وداد أمل مرافال … موسم حافل بالنجاحات و التحديات

عرف وداد أمل مرافال هذا الموسم حركية غير مسبوقة في مجال تكوين الفئات الشبانية، حيث رسم الفريق منهجًا قاعديًا واضح المعالم يقوم على الاستثمار في التكوين القاعدي وصناعة جيل كروي صاعد، بعيدًا عن منطق النتائج الظرفية والرهانات السطحية. من أبرز ما ميّز الموسم الرياضي الحالي للمدرسة، تنظيمها لبطولة مدارس غرب وهران، وهي منافسة مستحدثة شملت كل الفئات العمرية بداية من فئة أقل من 9 سنوات وصولًا إلى فئة أقل من 17 سنة. البطولة دامت طيلة 8 أشهر، وأقيمت مبارياتها أسبوعيًا في ملاعب مهيأة، ما منح الأطفال فرصة الاحتكاك والمنافسة الدورية وفق برنامج منتظم.
هذا المشروع الكروي الطموح، الذي انطلق بإمكانيات محدودة، سرعان ما أثبت جدارته من خلال النتائج المسجلة، حيث حقق الفريق تتويجين رسميين، بالإضافة إلى بلوغ المرتبة الثانية في البطولة لفئة أقل من 9 سنوات بعد خسارة مباراة البلاي أوف، وكذا وصول الفريق ذاته إلى نهائي كأس الفئة السنية ذاتها. ورغم محدودية الوسائل المادية وقلة الدعم، تمكن وداد أمل مرافال من تسجيل موسم إيجابي على كافة الأصعدة، حيث ساهم الالتزام الكبير للطاقم الفني، ومساندة الأولياء وثقة الأطفال في المشروع الرياضي والتربوي للمدرسة، في تحقيق هذه النتائج التي صنعت الحدث محليًا.
كغيره من النوادي الصغيرة، واجه وداد أمل مرافال جملة من الصعوبات، أبرزها غياب الدعم المالي الرسمي، ما أثر على تغطية مصاريف التنقلات والتجهيزات والكرات. كما عانت المدرسة من نقص في الملاعب المهيأة، خاصة في فصل الشتاء، حيث صعبت الظروف المناخية من برمجة الحصص التدريبية، في ظل عدم توفر ملاعب مغطاة. ورغم هذه الظروف الصعبة، عرفت المدرسة كيف تتجاوز العوائق بروح جماعية وتطوعية، حيث تكفل بعض الأولياء بمصاريف النقل والتجهيزات، وتم اعتماد برمجة مرنة تراعي الظروف المتاحة، مع السعي الدائم لتفعيل شراكات محلية مع بعض الفاعلين الاقتصاديين الداعمين للنشاط الرياضي.
طموحات أكبر وبرنامج صيفي ثري
أنهى وداد أمل مرافال موسمه بمكتسبات هامة، وهو ما شجع الإدارة على وضع خطة عمل طموحة للموسم المقبل، ترتكز على تعزيز التكوين القاعدي عبر إدخال أساليب تدريب حديثة، خاصة لدى الفئات الصغيرة، مع توسيع المدرسة وفتح فروع جديدة في أحياء أخرى، بهدف تسهيل الوصول للأطفال الموهوبين من مختلف مناطق وهران. وبخصوص العطلة الصيفية، تحضّر المدرسة لمشاركة وطنية في عدة دورات صيفية، من بينها دورة العاصمة، إلى جانب رحلة رياضية خارجية إلى تونس، حيث سيخوض الفريق مباريات ودية مع أكاديميات تونسية معروفة مثل أكاديمية شعيب، التي سبق مواجهتها السنة الماضية.
كما ستشمل الرحلة زيارات ثقافية إلى أبرز معالم تونس العاصمة وقرطاج وسوسة، وبرمجة تربص تكويني لفائدة المدربين بالشراكة مع مختصين تونسيين. رحلة تونس المرتقبة ليست مجرد منافسة كروية، بل مشروع تربوي ورياضي متكامل، يعكس إرادة أبناء وهران في تحدي الظروف والإمكانيات المحدودة، وإثبات قدرتهم على الحلم، التعلم، النجاح ورفع راية منطقتهم في المحافل الوطنية والدولية. فوداد أمل مرافال بهذا العمل الجاد، يثبت أن التكوين القاعدي والاستثمار في الأطفال هو الرهان الحقيقي لمستقب الكرة الجزائرية، وأن الإرادة الصادقة قادرة على تجاوز كل العقبات، مهما كانت.
ياسين بن عودة (رئيس النادي):“مشروعنا تربوي قبل أن يكون رياضي”

“في بداية الموسم لم يكن الطريق سهلًا أمامنا، خاصة في ظل غياب الإمكانيات والدعم الرسمي، لكن كنا نؤمن بأن المشروع الذي نحمله ليس مجرد نشاط رياضي بل هو رسالة اجتماعية وتربوية بالدرجة الأولى. استطعنا أن ننشئ بطولة خاصة بنا تضم كل الفئات العمرية، ودامت لثمانية أشهر كاملة، كانت فيها ملاعب وهران مسرحًا حقيقيًا لصناعة الفرحة للأطفال وأوليائهم. النتيجة كانت أكثر من مشرفة، ليس فقط من خلال التتويجات، بل بفضل ما لمسناه من تطور في مستوى اللاعبين وانضباطهم وروحهم الرياضية. الموسم لم يكن خاليًا من العراقيل، واجهنا مشاكل مالية كبيرة، اضطررنا أحيانًا للاستدانة أو الاعتماد على تطوع الأولياء في تغطية مصاريف النقل والتجهيزات.
عانينا أيضًا من قلة الملاعب المهيأة، خصوصًا في فصل الشتاء، وتأخر الرخص الإدارية لبعض المنافسات. ومع ذلك، لم نستسلم، وواصلنا العمل لأن هدفنا الأساسي هو حماية الأطفال من الشارع ومنحهم بيئة سليمة لممارسة الرياضة والتكوين الشخصي. اليوم، نحن فخورون بما أنجزناه رغم كل شيء، وأعد الجميع أن الموسم القادم سيكون أقوى من حيث التكوين والتنظيم. سنعزز التكوين القاعدي باستقدام أساليب حديثة للفئات الصغيرة، وسنفتح فروعًا جديدة في أحياء أخرى لتوسيع القاعدة.
الأهم من هذا كله أننا سنمنح أطفالنا فرصة ثمينة من خلال المشاركة في تربص تكويني بتونس، يتضمن مباريات ودية مع أكاديميات محترمة وزيارات ثقافية، إلى جانب تكوين المدربين في إطار شراكة مع مختصين تونسيين. هذه التجربة ستكون رسالة قوية: أبناء وهران، حتى من دون إمكانيات، قادرون على الحلم وتحقيق النجاح بفضل العمل الجاد. أشكر كل من ساندنا ووقف إلى جانب هذا المشروع المتواضع في شكله، الكبير في رسالته. ونحن نطمح أن نواصل هذا النهج، لأن الرهان الحقيقي في الرياضة الجزائرية اليوم ليس في نتائج ظرفية، بل في التكوين الجاد والمتابعة التربوية السليمة للأطفال.”
نبيل شيخي