فريدريك عمر كانوتي.. أسد المالي الذي رفع راية الإسلام مجددا في الأندلس
تزامنا مع شهر رمضان المبارك تواصل جريدة ” بولا” سلسلتها من خلال الوقوف عند مسيرات أهم الرياضيين وأشهرهم ممن دافعوا عن الإسلام وحاولوا تبليغ الرسالة عن الطريق الرياضة..
نجم كروي كبير، ليس ككل النجوم، ففضلا عن سطوع نجمه كهداف أعاد فريقه نادي أشبيلية الاسباني إلى الأضواء، بعد غياب دام أكثر من نصف قرن، فإنه بات أكثر من مجرد نجم كروي في أعين الملايين من الجماهير العاشقة للمستديرة، لاسيما المسلمين منهم، وذلك بفضل مواقفه الشهمة والخالدة التي اتخذها في خدمة الدين الحنيف وإعلاء مبادئه مستغلا في ذلك الرياضة الأكثر شعبية في العالم، إنه المالي فريديريك عمر كانوتي، الفرنسي المولد، الذي عرف حلاوة الإسلام بعدما بلغ 20 ربيعا فرفع لواءه بمواقف نبيلة سيبقى التاريخ يذكرها طويلا.
البداية من ليون.. والتألق في ويست هام وتوتنهام
فريدريك عمر كانوتي من مواليد الثاني من سبتمبر 1977 بمدينة ليون الفرنسية، من أصول مالية، زوجته اسمها فاطمة ولديه طفلان إبراهيم وإيمان، بدأ مسيرته الرياضية كلاعب محترف في نادي ليون سنة 1997، ثم انتقل إلى نادي “وست هام” يونايتد الإنجليزي في 2000 الذي لعب له لثلاثة مواسم شارك خلالها في 84 مباراة وسجل 29 هدفا. الإمكانيات الكبيرة التي أظهرها اللاعب في النادي اللندني، لاسيما براعته على تسجيل الأهداف، لفتت الانتباه وجلبت إليه اهتمام بعض الأندية، ليسارع نادي توتنهام هوتسبر الإنجليزي إلى التعاقد معه في 2003، وقد واصل تحقيق النجاح خلال موسمه الأول مع توتنهام، غير أن علاقته بالنادي ساءت، بعدما فضّل المشاركة مع منتخب بلاده مالي في بطولة كأس أمم إفريقيا التي أقيمت في تونس بين شهري جانفي وفيفري 2004، قبل أن يصل الخلاف إلى ذروته في صيف 2005. ويعزو البعض السبب في نشوب الخلاف بين كانوتي وتوتنهام، إلى العلاقة المكهربة التي كانت تربطه بالجماهير الانجليزية، بسبب حرصه على القيام بواجباته الدينية وسجوده بعد تسجيله أي هدف، فضلا عن أنه كان لا يترك أية مناسبة دينية في مساجد لندن إلا ويشارك فيها، بالإضافة إلى حرصه على ربط علاقات وطيدة مع أبناء الجاليات العربية والإسلامية في لندن، الأمر الذي جعل الاتهامات تلاحقه في كل مكان، ووُصف في أكثر من مرة بالـ “إرهابي”. كما أن مشجعي بعض الأندية كانوا يطلقون صافرات الاستهجان في كل مرة يلمس فيها الكرة، إلى أن وقعت انفجارات مترو لندن صيف عام 2005، لتتزايد الضغوط عليه، وتصبح مسألة بقائه في توتنهام صعبة إن لم تكن مستحيلة، فقرر الرحيل عن انجلترا وسط إشاعات ترددت يومها بأن توتنهام طرده من صفوفه وهو ما نفاه اللاعب في وقت لاحق.
صيف 2005.. بروز نجم وهداف من أصول إفريقية في الليغا
صيف 2005 كان نقطة تحوّل كبيرة في مسيرة كانوتي، خصوصا بعد الذي حدث له من مشاكل عويصة مع توتنهام، الأمر الذي جعله يختار الانضمام إلى نادي الجنوب الإسباني أشبيلية مقابل 6.5 مليون أورو حيث وقع على عقده بتاريخ 17 أوت 2005. وقد استطاع التأقلم بسرعة كبيرة مع فريقه الجديد فقاده خلال موسمه الأول لاحتلال المركز الخامس في الليغا، ليضمن له التأهل للمشاركة في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي ومواجهة نادي مدلزبره الانجليزي في النهائي، وكان صاحب الهدف الرابع ليختتم به أهداف المباراة بنتيجة 4-0 ويقود ناديه للتتويج بأول لقب أوروبي في تاريخه، وبذلك أعاد كانوتي فريق أشبيلية إلى منصة التتويج وهو الذي غاب عنها منذ سنة 1948. كما سجل كانوتي في مرمى برشلونة عندما فاز أشبيلية بثلاثية نظيفة على النادي الكتالوني في مباراة كأس السوبر الأوروبي التي جرت في أوت 2006 بموناكو.
أعاد أشبيلية إلى منصة التتويج بعد صيام دام 58 عاما
كان تتويج أشبيلية بكأس الاتحاد الأوروبي مجرد محطة أولى فقط لمسيرة حافلة للفريق خلال تواجد المالي عمر كانوتي بين أحضانه، حيث تمكّن الفريق في الموسم الموالي 2006-2007 من التتويج بكأس إسبانيا على حساب نادي خيتافي بفضل هدف المباراة الوحيد الذي سجله كانوتي رغم من طرده قبل نهاية المباراة بدقيقتين. كما ساهم في الحفاظ على لقب كأس الاتحاد الأوروبي للموسم الثاني على التوالي بعد الفوز في المباراة النهائية على نادي إسبانيول بركلات الترجيح (1/3) إثر انتهاء المباراة في الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 2-2 ، وقد ترك كانوتي، الذي بات يتصف برجل المباريات الكبيرة والحاسمة، بصمته على تلك المباراة بتسجيله الهدف الثاني لفريقه. وهو الذي كان أنهى مشاركاته في الليغا لذلك الموسم بسجل شخصي رائع بعدما تمكّن من تسجيل 21 هدفا وقاد أشبيلية لاحتلال المركز الثالث وتأهيله للمشاركة في رابطة أبطال أوروبا. وقد رشّحته هذه الانجازات ليكون أفضل لاعب أفريقي لعام 2007. والخلاصة عمّا قدمه كانوتي في غضون 13 شهرا فقط بعد انضمامه إلى نادي أشبيلية الذي غابت عنه الألقاب منذ عام 1948، هو إحرازه 4 ألقاب كبيرة وهي لقب بطولة كأس الاتحاد الأوروبي مرتين عامي 2006 و2007 وكأس السوبر الأوروبية وكأس أسبانيا. كما يعد اللاعب الوحيد الذي سجل أهدافا لأشبيلية في مبارياته الأربع الكبرى التي أحرز من خلالها ألقابه الأربعة الحديثة المذكورة. هذه المسيرة الناجحة لكانوتي الذي أعاد من خلالها فريقه أشبيلية إلى الأضواء، جعلت أسهمه كلاعب تزيد في القارة العجوز، وتتهافت عليه كبرى الأندية لضمه إليها، على غرار أندية برشلونة الإسباني، وجوفنتوس الإيطالي، وأرسنال الانجليزي، لكنه فضل الوفاء لناديه الذي عرف أحلى الأيام واللحظات معه طيلة 7 سنوات كاملة، سجّل خلالها قرابة 70 هدفا، وذلك حتى نهاية تعاقده معه في صيف 2012، حينما فضل الانضمام للعب في البطولة الصينية وتحديدا الى نادي بكين جوان الذي وقع معه على عقد لموسمين في شهر جويلية 2012، ولعب بألوانه حتى شهر نوفمبر 2013 ليقرر وضع حد لمشواره الكروي.
فضّل التحليق مع نسور مالي.. بعدما جرّب صياح ديوك فرنسا
كان كانوتي من اللاعبين الأفارقة القلائل من ذوي الجنسية المزدوجة، الذين فضلوا الانتساب إلى منتخبات بلادهم الأصلية بكل قناعة وحب في تمثيل ألوان بلاد الأجداد، وهو الذي كانت له فرصة اللعب للمنتخب الفرنسي الأول، لاسيما بعدما مثله في الفئات الصغرى لأقل من 21 سنة عندما كان ينشط في نادي ليون. ومن محاسن الصدف ربما، أن أول مباراة لكانوتي مع منتخب نسور مالي بعد انضمامه الرسمي له، يبقى ملعب 5 جويلية الاولمبي شاهدا عليها، وذلك بمناسبة احتضانه المباراة الودية الدولية بين المنتخبين المالي والجزائري الذي كان يقوده يومها رابح سعدان استعدادا كأس أمم أفريقيا 2004 بتونس. وقد انتهت بفوز رفقاء كانوتي بثنائية نظيفة. كما كانت أول مشاركة لكانوتي في كأس نهائيات أمم إفريقيا بتونس جد موفقة، إذ توّج هدافا للبطولة برصيد 4 أهداف سجلها في مرمى منتخبات كينيا (هدفان)، بوركينا فاسو وغينيا. مسهما بذلك في احتلال منتخب بلاده مالي المركز الرابع في البطولة. وبقي كانوتي مدافعا عن ألوان بلاد الأجداد إلى غاية نهاية دورة أنغولا لكأس أمم إفريقيا 2010 التي خرج منها نسور مالي من الدور الأول، الأمر الذي جعله يستعجل قرار الاعتزال اللعب دوليا عقب مشوار حافل مع منتخب مالي وصل عداده إلى التأشير على 38 مباراة دولية سجل خلالها 23 هدفا.
اعتنق الإسلام وعمره 20 عاما.. واختار اسم عمر إعجابا بشخصية الفاروق
عكس ما يعتقده الكثير فإن كانوتي لم يكن مسلما قبل أن يبلغ 20 عاما، وإنما عرف حلاوة الدين الإسلامي بعد رحلة طويلة من البحث والتفحص في الدين الحنيف، انتهت بنطقه بالشهادة وهو لا يزال لاعبا في نادي ليون. وقال كانوتي عن نفسه في 2010، “بدأت في ممارسة شعائر الدين الإسلامي وأنا في العشرين من عمري، وأنا سعيد جدًّا على نعمة الإسلام”. وأضاف: ”لم أدخل الإسلام دون أن أفهمه، فقد اطلعت كثيرًا على عدة مراجع، وقرأت لكل الديانات وليس الإسلام فقط، حتى اقتنعت بالإسلام.. لقد سافرت كثيرًا، وبالخصوص إلى مالي للتعرف على المسلمين عن قرب، وعاشرت إخوة مسلمين في ليون، وبالتالي فقد استفسرت كثيرًا قبل اتخاذ هذا القرار الذي اعتبره بمنزلة تحوّل كبير في حياتي”. وقد اختار كانوتي بعد إسلامه اسم “عمر”، تيمنا وإعجابا بشخصية أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه. كما بدأ يتردد من يومها كثيرا على البقاع المقدسة، وأدى شعيرة العمرة أكثر من مرة.
رفض ارتداء قميص أشبيلية الذي عليه إشهار لشركة قمار
وصول فريديريك عمر كانوتي إلى النجومية، لم تزده إلا تمسكا بإسلامه وثباتا عليه، الأمر الذي جعله يجهر ويتخذ عديد المواقف التاريخية تحسب له وستبقى خالدة من نجم فريد من نوعه في عالم المستديرة. وكانت أولى المواقف التي اتخذها كانوتي، تقدّمه بطلب إلى السلطات المالية من أجل إنشاء قرية للأطفال في سنة 2006، لكن لم يتم الرد عليه. بينما يُحسب أول موقف جريء يتّخذه، ذلك الذي كان في سنة 2007 عندما رفض ارتداء قميص نادي اشبيلية عندما وضع عليه علامة راعي تجاري جديد للفريق، تتمثل في شركة (888.com) التي تروّج إلى “القمار” الذي تحرمه الشريعة الإسلامية، فما كان من إدارة نادي أشبيلية إلا السماح لكانوتي بلبس القميص من دون وجود اسم الراعي، وهو ما جعل تلك الشركة تقدم على التبرع لصالح جمعية خيرية إسلامية، لإقناع كانوتي بالعدول عن رأيه.
دفع راتبه السنوي لإنقاذ مسجد من الهدم في أشبيلية
موقف نبيل آخر اتّخذه عمر كانوتي وهو في عز أيام نجوميته مع نادي أشبيلية، عندما تبرّع في سنة 2007 من جيبه الخاص بمبلغ كبير جدا من أجل الحيلولة دون تهديم أحد المساجد في مدينة أشبيلية، بحجة أن عقد إيجار قطعة الأرض التي يقع عليها المسجد انتهى، ومن ثمة طالبت شركة عقار إسبانية بضرورة إزالة المسجد لأنه بات من حقها استخدام تلك القطعة التي عليها المسجد لمشاريع أخرى، لكن مباشرة بعد أن وصل الخبر إلى كانوتي بواسطة بعض المصلين الذين يترددون على ذلك المسجد، لم يتردد في سحب 700 ألف دولار من حسابه، أي ما يعادل يومها دخله السنوي من أشبيلية، ودفعها للشركة العقارية صاحبة ملكية القطعة الأرضية. ولدى سؤال كانوتي عن الأمر قال “بأنه لا يملك أي تعليق على الأمر فالأرض قد عرضت للشراء وقام بشرائها للإبقاء على المسجد من أجل السماح للعديد من المسلمين بمواصلة أداء صلواتهم في مسجدهم”.
تضامن مع فلسطين.. وقاد حملة لمقاطعة إسرائيل
قام عمر كانوتي مطلع سنة 2009 أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بالتعبير عن موقف تعاطف ومساندة لأطفال فلسطين مستغلا بحنكته تواجد عشرات المصورين في الملعب، حيث قام عقب تسجيله هدف الفوز على نادي ديبورتيفو لاكورونيا في ذهاب دور ربع نهائي كأس إسبانيا، برفع قميصه ليكشف عن كلمة “فلسطين” كانت مكتوبة بعدة لغات على قميصه الداخلي، غير أنه تلقى على تصرفه ذلك بطاقة صفراء، تقبلها بسعادة غامرة، لأنه جهر بموقف نبيل تجاه قضية المسلمين الأولى وأشهد على ذلك العالم كله فنال التحية بدوره من الكثير الذين يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية وجور المحتل الصهيوني مسلمين كانوا أو غير مسلمين. وقال كانوتي في تصريحات له عقب الحادثة، “بأن مساندته لأطفال غزة وتنديده بالعدوان الصهيوني، هو بمثابة مبدأ وعقيدة، مؤكدا أن ما فعله كان أمرا طبيعيا، أسوة بما فعله المتظاهرون في كل أنحاء العالم، مسلمين كانوا أم لا، حينما أعلنوا مساندتهم للفلسطينيين”. وأضاف: ”إن القضية الفلسطينية لها بعد أكثر من ديني، فهي قضية عدالة إنسانية، والكل مطالب بالتعبير عن موقفه، وعلى هذا الأساس كان من واجبي التنديد بالظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون”. وأقدم كانوتي في سنة 2012 على اتخاذ موقف جديد داعما ومساندا للقضية الفلسطينية، ومنددا بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فضلا عن مطالبته بتوفير الحماية والأمن للفلسطينيين والعمل على الوصول إلى تسوية عادلة من أجل نيل حقوقهم المشروعة، وذلك عندما قاد حملة واسعة تهدف إلى الضغط على الكيان الصهيوني من أجل سحب تنظيم كأس أمم أوروبا للشباب منه والتي كانت مقررة في صيف 2013. وقد شارك في الحملة العديد من اللاعبين، لاسيما المسلمين منهم، على غرار السنغالي ديمبا با هداف نيوكاسل الإنجليزي وممادو نيانغ مهاجم السد القطري وأندري وجوردان أيو لاعبي مرسيليا الفرنسي وموسى سو لاعب فناربخشة التركي. كما كان من ضمن الموقعين على العارضة بعض اللاعبين العرب نذكر منهم الجزائريين رياض بودبوز وهلال سوداني وحسان يبدة وبلال عمراني لاعب أولمبيك مرسيليا الفرنسي والمغاربة كريم آيت فانا لاعب مونبليي الفرنسي وشهير بلغزواني لاعب أجاكسيو الفرنسي.
دعا لمساعدة لاجئي سوريا.. ووصف الانقلابيين في مصر بـ”فاقدي الإنسانية”
تشبّع عمر كانوتي بالأخلاق السامية للدين الحنيف جعلته لا يتردد أبدا في مساندة القضايا العادلة ومساعدة المحتاجين، فقد دعا الرياضيين المسلمين في مختلف دول العالم على رأسهم السنغالي ديمبا با، مهاجم تشيلسي الإنجليزي، والفرنسي أبو ديابي، لاعب وسط أرسنال الإنجليزي لمساعدة اللاجئين السوريين. وكتب كانوتي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بمناسبة رفعه لتلك الدعوة: ”إن الشعب السوري يمر بظروف لا يحسد عليها، فمن الواجب علينا التبرع بالمال لصالح لاجئي سوريا”.
وعقب قيام قوات الأمن المصرية مدعومة بالجيش في فض اعتصام رابعة لداعمي عودة الشرعية في مصر شهر أوت 2013، اعتبر كانوتي من يبررون قتل معارضي الانقلاب العسكري بمصر بـ “فاقدي الإنسانية”. مؤكداً أن العالم لن ينسى “رابعة مصر”. مشيرا إلى ضحايا المجزرة التي شهدها اعتصام رابعة العدوية أثناء فض اعتصام رافضي الانقلاب. كما وضع شعار رابعة ذي اللون الأصفر، على صدر صفحته في موقع “تويتر”.
أُلصقت به تهمة التزمت، وُصف بالإرهابي.. وعانى من العنصرية
المواقف الشجاعة والنبيلة التي اتّخذها عمر كانوتي لم تعجب الكثيرين، وفي مقدمتهم طبعا بعض وسائل الإعلام الإسبانية، فشنّت عليه هجومًا لاذعا، واتهمته بالتزمت والانغلاق، معتبرة سجوده بعد تسجيل أي هدف يُعد رمزا دينيا لا ينبغي أن يحدث في ملاعب الكرة، فادّى ذلك إلى حدوث حالة من الكراهية له بين الجماهير. وهنا يجب الإشارة إلى حادثة وقعت لكانوتي بخصوص هذه المسألة، فقد حدث وأن اشتبك مع أحد الصحفيين عقب مباراة جمعت أشبيلية مع ريال مدريد في إحدى مباريات الليغا، وسجل خلالها هدفًا قاد به فريقه للفوز، فسأله الصحافي بسخرية وتهكم، “ماذا تعرف عن الدين الإسلامي الذي تعتنقه؟ وهل تعتبر سجودك بعد تسجيل الأهداف أمرًا مقبولاً؟”. لكن رد كانوتي كان قويا وحاد في نفس الوقت: “أنت صحافي جاهل، ولا تعرف شيئًا عن الإسلام”، ودخل بعد ذلك إلى غرفة تغيير الملابس دون أن يدلي بتصريحات أخرى. وقد عاد بعد أيام من الواقعة وقال للصحف الإسبانية: “عندما يسألك مغفل مثل هذا السؤال، فردك سيكون قاسيًا حتمًا، فهو لا يعرف الدين الإسلامي، وما يحمله من معانٍ سامية ورحمة، وفوق ذلك يسأل بتهكم وسخرية عن معرفتي بهذا الدين”. رد كانوتي على مضايقات بعض المحسوبين على الصهيونية العالمية أو المتعاطفين معها ممن أزعجهم رؤية كانوتي يسجد بعد كل هدف يسجله، كان في الميادين فبعد الحادثة المذكورة والهجوم الذي تلقاه وهذه الكراهية من هؤلاء، سجل خلال موسم 2007/2006 في الليغا الاسبانية 21 هدفا واحتل مركز وصيف الهدافين بعد هداف الريال فان نيستلروي، وذلك رغم الإصابات التي تلقاها، لكن الأمل الذي لم يتوقف عليه وكرره عقب كل هدف سجله من هذه الحصيلة المذكورة هو السجود، فضلا عن قراءة الفاتحة والدعاء قبل بداية المباريات. وبعد أن طالته اتهامات الإرهابي في البطولة الانجليزية والتزمت في مواسمه الأولى بالليغا الاسبانية، جاء الدور في آخر موسم له مع ناديه أشبيلية وتحديدا في الفاتح من شهر أكتوبر 2011، على محاولة احتقاره في تصرف عنصري مُشين كان بطله نجم وسط ميدان نادي برشلونة الاسباني، سيسك فابريغاس، حيث أكدت صحيفة ماركا عقب الحادثة نقلا عن بعض لاعبي فريق اشبيلية ولكنها لم تذكر أسمائهم، “فإن فابريغاس وجّه لكانوتي سبابا دينيا، ووصفه بالمسلم الحقير”. لكن كانوتي عاد في نهاية شهر جانفي 2012 وعلق على الحادثة بالقول:”لن اذكر ما قاله لي سيسك فابريغاس فهذا شيء شخصي وأحيانا تستخدم بعض الألفاظ النابية في الملاعب، وهذا ما حدث معي”. وتابع “ولكنني لم اقل مطلقا أن سيسك عنصري آو وجه لي سبابا عنصريا.. يجب علي أن أكون أمينا وصادقا في هذا الشأن”. وكان فابريغاس قد نفى الاتهامات التي وجهت له بعد المباراة بيوم، بقوله: ”لدي زميل يحمل الجنسية المالية أيضا في الفريق (سيدو كيتا) كما أن رفيقتي العاطفية لبنانية الجنسية، وأضع وشما على جسدي مكتوبا باللغة العربية”. يشار إلى أن الواقعة بين كانوتي وفاريغاس بدأت بعدما حصل الأول على بطاقة صفراء ثم ابتعد عن منطقة الجزاء، إلا أن فابريغاس وجه له عبارة ما، وعلى أثرها عاد إليه اللاعب المالي وجذبه من عنقه مما تسبب في نشوب المشاجرة التي انتهت بطرد كانوتي وحصول سيسك فابريغاس على إنذار.
اتّجه للاستثمار في مطاعم “الحلال” بعد اعتزال الميادين
وقد اتجه عمر كانوتي في السنوات الأخيرة، أي قبل اعتزاله شهر نوفمبر الماضي (2013)، إلى فكرة الاستثمار في “مطاعم الحلال” ونشرها في دول أوروبا، حيث قبل الاعتزال كانت آخر أعمال كانوتي، ذلك القرار الذي اتخذه قرر إنشاء سلسلة “مطاعم حلال” في أكثر من دولة أوربية. مؤكدا أن جميع ما ستقدمه هذه السلسلة هي الأطعمة والمشروبات المباحة تبعًا للدين الإسلامي. وقد جاءت فكرة كانوتي بعد أن وجد تعصب شديد للمسلمين في أوروبا، إضافة للمعاناة التي يقاسونها فيما يخص هذه المشكلة ة بالذات، لاسيما وأن جل المطاعم في الدول الأوروبية، تعتمد على أسلوب صعق الحيوانات والطيور وليس ذبحها مثلما يأمر الدين الإسلامي الحنيف. فضلا عن أن كثيرًا من الوجبات المقدمة أو المقترحة يكون لحم الخنزير والخمور أحد مكوناتها.
نور الدين عطية