محمد علي سنان (لاعب منتخب الكرة الطائرة لأقل من 19 سنة): “الكرة الطائرة العالمية ليست بعيدة عن الجزائر”

بعد مشاركة المنتخب الوطني الجزائري للكرة الطائرة (أقل من 19 سنة) في بطولة العالم، كان لا بد من الاستماع إلى صوت من قلب التجربة ذاتها، كانت لـ”بولا” فرصة التحدث مع اللاعب الدولي محمد علي سنان، أحد أبرز نجوم هذا الجيل، الذي روى لنا تفاصيل تجربة الفريق في طشقند، وفي حوار صريح، أكد سنان على أن المستقبل يبنى على الخبرة المكتسبة لا على نتائج اللحظة.
بداية، وبعد الخسارة أمام اليابان والخروج من الدور الأول، ما هي أبرز الدروس التي استخلصتموها من هذه التجربة العالمية؟
“نحن كلاعبين وطاقم فني استفدنا كثيرا من هذه البطولة، وهي تجربة لا تقدر بثمن، ففي مواجهة هذه المستويات المتقدمة، أدركنا أن الفارق ليس مستحيلاً أو بعيداً كما قد يتخيل البعض، رأينا أن كرة الطائرة العالمية ليست بعيدة عن متناولنا، وأننا نملك القدرة الكافية للوصول إلى ذلك المستوى إذا توفرت الظروف المناسبة، كما استخلصنا أن العامل الذهني يلعب دوراً محورياً في حسم النتائج، و الحمد لله، تمكنا من اللعب بأريحية ودون ضغط نفسي، وهذا ما سمح لنا بإظهار قدراتنا الحقيقية في بعض الأوقات، علاوة على ذلك، اكتشفنا مدى أهمية الجانب الإحصائي الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من اللعبة الحديثة، فمحللو الإحصائيات الذين يدرسون الفريق الخصم أصبح لهم دور كبير في توجيه سير المباراة، وهذا ما لمسناه بوضوح أمام منتخب اليابان، الذي كان في متناولنا فنياً، لكنه تمكن من الفوز بفضل استخدامه الدقيق للإحصائيات وتحليل نقاط ضعفنا بشكل منهجي.”
حققتم فوزاً تاريخياً على كندا رغم الخسارة أمام منتخبات قوية (بلغاريا، فرنسا، الصين). ما هي العوامل التي صنعت هذا الانتصار، وهل تعكس هذه المباراة المستوى الحقيقي الذي كان يمكن أن يقدمه الفريق؟
“منتخب كندا كان منافساً قوياً وصعب المراس، لكن إيماننا بقدراتنا هو ما أعاد لنا الثقة وجعلنا نلعب من أجل الفوز، ففي تلك المباراة، كان أداؤنا يمثل المستوى الحقيقي الذي نملكه كفريق، ورغم تعثرنا في الشوط الأول، لم نستسلم بل عدنا بقوة ونجحنا في حسم المباراة، حيث أن هذا الفوز لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة مباشرة لصلابة العامل الذهني، والخبرة الفنية التي قدمها المدربون في اللحظات الحرجة، إضافة إلى التجانس الكبير بين اللاعبين، أرى أن هذه المباراة كانت خير دليل على أننا قادرون على تحقيق الانتصارات عندما نجمع بين كل هذه العوامل.”
بالنظر إلى نتائج أشواط المباريات، هل تشعرون بأن الفارق بينكم وبين المنتخبات المتقدمة هو فني بالأساس، أم يتعلق بعوامل أخرى كالتجربة أو اللياقة البدنية؟
“لا أرى أن هناك خللاً فنياً جوهرياً في الفريق يمنعنا من تحقيق الفوز، فعندما تشاهد مبارياتنا، ترى أننا نقدم أداء جيداً في بداية الشوط، حيث نكون قادرين على مجاراة الخصم فنياً، لكن الخلل يكمن في عدم قدرتنا على المحافظة على هذا المستوى المرتفع حتى النهاية، هذا ما منعنا من السيطرة على المباريات في اللحظات الحاسمة، والأكيد أن هذا القصور ليس تقنياً بقدر ما هو مرتبط بعاملين أساسيين، وهما نقص الخبرة في مثل هذه المحافل العالمية التي تتطلب تركيزاً متواصلاً، إضافة إلى العامل الذهني الذي يتأثر بالضغط المستمر، مما يؤدي إلى تراجع في الأداء والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في اللحظات الحاسمة.”
تأهلكم إلى المونديال جاء بعد إنجاز لافت في البطولة الإفريقية، ما مدى اختلاف المنافسة بين المستوى القاري والمستوى العالمي، وكيف أثر ذلك على تحضيركم؟
“لقد كان حلمنا الأول هو مجرد المشاركة في البطولة الأفريقية، والآن نجد أنفسنا ننافس مدارس عالمية في كرة الطائرة، هذه النقلة كشفت لنا عن اختلاف كبير وشاسع بين المستويين القاري والعالمي من حيث الإمكانيات، سواء كانت فنية أو بدنية أو حتى في منهجية العمل الاحترافي، وبسبب هذا، أدركت الاتحادية الجزائرية لكرة الطائرة أهمية الاحتكاك بالمستوى العالي، فأقامت لنا معسكراً تدريبياً في بولندا قبل انطلاق البطولة، هذا التربص كان مفيداً للغاية، حيث تضمن مباريات ودية مع المنتخب البولندي وفريق بطل الدوري لفئتنا العمرية، وهو ما منحنا تجربة ثمينة وقصيرة، لكنها أعدتنا ذهنياً وفنياً لمواجهة تحديات المونديال.”
بصفتك لاعباً شاباً مثل الجزائر في هذا المحفل العالمي، ما هي أبرز النقائص التي تلمسونها في كرة الطائرة الجزائرية، وما الذي يجب فعله لتطويرها على المدى البعيد؟
“بصفتي لاعباً، أرى أن الحل الرئيسي لتطوير كرة الطائرة الجزائرية يكمن بشكل أساسي في الاحتكاك بالمستوى العالي، فالجزائر تملك مدربين ومسؤولين ذوي خبرة عالية، لكن النقص يكمن في التجربة الميدانية المستمرة مع فرق قوية، لقد لمسنا أن الاتحادية الجزائرية قد تنبأت بهذا النقص وبدأت في اتخاذ خطوات إيجابية، مثل إقامة علاقات مع الاتحاد البولندي لكرة الطائرة، نرى أن هذه الشراكة تتضمن إقامة مباريات ودية بين المنتخبين في جميع الأصناف العمرية، وهو ما أراه من أبرز الخطوات الإيجابية والضرورية للتطور بهذه الرياضة، لأنها ستخلق جيلاً من اللاعبين يمتلك الخبرة اللازمة للوصول إلى أعلى المستويات العالمية.”
حاورته: حليمة.خ



