ما مصير المنافسة المحلية؟ كرة اليد الجزائرية ماضي حافل وحاضر مبهم
عندما تصل رياضة ما إلى خطف الأضواء من كرة القدم، الأكثر شعبية في بلادنا، فمعنى ذلك أن هذه الرياضة وصلت إلى قمة تطورها وعطائها، ذلك هو الوضع الذي بلغته كرة اليد الجزائرية في سبعينيات وثمانينيات وتسعينات القرن الماضي، حين جلبت إليها حب وإعجاب وتعاطف الجمهور الجزائري بمختلف ميولاته الرياضية بعد أن سجلت درجة كبيرة من التطور على كل المستويات. بروز لعبة كرة اليد في تلك المرحلة تعدى المستوى الوطني إلى المستوى العربي، الإفريقي والدولي، ولا بد أن نتذكر الألقاب العربية والقارية التي نالتها الكرة الجزائرية ومشاركاتها العديدة في بطولة وكؤوس العالم، حيث كان الفريق الوطني يحظى باحترام المنتخبات الكبيرة في هذه اللعبة التي شهدت ثورة حقيقية في الجانب التكتيكي وعرفت آنذاك بالدفاع المتقدم الذي فاجأ به السباعي الجزائري منافسيه في بطولة العالم بإسلندا تحت قيادة المدرب البارع والخبير الدولي في كرة اليد، محمد عزيز درواز. هذا المستوى جعل من الفريق الوطني منافسا قويا بفضل امتلاكه لاعبين كبارا من أمثال عازب، بن جميل، حميش، محمد صغير، بن مغسولة، بودرالي، بوشكريو، دراوسي، معاشو، دوبالة، بن سجراري، مومن وداود، فضلا عن أن أغلب فرق النخبة كانت تعج باللاعبين القادرين على حمل الألوان الوطنية، ولذلك لم يجد الطاقم الفني الوطني صعوبات كبيرة لتجديد تعداد التشكيلة الوطنية كلما شعر بالحاجة إلى ذلك، وتلك هي القوة التي كانت تتمتع بها كرة ليد الجزائرية. لكن قد نخطئ في تحليلاتنا عندما نتكلم فقط على المراحل والعوامل التي ساهمت في تطور هذه الرياضة ونتناسى الأخذ بعين الاعتبار إنجازاتها في السبعينات، وأبرزها كان ميلاد فريق وطني أكابر ذكور تحت قيادة المدرب الروماني كوسطاش، وتلاه الفريق الوطني للإناث الذي قاده ببراعة كبيرة المدرب الوطني محمد الصغير جودي، منتخبان تألقا بقوة بفضل امتلاكهما لاعبين ولاعبات كانوا في قمة عطائهم، ونذكر على سبيل المثال لدى تشكيلة الإناث القائدة البارعة زهور قيدوش، ساهد نورة، أمالو صورايا وبلعباس عباسية. أما في تشكيلة الذكور فقد بلغت النجومية ذروتها بتواجد عناصر كانت بارعة ومتساوية في كل الجوانب، الفنية والتكتيكية والبدنية، ولا زالت الذاكرة تحتفظ إلى اليوم بالمباريات الكبيرة التي لعبها الإخوة بوزرار عز الدين وفاروق، لمجداني، بوراس، بوخبزة، عمارة، برغل، بن حمزة، الحارس الهاشمي وتأهلهم إلى نهائيات كأس العالم 1974 بألمانيا الديمقراطية سابقا، وإحرازهم ميداليتين ذهبيتين في دورات الألعاب الإفريقية، الأولى في دورة ليغوس بنيجيريا سنة 1973، والثانية في دورة الجزائر1978، على غرار ما حققه منتخب الإناث في نفس الدورة بالجزائر تحت قيادة المدرب محمد الصغير جودي. تلك الأجيال من اللاعبين واللاعبات تركت شرف استكمال مسيرة كرة اليد الجزائرية لأجيال أخرى تزامنت مرحلة تكوينها في الأندية مع تطبيق الإصلاح الرياضي الذي استغلته أندية كرة اليد أحسن استغلال، وشكلت الوعاء الحقيقي لتلك الرياضة في مجال التكوين الذي سمح بإعداد لاعبات ولاعبين كانوا يمثلون فعلا نخبة كرة اليد الجزائرية التي استمر تطورها في منحى متصاعد لسنوات أخرى، فلم تتخلف تلك الأجيال من اللاعبين عن استخلاف بعضها البعض على مستوى الأندية التي كانت تطبق مبدأ خير خلف لخير سلف. وارتفع مستوى الأندية التي تحولت إلى خزان حقيقي للفرق الوطنية بمختلف أصنافها لا سيما صنف الأكابر، حيث كان التنافس على أشده بين أبرز اللاعبين في البطولة للظفر بمكانة في التشكيلة الوطنية ذكور التي أحرزت سبعة ألقاب قارية، وشاركت 14 مرة في البطولة العالمية. ولم تكن المشاركة على المستوى الدولي حكرا على الفريق الوطني، بل تعدى ذلك أيضا إلى عدة أندية منها مولودية الجزائر، مولودية وهران اتحاد البناء، شباب باتنة واتحاد الأبيار.
شغور منذ 2013 وكورونا هاجس جديد
كما عرفت كرة اليد الجزائرية مع الألفية الجديدة حالة من الفراغ والشغور، الذي بلغ ذروته عندما توقفت كرة اليد الجزائرية في مفترق الطرق بسبب الأزمة الحادة التي دخلتها منذ 2013، توقفت على إثرها البطولة وأدت بها إلى الظهور بوجه شاحب وأداء للمنافسات الرسمية بفتور ظاهر للعيان، حيث لم يعد لا الجمهور الرياضي بصفة عامة ولا محبيها يهتمون بها في ظل الانقسام الحاصل بين مختلف الفاعلين الذين ساهموا في تطويرها وبلوغها العالمية. لتعرف سنة 2015 في مونديال قطر مشاركة كارثية باحتلال المركز الأخير و تلاه الغياب عن المحفل العالمي في مناسبتين عقب الإقصاء في بطولتي إفريقيا في 2016 و 2018 ، بمصر و الغابون ، لتعود التشكيلة الوطنية الواجهة في آخرة دورة إفريقية العام المنصرم ، و تظفر للطاقة التأهل لمونديال مصر العام الداخل ، لكن يطفو على السطح من جديد مشكل التحضيرات المنتخب و استئناف المنافسة في الموسم الجديد بالنسبة للأندية ، نظرا لتفشي فيروس كورونا الذي علقت على إثره كل الأنشطة الرياضية الجماعية و الفردية ، لكن ذلك لا يمنع أن تقدم الإتحادية صيغة المنافسة الجديدة التي لم تكشف عنها بعد . وهو ما أثار حفيظة الفرق التي لم تعرف بعد مستقبلها الذي لا يزال معلقا.
♦ الدولي السابق مصطفى دوبالة: “الوضعية غير مفهومة ومجهولة “
أعرب الدولي السابق نجم المنتخب الوطني لسنوات الثمانينات مصطفى دوبالة عن امتعاضه من الوضع الراهن الذي تعرفه كرة اليد الجزائرية، من خلال اتصال جريدة بولا به، قائلا:” نعلم أن هناك وضع خاص واستثنائي تعاني منه البلاد في كل القطاعات جراء تفشي فيروس كوروناّ، لكن كان من الأجدر على الإتحادية أن تضع ورقة الطريق تحدد بها نظام المنافسة الجديد عند الذكور والإناث، حتى لم تفصل في الموسم المنصرم، نحن نتجه هكذا للدخول لثاني موسم أبيض على التوالي. وهذا ما سيضر كرة اليد الجزائرية كثيرا”. كما استغرب دوبالة السماح لفرق كرة القدم فقط باستئناف تدريباتها بغض النظر عن بقية الرياضات، موضحا أنه بات إلزاميا التعايش مع هذا الوباء والوضع والسلاح هو في احترام وتطبيق البروتوكول الصحي وذلك لا يتحقق إلا بالاعتماد على أهل الاختصاص. الجدير بالذكر أن دوبالة هو رئيس نادي ودادية كرة اليد الوهرانية ويشتغل حاليا طبيب أسنان.
بن حدة