ماجد باسنبل (الأمين العام للاتحاد العربي لألعاب القوى): ” وهران أبهرتنا وكنا نتوقع نجاح البطولة بشكل كبير”

حققت البطولة العربية لألعاب القوى في مدينة وهران نجاحًا كبيرًا، سواء على المستوى التنظيمي أو الفني، ما جعلها محط إشادة واسعة من الرياضيين والمختصين في المجال. هذا الحدث الرياضي لم يكن مجرد منافسة إقليمية، بل شكل محطة رئيسية لتحضير العدائين العرب للاستحقاقات الدولية المقبلة، مما يعكس أهمية توقيت البطولة ودورها في رفع مستوى الرياضيين. في هذا الحوار الحصري، يتحدث ماجد باسنبل، الأمين العام للاتحاد العربي لألعاب القوى، عن رهانات البطولة العربية، الجهود التنظيمية التي قادها الاتحاد الجزائري، تقييم الأداء الفني، والطموحات المستقبلية لضمان اعتراف دولي أكبر بهذا الحدث الرياضي.
منذ البداية، كان هناك رهان كبير على نجاح البطولة العربية في وهران. ما الأسباب التي دفعتكم للاعتقاد بأن هذا الحدث سيحقق نجاحًا بهذا الحجم؟
” نجاح أي بطولة رياضية لا يعتمد فقط على المستوى الفني للرياضيين المشاركين، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعوامل أخرى تتعلق بالتحضير والتنظيم والتعاون بين مختلف الهيئات المشرفة عليها. من هذا المنطلق، كنا ندرك منذ البداية أن البطولة العربية في وهران ستكون على مستوى عالٍ، نظرًا لما لمسناه من احترافية كبيرة من الاتحاد الجزائري لألعاب القوى ووزارة الرياضة، فضلًا عن الجهود التي بذلها القائمون على التنظيم في المدينة. وهران لم توفر فقط البنية التحتية اللازمة، بل عملت على ضمان بيئة مثالية للرياضيين، حيث تم تسخير كل الإمكانيات لضمان نجاح البطولة. هذا النوع من الالتزام والتخطيط الدقيق يجعل أي حدث رياضي يتميز بالسلاسة والفاعلية، وهو ما انعكس على رضا جميع المشاركين”.
كيف تقيّم المستوى الفني الذي شهدته هذه النسخة من البطولة العربية؟
“المستويات الفنية التي شاهدناها كانت مميزة للغاية خصوصًا أننا نمر بمرحلة حساسة في الموسم الرياضي، حيث تقترب المنافسات العالمية، مما جعل البطولة محطة مثالية للرياضيين العرب لاختبار جاهزيتهم. هذا كان أحد الأهداف الأساسية لإجراء البطولة العربية في هذا الوقت بالذات، بحيث تمنح العدائين فرصة للتحضير الجيد قبل دخول المنافسات الدولية. لا يمكننا الحديث عن تطوير ألعاب القوى العربية من دون خلق فرص احتكاك مستمر بين الرياضيين في بيئة تنافسية حقيقية، وهذا ما حققته هذه البطولة. رأينا أرقامًا مشجعة، وأداءً قويًا من الرياضيين الذين استفادوا من مستوى المنافسة المتقدم، وهو ما يعطينا دافعًا للاستمرار في تطوير هذا الحدث ليكون أكثر أهمية على الساحة العالمية”.
بالنظر إلى التنظيم المتميز في هذه النسخة، هل يمكن القول إن البطولة العربية أصبحت تضاهي بعض البطولات القارية؟
“أؤكد دون تردد أن هذه البطولة كانت نموذجًا يحتذى به في كل الجوانب، سواء من حيث الاستضافة، أو الوسائل المسخرة، أو حتى في حسن التنظيم داخل وخارج المسابقات. عندما ترى هذا المستوى من التحضير والاهتمام بكل التفاصيل، تدرك أن البطولة العربية لألعاب القوى أصبحت فعليًا على مستوى عالٍ، وقادرة على منافسة البطولات القارية من حيث الجودة والتنظيم. هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة جهود متواصلة لضمان أن تكون البطولة العربية حدثًا استثنائيًا يجذب الرياضيين العرب ويحافظ على مكانته في الأجندة الرياضية. ما يثلج صدورنا أكثر هو أن الدول المشاركة عبرت عن رضاها التام، بل وذهبت أبعد من ذلك حين وصفت التنظيم بأنه “مبهر”، وهذا يعكس مدى التقدم الذي وصلت إليه الرياضة العربية في توفير منافسات بمستوى عالمي”.
كيف يمكن للبطولة العربية أن تلعب دورًا أكبر في دعم الرياضيين العرب للوصول إلى البطولات العالمية؟
“اليوم، أي رياضي يطمح للوصول إلى المستوى العالمي يحتاج إلى بيئة تنافسية تساعده على التطور تدريجيًا، والبطولة العربية توفر هذه الفرصة. هذا الحدث يمنح العدائين حافزًا قويًا لتقديم أفضل مستوياتهم، خاصة أن الفوز فيه يساعدهم في تحسين تصنيفهم وتأهلهم إلى المنافسات الكبرى مثل بطولة العالم أو الألعاب الأولمبية. هناك دراسات جارية حاليًا داخل الاتحاد الدولي لألعاب القوى من أجل **تصنيف البطولة العربية ضمن الأجندة الدولية، حتى يتمكن الرياضيون المشاركون من كسب نقاط إضافية تعزز فرصهم في التأهل إلى المنافسات العالمية. هذا التطور سيكون بمثابة نقلة نوعية للبطولة العربية، إذ سيجعلها أكثر جاذبية للرياضيين الدوليين، ويضمن تموقعًا أفضل لها ضمن البطولات العالمية”.
هناك حديث عن إمكانية تعديل توقيت البطولة العربية مستقبلاً. هل هذا خيار مطروح؟
“بالفعل، هناك مناقشات حول إمكانية تنظيم البطولة في منتصف الموسم بدلًا من بدايته، وذلك لضمان جاهزية أكبر للرياضيين عند خوض المنافسات العربية. حاليًا، البطولة تقام في بداية الموسم، مما يعني أن العديد من الرياضيين لا يكونون في أفضل حالاتهم البدنية بعد، بينما إقامة البطولة في منتصف الموسم سيجعل المنافسة أكثر إثارة، ويمنح العدائين الفرصة لتحقيق أرقام أفضل، مما يعود بالنفع عليهم على المستوى الدولي. بطولات مثل البطولة الأوروبية والبطولات العالمية عادةً تُقام في ذروة الموسم الرياضي، وهو نموذج يمكننا الاستفادة منه لضمان أعلى مستوى من التنافس والجاهزية. لذلك، نطمح أن نجد صيغة مناسبة تتيح لنا تنظيم البطولة العربية بحيث تكون جزءًا من الأجندة الدولية، وفي توقيت يتيح للرياضيين تقديم أفضل ما لديهم”.
بالنظر إلى كل هذه التطورات، كيف ترى مستقبل البطولة العربية لألعاب القوى؟
“البطولة العربية ليست مجرد حدث إقليمي، بل أصبحت منصة رئيسية لتمكين الرياضيين العرب من المنافسة والاستعداد للمحافل الدولية. نطمح لجعلها محطة ضرورية لكل رياضي يسعى للوصول إلى العالمية، ونريد أن يكون حضورها قويًا في أجندة الاتحاد الدولي، حتى يحصل المشاركون فيها على نقاط تأهيلية ترفع من فرصهم في المنافسات الكبرى.
كما نسعى لتوسيع نطاق المشاركة وجذب المزيد من الدول، مما سيعزز مستوى البطولة ويجعلها أكثر تأثيرًا في تطور ألعاب القوى العربية. كل هذا يأتي ضمن استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى خلق نظام تنافسي متكامل يساعد الرياضيين العرب في تحقيق أهدافهم وإثبات وجودهم في المشهد الرياضي الدولي، وكلما تطورت البطولة العربية، زادت فرص الرياضيين العرب في التألق عالميًا، وهو الهدف الأسمى الذي نعمل لأجله.
تغطية: مصطفى خليفاوي / نبيل شيخي
تصوير: عبد الكريم مكالي