محلل الفيديو..مهنة جديدة فرضها التطور التكنولوجي
مع ظهور التكنولوجيا في عالم كرة القدم، برزت مهنة جديدة تفرض وجودها في الأندية والمنتخبات. هذه المهنة هي محلل الفيديو الذي أصبح جزءًا أساسيًا من الجهاز الفني. فمحلل الفيديو هو المحرك الخفي في فريق كرة القدم، الذي يعمل خلف الكواليس لتقديم رؤى وتحليلات لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة.
فهو ليس مجرد متابع للمباريات، بل هو العقل الذي يحلل كل تفصيلة في المباراة والتدريبات ليقدم معلومات دقيقة تساهم في تحقيق الفوز. التكنولوجيا هي العمود الفقري لعمل محلل الفيديو. بفضل برامج مثل Sportscode وOpta، يستطيع المحللون تحويل كل لقطة إلى بيانات إحصائية قابلة للقراءة والتطبيق. هذه التقنيات تسمح بتقديم تحليل شامل لأداء اللاعبين والنظام التكتيكي للفريق. عمل المحلل لا يتوقف عند تسجيل المباريات، بل يمتد إلى تحليل كل لحظة بدقة، بدءًا من تحركات اللاعبين إلى القرارات التكتيكية. من خلال هذه التحليلات، يُمكن للمدرب أن يحدد مواطن القوة والضعف، مما يسهم في تحسين الأداء بشكل شامل. رغم أن مهنة محلل الفيديو شائعة على المستوى العالمي، إلا أنها في الجزائر لا تزال في مراحلها الأولى.
الحاجة ماسة لتعزيز هذه المهنة وتوفير الفرص للشباب المختصين للعمل في الأندية والمنتخبات الوطنية لتطوير كرة القدم الجزائرية. لا شك أن مهنة محلل الفيديو أصبحت جزءًا أساسيًا من نجاح الفرق الرياضية حول العالم. في الجزائر، يتطلب هذا المجال المزيد من الاهتمام من القائمين على كرة القدم الوطنية، حيث يجب تعزيز وتكثيف الدورات التدريبية المتخصصة. هذه الدورات ليست فقط لتزويد العاملين في المجال بالمهارات التقنية، بل يجب أن تكون موجهة أيضًا لأصحاب الاختصاص الذين تتوفر فيهم الشروط الضرورية مثل المعرفة العميقة بكرة القدم، الخبرة العملية، والمستوى العلمي المطلوب .
أسامة حماني (محلل الأداء بالفيديو ومدرب):“محلل الفيديو قطعة أساسية ضرورية في الطاقم الفني”
في حديثه لجريدة بولا، تحدث المدرب والمحلل أسامة حماني عن أهمية تقنية تحليل الفيديو في تطوير كرة القدم الجزائرية ودورها الحاسم في تحسين الأداء التكتيكي والفني للفرق. حماني، الحاصل على ماستر في علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية، إلى جانب عدة شهادات تدريبية وتحليلية من الاتحاد الجزائري لكرة القدم وشركات ألمانية، شارك خبراته وآراءه حول مستقبل هذه التقنية في الجزائر. يؤكد حماني أن “محلل الفيديو أصبح اليوم جزءًا لا يتجزأ من الطاقم الفني لأي فريق، حيث يعمل على متابعة وتقييم الجانب الفني والتكتيكي للاعبين من خلال تحليل خطط اللعب، التحركات، وغيرها من الأمور التكتيكية التي تساعد في تطوير هوية الفريق”.
كما يضيف أن هذه التقنية أصبحت وسيلة أساسية لتحديد مستوى الفرق وتقييم الأداء بشكل دقيق. يتطرق حماني أيضًا إلى التحديات التي تواجه محللي الفيديو في الجزائر، وأبرزها غلاء أسعار برامج التحليل وقلة توفر مباريات الفرق الأخرى بجودة مناسبة للتحليل. يوضح أن “محلل الفيديو يحتاج إلى وسائل تقنية متطورة مثل عتاد التصوير وبرامج التحليل المتقدمة”، ويؤكد أن الجودة الرديئة لبعض المواد المصورة المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي تعرقل عمل المحللين وتقلل من دقة التحليل.
“متفاؤل بالمستقبل رغم الصعوبات”
على الرغم من التحديات، يعبر حماني عن تفاؤله بمستقبل تقنية التحليل في الجزائر، مشيرًا إلى التحسن الملحوظ في جودة نقل المباريات وبناء ملاعب جديدة. ويضيف أن وجود جيل من المدربين الشباب الذين يؤمنون بأهمية العمل الجماعي داخل الطاقم الفني يعزز فرص تبني هذه التقنيات مستقبلاً. وعند سؤاله عن أثر تحليل الفيديو على اللاعبين، أكد حماني: “لتقنية تحليل الفيديو إيجابيات كثيرة، فهي تساهم في تحسين الجانب التقني والفني للاعبين، وتساعد الفرق على فهم نقاط القوة والضعف للفرق المنافسة”. ويشير إلى أن هذا ما يفتقده الكثير من اللاعبين الجزائريين، ويعتبر أن التحليل يمكن أن يسهم في سد هذه الفجوة.
“هذه هي رسالتي للفاعلين في الشأن الكروي”
في ختام حديثه، دعا أسامة حماني الفاعلين في الشأن الكروي إلى الاهتمام بالتقنيات الحديثة في مجال التحليل والتدريب، مشددًا على أن ذلك يصب في مصلحة تطوير كرة القدم الجزائرية. كما وجه شكره لجريدة بولا على إتاحة الفرصة لتسليط الضوء على هذا الموضوع المهم والحساس.
بن حبرية طارق (محلل الأداء بالفيديو ومدرب):“ينبغي لكل الفرق استخدام هذه التكنولوجيا”
صرح بن حبرية طارق لجريدة بولا حول أهمية التحليل بالفيديو وتواجد محلل الأداء في الطاقم التدريبي قائلاً: “تواجد محلل الأداء في الطاقم الفني ضروري للغاية، حيث يساعد الفريق في العديد من الجوانب، وأهمها الجانب التكتيكي، سواء بشكل جماعي أو فردي. كما يمكن من معرفة طريقة لعب الخصم. هذه المهنة تحتاج إلى تسليط الضوء عليها عبر وسائل الإعلام الرياضية ووسائل التواصل الاجتماعي، ويجب استضافة أشخاص يمارسونها للتعرف على ماهية تحليل الأداء وأهميته بالنسبة للفرق.” وأضاف: “من وجهة نظري، ينبغي لكل الفرق استخدام هذه التكنولوجيا، سواء في البطولة المحترفة أو غيرها. على سبيل المثال، أستعمل هذه التقنية مع الفئات الصغيرة تحت 11 سنة لمراقبة الأداء الفردي من الناحية المهارية. هذه التكنولوجيا تساهم بشكل كبير في رفع المستوى الفني، سواء فردياً أو جماعياً. على المستوى الفردي، تساعد على تحسين التيكنيك والتكتيك الفردي، أما على المستوى الجماعي، فهي تعزز التناسق بين اللاعبين، مثل التنسيق بين الدفاع والوسط، والهجوم، أو الدفاع ككتلة.” واختتم قائلاً: “أرى أن هذه التكنولوجيا أصبحت ضرورية جداً مع تطور كرة القدم، حيث تلعب الآن على جزئيات صغيرة وكل شيء محسوب بدقة، عكس كرة القدم القديمة التي كانت تعتمد بشكل كبير على المهارات الفردية. برأيي، الفريق الذي لا يمتلك محلل أداء يشبه الشخص الذي يذهب للصيد بدون بندقية.”
كرفيس عبد الصمد (محلل الأداء بالفيديو ومدرب):“نعاني من تأخر كبير في مواكبة التطورات”
المدرب كرفيس عبد الصمد، الحاصل على دبلوم CAF B ومحلل الأداء صرح في حديثه لجريدة “بولا” حول أهمية دور محلل الفيديو في كرة القدم قائلاً: “محلل الفيديو يلعب دورًا حيويًا في تحليل الأداء الفني والتكتيكي للفرق واللاعبين، سواء أثناء المباريات أو بعدها. هذا التحليل يساعد في تحسين أداء الفريق، وضع استراتيجيات مخصصة، وتصحيح الأخطاء. ومع ذلك، نلاحظ تأخراً كبيراً في الجزائر فيما يخص مواكبة التطورات. نلوم الاتحادية بالدرجة الأولى على تأخر دمج المحلل ضمن الأطقم الفنية، ورغم الانتظار المستمر كل عام، لا نرى خطوات فعلية. هناك أندية تفهم دور المحلل وتدعمه في ظل الإمكانيات المتاحة، ولكن للأسف أغلب الأندية الجزائرية ، لا تعطي هذه المهنة حقها. أخيراً، أود أن أشكر جريدة ‘بولا’ على هذه الالتفاتة القيمة لمهنة محلل الفيديو، وهو موضوع حساس وأساسي لتطوير كرة القدم الجزائرية.”
نبيل شيخي