متفرقات

العائلة الرياضية بمسعد في حداد … وداعا علي نعمي

إنّه الموت الذي نجهل موعده ، فكل معنوياتنا وأحاسيسنا وأحلامنا وكلماتنا تنهار في حضرته، لكن الوقوف عند عتمة الصمت لا يُفيد في شيء ومشيئة الله نافذة لا تُرد وإرادته لا تُغلب .. قبل ثلاثة أيام فارقنا بغتة وعلى عجل وبلا استئذان إلى الأبد الرياضي الظريف الهادئ رمز الطيبة والكرم في المُجتمع المسعدي ” علي نعمي ” وترك فراقه حُرقة في قلوب عدد كبير من سكان مدينة  مسعد  ، لاسيّما في أوساط الغلابة وأصدقائه الأوفياء الذين نزل عليهم خبر وفاته كالصّاعقة ولم يُصدّقوا أنه غادر إلى دار الحق .

وكم تمنّوا لو كان ذلك خبرا زائفا لكن هيهات لا تفاوض مع الأجل ، وعزاؤهم تشبّثهم بذكرياته الجميلة معهم ومواقفه الرُجولية التي لا تبرح الذاكرة والوجدان ، غير أن الدُعاء له هو واجب ديني والتزام أخلاقي ومسؤولية على عاتقهم جميعا ، الفقيد من خيرة ما أنجبت أرض الأصالة والتاريخ ومن أجود أبنائها ، لم يكن هناك ما يُنبئ  بأنه سيرحل عن الأهل والأحبّة بدون رجعة ، كل ما كان يتفوّه به كان يشُده إلى الحياة وبكل تفاؤل وحزم ، كان مُقبلا على المُستقبل بحيويته النابضة وأحلامه المُتنوعة وقُدرة خاصة في التفكير والتعمّق في تفاصيل الأمور ، حقا ترك فراغا يصعب تغطيته في مُحيط أسرته التي لا تزال ترفض تصديق غيابه الأبدي ، إذ كانت الفاجعة صدمة قوية وخسارة فادحة خُصوصا وأن الفقيد كان لا يزال في عز نشاطه وفي أوجّ عطائه الإنساني والاجتماعي ، وعُرف عنه أنه كان مُحبا للحياة مٌتواضعا وله علاقات وصداقات رائعة ومتميزة مع كل الفئات ، ومحط تقدير واحترام  من عارفي شيّمه النبيلة وبُعده عن المنظور القبلي الضيّق ، يحترم كافة  الناس بجميع مُستوياتهم ويُساعد الكل بدون انتظار مُقابل أو ثناء ، رفض التقيّد بالوظيفة وانطلق بعرق الجبين لكسب لُقمة العيش الحلال ، ومّن عاشروه عن قُرب يُدركون مدى عُمقه الإنساني والعاطفي ويعلمون أن الابتسامة لم تكن تُفارق محياه ولو في أحلك الظروف ، كما يعرفون أنه عفوي ويتمتّع بروح المُزاح والدعابة مهما كانت أحوال معنوياته .

ووجدوا فيه الإنسان الكريم المرن والشاب الطموح الذي يشتغل بكثير من الجدية والالتزام ،  ويضع دائما تطلعاته الشخصية في مرتبة الثانية أمام مصلحة المُحيطين به ، حيث كان شُعلة من الحب والتطوّع والتضامن والخدمة الصادقة ، لقد ظل الراحل الذي جمع بين حنية الأب وتضحية الأخ ووفاء الصديق حريصا على أن يُحيط الكثير من المغبونين مُدة غير يسيرة برعايته ويفيدهم بتوجيهاته الرشيدة المُثمرة ، وأنار لهم طريق الكفاح على مسرح الحياة وغرس في أعماقهم محبّة الاعتماد على النفس وأن يعيشوا بكرامة وشُموخ ، وفي سبيل تجاوز المصاعب والأزمات مهما كان ثقلها وحجمها ، وهذا أكيد من أسمى الأفعال النبيلة والمُثل العليا التي يسعى كل فرد صالح جاهدا إلى ترسيخها في نفوس أفراد مُجتمعه ، كل هذا وغيره جعل كل الذين عرفوه يُعبّرون يوم رحيله عن حُزنهم العميق لفراقه ومُواساتهم لعائلته .

رحم الله فقيد الأمة المسعدية الذي ترك العمل النافع والأثر الطيّب لأقاربه وجيرانه وللناس ولم يندثر منه إلا العُنصر الترابي ، وستظل عُذوبة مشاعره وأخلاقه تعيش باستمرار مع أحبّته من البُسطاء والطيبين ، رحم الله  الرجل البشوش الذي غادر إلى الدار الباقية بدون أن يُؤذي أو يجرح أو يُغضب أحدا ، رحمك الله علي بقدر نُبل أخلاقك ومُرونة مُعاملاتك ورحابة  خاطرك .. ورحمك الله بقدر ما هزّ كل أحبتك وجع الحنين إليك .. وأمام هذا المُصاب الجلل الذي لا راد لقضاء الله فيه ، يتقدّم أعضاء الأُسرة الإعلامية لأهله ومعارفه بصادق مشاعر التعازي والمُواساة ، سائلين المولى عز وجل أن يتقبّله قبولا حسنا ويكرم مثواه ويجزيه خير الجزاء ويرزق معارفه جميل الصّبر وحُسن العزاء ، إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.

عمر. ذ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى