تحقيقات وروبورتاجات

تأمين مستقبل رياضة الصم في الجزائر…إستراتيجية الإتحادية بين حصد الميداليات والتكوين القاعدي

لطالما مثلت فئة الصم في الجزائر نقطة مضيئة في سجل الإنجازات الرياضية الدولية، خاصة في الرياضات الفردية التي وضعت راية البلاد في منصات التتويج العالمية والقارية، وفي إطار تقييم واقع هذه الرياضة وسبل تطويرها، خصَّ يوسف حسناوي ، المدير الفني السابق لاتحادية الصم والمدرب الوطني للكاراتي للصم للسيدات”بولا” ، بحديث شامل، وقد جاء هذا الحديث في خضم مشاركة الفرق الوطنية في الألعاب الأولمبية للصم المقامة في طوكيو في الفترة الممتدة من 15 إلى 26 نوفمبر 2025، وهي المشاركة التي أثارت تساؤلات حول استدامة النتائج والخطط المستقبلية للمنظومة الرياضية للصم بأكملها.

وأكد حسناوي أن التواجد الجزائري في المحافل العالمية، مثل الألعاب الأولمبية، يعكس مستوى التطور الذي وصلت إليه رياضة الصم الوطنية، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي للجهود المبذولة كان دائماً هو تجاوز المكتسبات التي تحققت في الدورات السابقة، فقد أوضح أن الجزائر “تألقت في الطبعة الأخيرة بالبرازيل بحصد خمس ميداليات في الكاراتي والجودو، ونحن سعينا في هذه المشاركات للمحافظة على هذا الإنجاز ولما لا تحسين النتائج ورفع العلم الوطني في هذا المحفل العالمي، حيث كانت المسؤولية كبيرة على عاتق اللاعبين والإطارات الفنية”، إن هذا الالتزام بتحسين الرصيد التنافسي هو ما دفع الاتحادية للتركيز على استراتيجية طويلة الأمد لضمان الاستدامة الشاملة للفئة.

وفي سياق ضمان هذه الاستدامة، أشار المسؤول الفني إلى أن الاتحادية أولت أهمية قصوى لـ”اكتشاف المواهب الشابة خلال البطولات الجهوية والوطنية ومختلف التظاهرات الرياضية الخاصة بمدارس الصم”، حيث كانت هذه التظاهرات تُعدّ الرافد الأساسي لاكتشاف الطاقات الكامنة، وأضاف أن الاتحادية “عملت على هذا الموضوع المهم وهو الانتقاء وتحضير المواهب الشابة”، بهدف رئيسي هو “ضمان خزان للفرق الوطنية على مستوى الأكابر” بشكل مستمر، مما يضمن تدفقاً للمواهب المؤهلة القادرة على تعويض جيل الأكابر والحفاظ على التميز الجزائري في المستقبل، هذه العملية لم تكن مجرد اختيار عشوائي، بل كانت خطة متكاملة هدفت إلى البناء القاعدي السليم والممنهج لضمان مستقبل رياضة الصم في البلاد.

وعلى صعيد متصل بضمان جودة التكوين والتدريب، تطرق حسناوي إلى الخطط الهيكلية الضرورية لتطوير الممارسة، حيث بيّن أن “الخطة المرسومة والتي كان يُنتظر تجسيدها بعد وضع الأسس القانونية، هي الاتفاقيات بين وزارتي الرياضة والتضامن”، وأوضح أن هذه الاتفاقيات الحيوية من شأنها “تسهيل اندماج مدارس الصم مع الأندية الرياضية”، فبدلاً من بقاء الموهوبين حبيسي بيئات التدريب المحدودة، كان يُفترض أن يضمن هذا الاندماج نقلهم إلى الأندية التي توفر تجهيزات ومنافسات ذات مستوى احترافي أعلى، وتأتي هذه الخطوة الهيكلية المتقدمة لتؤكد أن طموح رياضة الصم الجزائري اتجه نحو الاحترافية الكاملة في التسيير والإعداد، لاسيما وأن الاستثمار في البنية التحتية البشرية هو الركيزة الأساسية لأي تقدم تنافسي مستقبلي في هذه الفئة.

وفي تقييمه للمستوى التنافسي الذي سبق هذه المشاركة الأخيرة، أكد المدير الفني أن الصم الجزائريين كانوا متواجدين بقوة على الساحة العالمية، فمستواهم كان يخول لهم اعتلاء “المنصات الأفريقية والعالمية في اختصاصات الكاراتي، الجودو، وألعاب القوى في الرياضات الفردية” التي دائماً ما كانت مصدر فخر للجزائر.

ولم يقتصر تفوقهم على الرياضات الفردية وحسب، بل شدد حسناوي على أهمية الإنجاز الذي حققه “الفريق الوطني لكرة القدم داخل القاعة الذي احتل المركز السابع في آخر ألعاب أولمبية للصم، وهو إنجاز فريد من نوعه في الجزائر”، الأمر الذي أكد القدرة على المنافسة في الرياضات الجماعية أيضاً، لكنها كانت تتطلب دعماً أكبر، واختتم تقييمه العام بالقول إن الصم كانوا متواجدين في أعلى منصات التتويج، وتبقى ضرورة المرافقة والدعم من أجل مواصلة المشوار ورفع تحديات أخرى من شأنها إعلاء راية الجزائر في مختلف المواعيد الدولية الكبرى.

حليمة.خ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى