوائل التسعينات.”
أين يكمن الاختلاف بين العمليات الجراحية العادية و تلك التي تجرى للرياضيين؟
“هناك اختلاف كبير، فالعمليات الجراحية المتعلقة بالعظام أو الأربطة المحيطة بالمفاصل و غيرها التي تجرى لشخص عادي تعرض لحادث ما فانه يمكننا التعامل معها بروية و دون استعجال، لأن الشخص العادي لديه كل الوقت من أجل التعافي، لكن بالنسبة للرياضي بصفة عامة و لاعب كرة القدم تحديدا فانه من غير الممكن التعامل معه بنفس الطريقة، وهنا تتدخل تقنيات أخرى أكثر تطورا تسمح للمصاب بأن يسترجع لياقته و جاهزيته و عافيته بسرعة، فهو مرتبط بعامل الوقت أكثر من أي شيء آخر، والحمد لله هناك تطور هائل في هذا المجال، وبعض الإصابات التي كانت تستغرق عاما أو عامين للشفاء فان الآن قلصنا المدة إلى أدنى حد ممكن، وأصبحنا نشاهد لاعبين خضعوا لجراحة أربطة الركبة يعودون لميادين كرة القدم في ظرف 6 أشهر فقط طبعا مع مرحلة التأهيل و العلاج الطبيعي و تقنيات في غاية التطور جعلت الأمور أكثر سهولة و سلاسة.”
كل عام تعكف مصلحتكم لجراحة العظام بمستشفى مجبر تامي بمدينة عين الترك على عقد ملتقى دولي في هذا الاختصاص، ما الأهداف المسطرة من وراء ذلك؟
“هذا صحيح، نحن نحاول من وراء تنظيم و احتضان الملتقيات الدولية في مجال جراحة العظام و علاج إصابات الرياضيين إلى اكتساب الخبرة اللازمة، ومواكبة التطور الموجود في هذا المجال، وبالفعل للعام الثاني على التوالي و بمساهمة مصلحة جراحة العظام بمستشفى مجبر تامي التي أرأسها تمكنا من عقد ملتقى دولي جمع ثلة من أفضل المختصين داخل و خارج الوطن، أين تبادلنا الخبرات، واطلعنا على آخر ما جادت به التكنولوجيا في اختصاص الطب الرياضي، وان شاء الله سنستمر في عقد هذا الملتقى شهر أكتوبر من كل سنة، وهذا حتى نسمح لأطبائنا على مستوى الجهة الغربية بالاحتكاك ببقية الزملاء، ولما لا تكون لنا مصلحة مختصة في علاج الرياضيين بمستشفى عين الترك مستقبلا.”
ما هي النصائح التي يمكن لكم تقديمها للرياضيين بشكل عام؟
“التدخل الجراحي يعتبر آخر حل بالنسبة للطبيب بعد استنفاذ كل السبل الأخرى كالعلاج بالأدوية أو العلاج الطبيعي، ولهذا على الرياضيين أن يهتموا بصحتهم أكثر لتقليل خطر الإصابات، فنمط العيش له أهمية كبيرة للغاية من أجل الاستمرار طويلا في الميادين، كتناول الأكل الصحي، والحفاظ على الوزن المثالي، وكذا النوم الكافي و عدم التأخر في السهر، وأخذ قسط من الراحة مع اللجوء وسائل الاسترجاع، فهذه العوامل كلها تساعد الرياضيين على تفادي الإصابات الخطيرة و المعقدة، وفي النهاية أتمنى السلامة و الشفاء لكل المصابين.”
حاوره: رامي.ب