نيكولا ( بلال ) أنيلكا .. اللاعب المتمرد الذي أعلن إسلامه وهو ابن الـ16 سنة
هي لحظات أشبه بضربة قاضية أو هدف ذهبي، قادرة على تغيير مجرى حياة أي شخص، تمنحه قوة وطاقة نور في أوقات عصيبة تكاد أن تعصف به، وفي ملاعب الرياضة هناك نجوم وأساطير، منهم من نشأ في ظل دين الفطرة وآخرون عادوا إليه بقناعة تامة، وما بينهما يبقى الإيمان والتسامح والهدف النبيل.
في أحد أيام العام 2004 طيرت وكالات الأنباء العالمية، صورة للنجم الفرنسي العالمي نيكولاس أنيلكا وهو بملابس الإحرام مؤدياً مناسك العمرة في الأراضي المقدسة، في تلك الفترة كانت الحملات المستعرة لا سيما في مجال الرياضة على اللاعبين المسلمين أو من أصحاب الأصول العربية لا حدود لها، كما كانت أجواء الغرب العنصري وقتها لا تحمل إلا تلك النظرة السائدة وحالة الكره المتعاظم للإسلام والمسلمين.
إختار إسم بلال بسبب الآذان الذي قاده للإسلام
هو نيكولا سباستيان أنيلكا مواليد عام 1979 في مدينة لوشزنه الفرنسية، بعد اعتناقه الإسلام اختار اسم الصحابي الجليل بلال بن رباح، مؤذن الرسول لأن الأذان من وجهة نظره هو أول من لفت نظره في دين الإسلام. بدأ بلال انيلكا مشواره مع عالم الكرة موسم 1997 وهو لم تتجاوز سنه السادسة عشرة، وقدم خلال مسيرته مجموعة من الإنجازات والأهداف. يعتبر من أكثر اللاعبين الذين لعبوا للعديد من الأندية الكبرى في تاريخ الأندية العالمية، حيث لعب لكل من: باريس سان جرمان الفرنسي، وريال مدريد الإسباني، والارسنال ومانشستر سيتي وليفربول وتشيلسي وويست بروميتش وبولتون في الدوري الانجليزي، وفنربخشة التركي، واليوفي الإيطالي.
اللاعب الهادىء داخل الملعب وخارجه
يحكي بلال أنيلكا عن علاقته بدين الفطرة قائلاً: سأكون أكثر صراحة وسأعود إلى سنوات طويلة قبل ظهور تلك الصورة في الأراضي المقدسة، أنا بالفعل اعتنقت الإسلام عندما كنت في السادسة عشرة من عمري، وليس قبل عدة سنوات قليلة، فعندما بدأت رحلتي مع الساحرة المستديرة في تلك السن، ساعدني ديني على أن أكون أكثر صبراً وهدوءاً وصفاءً، فهو دين رائع غير حياتي بطريقة إيجابية، وساعدني على أن أصمد وأرفع رأسي عالياً. ويكمل المهاجم الفرنسي الرائع: ديني الإسلام ساعدني في تخطي الكثير من اللحظات الصعبة، مررت في حياتي بلحظات جميلة وأخرى مريرة، لكني كنت في حاجة دائماً إلى الهدوء، وأن أتصرف بإيجابية في كل الأوقات، وذلك ما ساعدني عليه ديني. الإسلام ليس صفقة كبيرة وتغييراً كبيراً، لكن ببساطة هو حياتي، الإسلام جعلني سعيداً من أعماقي ومتصالحاً مع نفسي، فمهما حدث لي أدرك أن الأمور ستتغير، وأن عليّ أن أتحلى بالصبر، وأنتظر حتى تتحسن الأمور.
وفي صراحة يُحسد عليها، أكمل بلال قائلاً: لم أكن مسيحياً من قبل، فلم يكن لي دين، لذلك عندما يقول الناس، إنني غيرت ديني فهذا غير صحيح، لأنني لا أشعر بأن شيئاً كبيراً حدث لي فجأة، كل ما في الأمر هو أنني شعرت بأن اعتناقي الإسلام هو الصحيح، أنا سعيد لأنني مسلم، لأنه دين السلام وأتعلم منه الكثير.
القدر قاده إلى تركيا ليجد راحته في فنربخشه
ولعل التصريح الرائع الذي أدلى به أنيلكا خلال فترة تألقه مع الأرسنال لا يزال مضرب الأمثال بين لاعبي كرة القدم المسلمين، حيث قال: أؤمن بما يكتبه الله لي، ولست في حاجة لأن أكون مسلماً كي ألعب مباراة جيدة، أنا على قناعة بأن ما يقدره رب العزة سيكون، لن نستطيع أن نغير الأشياء، لأنها قدر ومكتوب، وأعتقد أن الدين يمكن أن يساعد لاعب الكرة، لكن ذلك يتوقف على الطريقة، التي نتعامل بها معه، الدين وكرة القدم ينبغي أن يكونا شيئاً جميلاً، لكن كلنا مختلفون. وتعد الفترة التي لعب فيها نيكولاس أنيلكا بين صفوف نادي فنربخشة التركي، هي الأفضل في حياته في ظل ممارسة شعائر دينه بحرية كاملة لم يجدها في أي بلد آخر، خاض فيه تجربة الاحتراف، وفي إحدى المرات أراد أنيلكا أن يتعرف أكثر على تفسير القرآن الكريم، حيث طلب من أحد مشايخ المسجد أن يفسر له بعض آيات القرآن الكريم، وبالفعل بدأ الشيخ بتفسير سورة يوسف وهي من أجمل قصص القرآن الكريم فزاد قلب أنيلكا تعلقاً بالإسلام، وبعد هذه الجلسة استمر حوالي ثلاثة شهور يدرس القرآن مع هذا الشيخ ليتعرف أكثر إلى معاني القرآن الكريم.
لاحقته الشائعات مع نهاية مسيرته
يعد النجم الفرنسي بلال أنيلكا من أكثر اللاعبين الذين تعرضوا خلال مسيرتهم إلى الشائعات، ولعل ما حدث معه الموسم الماضي كان أكثر الأشياء غرابة خلال مسيرة النجم الفرنسي مع عالم الساحرة المستديرة. إنها شائعة مسلية لكنها تثير الخوف خاصة في ظل سطوة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث الانتشار السريع دون التأكد من صدق المعلومة، نعم أعرف أن وسائل الإعلام لديها سلطة حقيقية على كل ما يحدث حولنا، لكني شخصيا تعودت على مثل هذه الشائعات، إنها جزء من الحياة. هكذا كان تعليق نيكولاس انيلكا أو بلال عندما تناولته شائعات بحبسه أربعين عاماً في الهند خلال الفترة التي لعب فيها في الدوري هناك إضافة إلى دفع غرامة قدرها 177 يورو. وتقول الشائعة، إنه بسبب مشاركته في حفل شواء ذبح خلالها بقرة والمعروف في الهند أن البقر شيء مقدس فلا يجب مسه أو ذبحه تحت أي ظرف، وعندما تم القبض على أنيلكا، طالبت الحكومة الفرنسية بالإفراج عنه خاصة أنه لم يكن يعلم هذه العادات والتقاليد الهندية الغريبة، وبالفعل تم إنقاذ الموقف قبل أن يتم الإفراج عنه حسبما ذكرت الشائعة. وبعيداً عن شائعة نيكولاس أنيلكا ، يبقى احتفال أنيلكا بهدفه مع بروميتش الإنجليزي في مرمى وست هام، هو إحدى المحطات الشهيرة في مسيرة اللاعب المتمرد، وبمجرد تسجيل هدفه الأول احتفل بوضع يده اليسرى على كتفه الأيمن، وهي إشارة معروفة في أوروبا بأنها معادية للسامية، وتمثل تحية نازية، تثير استفزاز وغضب الجماعات اليهودية. وعندما قامت الدنيا عليه أكد أنه لم يكن يدرك مغزى تلك الحركة، مشيراً إلى أنه أراد التضامن مع صديقه الفنان الساخر ديودونيه مبالا والذي مُنع من تقديم عروض سينمائية ومسرحية بسبب قيامه بنفس الحركة، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في فرنسا، ودفع السلطات المحلية لفرض غرامة مالية على مبالا وقتها.
محطات
استطاع إحراز أول أهدافه مع المدفعجية ضد نادي مانشستر يونايتد في أول موسم له 96/97 ليساعد فريقه في تحقق الانتصار 3-2. أحرز مع فريق الأرسنال الثنائية في موسم 1998 عندما تمكن المدفعجية من إحراز لقب الدوري والكأس، وأحرز بلال أحد أهداف نهائي الكأس أمام نادي نيوكاسل. حصل أنيلكا على جائزة أفضل المواهب بالكرة الإنجليزية موسم 1999 بعد أن نجح في تقديم مستويات رائعة مع فريقه الأرسنال تحت قيادة مواطنة أرسين فينغر. في موسم 1999 قدم فريق ريال مدريد عرضاً يقدر بـ23 مليون جنيه إسترليني لضم بلال إلى صفوفه ولم يستطع اللاعب أو ناديه الأرسنال رفض العرض.
قضى أربع أعوام كاملة مع تشيلسي الانجليزي وهو ما لم يحدث مع أي ناد آخر، لعب 125 مباراة وسجل خلالها 40 هدفاً وحصل على الدوري الانجليزي وكأس الاتحاد مرتين.
نور الدين عطية