حوارات

علون رضوان (مدرب حراس المرمى): “أنتظر الفرصة للتدريب في الأندية المحترفة”

علون رضوان، ابن بلدية عين بوسيف بولاية المدية، واحد من هؤلاء الذين أحبوا كرة القدم، لكن من زاوية مغايرة، من زاوية القفازات، المرمى، والصيحات الحماسية لحارس يبذل كل ما يملك لحماية عرين فريقه. لم يكتفِ بلعب الكرة، بل اختار منذ البداية أن يكون رجل الخط الأخير، وأن يتخصص لاحقًا في إعداد جيل جديد من الحراس. في هذا الحوار ، يفتح لنا المدرب علون قلبه ويحدثنا عن مشواره، طموحاته، التحديات التي واجهها، والدروس التي تعلمها.

كيف كانت بدايتك مع كرة القدم، ولماذا اخترت حراسة المرمى بالذات؟

“بدايتي كانت بسيطة ومتواضعة، مثل كثير من الشباب الجزائريين، انطلقت من الحي والشارع، أين كنا نلعب الكرة بكل حب وعفوية. منذ الصغر، كنت أميل دائمًا إلى الوقوف في المرمى، ربما لأنني كنت أحب التحدي وأشعر أن الحارس هو قلب الفريق النابض. تأثرت كثيرًا بوالدي الذي كان مدربًا سابقًا، وكان يأخذني دائمًا معه إلى الملعب، ومن هناك بدأ الحلم يكبر داخلي.”

هل تتذكر أول نادٍ لعبت له بشكل رسمي؟

“نعم، بالطبع. بعد سنوات من اللعب في الشارع، انضممت لأول نادٍ رسمي وكان ذلك بمثابة القفزة الأولى في حياتي الرياضية. لا يمكنني نسيان الشعور الذي انتابني حينها وأنا أرتدي القميص الرسمي وأخوض أول لقاء، كانت لحظة مميزة زادت من إصراري على التقدم في هذا المجال.”

كيف انتقلت من اللعب إلى عالم التدريب، ومتى بدأت التفكير في تدريب حراس المرمى تحديدًا؟

“منذ كنت لاعبًا، كانت فكرة التدريب تراودني. كنت دائمًا ألاحظ تفاصيل صغيرة في تمارين الحراس وأساليب تعامل المدربين معهم. ومع مرور الوقت، أصبح عندي يقين أنني أريد التخصص في هذا المجال. فور توقفي عن اللعب، شرعت في الدراسة والتكوين وحصلت على شهادات في تدريب الحراس، لأبدأ مسيرة جديدة في عالم آخر لكنه لا يقل جمالًا عن الملاعب.”

ما الذي يجذبك في مهنة تدريب الحراس؟

“الخصوصية الكبيرة لهذا المنصب. حارس المرمى هو لاعب فريد من نوعه، يتحمّل مسؤولية كبيرة، وأي خطأ منه قد يكون قاتلًا. تدريب الحراس يتطلب حسًّا نفسيًا وبدنيًا عاليًا، كما يتطلب الصبر والانضباط. أحب أن أكون جزءًا من رحلة تطوير شاب يملك الموهبة، وأساهم في جعله حارسًا قويًا وواثقًا.”

ما هي أبرز الأندية التي عملت معها كمدرب حراس مرمى؟

“عملت مع عدة فرق على المستوى المحلي والجهوي في الجزائر. ربما لم أتحصل بعد على الفرصة في أندية المحترف الأول أو الثاني، لكنني أعتز كثيرًا بتجاربي مع الأندية الصغيرة، لأنها كانت مدرسة حقيقية، فيها تعلّمت الصبر، كيفية التعامل مع المواهب الخام، وكيفية التأقلم مع ظروف التدريب الصعبة.”

حدثنا عن الشهادات التي تحصلت عليها في هذا المجال؟

“تحصلت على شهادة مدرب فيدرالي لحراس المرمى مستوى أول، ثم مستوى ثاني، وهي إنجازات أفتخر بها كثيرًا. هذه الشهادات لم تكن مجرد أوراق، بل ثمرة مجهود طويل وسهر ودراسة وتجربة. لقد منحتني أدوات علمية وتقنية أتسلح بها يوميًا في عملي داخل الميدان.”

ما هي أكبر التحديات التي واجهتك في هذا المجال؟

“التحديات عديدة، أولها البيئة الكروية الجزائرية الصعبة، ثم قلة الإمكانيات في بعض الأندية، وتأثير الوسطاء الذين يسيطرون أحيانًا على القرارات. كما أن بعض المواهب تضيع بسبب غياب التأطير النفسي والعلمي. ومع ذلك، فإن الإرادة القوية والعزيمة المستمرة هما سلاحي في تجاوز هذه العراقيل.”

هل سبق لك تنظيم مبادرات تدريبية خاصة؟

“نعم، كانت لي تجربة مميزة عندما نظمت مبادرة لتحضير حراس المرمى، وكانت الأولى من نوعها في ولاية المدية. استقبلنا فيها حراسًا من مختلف بلديات الولاية، وكان الهدف الأساسي منها هو زرع روح الانضباط وتقديم تمارين متقدمة تُعطيهم فكرة عن العمل الاحترافي، والحمد لله كانت ناجحة جدًا.”

ما هي فلسفتك التدريبية في التعامل مع حراس المرمى الشباب؟

“أركز دائمًا على بناء الثقة بالنفس، لأن الحارس الناجح هو من يثق في نفسه أولًا. أحرص على زرع الروح القتالية والانضباط التكتيكي والذهني، وأعمل على تحسين رد الفعل والتمركز، لكن الأهم أن أجعل الحارس يحب موقعه ويفهم مسؤوليته.”

هل هناك أسماء معينة من الحراس تلهمك أو تعتبرها قدوة؟

“بالطبع، هناك حراس عالميون ألهموني منذ الصغر مثل إيكر كاسياس، بوفون، ونوير. هؤلاء ليسوا مجرد لاعبين، بل أساطير. في الجزائر، أعجبت دائمًا بالحارس فوزي شاوشي، لأنه جمع بين القوة والشخصية والجرأة. كما أتابع باهتمام مسيرة الحراس الشباب في البطولة الوطنية.”

كيف تطور نفسك بشكل مستمر كمدرب؟

“لا أتوقف عن التعلم أبدًا. أتابع الفيديوهات والندوات، وأحاول الاطلاع على تجارب المدربين الأجانب، كما أشارك كلما سنحت لي الفرصة في دورات تدريبية. التكنولوجيا اليوم جعلت العالم قرية صغيرة، وأستغلها لتجديد أفكاري وخطط عملي.”

إلى أي مدى تؤمن بتأثير الجانب النفسي في أداء الحارس؟

“الجانب النفسي هو كل شيء. الحارس تحت ضغط دائم، وقد يُخطئ في لحظة واحدة تكلّفه الكثير. لذلك، أعمل كثيرًا على هذا الجانب من خلال التحفيز، غرس الثقة، وتدريبات تحاكي الضغط الحقيقي. الحارس يجب أن يكون مستقرًا ذهنيًا قبل أن يكون قويًا بدنيًا.”

ما هو حلمك الأكبر كمدرب؟

“أن أكون من بين أفضل مدربي حراس المرمى في الجزائر، وأن أحقق تجربة تدريبية خارج الوطن، ولم لا على المستوى العربي أو الأوروبي. أطمح أن أكون مدربًا مؤثرًا أساعد من خلاله جيلًا جديدًا من الحراس على التألق والوصول إلى القمة.”

كيف تتعامل مع إخفاقات الحراس الذين تدربهم؟

“أعتبر كل إخفاق فرصة للتعلم. الحارس عندما يخطئ، لا أوبخه أبدًا، بل أشرح له الخطأ، وأعيد معه التمرين إلى أن يتقنه. مهمتي كمدرب ليست فقط تصحيح الأداء، بل دعم اللاعب نفسيًا وتربويًا، لأن الحارس عندما يشعر أنك تؤمن به، سيعطيك أكثر مما تتوقع.”

ما هي رسالتك الأخيرة لكل من يريد دخول هذا المجال؟

“أنصح كل شاب يريد أن يصبح مدربًا لحراس المرمى أن يتحلى بالصبر، لأن الطريق ليس سهلاً، لكنه جميل. اجتهد، تعلم، ثق بنفسك، وكن دائمًا مستعدًا للتضحية. كرة القدم لا تعطيك كل شيء في البداية، لكنها تكافئك في النهاية إن كنت صادقًا معها.”

كيف ترى مستقبل مهنة تدريب حراس المرمى في الجزائر خلال السنوات القادمة؟

“أرى أن هناك بوادر إيجابية بدأت تظهر، خاصة مع ارتفاع عدد المدربين المتخصصين والاهتمام المتزايد بهذا التخصص. ومع التكوين المستمر والانفتاح على التجارب الخارجية، يمكننا تطوير هذا المجال بشكل كبير. لكن الأمر يتطلب تخطيطًا طويل المدى، واستثمارًا حقيقيًا في البنية التحتية، والمدارس، وبرامج تكوين مدروسة.”

لو أتيحت لك فرصة إنشاء أكاديمية خاصة بك، ما الذي ستميزها به؟

“أحلم بإنشاء أكاديمية متخصصة في تكوين حراس المرمى، تكون مبنية على أسس علمية حديثة، وتجمع بين الجانب البدني، الفني، والنفسي. سأهتم بالكوادر المؤهلة، بالتكنولوجيا في التدريب، وسأجعل من الأكاديمية فضاءً لاكتشاف وتفجير المواهب من مختلف مناطق الوطن، خاصة من المناطق المهمشة. الأهم أن تكون بيئةً تحفّز على التطور، وتُكوّن حراسًا جاهزين للمنافسة على أعلى المستويات.”

كلمة أخيرة…

“أود أن أشكر كل من آمن بي ووقف إلى جانبي منذ بداية الطريق، سواء من العائلة أو الأصدقاء أو زملاء المهنة. مشواري لم يكن سهلاً، وما زلت في بدايته، لكنني مؤمن أن الإخلاص في العمل، والنية الطيبة، والاجتهاد المستمر، هي مفاتيح النجاح الحقيقي. رسالتي إلى كل شاب جزائري، وخاصة من المناطق الداخلية، أن لا يفقد الأمل ولا يستهين بقدراته. الموهبة موجودة في كل مكان، لكن الفرق يصنعه من يثابر ويتعلم ويصبر. سأواصل العمل بكل حب، لأنني لا أرى في هذه المهنة وظيفة، بل أراها رسالة وحياة كاملة. تحياتي لكل من يحمل القفاز ويؤمن بالحلم.”

حاوره: سنينة. م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى