مايك تايسون.. طفولة مؤلمة ونهاية حزينة لوحش الملاكمة الذي رقّ قلبه للإسلام
في الروضة الشريفة.. بين قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومنبره.. وقف يتأمل المشهد المهيب، شعر بانشراح الصدر، وفجأة أجهش في البكاء حتى أشفق عليه من حوله بعد أن ظلت دموعه تنساب من عينيه.. ثم قال: “لم أستطع مقاومة دموعي عندما جئت لواحدة من حدائق الجنة”.هكذا كانت حال مالك تايسون.. الجبل البشري وأشرس ملاكمي عصره وأحد جبابرة الرياضة في زمانه بعد أن أسلم، ولأن قلبه كالطير، ورقة مشاعره، حتى أصبحت دموعه تسبق كلماته في كثير من المواقف.ولد مايكل أو مايك تايسون في 30 جوان 1966 بمدينة بروكلين في نيويورك، ووصف في أواخر الثمانينيات بالرجل الأسوأ على كوكب الأرض بسبب سلوكه التهديدي وقوته المدمرة، وقبضته الحديدية، ونشأ مع شقيقه رودني، وشقيقته دنيس في أسرة هجرها الأب جيمي كيركباتريك وتايسون في الثانية من عمره، لتتحمل الأم، لورنا سميث أعباء الحياة الصعبة في حي بدفورد بمدينة ستايفسنت، ومنها انتقلوا إلى براونسفيل وعمره 10 سنوات، لكن الحياة لم تستمر كما هي إذ ماتت الأم وهو في 16، ليعيش في رعاية مدرب الملاكمة كاس داماتو، الذي اصبح وصياً قانونياً عليه.ولأنه عاش طفولة بائسة في أحياء ترتفع فيها معدل الجريمة، فلم يكن غريباً أن يتم القبض عليه كثيراً لارتكابه جرائم ضرب مع بعض الذين يسخرون من صوته العالي ولثغته، لدرجة أن جرائم مشاجراته وصلت إلى 38 مرة وهو في الثالثة عشرة من العمر.
إصلاحية وأرقام قياسية
داخل إصلاحية البنين في ترون بنيويورك، اكتشف الملاكم السابق بوبي ستيوارت الذي كان يعمل حينذاك مستشارا بمركز احتجاز الأحداث قدرات تايسون في الملاكمة التي كانت قد بدأت تظهر، فقام بتدريبه لبضعة أشهر قبل أن يقدمه لكاس داماتو الذي قام بنقله من الإصلاحية وادخله عالم الملاكمة، حيث بدأ عام 1982 في الألعاب الأولمبية للصغار كهاو، وحصل على الميدالية الفضية، بجانب تسجيله لرقم قياسي لأسرع ضربة قاضية لألعاب الصغار الأولمبية ( 8 ثوان)، كما انه فاز بكل مبارياته بالضربة القاضية باستثناء المباراة الأخيرة التي خسرها بالنقاط. لذلك وُضع في كتب الأرقام القياسية قبل منتصف العشرينات من عمره بوصفه أصغر أبطال العالم في الملاكمة للوزن الثقيل، ويملك ثروة تقدر بـ 50 مليون دولار. ويضم سجله 58 مباراة خسر منها ست فقط، وربح 44 بالضربة القاضية، وصنفته مجلة «ذا رينغزماجازين» عام 2003 في المرتبة 16 من بين أعظم 100 ملاكم على مر العصور.
مسيرة الملاكم المسلم
في 6 مارس 1985، بدأ تايسون مشواره الاحترافي بالفوز على هيكتور مرسيدس بـالضربة القاضية، ليفوز بعدها في 26 مباراة متتالية بالضربة القاضية، ثم فاز بالقاضية على بطل الوزن الثقيل جيسي فيرجسون في الجولة الخامسة وأدت إلى كسر أنف الأخير، وفي 22 نوفمبر 1986، أصبح أصغر بطل للوزن الثقيل في التاريخ وعمره 20 عاما و 4 أشهر، وأضحى منافسوه يخشون لكمه حتى لا يرد عليهم بعنف. وتوالت انتصاراته أمام قمم العالم في الوزن الثقيل، وفاز بالإجماع على جيمس سميث في 7 مارس، 1987، وهزم توماس بنكلون في مايو بالضربة القاضية في الجولة السادسة، وفي 1 أغسطس أخذ لقب الاتحاد الدولي للملاكمة (اتحاد الملاكمة العالمي) من طوني تاكر في الجولة الـ 12 بالإجماع. ليصبح أول ملاكم من الوزن الثقيل يمتلك الأحزمة الثلاثة الرئيسية وهي رابطة الملاكمة العالمية، ومجلس الملاكمة العالمي واتحاد الملاكمة العالمي.في عام 1988.. خاض تايسون ثلاث مباريات منها مواجهة لاري في يناير من نفس العام هولمز بطل العالم الأسطوري السابق في الجولة الرابعة بالضربة القاضية، وهي القاضية الوحيدة التي مني بها هولمز طوال 75 مباراة احترافية، بعدها لاكم طوني تابس في اليابان، لينال نصراً سهلاً بعد جولتين فقط.
إعتزل الحلبة بطريقة حزينة
وفي يوم 27 يونيو، 1988، واجه تايسون مايكل سبينكس. الذي نال بطولة الوزن الثقيل من لاري هولمز عبر 15 جولة عام 1985، وكانت هذه المباراة في ذلك الوقت أغنى ملاكمة في التاريخ وتوقع البعض قتالاً عنيفاً على الحلبة، لكن تايسون أنهى النزال بعد 91 ثانية فقط وفاز بالضربة القاضية في الجولة الأولى، مع ذلك ومع توالي المباريات والأحداث.. أنهي تايسون حياته كملاكم بسلسلة من الخسائر دفعته للاعتزال وهو حزين.
نور الدين عطية