حوارات

فاتح بريني (محلل أداء المنتخبات الوطنية سابقا):  “أهمية طاقم تحليل الأداء كبيرة لتطوير اللعبة”

تسلط جريدة بولا الضوء على فاتح بريني، محلل أداء المنتخبات الوطنية سابقًا ومدرب كرة قدم، الذي حقق إنجازًا كبيرًا بفوز المنتخب الوطني الجزائري بكأس العرب، سواء مع المنتخب المحلي أو مع فئة أقل من 17 سنة كمحلل أداء. بريني، الذي عمل أيضًا مع مولودية وهران تحت إشراف المدرب كازوني ، يتحدث عن أهمية الطاقم التحليلي ودوره في تحسين الأداء الجماعي والفردي.

 

لماذا تعتبر وجود طاقم تحليلي ضمن الطاقم الفني ضرورة كبيرة؟

” وجود الطاقم التحليلي مهم للغاية لدعم المدرب الرئيسي؛ فهو بمثابة “العين الخفية” التي تتيح له رؤية أدق التفاصيل التي قد لا يلتفت لها أثناء المباريات. كل فرد في الطاقم له دور متخصص: من يدرس طريقة لعب الخصوم، وآخر يتابع الضربات الثابتة كالركنيات وحتى التماس، مما يساعد على استخراج تفاصيل تكتيكية دقيقة. التحليل يكشف الكثير من النقاط التي قد تؤثر على نتيجة المباريات، ويعمل على تعزيز الأداء الجماعي والفردي للاعبين ”

ما هي المتطلبات الأساسية ليصبح الشخص محللاً فنياً ناجحاً؟

“يجب أن يكون المحلل الفني قد مارس التدريب ولديه معرفة عميقة بخبايا كرة القدم. إذا لم يكن المحلل مدرباً، فلن يكون قادراً على فهم تعقيدات اللعبة بشكل كامل. للأسف، نجد بعض الأندية الجزائرية تلجأ لمصورين هواة لا يمتلكون هذه الخبرة، ويكتفون بتسجيل المباريات، دون أي خلفية تكتيكية أو فهم للعبة. هذا خطأ، فالتواصل مع المدرب الرئيسي يتطلب فهماً كاملاً لمبادئ الدفاع والهجوم. لكي يكون المحلل فعالاً، يجب أن يتعلم الثقافة الكروية، وفهم كيفية تحليل الأداء. بالإضافة إلى ذلك، هناك مهارات تقنية تحتاجها، مثل معرفة كيفية استخدام برامج التحليل المتخصصة. بصفة عامة، المحلل الفني يلعب دوراً هاماً في تحسين أداء اللاعبين وتطوير قدراتهم الفردية والجماعية. عندما يمتلك المدرب معلومات دقيقة عن أداء فريقه والخصوم، يكون قادراً على اتخاذ قرارات مستنيرة خلال المباريات.”

كيف يمكن تعزيز دور التحليل الفني في الأندية الجزائرية؟

” هنا يأتي دور الاتحاد الجزائري لكرة القدم. أتمنى أن يقوم الاتحاد بتشجيع هذه المهنة عبر إلزام الأندية بتوفير طاقم تحليلي معتمد، وتقديم دورات تدريبية معترف بها في مجال التحليل. يجب أن يُجبر الأندية على الالتزام بتوظيف محللين معتمدين، حتى لا تكون هناك أي استثناءات. في بعض الدول مثل السعودية، يُشترط على المحلل الحصول على شهادات متقدمة معتمدة من الاتحاد الآسيوي، إضافة إلى معرفة ببرامج التحليل المتخصصة. من المهم أيضاً أن تعمل الأندية على تطوير خبرات مدربيها الحاليين. يمكن تنظيم دورات تكوينية لمساعدتهم في اكتساب المهارات اللازمة للعمل كمحللين. بوجود طاقم فني متكامل، يمكن تحقيق نتائج أفضل على المستوى المحلي والدولي.”

في رأيك، ما أهمية تحليل الأداء بالنسبة للاعبين؟

” تحليل الأداء يعزز مستوى اللاعبين من خلال مراجعة أخطائهم وتصحيحها، بالإضافة إلى تطوير نقاط القوة لديهم. عندما يرى اللاعبون فيديوهات لمبارياتهم، يمكنهم إدراك نقاط الضعف التي يحتاجون لتحسينها. هذا لا يساعد فقط في تطوير المهارات الفردية، بل يسهم أيضاً في تعزيز العمل الجماعي. من خلال تقديم ملاحظات تكتيكية، يستطيع المدربون تقديم نصائح دقيقة حول كيفية اللعب في المباراة، سواء من الناحية الدفاعية أو الهجومية. يمكن للطواقم الفنية أن تبني برامج تدريبية فردية تساعد اللاعبين على تحسين مهاراتهم في التسديد والتحكم في الكرة، بينما على المستوى الجماعي، يمكن متابعة التنشيط الدفاعي والهجومي وكيفية التمركز الصحيح. المدرب يقدم للاعبين هذه الملاحظات التكتيكية كصورة مصغرة عما سيحدث في المباراة، مما يساهم في تجهيزهم بشكل جيد.”

كيف يمكن للتحليل أن يوفر الوقت والجهد للأندية؟

“التحليل يجعلنا على دراية بأدق التفاصيل التي تسهم في تحسين الأداء، كعدد التمريرات، مناطق الاستحواذ، وحتى مسارات الهجوم. هذه الإحصائيات، إلى جانب معرفة نقاط قوة المنافسين، تساعد المدرب في اتخاذ قرارات سريعة وفعالة. باستخدام التحليل، يمكن تحديد كيفية توزيع اللاعبين، ومعرفة أفضل الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها بناءً على أداء الخصم. كما أن التحليل لا يقتصر فقط على شخص واحد أو اثنين، بل يجب أن يتواجد فريق تحليلي متكامل لتغطية كافة الجوانب الفنية والتكتيكية. فوجود طاقم موسع من المحللين يُعتبر أساسياً لفهم اللعبة بشكل أفضل، وتقديم نصائح دقيقة تعود بالنفع على الفريق.”

 برأيك، هل تعتمد كرة القدم الجزائرية على التحليل بالشكل المطلوب؟

“لا، ما زالت بعيدة عن مواكبة التطورات التكنولوجية للأسف. أغلب رؤساء الأندية ينظرون لكرة القدم بمنظور تجاري، مع استثناءات قليلة. بعض المدربين يضطرون لطلب طاقم تحليلي بأنفسهم، لكن حتى مع وجود محللين، يتم اعتبارهم مجرد مصورين، وهذا الأمر بحاجة لإعادة نظر. هناك حاجة ملحة لتغيير هذه العقلية، ولابد من رؤية التحليل الفني كمكون أساسي في تحسين الأداء. إذا تمت مراعاة دور المحللين في اتخاذ القرارات التكتيكية، يمكن أن نرى تحسناً ملحوظاً في أداء الفرق الجزائرية على المستوى المحلي والدولي. تحليل الأداء ليس مجرد أداة، بل هو علم يعتمد عليه الكثير من المدربين الكبار، وإذا ما توفرت الظروف المناسبة، يمكن أن يشهد قطاع كرة القدم في الجزائر تحولاً إيجابياً كبيرا.”

نبيل شيخي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى