فيما أصبحت تتناوب 4 أندية على ملعب وحيد.. 34 مباراة خلال 90 يومًا تضع الأرضية على المحك … ملعب 5 جويلية يواجه ضغطًا غير مسبوق
تحوّل ملعب 5 جويلية إلى الملعب الوحيد القادر على استضافة المباريات الكبرى في العاصمة الجزائرية بعد توقف العمل في ملعبي نيلسون مانديلا و علي لابوانت، مما جعله يستقبل عددًا قياسيًا من المباريات فمنذ منتصف أكتوبر الماضي، احتضن الملعب 34 مباراة خلال 90 يومًا، أي بمعدل مباراة واحدة كل ثلاثة أيام، وهو رقم يعكس الضغط الكبير الذي يتعرض له الميدان، و كانت أرضية الملعب قد بدأت في فقدان جودتها بشكل تدريجي، لكن الوضع ازداد سوءًا خلال شهر جانفي، خاصة في مواجهة شباب بلوزداد و النادي الرياضي القسنطيني، التي أقيمت تحت أمطار غزيرة. وقد أظهرت الصور التلفزيونية مساحات متضررة من العشب، إضافة إلى تراكم الطين و المياه في بعض المناطق، مما جعل حركة الكرة و اللاعبين غير طبيعية..
12 مباراة في 23 يومًا خلال جانفي تزيد من استنزاف الأرضية
و خلال شهر جانفي وحده، شهد ملعب 5 جويلية 12 مباراة في ظرف 23 يومًا، منها 8 مواجهات في 11 يومًا فقط، و هو معدل مرتفع جدًا مقارنة بالمستويات المعتادة، و كان من المفترض أن تتوزع المباريات على ملاعب أخرى في العاصمة، لكن غلق ملعبي براقي و الدويرة فرض إقامة جميع المباريات في الملعب الأولمبي، مما أدى إلى تسريع عملية تآكل الأرضية، حيث تعتمد أربعة أندية كبرى على ملعب 5 جويلية كميدان رسمي، وهي مولودية الجزائر، شباب بلوزداد، اتحاد العاصمة، و نادي بارادو، إضافة إلى كونه الملعب الرئيسي للمباريات القارية للأندية الجزائرية و بسبب افتقار باقي ملاعب العاصمة إلى تجهيزات تقنية “الفار” (VAR)، اضطرت الرابطة المحترفة إلى برمجة المباريات الحاسمة في هذا الميدان، مما زاد من حجم المشكلة.
ملعب نيلسون مانديلا يغلق بعد 3 مباريات فقط وسط جدل كبير
وكان يُنتظر أن يخفف ملعب نيلسون مانديلا ببراقي الضغط عن ملعب 5 جويلية، لكنه أُغلق مجددًا بعد استضافة 3 مباريات فقط في أكتوبر الماضي، مما أثار الكثير من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء ذلك، و على الرغم من أن هذا الملعب يُعد الأول في شمال إفريقيا الذي يعتمد على نظام المعالجة الضوئية للعشب الطبيعي، إلا أن أرضيته تعرضت لتلف سريع بسبب انتشار حشرة خطيرة أتلفت العشب بالكامل، ما استدعى إغلاقه للصيانة، و كان الملعب قد ظهر بمظهر لائق خلال بطولة كأس أمم إفريقيا للمحليين “الشان”، لكنه لم يتمكن من الاستمرار بنفس الجودة بعد انتهاء البطولة، و عندما تم إعادة فتحه في أكتوبر الماضي، ظهرت مشاكل جديدة تتعلق بجودة العشب، مما دفع المسؤولين إلى إغلاقه مجددًا دون تقديم توضيحات كافية حول موعد إعادة تشغيله.
ملعب الدويرة يغلق بعد مبارتين فقط دون تفسير
وفي سيناريو مشابه، لم يتمكن ملعب مولودية الجزائر الجديد في الدويرة من تقديم الإضافة المرجوة، حيث تم إغلاقه بعد استضافة مبارتين فقط يومي 21 و27 أكتوبر، وسط غياب تفسيرات رسمية حول أسباب هذا القرار، و تشير بعض المصادر إلى أن النادي لم يكن مستعدًا لإدارة الملعب بشكل كامل، حيث لم تكن تجهيزاته جاهزة بالكامل، مما أدى إلى توقف نشاطه بعد فترة قصيرة جدًا من افتتاحه، حيث كان ينتظر أن يكون هذا الملعب حلًا مثاليًا لفريق مولودية الجزائر، الذي كان يعاني من التنقل المستمر بين الملاعب، لكنه وجد نفسه مضطرًا للعودة إلى 5 جويلية، مما ساهم في تفاقم الأزمة و يشير بعض المتابعين إلى وجود مشاكل تتعلق بالبنية التحتية، بينما يرى آخرون أن التسيير العشوائي هو السبب الرئيسي وراء عدم استغلال هذا المرفق الرياضي، و في ظل استمرار غلق هذا الملعب، يزداد الضغط على 5 جويلية، مما يفاقم من أزمة الملاعب في العاصمة.
خبير برتغالي للإشراف على صيانة الملاعب الجزائرية
و بسبب المشاكل المتكررة التي تعاني منها أرضيات الملاعب الجزائرية، قررت “الفاف” التعاقد مع خبير برتغالي سبق له الإشراف على ملاعب الجزائر في عهد الرئيس السابق محمد روراوة، وذلك بهدف إعادة تأهيل العشب الطبيعي و ضمان جودته على المدى الطويل و ينتظر أن يبدأ الخبير الجديد عمله قريبًا، حيث سيركز على تحسين أرضية ملعب نيلسون مانديلا، الذي تعرض لتدهور سريع بعد افتتاحه سيما و أن المنتخب الوطني الجزائري سيكون على موعد مع العودة إلى هذا الملعب الشهر القادم عندما يستقبل موزمبيق ضمن تصفيات كأس العالم 2026، ومن المتوقع أن تشمل مهمته أيضًا ملاعب أخرى تعاني من نفس المشاكل، مثل 5 جويلية و ملعب الدويرة، ورغم أن الجزائر استثمرت مبالغ كبيرة في إنشاء و تجهيز هذه الملاعب، إلا أن غياب استراتيجية واضحة للصيانة جعلها تدخل في أزمات متكررة، مما يؤكد الحاجة إلى إعادة النظر في طريقة تسيير المنشآت الرياضية.
وأمام هذه الوضعية المعقدة، أصبح من الضروري إيجاد حلول عملية لتخفيف الضغط عن ملعب 5 جويلية وضمان استدامة جودة الأرضيات في مختلف الملاعب الجزائرية، و يعد توزيع المباريات على ملاعب أخرى أحد الخيارات المطروحة، خاصة إذا تم تجهيز ملاعب 20 أوت و الدار البيضاء بتقنية “الفار”.
مما سيمكن من تقليل عدد اللقاءات التي تلعب في 5 جويلية، كما أن الاستثمار في صيانة العشب الطبيعي بشكل دوري سيساعد في تفادي المشاكل المتكررة، حيث تحتاج الملاعب الجزائرية إلى فرق متخصصة تعمل على متابعة الأرضيات بانتظام بدلًا من اللجوء إلى الإصلاحات المؤقتة بعد كل أزمة، و إلى غاية إيجاد حلول جذرية لهذه المشاكل، يبقى ملعب 5 جويلية في وضعية حرجة، حيث يواجه خطر التدهور المستمر في ظل الاستخدام المكثف، ما يطرح تحديات كبيرة على الأندية و المسؤولين الذين أصبحوا أمام حتمية التحرك العاجل قبل أن تتفاقم الأزمة أكثر.
نور الدين عطية