كريم بنزيمـة..”المشـاغب” الذي رفض الإفطار في المونديال
هي لحظات أشبه بضربة قاضية أو هدف ذهبي، قادرة على تغيير مجرى حياة أي شخص، تمنحه قوة وطاقة نور في أوقات عصيبة تكاد أن تعصف به، وفي ملاعب الرياضة هناك نجوم وأساطير، منهم من نشأ في ظل دين الفطرة وآخرون عادوا إليه بقناعة تامة، وما بينهما يبقى الإيمان والتسامح والهدف النبيل.
رغم المفاجآت العديدة والمنافسات القوية التي شهدتها بطولة كأس العالم 2014 لكرة القدم، التي استضافتها البرازيل، وشهدت تتويج المنتخب الألماني باللقب عن جدارة واستحقاق، إلا أن شهر رمضان المبارك نجح في فرض نفسه على كواليس البطولة لا سيما مع وجود عدد كبير من اللاعبين المسلمين، ضمن المنتخبات المشاركة وقتها في المونديال، ليصبح الموقف حائراً بين أجهزة فنية تصر على الإفطار، لتضمن جاهزية لاعبيها البدنية والفنية خاصة مع انطلاق فعاليات دور الـ16 للبطولة، الذي يعتبره كثيرون البداية الحقيقية للبطولة، وبين لاعبين لا يريدون التخلي عن ممارسة شعائرهم الدينية لا سيما إذا كان هذا الأمر هو صوم شهر رمضان الكريم. في تلك اللحظات خرج مهاجم المنتخب الفرنسي ونادي ريال مدريد الإسباني كريم بنزيمة، عن صمته، وأعلنها صراحة لن أفطر، وسأصوم الشهر الفضيل، أنا حريص على الصيام في التدريبات أو حتى في أيام المباريات، الأمر أفعله مع كل الأندية التي لعبت لها ومع فريقي ريال مدريد الإسباني، ولن أتخلى عنه حتى اللعب مع منتخب الديوك.
تصريحاته بشأن الصيام فاجأت الإتحادية الفرنسية
هذه التصريحات التي جاءت على لسان المهاجم الفرنسي ذي الأصل العربي، وجدت صدى ما بين مؤيد ومعارض، لكن الجميع أكدوا جرأته وصراحته، خاصة أن المنتخبات الأخرى التي تضم لاعبين مسلمين ضمن صفوفها، لم تُعلن موقفها بشكل واضح، ويبدو أنها تركت للاعبين وقتها حرية اتخاذ القرار، بينما رفض كثير من لاعبي هذه المنتخبات الكشف عن قرارهم، إذ أعلن بعض اللاعبين عن موقفهم صراحة، وكان في مقدمتهم كريم بنزيمة.
هكذا عاش المغترب الجزائري طفولته
هو كريم بنزيمة مواليد 19 ديسمبر 1987 لاعب كرة قدم فرنسي، مواليد مدينة ليون من أصول جزائرية عربية، استقرت عائلته في فرنسا منذ خمسينيات القرن الماضي حين انتقل جده من أبيه لكحل بنزيمة قادماً من مدينة بني دجليل في الجزائر، ليحط الرحال في مدينة برون الصغيرة بالقرب من ليون في فرنسا، وعاش بنزيمة طفولة صعبة نوعاً ما مع ثلاثة من أشقائه وخمس شقيقات، وكانت جدته يامنة من أهم المعيلين لهذه العائلة مع والده حفيظ.
من مدرسة ليون كانت الانطلاقة
كروياً برزت موهبته حين كان في الفئات السنية مع فريق برون في ضواحي ليون، فانتبه إليه كشافة أكاديمية ليون الفرنسية ليتعاقدوا معه فتحول بعدها إلى أبرز لاعبي ليون، حيث قاد فريقه للعديد من الألقاب في فرنسا، ثم جاء الانتقال إلى ريال مدريد بصفقة بلغت 35 مليون يورو ليبدأ مساراً جديداً من الشهرة العالمية مع فريق هو الأشهر والأغنى في العالم. يحرص المهاجم الفرنسي، صاحب الأصل العربي الجزائري، على قراءة ما تيسر له من القرآن الكريم قبل بدء أي مباراة أو حتى قبل خوض التدريبات، لأنه حسب قوله يشعر بالراحة الكبيرة والثقة في النفس عندما يقرأ أو يستمع إلى كلام الله، عز وجل، ولعل الصورة التي يراها الجميع لمهاجم النادي الملكي، قبل انطلاقة أي مباراة، وهو يتمتم بالقرآن الكريم قبل أن يمسح بكفيه على وجه، دليل على مدى تمسكه بدينه بالرغم من كل المواقف التي تعرض لها من اتهامات غير أخلاقية.
العنصرية أبعدته عن الديكة بسبب أصوله
لم تكن هذه المرة الأولى التي يكون فيها مهاجم ريال مدريد الإسباني كريم بنزيمة مثار جدل ومناقشة في أواسط الكرة العالمية، فقبل أيام قليلة من انطلاقة بطولة أمم أوروبا يورو 2016، التي استضافتها فرنسا، صرح الفرنسي كريم بنزيمة، مهاجم ريال مدريد الإسباني لكرة القدم، أن مدرب المنتخب الفرنسي، ديدييه ديشان، انصاع للعنصريين في بلاده حين استبعده عن تشكيلة منتخب الديوك المشاركة في البطولة، ورأى المهاجم الفرنسي أن أصوله الجزائرية لعبت دوراً في استبعاده عن النهائيات، وكذلك الحال بالنسبة لنجم فريق نيس حاتم بن عرفة، التونسي الأصل، بالرغم من مستواه المميز. وقال المهاجم الفرنسي لصحيفة ماركا الإسبانية، «قالوا إنه لا يمكن استدعائي بسبب مستواي وأنا حقيقة لا أصدق هذا الأمر»، وأضاف مهاجم ريال مدريد: “استسلم ديشان للجانب العنصري في فرنسا، لا أعلم هل هو قراره فقط أم لا لأن علاقتي جيدة معه، وكذلك رئيس الاتحاد الفرنسي (نويل لوغريت) والجميع”.
قصف لوغريت بتصريحات قوية
وأثارت تصريحات كريم بنزيمة، التي نشرتها صحيفة «ماركا» الرياضية الإسبانية، وابلاً من ردود الفعل والتعليقات على الساحتين الرياضية والسياسية. وخرج رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، نويل لوغريت، في تصريح للصحافة الفرنسية من مقر تجمع المنتخب الفرنسي في النمسا، إن الاتحاد الذي يرأسه “يرحب بكل الناس مهما كانت أصولهم أو معتقداتهم”. وأضاف: «تعلمون أني أحب بنزيمة ولن أغير رأيي اليوم بسبب هذه التصريحات الصحافية، ما أعرفه أنه يحب المنتخب الفرنسي ويريد العودة إليه»، معتبراً تصريحات المهاجم الفرنسي “يائسة”. يذكر أن إيريك كانتونا نجم وقائد منتخب فرنسا السابق، قد وجه أيضاً، اتهاماً لديدييه ديشان باستبعاد بنزيمة وحاتم بن عرفة بسبب أصولهما العربية. وقال محامي ديشان إنه ينوي إقامة دعوى قضائية ضد كانتونا بتهمة القذف، خاصة أن هناك منافسة شرسة بين هذا الثنائي منذ حمل ديشان شارة قيادة فرنسا بدلاً من كانتونا في منتصف تسعينيات القرن الماضي وقاد بلاده للفوز بكأس العالم 1998 وبطولة أوروبا 2000.
محطات في مسيرته
رفض المشاركة مع منتخب الجزائر في ديسمبر 2006 وقال: الجزائر بلد والديّ وهي بقلبي، لكن في كرة القدم سوف ألعب فقط للمنتخب الفرنسي. تلقى في 28 مارس 2007 بنزيمة استدعاء رسمياً من المنتخب الفرنسي لمواجهة منتخب النمسا وسجل هدف الفوز لمنتخب الديوك في هذه المباراة. جدد بنزيمة في 13 مارس 2008 عقده مع نادي ليون وربطه إلى عام 2013، وبعد تجديد عقده مع الفريق أصبح صاحب أعلى راتب للاعبي كرة القدم في الدوري الفرنسي. في 1 يوليو 2009 أُعلن أن نادي ليون توصل إلى اتفاق مع نادي ريال مدريد الإسباني بشأن انتقال اللاعب كريم بنزيمة والصفقة قُدرت وقتها بـ35 مليون يورو. شارك في أول لقاء له مع ريال مدريد في 20 يوليو 2009 خلال فترة الاستعدادات أمام شامروك روفرز الأيرلندي في دبلن العاصمة، ودخل في الشوط الثاني وسجل هدفاً للفريق.
نور الدين عطية