الأولىتحقيقات وروبورتاجات

اختيار المواهب بين المصداقية و التأويل … الانتقاء… هاجس اللاعبين الشبان

كثيرا ما تنهال الانتقادات بعد كل عملية انتقاء سواء تعلق الأمر بالأندية أو حتى المنتخبات الشبانية ، وكثيرا ما يتم توجيه سهام الاتهامات إلى القائمين على عمليات الإنتقاء بالحڤرة و المحاباة ، و قد يذهب البعض في اتهاماتهم إلى أبعد من ذلك عندما يتهمون أصحابها بتلقي الرشوة مقابل وضع لاعب ما في القائمة على حساب لاعب يملك كل مواصفات الموهبة ، إلا أن حسابات الإنتقاء الغير السليمة تدفع به خارجا و ترغمه على الإنسحاب القسري من عالم التألق و النجاح.

الانتقاء أحد النقاط الأساسية للوصول إلى المستويات المتقدمة

يعد موضوع الانتقاء من الموضوعات الهامة في المجال الرياضي حيث يختلف الأفراد فيما بينهم في القدرات العقلية والبدنية والحركية والنفسية والجسمية، لذلك كان لابد من  اكتشاف الخصائص الفسيولوجية والقدرات الحركية التي يتميز بها كل إنسان ثم توجيهه لممارسة نوع معين من الأنشطة الرياضية ، بحيث تتلاءم مع ما يتميز به الفرد من خصائص وصفات تجعله يتفوق في لعبة رياضية معينة ، توظف هذه الخصائص الفسيولوجية بشكل صحيح، فالانتقاء في المجال الرياضي أحد النقاط الأساسية للوصول إلى المستويات المتقدمة التي تتناسب مع اختلاف خصائص الأفراد في القدرات البدنية والعقلية والنفسية ، وذلك تطبيقا للنظرية الرياضية التي تنص على أن لكل نشاط رياضي أو لعبة رياضية متطلبات أو مواصفات نموذجية يجب توافرها في الرياضي حتى يتمكن من تحقيق المستويات المتقدمة.

اختيار أفضل العناصر من اللاعبين من خلال الدراسة المتعمقة لجميع الجوانب المؤثرة في المستوى الرياضي

كلمة الانتقاء في اللغة هي مشتقة من الفعل انتقى ، ينتقي ، انتقاء ويعرف الانتقاء بأنه عملية يتم من خلالها اختيار أفضل العناصر من اللاعبين من خلال عدد كبير منهم طبقا لمحددات معينة ، ويعرف أيضا الانتقاء بأنه اختيار اللاعبين واللاعبات في المجموعة المتاحة منهم من خلال الدراسة المتعمقة لجميع الجوانب المؤثرة في المستوى الرياضي، واعتمادا على الأسس والمبادئ والطرق العلمية .

اكتشاف الموهوبين وتوجيهم إلى ممارسة الرياضة التي تتناسب مع قدراتهم

تهدف عملية الانتقاء الرياضي إلى اكتشاف الموهوبين وتوجيهم إلى ممارسة الرياضة التي تتناسب مع قدراتهم وقابليتهم لتعلمها وهذه الأهداف هي : التعرف المبكر على الأشخاص الموهوبين الرياضيين وخاصة حراس المرمى في مجال كرة القدم ، التوجيه المثمر للأفراد الموهوبين نحو الأنشطة الرياضية التي تتناسب مع قدراتهم و إمكانياتهم ، الاقتصاد في الجهد والمال في عملية التدريب الرياضي ، زيادة الدافعية عند حراس المرمى خاصة في رياضة كرة القدم ، تطوير عملية اختيار حراس المرمى من خلال الدراسات والبحوث العلمية المتواصلة، تحديد الصفات المورفولوجية والبدنية والحركية التي يجب توافرها للاعب المتفوق في النشاط الرياضي .

الانتقاء بغرض التوجيه الصحيح للإمكانيات والقدرات

يمكن التعرف على الآلية التي يتم من خلالها تقسيم الانتقاء من خلال النقاط التالية ، وهي الانتقاء بغرض التوجيه الصحيح للإمكانيات والقدرات ، الانتقاء لإعداد مجموعات متجانسة في التدريب لاستمرارية عملية التدريب بكفاءة ، الانتقاء لكي يتم تكوين مجموعات متكافئة ومتنافسة لزيادة الدافعية مراعاة للحالة النفسية للأفراد، تحديد المنتخبات الوطنية من بين اللاعبين الذين يتمتعون بمستويات عالية، لذلك فإن الانتقاء بأنواعه هو عملية منظمة متسلسلة يمر بها الناشئون عبر المراحل التدريبية للانتقاء ابتداء من التوجيه للناشئ إلى النشاط الذي يمارسه مرورا بعملية الانتقاء لأجل التجانس ثم التكافؤ لغرض التنافس وصولا للمستويات العليا .

تحديد إمكانيات الناشئ التي تمكنه الوصول إلى مستويات عالية

من واجبات الانتقاء الجيد هو تحديد إمكانيات الناشئ التي يمكن من خلالها التنبؤ بالمستوى الذي يمكن أن يحققه خلال سنوات عمره التي سيقضيها في ملاعب كرة القدم، وتستهدف عملية الانتقاء في مجال كرة القدم الوصول إلى مستويات عالية في هذا المجال، وقد ظهرت الحاجة إلى هذه العملية نتيجة اختلاف الناشئين في استعداداتهم البدنية والعقلية والنفسية، وقد أصبح من المسلم به إمكانية وصول الناشئ إلى المستويات العالية في المجال الرياضي، تصبح أفضل إذا أمكن من البداية انتقاء الناشئ وتوجيهه للخانة المناسبة التي تتلاءم واستعداداته وقدراته الفنية والبدنية والتنبؤ بدقة بمدى تأثير عمليات التدريب على نمو وتطوير تلك الاستعدادات والقدرات بطريقة فعالة ، تمكن اللاعب من تحقيق التقدم المستمر في كرة القدم وذلك هو جوهر عملية الانتقاء . كما ترتبط عملية الانتقاء للناشئين ارتباطاً وثيقاً بظاهرة الفروق الفردية، وتقوم أساساً على تحديد الفروق الفردية بين الناشئين في الاستعدادات والقدرات المختلفة الخاصة بالناشئ كفرد . وهناك مراحل للتعرف على الناشئين الموهوبين، أهمها المرحلة الأولى، وهي مرحلة التعرف المبدئي على الناشئين، وتهدف هذه المرحلة إلى تحديد الحالة الصحية العامة للناشئ، واستبعاد من لا تؤهلهم لياقتهم الطبيعية لممارسة كرة القدم. وتتعرف هذه المرحلة على المستوى الأولي للصفات البدنية والنفسية والبيولوجية (فسيولوجي، مورفولوجي)، حيث يتم من خلال هذه المرحلة ‘الفرز الأولي للناشئين الموهوبين في كرة القدم، واختيار الناشئين الذين يظهرون استعدادات رياضية عامة. وتستهدف هذه المرحلة تحديد الحالة الصحية العامة للناشئ من خلال الفحوص الطبية ، استبعاد من لا تؤهلهم لياقتهم الطبية لممارسة الرياضة  ، الكشف المبدئي للصفات البدنية والخصائص المورفولوجي ، والوظيفية ، الكشف على سمات الشخصية لدى الناشئين . ومن ثم يتم انتقاء أفضل الناشئين من بين من نجحوا في الاختبارات الأولية، وتنحصر أهمية هذه المرحلة في كونها تمكن الناشئ من ممارسة كرة القدم، كما تسمح بمعرفة الموهوبين لتوجيههم وخلق الرغبة في نفوسهم لممارسة كرة القدم، وعند إجراء عملية الانتقاء للمرحلة الأولى يجب أن تحدد المواصفات الآتية كمحددات : الحالة الصحية العامة للناشئ، وتشمل جميع الأجهزة الوظيفية للجسم كالجهاز التنفسي، وجهاز الدوران، وضغط الدم، ووظائف الأجهزة الداخلية الأخرى، وعملية التمثيل الغذائي وكذا القياسات الجسمية مثل طول وعرض وسمك ووزن ومحيط الجسم وأجزائه قياساً بمن حوله من الناشئين ، ومعرفة التميز في أي القياسات لتحديد خانة اللعب التي يمكن أن يبرز فيها ، بالإضافة إلى النمط الجسمي الذي يلعب دوراً مهما، فالجسم النحيف يحتاج إلى جهد كبير لزيادة الوزن، والجسم الضخم يحتاج إلى جهد مضاعف من جميع الأطراف حتى ينزل للوزن المثالي، وكلتا الحالتين تضيعان الجهد والوقت والمال، وربما لا تأتي النتائج المرجوة إذا تقاعس أي طرف من الأطراف ، وكذلك الظروف الاجتماعية لكل لاعب كمستوي الاجتماعي والاستقرار المادي ،و مستوى القدرات البدنية من حيث اللياقة البدنية ودرجة تفوقه على أقرانه ، و السمات النفسية والإرادية .

اختيار الأفراد الذين تتوفر فيهم شروط ممارسة النشاط الرياضي التي تتناسب مع قابليتهم وقدراتهم

نظرا لوجود فروق فردية بين الأفراد في جميع الجوانب البدنية والعقلية والمهارية والنفسية، يحتم علينا اختيار الأفراد الذين تتوفر فيهم شروط ممارسة النشاط الرياضي التي تتناسب مع قابليتهم وقدراتهم، ومن هناء ظهرت الحاجة إلى عملية الانتقاء التي تتم على ثلاث مراحل هي :

المرحلة الأولى (8-12) سنة

وتهدف إلى الكشف على المستوى المبدئي للصفات الآتية : القدرة البدنية والمهارية  ، الخصائص المورفولوجية والوظيفية  ، اختيار مرونة المفاصل ، السمات الشخصية  .

المرحلة الثانية (12-14) سنة 

وهي مرحلة تستهدف اختيار أفضل الناشئين من بين من نجحوا في اختبارات المرحلة الأولى وتوجيههم إلى الذي يتلاءم مع إمكانياتهم، وتتم هذه المرحلة بعد أن يكون الناشئ قد مر بمدة تدريب طويلة نسبياً قد تستغرق ما بين عام وأربعة أعوام، وتستعمل في هذه المرحلة الملاحظة المنظمة وتستعمل الاختبارات الثانية من الانتقاء لتقويم الجوانب الآتية : مستوى تطور القدرات البدنية العامة والخاصة (قوة، سرعة، تحمل، مرونة، رشاقة)، معدل تطور القدرات العامة والخاصة ، تحديد مستوى الإنجاز وفيه يحقق الناشئ المستوى المؤهل في مجال اللعبة ، تحديد ثبات الانجاز عندما يحقق الناشئ مستوى الأداء الأمثل في المنافسات .

المرحلة الثالثة (14-16) سنة 

وتستهدف هذه المرحلة التحديد الأكثر دقة لخصائص الناشئين وقدراتهم بعد انتهاء المرحلة الثانية وانتقاء الناشئين الأكثر كفاءة لتحقيق المستويات العليا . ففي هذه المرحلة يمكننا التحديد بشيء أكثر دقة لخصائص الناشئ وقدراته بعد المرحلة السابقة الثانية من التدريب وانتقاء الناشئين المتميزين الذين هم أكثر كفاءة لتحقيق المستويات العليا، مع التركيز والاهتمام في هذه المرحلة على قياس مستوى نمو الخصائص المورفولوجية والوظيفية اللازمة لتحقيق المستويات العليا . وخلال هذه المرحلة يمكن انتقاء الناشئين بهدف أعدادهم للمنافسات الدولية، وتعد المقدرة على تحمل التدريب وكفاءة الجهاز العصبي من العوامل المهمة في هذه المرحلة .

أغراض الانتقاء متعددة

تتعدد أغراض الانتقاء و تتعدد من بينها الاطلاع على حقيقة المستويات  ، حيث أن إجراء الاختبارات الخاصة للناشئين أو المبتدئين تحدد وبشكل دقيق المستويات الحقيقية والإمكانيات الواقعية لمتطلبات الأنشطة الرياضية، تحديد المشكلات ، حيث أنه عندما تنجح الاختبارات في تحديد المستويات ستظهر نقاط القوة والضعف في العملية التدريبية وستظهر الفروق الفردية وسيجد المدرب نفسه أمام بعض المشكلات الفردية والجماعية، إذ أن لغة الأرقام التي تضعها الاختبارات أمامه تجعل المشاكل أكثر وضوحا أمام المدرب ، الاطلاع على الفروق بين الناشئين  و يكون هدف الاختبارات في هذه الناحية هو معرفة نقاط الضعف والقوة عند الناشئ ذاته، إذ أثبتت نظرية الفروق الفردية أن الأفراد يختلفون في قدراتهم واستعدادهم، وهنا تلعب الاختبارات دورا فعالا في اكتشاف الفروق الفردية، إذ أن معرفة المدرب واطلاعه على الفروق الفردية بين اللاعبين سوف يجعل الصورة واضحة أمامه ويكون تصرفه مبنيا وفق هذه القابليات وستكون العملية التدريبية أكثر دقة وقدرة على تحقيق الأهداف الموضوعة مسبقا ، تقويم العملية التدريبية والمنهاج التدريبي  ،فالمدرب بحاجة إلى الاطمئنان إلى عمله التدريبي وأنه يخطو بخطوات متسلسلة على وفق الأسلوب العلمي الصحيح الذي يعمل على تطور الناشئين وتقدم الفريق ، ولا يوجد سبيل أفضل من الاختبارات لتقويم العملية التدريبية، إذ تعد الاختبارات والقياسات إحدى الطرائق العلمية التي يمكن أن تبين مدى صلاحية أي منهج تدريبي من خلال استخدامها وسائل تقويمية في المجالات الرياضية المختلفة، زيادة التشويق والدافعية  ، إذ تعد الاختبارات أداة فاعلة لزيادة التشويق وتعمل على الاستمرار بالجد والمثابرة في التدريب ،وكذلك فإن عنصر التشويق والدافعية للناشئين يكون قوي لتحسين مستواه وهذا يشمل الفريق بأكمله، الكشف عن الموهوبين ، وهنا تلعب الاختبارات دوراً كبيرا في الكشف عن هذه الفئة العمرية بصورة علمية صحيحة لما توفره عملية الاكتشاف الصحيح من جهد ومال وكذلك الاقتصاد بالوقت، تقويم الخصم ، حيث إن للاختبارات أهمية كبيرة أيضا من خلال الكشف عن إمكانيات الفريق الخصم والاطلاع على مستوى فريق الخصم ، و أين تقع نقاط القوة والضعف إذ يساعد ذلك على وضع خطط مستقبلية .

إعداد: سنينة مختار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى