تحقيقات وروبورتاجات

نادي صقور الرواشد … رياضة الفوفينام بأجنحة جزائرية

في المشهد الرياضي لمدينة ميلة، لم يعد اسم نادي صقور الرواشد لرياضة الفوفينام فيات فوداو مجرد إضافة جديدة، بل أصبح رمزًا للعزيمة والإصرار، إنها قصة نجاح جماعية رسمت ملامحها إرادة الشباب، وارتكزت على رؤية فريدة من نوعها جعلت من الرياضة مدرسة متكاملة لبناء الإنسان، وتتجسد هذه الرؤية في شخص المدربين الأخوين حمزة بن سي مسعود وشقيقه موسى، اللذين قادا النادي نحو إنجازات وطنية وقارية، مثبتين أن الشغف قادر على تحويل الحلم إلى حقيقة.

من حلم شبابي إلى مؤسسة رياضية راسخة

تأسس النادي في عام 2023 بجهود شبابية تطوعية حملت على عاتقها مسؤولية النهوض باللعبة في محيطها، حيث يقول المدرب حمزة بن سي مسعود، إن انطلاقتهم لم تكن سهلة، لكنها كانت مدفوعة برغبة صادقة في خلق فضاء رياضي شامل، يُعنى بتكوين الأجيال على قيم راسخة مثل الانضباط، الثقة بالنفس، والاحترام، مع تعزيز البعد الوطني والإنساني في شخصية كل رياضي، هذا المبدأ، الذي يراه الأخوان حجر الزاوية في فلسفتهم التدريبية، يتمثل في القناعة الراسخة بأن “الرياضة تربية قبل أن تكون منافسة”.

ويضيف شقيقه موسى بن سي مسعود،  أن هذا المبدأ ليس مجرد شعار، بل منهج عمل يومي، فكل حصة تدريبية هي بمثابة درس تربوي لتهذيب الأخلاق قبل صقل المهارات، فهم يؤمنون أن المهمة الأساسية للمدرب هي بناء شخصية قوية متوازنة، قادرة على التفكير السليم واتخاذ القرار الصحيح، وتوجيه الطاقات نحو التفوق ليس فقط في البطولات، بل في مسيرة الحياة بأكملها، وهذه الرؤية الشاملة هي ما جعلت النادي يكتسب سمعة طيبة في وقت قصير، ويجذب إليه العديد من الشباب والأطفال الطامحين.

منهجية تدريب فريدة

ما يميز نادي صقور الرواشد عن غيره من الأندية هو المنهجية التدريبية الفريدة التي توازن بمهارة فائقة بين الجانب التقني الصارم والجانب الأخلاقي العميق، فالهدف ليس فقط تدريب مقاتلين مهرة، بل تكوين “مقاتل بأخلاق” يمتلك المهارة والقوة، إلى جانب الوعي والمسؤولية. ولتحقيق ذلك، يركز النادي على القواعد التقنية الأصيلة للفوفينام، ببرامج تدريبية متدرجة ومصممة خصيصاً لكل فئة عمرية، بدءاً من البراعم وصولاً إلى الفئات العليا، حيث يولي النادي اهتماماً خاصاً للأطفال والفتيان، عبر برامج تهدف إلى تعزيز التوازن والثقة بالنفس والانضباط، ويعمل على دمج القيم التربوية مثل احترام الخصم وضبط النفس بشكل منهجي في كل حصة تدريبية، كما يحرص الأخوان بن سي مسعود على التكوين المستمر للمدربين، لضمان الجودة والتجديد الدائم في الأساليب المعتمدة، وخلق بيئة أسرية دافئة داخل النادي يشعر فيها كل رياضي بالراحة والانتماء، لأنهم يؤمنون بأن النتيجة على البساط تبدأ من القيم في القلب والعقل، ولهذا يحرصون على أن يكون كل متدرب عندهم مشروع بطل، وبالدرجة الأولى مشروع إنسان صالح.

حصاد وفير..ميداليات وطنية وذهب قاري

رغم حداثة عهده، تُرجمت جهود النادي الكبيرة إلى إنجازات ملموسة ومبهرة في الموسم الرياضي 2024–2025. فقد كان لصقور الرواشد حضور قوي على الساحتين الوطنية والقارية، ففي البطولة الإفريقية التي أُقيمت بساحل العاج، شارك المدربان حمزة وموسى بن سي مسعود ضمن المنتخب الوطني الجزائري، وحققا ميداليتين ذهبيتين عن جدارة واستحقاق، ليقدما بذلك نموذجاً وقدوة للرياضيين الشباب، ويؤكدا على أن طموح النادي لا حدود له.

وعلى الصعيد الوطني، حقق النادي إنجازات لافتة، حيث حصد المرتبة الثانية وطنياً في صنف الأصاغر في البطولة الوطنية بمجموع 13 ميدالية، كما واصل صقور الرواشد تألقهم بحصدهم المرتبة الثانية في صنف الأصاغر والمرتبة الثالثة في صنف الأشبال في الكأس الوطنية بمجموع 11 ميدالية، منها 6 ذهبية، هذه الإنجازات لم تأتِ صدفة، بل صُنعت بالإيمان، وبُنيت بالتضحية والعمل الجاد والمثابرة التي باتت السمة المميزة للنادي. يؤكد مدربا النادي أن مسيرتهم لم تكن مفروشة بالورود، فالطريق مليء بالتحديات المادية ونقص المرافق الرياضية وصعوبة استقطاب الشباب في ظل المنافسة مع وسائل اللهو الحديثة، لكن الأخوان بن سي مسعود يؤكدان أن “الصقر لا يخاف من الرياح… بل يعلو بها”، لذا، اعتمد النادي على روح الفريق والتطوع، وحوّل الإمكانيات المحدودة إلى طاقة إبداع، كما يتم العمل على بناء شراكات قوية مع الأولياء، والتركيز على الجودة والتكوين المستمر لضمان عدم التراجع. ويؤكدان أن الحفاظ على القمة أصعب من الوصول إليها، لكن بعزيمة طاقمهما وإيمانهما برسالتهما ومساندة الأولياء، هما مستعدان لأي تحدٍّ.

مها. ك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى