محمد حميدي (متوج بثلاث ميداليات في بطولة الماسترز) “المنافسة في سباق 100 متر كانت شرسة حتى آخر لحظة”
في إنجاز رياضي مشرف، عاد البطل الجزائري محمد حميدي محملاً بثلاث ميداليات من البطولة الإفريقية المفتوحة للماسترز ليثبت مجدداً أن الإرادة والشغف هما مفتاح النجاح الذي لا يعرف حدوداً للعمر، فهذا التتويج لم يكن وليد صدفة بل جاء نتاج أشهر طويلة من التدريب الشاق والانضباط الحديدي، وفي حوار حصري خص به جريدة “بولا”، كشف البطل حميدي عن كواليس المنافسة الشرسة وتحدث عن شعوره الذي لا يوصف لحظة اعتلاء منصة التتويج، مؤكداً أن طموحاته قد تجاوزت حدود القارة السمراء وأن عينه الآن على المحافل الدولية لرفع الراية الوطنية عالياً.
أولاً، نبارك لك هذا الإنجاز.. كيف كانت تجربتك في البطولة الإفريقية المفتوحة للماسترز، وكيف عشت لحظة الفوز في اختصاصين مختلفين؟
“شكراً جزيلاً على هذه التهنئة الجميلة، فمثل هذا الدعم يمنحني دفعة معنوية كبيرة، حيث كانت تجربتي في البطولة مليئة بالحماس والتحدي نظراً لقوة المنافسة ووجود لاعبين في أوج مستوياتهم، ولقد حرصت في كل مباراة على التركيز الشديد على الجانب التكتيكي والانضباط مع الحفاظ على هدوئي ويقظتي لكل حركة، أما لحظة الفوز في اختصاصين مختلفين فكانت شعوراً لا يمكن للكلمات أن تصفه، إذ اجتمعت فرحة الإنجاز مع إرهاق التحضيرات وشعرت بامتنان عميق لكل جهد بذلته وبفخر كبير وأنا أرى ثمرة تعبي، لكنني في الوقت ذاته حافظت على روح رياضية عالية واحترام كامل للمنافسين لأن كل نجاح في عالم الرياضة هو نتاج تحدٍ جماعي وتعاون، وبكل صراحة، منحني هذا الفوز دافعاً أكبر لمواصلة العمل بجد وإصرار والتمسك بالقيم الرياضية التي تجعل من المنافسة أمراً نبيلاً.”
في سباق 100 متر، حققت المركز الثالث. كيف تقيّم مستوى المنافسة، وما أبرز الصعوبات التي واجهتها خلال السباق؟
“كان مستوى المنافسة في سباق 100 متر عالياً ومتقارباً إلى أبعد حد، فسباقات السرعة كما هو معروف تُحسم بأجزاء من الثانية، وقد تمثلت الصعوبة الأبرز في ضرورة الحفاظ على قوة الانطلاقة وسرعة رد الفعل، لا سيما مع وجود عدائين ممتازين متخصصين في المسافات القصيرة، حيث كان السباق تكتيكياً بقدر ما هو بدني، إذ إن أي خطأ بسيط في البداية كان سيكلفني الكثير، ولكن الحمد لله أنني تمكنت من الحفاظ على تركيزي حتى الأمتار الأخيرة ونجحت في انتزاع الميدالية البرونزية التي أعتبرها إنجازاً ثميناً بالنظر إلى قوة المنافسين.”
على النقيض، توّجت بالمركز الأول في رمي الجلة. ما الذي ميّز أداءك في هذا التخصص تحديدًا، وهل كنت تتوقع الفوز؟
“نعم، الفوز بذهبية رمي الجلة كان له طعم خاص جداً، وأعتقد أن ما ميّز أدائي هو تركيزي العميق على الجانب التقني للحركة بدلاً من الاعتماد على القوة الانفجارية وحدها، فقد عملت مطولاً مع مدربي على تحسين زاوية الرمي ودوران الجسم، وهي تفاصيل دقيقة لكنها هي التي تصنع الفارق على هذا المستوى، وبصراحة، كنت أثق تماماً في تحضيراتي وشعرت بأنني قادر على تحقيق نتيجة جيدة، لكن الفوز بالمركز الأول يبقى دائماً مفاجأة سارة ومحفزة، حيث كان التوفيق حليفي، والحمد لله أن مجهوداتي تكللت بالذهب.”
كيف كان تحضيرك للبطولة، خصوصًا وأنك تشارك في اختصاصين يتطلبان تدريبات مختلفة تمامًا؟
“كان التحضير هو التحدي الأكبر بالفعل، فالجمع بين تدريبات السرعة الخاصة بسباق 100 متر وتدريبات القوة والتقنية لرمي الجلة يتطلب برنامجاً دقيقاً ومتوازناً، ولذلك كنت أخصص أياماً محددة لتدريبات السرعة ورد الفعل وأياماً أخرى لتقوية عضلات الجزء العلوي من الجسم والتدرب على تقنية الرمي، فالسر يكمن في التنظيم الصارم للوقت والحصول على قسط كافٍ من الراحة لتجنب الإرهاق والإصابات، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي صارم، ورغم أن الأمر كان صعباً وشاقاً، إلا أن حبي للتحدي جعلني أستمتع بكل لحظة من تلك التحضيرات.”
تجمع بطولات الماسترز رياضيين بخبرة كبيرة. كيف ترى أهمية المشاركة فيها بالنسبة لك؟
“تحظى بطولات الماسترز بأهمية قصوى لأنها تجمع رياضيين من مختلف الأعمار يمتلكون خبرة واسعة في مجالاتهم، مما يضيف بعداً تنافسياً فريداً وروح تحدٍ متميزة، وبالنسبة لي، تمثل المشاركة فيها فرصة مستمرة لتقييم أدائي واكتساب خبرات جديدة وتنمية الروح الرياضية، كما أن وجود منافسين متمرسين يحفزني على تحسين تقنياتي ومواصلة تطوير قدراتي رغم مرور الزمن، وهذا يجسد فلسفة “الرياضة مدى الحياة” التي تشجع على النشاط البدني المستدام.”
بعد هذا النجاح، ما هي أهداف حميدي محمد القادمة، وهل تطمح للمشاركة في بطولات إفريقية أو عالمية أخرى؟
“بالتأكيد، هذا النجاح ليس نهاية المطاف بل هو دافع لتحقيق ما هو أكبر، حيث تتمثل أهدافي القادمة في الاستمرار بتطوير أدائي لتحقيق نتائج مميزة في بطولات أخرى سواء على المستوى الإفريقي أو العالمي، ويمتد طموحي الآن للمشاركة في بطولات ماسترز عالمية مرموقة لتعزيز خبرتي والتنافس مع الأفضل على الساحة الدولية، فهَدفي الأسمى هو المساهمة في رفع اسم الرياضة الجزائرية في المحافل الكبرى وتحقيق أهداف شخصية تنافسية تعكس روح التحدي والإصرار على النجاح.”
حاورته: حليمة.خ



