حوارات

مجاهد أنس (لاعب أولمبي الشلف لفئة أقل من 15سنة): “كرة القدم ليست موهبة فقط بل إنضباط لا يتوقف”

في عالم كرة القدم، يندر أن تجد لاعبًا صغير السن يجمع بين الانضباط، الصلابة الدفاعية، والقيادة في أرضية الميدان. مجاهد أنس، من مواليد 31 جويلية 2010، مدافع محوري وقائد لفريقه في فئة الأصاغر، يختتم موسم 2024/2025 بسجل حافل بالاستمرارية، الاستقرار الفني، والروح القيادية.لم يتغيب عن أي حصة تدريبية أو مباراة رسمية وودية، لعب 39 مباراة كأساسي في مختلف المنافسات، بمعدل 2340 دقيقة، دون أي بطاقة حمراء، وساهم في حفاظ فريقه على لقب “أحسن دفاع” لموسمين متتاليين، إضافة إلى تتويجه بثلاث بطولات متتالية جهوية وولائية. كما شارك في مختلف التجمعات الانتقائية للمنتخب الوطني وجهوي البليدة.

في البداية، كيف تقيم موسمك الكروي 2024/2025 من الناحية الشخصية والجماعية؟

“موسم 2024/2025 كان استثنائيًا بكل المقاييس. على المستوى الفردي، شعرت أنني تطورت كثيرًا من ناحية القراءة الجيدة للهجمات، التمركز، وحتى من حيث القيادة داخل الملعب. لعبت كل المباريات كأساسي، ولم أتغيب يومًا عن أي حصة أو لقاء، وهذا ما جعلني أعيش الموسم بأكمله في تركيز واستمرارية. أما على الصعيد الجماعي، فقد حققنا أهدافنا كاملة: لقب جهوي، بلاي أوف، والحفاظ على أقوى خط دفاع، دون أي هزيمة.كانت رحلة مليئة بالإصرار والتحدي.”

ما الذي يميزك كلاعب في مركز قلب الدفاع؟

“أعتقد أن أبرز ما يميزني هو هدوئي تحت الضغط، قدرتي على قراءة اللعب، والتموقع الجيد الذي يسمح لي بقطع الكرات قبل أن تشكل خطرًا. كما أنني أمتلك بنية جسدية محترمة بالنسبة لسني، وهذا يساعدني كثيرًا في المواجهات الثنائية. لكن الأهم من كل ذلك هو التركيز العالي طوال المباراة، وهو ما أحرص عليه منذ الدقيقة الأولى حتى صافرة النهاية.”

كيف كان شعورك وأنت تقود الفريق طيلة الموسم؟

“تحمّل شارة القيادة مسؤولية كبيرة، خاصة عندما تكون في فريق يضم مواهب كثيرة وتطمح لتحقيق الألقاب. كنت دائمًا أحاول أن أكون قدوة داخل وخارج الملعب، سواء بالانضباط أو الروح القتالية. القائد الحقيقي ليس من يصرخ فقط، بل من يعطي المثل في السلوك والالتزام. الشارة جعلتني أنضج أكثر، وأتعلم كيف أُحفّز زملائي ونواجه الصعوبات معًا.”

حدثنا عن التتويجات الثلاث التي حققتها خلال السنوات الأخيرة؟

“كل لقب كان له طعم خاص. الأول في موسم 2022/2023 كان بمثابة الحلم لأنه أول تتويج رسمي لي. أما لقب 2023/2024 مع نخبة الرابطة الجهوية فكان تأكيدًا على أننا فريق قوي وله مشروع. أما لقب هذا الموسم 2024/2025 فكان الأصعب، لأننا لعبنا مباريات فاصلة قوية جدًا في البلاي أوف، ونجحنا في تجاوزها بروح جماعية عالية وثقة في النفس.”

كيف تمكنت من اللعب 39 مباراة دون غياب أو إصابة؟

“الأمر يعود إلى الانضباط في التدريبات، التغذية الجيدة، والراحة المنتظمة. أحرص دائمًا على النوم مبكرًا، وأتفادى الأمور التي قد تؤثر على لياقتي. كما أنني أستمع لنصائح المدرب والطاقم الفني، وأحترم البرنامج البدني المخصص لكل أسبوع. أعتقد أن اللاعب المحترف يبدأ من هذه التفاصيل الصغيرة.”

ما هي اللحظة التي لن تنساها هذا الموسم؟

“لحظة التتويج بلقب البلاي أوف بعد المباراة النهائية كانت من أقوى اللحظات في حياتي. شعرت حينها أن كل الجهد والتعب طول الموسم لم يذهب سدى. دموع الفرح، احتفالات زملائي، فخر العائلات والمدربين، كلها صور ستبقى محفورة في ذاكرتي.”

كيف كانت مشاركاتك في تجمعات المنتخبات الجهوية والوطنية؟

“كانت تجارب مفيدة جدًا لي، خصوصًا أنها سمحت لي بالاحتكاك بلاعبين من مختلف الولايات، واكتشاف أساليب لعب جديدة. التجمع الوطني بوهران بالذات كان فرصة ذهبية لأننا كنا تحت أنظار مدربين وطنيين. شعرت بالفخر لأنني كنت من بين اللاعبين المختارين، وهذا يعطيني دافعًا كبيرًا للعمل أكثر.”

من هو المدرب الذي ترك فيك أثراً كبيرًا؟

“كل المدربين الذين تعاملت معهم قدموا لي شيئًا مهمًا، لكن هناك مدربًا خاصًا آمن بي منذ البداية، المدرب حدي عبد القادر منحني الثقة الكاملة لأكون قائد الدفاع. كان دائمًا يكرر لي أن المدافع الجيد لا يركض كثيرًا بل يفكر كثيرًا، وهذا ما علّمني كيف أستخدم عقلي قبل قدمي في اللعب.”

كيف توفق بين الدراسة والرياضة؟

“أنا تلميذ مجتهد أيضًا، وأعرف جيدًا أن المستقبل لا يصنع فقط بالكرة. أخصص وقتًا محددًا كل يوم للمراجعة، وأستغل الأوقات بين الحصص أو في العطل للمذاكرة. دعم عائلتي كان له دور كبير في هذا التوازن.”

من هو قدوتك في كرة القدم؟

“أعشق طريقة لعب المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك. قوته البدنية، هدوءه، وتمركزه المثالي كلها أشياء أحاول أن أتعلم منها. كما أنني أتابع كثيرًا المدافعين في الدوري الإسباني والإيطالي لأستفيد من تنقلهم داخل منطقة الجزاء.”

ما هو طموحك خلال الموسم المقبل؟

“طموحي هو أن أواصل اللعب بنفس الروح والانضباط، وأن أتحسن أكثر من الناحية التكتيكية والفنية. كما أتمنى أن يتم استدعائي مجددًا لتجمعات المنتخب، وأن أمثل الجزائر يومًا ما في المحافل الدولية.”

كيف تصف دعم عائلتك لك؟

“عائلتي هي الداعم الأول لي. والدي يرافقني دائمًا في المباريات، وأمي تهتم بكل ما يخص راحتي. بدون هذا الدعم، لا يمكنني تحقيق أي شيء. هم من يصبرون على تعبي، ويشجعونني حتى في الأوقات الصعبة.”

هل تفكر في الاحتراف مستقبلاً؟

“نعم، هذا حلمي منذ الصغر. أريد أن أصل إلى أعلى المستويات، ألعب في نادٍ كبير، وأمثل الجزائر في المحافل الدولية. لكنني أعلم أن الطريق صعب ويحتاج إلى صبر وعمل كبير، وهذا ما أركز عليه الآن.”

كلمة أخيرة…

“أشكر كل من آمن بي، من عائلتي إلى مدربي وزملائي. وأقول لكل لاعب شاب: آمن بنفسك، كن منضبطًا، واصبر، فالنجاح لا يأتي صدفة بل هو نتيجة تعب يومي. وإن شاء الله القادم أفضل بإذن الله.”

حاوره: سنينة. م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى