كأس الجزائر المدرسية 2025 … وهران تتوج عاصمة للرياضة المدرسية وجيل جديد يبزغ
أسدل الستار، مساء السبت، على واحدة من أنجح التظاهرات الرياضية المدرسية في الجزائر، بعدما احتضن ملعب الشهيد أحمد زبانة بوهران نهائيات كأس الجزائر المدرسية لكرة القدم، في عرس كروي شبابي جمع بنات وأبناء الوطن من مختلف الولايات، في مشهد جسّد وحدة الجزائر، وعمق الرهان على الرياضة المدرسية كقاعدة حقيقية لبناء أبطال الغد. ست نهائيات كاملة، موزعة بين الإناث والذكور، ومن فئة الابتدائي إلى الثانوي، صنعت الفرجة، وقدّمت رسائل واضحة مفادها أن المدرسة الجزائرية لم تعد فقط فضاءً للتعليم الأكاديمي، بل أصبحت مشتلاً حقيقياً للمواهب الرياضية، في مشروع وطني بدأ يؤتي ثماره ميدانياً.
تنظيم محكم
منذ الساعات الأولى لصباح اليوم الختامي، بدا جلياً أن كل التفاصيل كانت مضبوطة بعناية فائقة. تنظيم محكم على مستوى ملعب الشهيد أحمد زبانة، استقبال جيد للوفود، تأطير أمني محكم، وانسيابية في البرمجة، ما جعل النهائيات تمر في أجواء رياضية رائعة، وسط حضور جماهيري غفير غصّت به مدرجات الملعب، في صورة تعكس تعطّش العائلة الوهرانية لمثل هذه التظاهرات القاعدية.
الحضور الرسمي كان لافتاً، حيث شهدت النهائيات مشاركة الأمين العام لولاية وهران، ومدير الشباب والرياضة لولاية وهران، إضافة إلى اسم كروي كبير يتمثل في الدولي الجزائري السابق كريم زياني، الذي حضر رفقة طاقمه الفني المشرف على منتخب أقل من 16 سنة، في إطار عملية الانتقاء الأولي للمنتخبات الوطنية المدرسية، ما منح الحدث بعداً وطنياً وتكوينياً بامتياز.
الحاج بوطيبة.. إلتزام وحضور قوي في الميدان

وفي كل زاوية من زوايا الحدث، كان الحاج بوطيبة، رئيس رابطة وهران للرياضة المدرسية، حاضراً، متابعاً، ومشرفاً على كل صغيرة وكبيرة، من صافرة البداية إلى آخر ضربة ترجيح. حضور يعكس حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وإيماناً راسخاً بأن نجاح الرياضة المدرسية لا يتحقق إلا بالعمل الميداني والالتصاق بالواقع. بوطيبة، الذي تابع جميع اللقاءات، كان صمام أمان لتنظيم ناجح، وواجهة حقيقية لرابطة أثبتت مرة أخرى قدرتها على احتضان التظاهرات الوطنية الكبرى، وتحويلها إلى محطات إشعاع رياضي وتربوي.
وهران تنتصر للروح الرياضية وتوحد أبناء الجزائر
من الشرق إلى الغرب، ومن الجنوب إلى الشمال، اجتمع أبناء الجزائر الشامخة في وهران، تنافسوا بشرف، تبادلوا الاحترام، وعكسوا صورة حضارية للرياضة المدرسية، حيث سادت الروح الرياضية، وغابت السلوكات السلبية، في مشهد يُدرَّس للأجيال. وهران، مرة أخرى، أكدت قدرتها على احتضان التظاهرات الكبرى، وكتبت صفحة جديدة في سجل الرياضة المدرسية الوطنية، صفحة عنوانها: العمل، التنظيم، والرهان على المستقبل.
جيل جديد وأمل يتجدد
مع إسدال الستار على النهائيات الست، لم تنتهِ القصة، بل بدأت فصول جديدة من الحلم. حلم أطفال وشباب وجدوا في المستطيل الأخضر المدرسي فضاءً للتعبير، وحلم وطن يؤمن بأن الاستثمار في القاعدة هو الطريق الأقصر نحو المجد. كأس الجزائر المدرسية بوهران لم تكن مجرد بطولة، بل رسالة أمل، مفادها أن الجزائر بخير، وأن مستقبلها الرياضي يُبنى اليوم، من المدارس، وبسواعد تلاميذ حملوا القميص الوطني قبل أن يحملوا الشهرة.
نتائج النهائيات:
نهائي الإبتدائي إناث:
طرشي (المكسي – ميلة) 0 – عبد السلام هواري (العريشة – تلمسان) (2 – 1 بركلات الترجيح)
نهائي الابتدائي ذكور:
بودير مصطفى (تاهرت – تيارت) 1 – 0 لهزيل عمر (جيجل)
نهائي المتوسط إناث:
مهدي زكرياء (قصر البخاري – المدية) 1 – 0 حمداني مليكة (تيارت)
بلقاسم حجاني (أرزيو – وهران) 1 – 0 قضاوي الحاج (رأس العين – معسكر)
عمر ابن الخطاب (جانت) 0 – 0 الرائد فراج السانية (وهران) (4 – 3 بركلات الترجيح)
نهائي الثانوي ذكور:
مولود قاسم (الخروب – قسنطينة) 0 – 0 أحمد غريب (بوعرفة – البليدة): (6 – 5 بركلات الترجيح)
لغويطر أبوبكر (الأمين العام للرياضة المدرسية بولاية جانت):“نحلم بمستقبل أكبر للرياضة المدرسية”

“نحن فخورون جدًا بهذا التتويج الذي لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة عمل جماعي متكامل انطلق من المدرسة ووصل إلى هذا الموعد الوطني المشرف. أود في البداية أن أتوجه بجزيل الشكر والامتنان لولاية وهران، سلطاتٍ ومنظمين، على حسن الاستقبال والتنظيم المحكم الذي وفر كل الظروف الملائمة لإنجاح نهائيات كأس الجزائر المدرسية، في صورة تعكس مكانة وهران وخبرتها في احتضان التظاهرات الكبرى. كما لا يفوتني أن أُثمّن المجهودات الكبيرة التي بذلها مسؤولو ولاية جانت في قطاعي التربية والرياضة، من أساتذة، مؤطرين، ومسيرين، الذين آمنوا بهذا المشروع ورافقوا التلاميذ خطوة بخطوة، وسهروا على توفير كل الإمكانيات رغم خصوصية المنطقة وبعد المسافة، وهو ما يؤكد أن الإرادة أقوى من كل التحديات.”
عمر معسكري (لاعب فريق متوسط رأس عين عميروش معسكر):“خسارة اللقب… مكسب التجربة”

“بالطبع كنا نطمح إلى التتويج، وقدّمنا كل ما لدينا فوق أرضية الميدان، لكن كرة القدم لا تعترف إلا بالتفاصيل الصغيرة. خسرنا اللقاء، إلا أننا نغادر المنافسة ورؤوسنا مرفوعة بعدما قدمنا مباراة قوية أمام منافس محترم.هذه التجربة كانت مفيدة جدًا لنا كلاعبين، خاصة وأنها جاءت في نهائي وطني وفي أجواء رائعة وتنظيم محكم. اللعب في ملعب كبير وأمام جمهور غفير منحنا دافعًا إضافيًا وأكد لنا أن العمل يجب أن يتواصل بنفس الجدية. نشكر مؤطرينا وأساتذتنا وكل من وقف إلى جانبنا وساندنا طوال هذا المشوار، ونعدهم بأن نعود أقوى في قادم الاستحقاقات. ما حدث اليوم ليس نهاية الطريق، بل خطوة مهمة في مسارنا الرياضي والدراسي.”
سايح مجاهد (مدرب فريق متوسطة أرزيو وهران):“متوسطة أرزيو مثال حي للمدرسة المنتِجة”

“هذا التتويج يسعدنا كثيرًا، لأنه ثمرة عمل قاعدي متواصل داخل المؤسسة التربوية، وعنوان لالتزام التلاميذ وانضباطهم طوال الموسم. اللاعبون طبّقوا التعليمات بحذافيرها وأظهروا شخصية قوية في مباراة نهائية لم تكن سهلة على الإطلاق. ما يميّز هذا الإنجاز أنه تحقق في إطار بطولة مدرسية وطنية، وفي أجواء تنظيمية ممتازة بملعب الشهيد أحمد زبانة، وأمام جمهور غفير، وهو ما منح اللاعبين تجربة استثنائية ستبقى راسخة في ذاكرتهم.”
بن يحي أحمد (لاعب فريق متوسطة أرزيو وهران):“العمل مستمر لتمثيل وهران بأحسن شكل”

“نشعر بسعادة كبيرة بعد هذا التتويج، لأنه جاء بعد مجهودات كبيرة وتضحيات طوال الموسم. المباراة النهائية لم تكن سهلة، لكننا لعبنا بروح جماعية وآمنا بقدرتنا على الفوز إلى آخر دقيقة. اللعب في ملعب الشهيد أحمد زبانة وأمام هذا الجمهور الغفير كان حلمًا بالنسبة لنا كتلاميذ، ومنحنا دافعًا كبيرًا لتقديم أفضل ما لدينا داخل أرضية الميدان. أهدي هذا الفوز إلى عائلاتنا، وأساتذتنا، ومدربنا، وكل من ساندنا وآمن بنا. هذا التتويج سيحفزنا على العمل أكثر، سواء دراسيًا أو رياضيًا، ونطمح مستقبلاً إلى تمثيل وهران والجزائر في مستويات أعلى.”
نهاري بن شوياب (لاعب مدرسة لهزيل عمر جيجل):“مشوار مشرّف و وهران مدينة جميلة”

“قدمنا مشوارًا جيدًا في هذه البطولة الوطنية، وكنا نطمح إلى التتويج، لكن النهائي حُسم بتفاصيل صغيرة. رغم الخسارة، نحن فخورون بما قدمناه وبالمستوى الذي ظهرنا به طوال المنافسة. أعجبتنا كثيرًا مدينة وهران، سواء من حيث حسن الاستقبال أو جودة التنظيم والملاعب. الأجواء كانت رائعة وساعدتنا على تقديم كرة قدم نظيفة تعكس الروح الحقيقية للرياضة المدرسية.”
بن عثمان نور الدين (مدرب مدرسة بودير مصطفى تاخمرت – تيارت):“العمل القاعدي أعطى ثماره”

“هذا اللقب هو ثمرة عمل طويل ومتواصل مع التلاميذ داخل المدرسة، حيث اشتغلنا على الجانب التربوي قبل الفني، وغرسنا قيم الانضباط والروح الجماعية، وهو ما ظهر جليًا فوق أرضية الميدان. المباراة النهائية لم تكن سهلة، واجهنا فريقًا محترمًا، لكن لاعبينا أظهروا شخصية قوية وتعاملوا بذكاء مع أطوار اللقاء حتى تحقيق الفوز. أشكر كل من ساهم في هذا التتويج، من أساتذة التربية البدنية، وإدارة المدرسة، وأولياء التلاميذ، وكذا القائمين على الرياضة المدرسية بولاية تيارت. كما لا أنسى توجيه تحية خاصة لولاية وهران على التنظيم المحكم وحسن الاستقبال، الذي ساعد على إنجاح هذه التظاهرة الوطنية.”
حدة (قائدة فريق إناث مدرسة عمر بن الخطاب جانت):“مستقبل مشرق ينتظر الرياضة المدرسية”

“يشرفني أن أرفع اسم مدرستنا، مدرسة عمر بن الخطاب، بعد هذا الفوز المميز في البطولة الوطنية. هذا الإنجاز لم يكن ممكنًا دون عمل جماعي من جميع اللاعبات ودعم أساتذتنا ومؤطرينا. اللعب في نهائي وطني أمام جمهور غفير وفي أجواء تنظيمية رائعة بوهران كان تجربة استثنائية، وأكد لنا أن الرياضة المدرسية ليست مجرد منافسة، بل منصة لاكتشاف المواهب وبناء الشخصية. نشكر إدارة المدرسة، المسؤولين على الرياضة المدرسية في جانت، وكل من ساهم في هذا الإنجاز. هذا الفوز حافز لنا لمواصلة العمل وإعلاء اسم المدرسة والولاية في المحافل القادمة.”
علي موسر (المدير الفني الوطني للفاف):“الرياضة المدرسية قاعدة حقيقية لاكتشاف المواهب”

“ما شاهدناه خلال النهائيات الوطنية لكرة القدم المدرسية كان مبهرًا. تواجد عدد كبير من المواهب، سواء في فئة الإناث أو الذكور، يؤكد أن الجزائر تزخر بأجيال واعدة يمكن أن تشرف الكرة الجزائرية مستقبلاً. هذه البطولة لم تكن مجرد منافسة، بل تجربة حقيقية لاعتماد معايير احترافية في الانتقاء والتقييم الفني.
أود أيضًا أن أشيد بالتنظيم الرائع الذي شهدته البطولة، من حيث الملاعب، الإقامة، الانضباط، وسلاسة إدارة المباريات. التنظيم الجيد ليس مجرد واجهة، بل هو عامل أساسي يتيح للاعبين التركيز على الأداء وظهور قدراتهم الحقيقية. كل التقدير للقائمين على تنظيم هذا الحدث على مستوى ملعب الشهيد أحمد زبانة بوهران.
ولا يمكن الحديث عن نجاح هذه البطولة دون الإشارة إلى الدعم الكبير من الدولة الجزائرية، بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي يولي اهتمامًا خاصًا للرياضة المدرسية ويعتبرها ركيزة أساسية لبناء قاعدة رياضية صلبة. هذا الدعم المادي والمعنوي يجعلنا نطمح لتحقيق مزيد من النجاحات، ويؤكد أن الجزائر على الطريق الصحيح في تطوير كرة القدم من القاعدة. الرسالة الأساسية التي نوجهها لجميع التلاميذ المشاركين هي: استمروا في العمل، التزموا بالتدريب، وتعلّموا الانضباط والروح الرياضية. كل لاعب اكتسب خبرة هنا، وكل مشاركة هي خطوة نحو المستقبل. الفاف ملتزمة بدعم الرياضة المدرسية وخلق جسر فعال بين المدرسة والمنتخبات الوطنية، لضمان مستوى عالٍ من الاحترافية والجاهزية الفنية.”
تغطية: نبيل شيخي
تصوير: عبد الكريم مكالي



