حوارات

مولاي علي عبدو (رئيس نادي العزم للجيدو): “طموحنا بحاجة إلى مرافقة و دعم مادي”

في ظرف زمني قصير لا يتجاوز أربع سنوات، استطاع نادي العزم للجيدو من معسكر أن يشق طريقه بثبات وسط الكبار، وأن يحجز لنفسه مكانة محترمة في سماء الجيدو الجزائري. المشاركة الأخيرة في البطولة الإفريقية المفتوحة بكوت ديفوار كانت بمثابة نقطة التحول، ليس فقط بسبب الميداليات المحصلة، بل لأنها كشفت مشروعًا حقيقيًا يبنى على رؤية، انضباط، وتضحيات.في هذا الحوار، يفتح لنا رئيس النادي ومدرب الفريق الأول، السيد مولاي علي عبدو حتان، قلبه للحديث عن نشأة النادي، أسرار النجاح، الصعوبات، المستقبل، وطموحاته القادمة.

كيف تقيّم المشاركة الأخيرة لنادي العزم في البطولة الإفريقية المفتوحة؟

“بكل صراحة، المشاركة كانت فوق التوقعات، واعتبرها محطة تاريخية في مسار النادي. أبناؤنا أظهروا شخصية قوية فوق البساط، واحترامًا كبيرًا للمنافس. كانت هناك لحظات صعبة، لكن الروح الجماعية هي التي صنعت الفرق. بالنسبة لي، هذه المشاركة هي بداية مرحلة جديدة وليست مجرد تتويج عابر.”

ما الذي ميّز هذه المشاركة مقارنة بالبطولات الوطنية والجهوية السابقة؟

“الميزة الأساسية كانت مستوى المنافسة. في إفريقيا تواجه مدارس قوية وخبرات مختلفة تمامًا. اللاعب عند أول خطوة يكتشف عالمًا جديدًا. أبنائي لمسوا معنى الاحتراف الحقيقي، سرعة القتال، شراسة المنافس، وضرورة التركيز في كل ثانية. هذا الاحتكاك كان درسًا عمليًا سيغيّر الكثير في مستقبلهم الرياضي.”

نادي العزم تأسس حديثًا كيف نجحتم في الوصول إلى هذا المستوى بهذه السرعة؟

“السرّ الحقيقي يكمن في العمل، الانضباط، والنية الصادقة. منذ اليوم الأول وضعنا فلسفة واضحة تقوم على بناء لاعب واعٍ، منضبط، يحترم البساط قبل الميدالية. عملنا في صمت، آمنّا بالشباب، وفتحنا الباب لكل موهبة تبحث عن فرصة. لم نتبع الطرق المختصرة، بل بنينا خطوة خطوة، والحمد لله الثمار بدأت تظهر.”

هل كنتم تتوقعون العودة بميداليات من أول مشاركة قارية؟

“كنت متأكدًا أننا لن نعود بأيدٍ فارغة، لأنني أعرف قيمة العمل الذي قمنا به. لكن التتويج بثلاث ميداليات، منها ذهبية، كان مفاجأة جميلة حتى بالنسبة لنا. أبنائي أثبتوا أن الطموح لا يحتاج إلى سنوات طويلة بل يحتاج إلى نية صادقة وتضحية.”

كيف عاش اللاعبون أجواء البطولة في كوت ديفوار؟

“كانت تجربة استثنائية. لأول مرة يسافرون إلى أدغال إفريقيا، يحتكون بثقافات جديدة، ويدركون حجم المسؤولية حين يرتدون قميص الجزائر. بعضهم تأثر في البداية، لكن مع مرور الوقت ظهر معدنهم الحقيقي. كانوا رجالًا، وافتخروا بأنفسهم وبناديهم، وهذه أهم مكاسب المشاركة.”

ما هي أصعب لحظة واجهتك خلال البطولة؟

“أصعب اللحظات كانت الهزيمة القاسية التي تعرّض لها لاعبنا بن يوسف أمام المصارع الكندي. رأيته متأثرًا، لكنني كنت أعرف أنه قادر على العودة. جلسنا معه، تحدثنا بصراحة، وشرحت له أن الهزيمة ليست نهاية الطريق. الحمد لله عاد بقوة وانتزع البرونزية، وكانت فرحتي بذلك أكبر من تتويج أي لاعب آخر.”

كيف تقيّم أداء موساوي محمد الذي فاز بالذهبية؟

“موساوي لاعب من طينة خاصة. يمتلك عقلية البطل رغم صغر سنه. في البطولة كان الأكثر هدوءًا والأكثر تركيزًا. رأيت في عينيه رغبة كبيرة في التفوّق، وكان ينفّذ التعليمات بدقة مذهلة. ذهبية موساوي ليست مفاجأة بالنسبة لي، بل نتيجة طبيعية لعمله الدؤوب.”

ماذا عن قمح محمد سيد أحمد صاحب البرونزية في الأكابر؟

“قمح هو مثال للمصارع المجتهد. يعيش الجيدو بكل تفاصيله، ولديه رغبة كبيرة في تطوير نفسه. لو عرفتم مقدار التعب الذي بذله في التحضير لفهمتم قيمة تلك البرونزية. بالنسبة لي، هو مشروع بطل كبير، وأتوقع له الوصول إلى الذهب قريبًا إن واصل بهذا الإصرار.”

كيف تقيّم مردود بن عمارة محمد الذي احتل المرتبة الخامسة في أول مشاركة له؟

“بن عمارة أظهر شجاعة كبيرة. لا ننسى أنها أول بطولة دولية له، ورغم ذلك لم يتراجع خطوة واحدة. قاتل بشراسة وقدم مستوى مشرفًا. احتلاله للمركز الخامس في مشاركته الأولى يُعتبر إنجازًا بحد ذاته.”

ما الذي ينقص النادي اليوم ليصل إلى مستوى أعلى؟

“ينقصنا الدعم المادي فقط. نملك لاعبين، نملك طاقمًا تقنيًا، نملك طموحًا كبيرًا، لكننا لا نملك الإمكانيات التي تسمح لنا بالمشاركة المنتظمة في البطولات الدولية. أؤكد لك، لو توفر الدعم، سترون أبطالًا من نادي العزم يقفون على منصات التتويج الإفريقية والعالمية بانتظام.”

هل تتلقون دعمًا من السلطات المحلية؟

“هناك دعم معنوي نشكرهم عليه، لكن الدعم المادي غير كافٍ إطلاقًا. النادي بحاجة إلى تجهيزات، ألبسة، تنقلات، معسكرات تدريبية، وكل هذا يحتاج إلى تمويل. نحن نعمل بجهد كبير، لكن إمكانياتنا محدودة جدا.”

ما هي أهداف النادي خلال الموسم القادم؟

“هدفنا الأول هو الحفاظ على نفس النسق، وتطوير مستوانا أكثر. نطمح للمشاركة في بطولات عربية وإفريقية جديدة، مع تحضير جيل أصغر يكون جاهزًا لخوض مغامرات قارية أخرى. نريد أن يصبح نادي العزم مدرسة حقيقية لإنتاج الأبطال.”

كيف تقيّم علاقة النادي بالأولياء؟

“العلاقة ممتازة. الأولياء شركاؤنا في النجاح. بدون دعمهم وصبرهم ما كان لنا أن نصل إلى هنا. هم يؤمنون بمشروعنا، ونحن نحترم ثقتهم. أعتبرهم جزءًا من العائلة، وليس مجرد متابعين.”

هل تفكرون في فتح أبواب النادي لاستقطاب مواهب جديدة؟

“طبعًا. أبواب النادي مفتوحة دائمًا لكل موهبة تبحث عن فرصة. لدينا سياسة واضحة في التكوين، ونهدف لإعطاء كل طفل أو شاب الفرصة ليصبح بطلًا. المواهب موجودة بكثرة، ونادينا قادر على صقلها.”

هل تفكرون في إقامة معسكرات تدريبية خارج الجزائر؟

“هذا حلم بالنسبة لنا، وقد بدأنا بالفعل في البحث عن شركاء لتحقيقه. المشاركة في معسكرات خارجية ستفتح آفاقًا جديدة أمام لاعبينا. نريد أن يكتسبوا ثقافة المنافسة العالمية، وأن يختبروا مستويات أعلى.”

هل من كلمة للمسؤولين والسلطات المحلية؟

“رسالتي واضحة، نادي العزم مشروع جاد يستحق الالتفات إليه. نحن لا نبحث عن دعم مؤقت، بل عن شراكة حقيقية تصنع الفارق. أبناؤنا رفعوا راية الجزائر في أول مشاركة لهم، وما زال المستقبل أمامهم. كل دعم، مهما كان، سيحوّل حياة هؤلاء الشباب ويمنحهم فرصة ليصبحوا أبطال الغد.”

كلمة ختام للجمهور ومحبي النادي…

“أقول لهم، شكرًا من القلب. دعمكم هو وقودنا الحقيقي. نعدكم أن نادي العزم سيواصل رفع راية الجزائر عاليًا، وسنظل نعمل في صمت واجتهاد من أجل مستقبل أفضل. أبوابنا مفتوحة للجميع، ورسالتنا واحدة ،العزم طريق الأبطال.”

حاوره: سنينة. م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى