عرفت انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة … المدارس الكروية في الجزائر بين التكوين والربح السريع
انتشرت في الجزائر مؤخرا ظاهرة الأكاديميات الكروية التي تعنى باكتشاف المواهب الشابة وصقل مواهبها وإعدادها لتقمص ألوان الأندية المحلية أو الفرق الكبيرة، غير أن البعض ينظر إليها بعين الشك والريبة ويرى أن هدفها مادي بالدرجة الأولى وليس التكوين. وأكاديمية برشلونة وآي سي ميلان وإسبانيول وبلد الوليد وغيرها أمثلة من بين المدارس التي أنشئت بالجزائر مؤخرا بحثا عن نجوم المستقبل، غير أن الالتحاق بها يبقى حكرا على الميسورين فقط، نظرا للمبالغ التي يدفعها المنتسبون إليها والتي تبقى بعيدة المنال عن فئة من العائلات ذات الدخل المحدود.
زطشي صنفها ضمن خانة التجارة والربح السريع
وبين الاستثمار من أجل المال أو اكتشاف المواهب من أجل الكرة، يبقى الإشكال قائما بشأن “المدارس الكروية الهادفة إلى الربح السريع” على حد وصف رئيس نادي بارادو خير الدين زطشي الذي انتقد أهداف تلك المدارس عندما قال بأن هذه المدارس الكروية تصنف ضمن خانة التجارة والربح السريع. ويقول المعارضون لفكرة قيام مدارس كرة القدم على مبدأ الربح إنهم ليسوا ضد فكرة الإعداد ،لكن في حال تغليب الجانب المادي على التكوين فإن هذه المدارس الكروية تصنف ضمن خانة التجارة والربح السريع، دون مراعاة جانب الهيكلة والتطوير مؤكدين بأن فلسفة الأكاديميات يجب أن تعتمد على الانتقاء والتنقيب على المواهب الشابة في القطر الجزائري وبعد ذلك يتم اختيار أحسن العناصر التي سيكون لها مستقبل واعد في عالم كرة القدم. وأوضح السيد كازي تاني رئيس مدرسة المنصورة لتكوين المواهب الشابة أنه لا تستهويه فكرة المدارس الكروية قائلا:” فمثلا لا أستطيع جلب طفل لأكاديمية وعمره ست سنوات، قد أكون سببا في حرمانه من حنان والديه”، وأضاف “هذه ليست مدرسة كروية إنما روضة للأطفال”.
خبراء التكوين يؤكدون الفرق الشاسع بين أكاديمية بارادو وهذه المدارس
ويرى العديد من خبراء التكوين أن الفرق شاسع بين أكاديمية بارادو وهذه المدارس حيث أن الفرق هو أن أكاديمية بارادو تبدأ التكوين والإعداد في سن مبكرة بين 12 و13 سنة، فاللاعبون يتدربون ويدرسون ويمارسون حياتهم اليومية داخل الأكاديمية كما هو الحال في البلدان المتطورة. ويرفض العديد من العارفين بخبايا التكوين فكرة التكوين المطبقة في الجزائر وفق أساليب أوروبية مؤكدين بأنه شئنا أم أبينا تبقى أكاديمية بارادو خزانا للكرة الجزائرية وخير دليل على ذلك رامي بن سبعيني وعطال اللذان يعتبران علامة محلية مسجلة.
في المقابل، يرى بعض أصحاب تلك المدارس الكروية أن غياب التكوين في الجزائر كان دافعا قويا من أجل ربط الاتصالات بأوروبا لإنشاء مدارس كروية تتكفل بصقل المادة الخام لأطفال يملكون مؤهلات تسمح لهم بالتألق مستقبلا وأن هذه المدارس مهيكلة بطريقة قانونية، وأن المدربين الذين يتكفلون بهؤلاء الأطفال محترفون، مدافعين عن المبدأ أو الغرض من إنشاء تلك المدارس نافين أن يكون الغرض من المدرسة الكروية ربحيا، مؤكدين أن كل دينار يأخذونه من أولياء الأطفال يسددون به فواتير إيجار الملاعب والكرات والعتاد.
من جهة أخرى يعتقد البعض الآخر أن ممارسة رياضة كرة القدم لا تقتصر على الفقراء، فالتكوين داخل تلك المدارس شبيه بالمدرسة التي يرتادها التلاميذ كل يوم فهناك تلميذ نجيب وآخر فاشل والوضع نفسه ينطبق على المدارس الكروية و ليس من الضرورة أن يصبح كل الملتحقين بتلك المدارس نجوما ومن طينة واحدة وبالمؤهلات نفسها ،مخيرين الأولياء بين بقاء أبنائهم في الشارع عرضة لمختلف الآفات الاجتماعية أو التكفل بهم في المدارس الكروية أخلاقيا ورياضيا معللين فكرة البحث عن الربح المادي بعدم ضمان بقاء هؤلاء الأطفال في مدارسهم قبل وصولهم سن 18 بحيث لا أحد يضمن بقاء اللاعب إذ أن العديد من اللاعبين ينتقلون إلى فرق أخرى دون الحصول على شيء أو على الأقل سماع كلمة شكر، و من هنا فإن البحث عن المصلحة المادية يبقى ضروريا لحفظ حقوق المدارس الكروية .ويبدو أن المدارس والأكاديميات الكروية في الجزائر استثمار مربح ومضمون عاجلا أم آجلا، بينما يبقى حلم النجومية والعالمية مرهون بموهبة اللاعب.
آراء المختصين
♦ قصوري رمزي مدرب نادي وداد علي منجلي:
“طبعا إنشاء مدارس كرة قدم يهدف إلى التكوين في المقام الأول وذلك متوقف على ما يوجد من إمكانيات في كل مدرسة بدءاً بالمدربين والمربين والعتاد وأماكن التدريب، والفلسفة التي تعتمد عليها مدرستنا هي أننا سطرنا برنامجا منذ البداية أساسه صقل ومساعدة اللاعبين وتطويرهم والذهاب بهم إلى أكبر النوادي، بعيدا عن الربح والبحث عن المصلحة المادية.”
♦ سيدي محمد كازي تاني رئيس أكاديمية المنصورة بتلمسان:
“للأسف بعض المدارس تتعامل مع اللاعبين بمبدأ الفائدة أي أنها ترى في اللاعب قيمة مالية أكثر من شيء آخر. والمبالغ التي تسميها مصاريف التكوين مبالغ فيها بالنظر إلى أن اللاعب بحد ذاته يعتبر ذو قيمة عند إنتهاء مرحلة تكوينه، وبالتالي يصبح مصدر دخل ويعود بالفائدة على الأكاديمية التي تكون فيها وبالتالي فإنه لا داعي لدفع المال إذا كان هو مصدرا للمال. ولا أخفي عنك بأنه كثرت المدارس الوهمية التي لا هم لها سوى ربح المال السريع من وراء اللاعبين دون التفكير فيما إن كان هذا اللاعب سينجح أو لا، وبالتالي تصبح المعادلة هنا ربحية محضة وأنا في أكاديميتي ضد استغلال اللاعبين بأي شكل من الأشكال ومبلغ الإشتراك هو رمزي بالنظر لما نوفره للاعب من تكوين تربوي ورياضي، بالإضافة لضمان كل مستلزمات التدريب والحقيبة الرياضية بكل أغراضها. لذا أود أن أختم كلامي بأن اللاعب أمانة وليس مصدرا للربح السريع.”
♦ جمال عايش مدرب أكاديمية بارادو:
“على حسب وجهة نظري التكوين والربح الإثنين معا يجب أن نبحث عنهما بالطبع، فكل مشروع لا بد أن يعود بالفائدة وإلا فكيف للمشروع أن يستمر، لأن الاستثمار يعتمد على مبدأ الربح والخسارة وهذا ما ينطبق على طريقة تسيير مدارس كرة القدم، ومثلما تضمن للاعب حقوق التكوين فيجب أن تحفظ حقوق الاكاديمية.”
♦ ضيافات حمودي رئيس مدرسة أمل برج بوعريريج لكرة القدم:
“في الآونة الأخيرة نلاحظ تأسيس عدة مدارس ،بحيث تنقسم إلى نوعين النوع الاول مدرسة تهدف إلى التكوين وتستغل نشاطاتها من طرف الممولين وإعانات الدولة، وذلك يكون متاحا لعامة الناس للانضمام للمدرسة ، فحسب نظري تكون هناك نتائج ولاعبين ممتازين، أما النوع الثاني مدرسة هدفها الربح وتعتمد نشاطاتها على مبلغ الاشتراكات الشهرية أو السنوية للاعبين، فبعض الجمعيات وخاصة التي تعتمد على أسماء الأندية الأوروبية تطالب بمبالغ كبيرة ، بملخص القول كرة القدم ليست للفقراء وطريقة العمل تقوم بدون انتقاء أو تجارب فمن سجل يلتحق بالنادي، و أنا حسب وجهة نظري لا تحقق النتائج المرجوة.”
سنينة مختار