حبيب نور محمدوف .. أسطورة المصارعة المسلم الذي لم ينهزم أبدا
قبل سنة 2018 لم يكن اسم البطل الداغستاني مطروحا على وسائل الإعلام بالصورة التي تؤهله لأن يكون حديث الرأي العام، إلا أنه استطاع أن يفرض نفسه وبقوة بعد الهزيمة المدوية التي ألحقها بمنافسه الأيرلندي، كونور ماكغريغور، في لايس فيغاس بالولايات المتحدة، والتي أثارت حينها الكثير من الجدل جرًاء الاشتباكات التي حدثت بين أنصار اللاعبين عقب انتهاء المباراة. سبتمبر 2008 كانت بداية دخول محمدوف ساحة النزال الرياضي، وعلى مدار 11 عاما، خاض خلالها عشرات المواجهات، حقق فيها العديد من الألقاب المحلية والقارية والعالمية، لم يخسر البطل مواجهة واحدة، وهو انجاز لم يسبقه إليه أي من أبطال هذه اللعبة.. فمن هو هذا الأسطورة المسلم؟
أسطورة الفنون القتالية
نجح البطل الروسي خلال العقد الأخير في أن يسجل اسمه بأحرف من نور في سجلات هذه الرياضة، متربعًا على عرشها لسنوات عدة، فبفضله حققت الألعاب القتالية شهرة عالمية، وباتت واحدة من أكثر الرياضات انتشارا في أوروبا واليابان، فضلًا عن السمعة الواسعة التي اكتسبتها بفضل ما تتمتع به من أخلاقيات عالية ومنافسة شريفة. ويعد البطل إبن الأعوام الثلاثين أول مسلم يفوز بلقب بطل العالم في الفنون القتالية المختلطة في الوزن الخفيف، حتى بات بالنسبة إلى الكثير من محبيه “أسطورة حية” في هذه الرياضة، خاصة وأن سجله لم يمنى بهزيمة واحدة حتى اليوم، الأمر الذي أهله لأن يكون أيقونة حقيقية للفنون القتالية. حول محمدوف إلى أيقونة في العالم الإسلامي خاصة مع بعدما قيل إن سبب الاشتباكات التي حدثت بعد المنازلة العام الماضي كان سببها أن منافسه ماكغريغور وأعضاء فريقه سبوا دينه، فاضطر هو إلى الرد عليهم بالقوة “دفاعا عن دينه وبلاده”. المنازلة الشهيرة التي جمعت بينه وبين ماكغريغور في أمريكا قبل عام كانت بوابة الشهرة للبطل المسلم، فرغم ما تعرض له من عقاب من قبل منظمي البطولة آنذاك على ما بدر منهما أثناء وبعد المباراة، إلا أنه نجح في خطف الأضواء وسحب بساط الشهرة والجماهيرية. جزء كبير من شهرته جاءت لما أبداه من اعتزازه بدينه الإسلامي، إذ اعتاد التحدث دومًا عن إيمانه بالله واستلهامه قوته من عقيدته الإسلامية قبيل كل مباراة، هذا بخلاف ما ينشره عبر منصات السوشيال ميديا لصور شخصية له أثناء أداء فريضة الحج والعمرة، فضلا عن رفضه تناول الخمر مع عدد من اللاعبين، في مقدمتهم منافسه الأيرلندي الذي فاز عليه في اللقاء الشهير. ومنذ ذلك الحين تحول محمدوف إلى أيقونة في العالم الإسلامي خاصة بعدما قيل إن سبب الاشتباكات التي حدثت بعد المنازلة العام الماضي كان سببها أن منافسه ماكغريغور وأعضاء فريقه سبوا دينه، فاضطر هو إلى الرد عليهم بالقوة “دفاعا عن دينه وبلاده”، وهو ما دفع الكثير من المتعاطفين معه لمناشدة والده بعدم معاقبته بعدما أعلن ذلك، على رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي طلب من والده عبد المناب عدم الإسراف في معاقبة ابنه، لأنه “تصرف في ظروف استثنائية قاهرة”.
سجل حافل من البطولات في مشوار المسلم
حقق حمدوف خلال مشواره الرياضي العديد من الانجازات والبطولات، البداية كانت يناير 2012 حين خاض أول مشاركة له في بطولة القتال النهائي (UFC) حيث هزم المقاتل كمال شالوروس خلال التقديم في الجولة الثالثة، ثم تبعها بانتصار عريض على جليسون تيباو في يوليو من نفس العام. حفل عام 2013 بحزمة من الانتصارات المتتالية، بدأها ضد ثياجو تافاريس في 19 يناير، في بطولة القتال النهائي (UFC) على FX 7 ثم فاز عن طريق KO في الجولة الأولى، ثم هابيل تروخيو في 25 ماي، في بطولة القتال النهائي (UFC 160) عن طريق قرار بالإجماع. على الوزن الزائد.
نشأته وحياته وتعلقه بالإسلام
نشأ البطل الصغير في بيت رياضي من الطراز الأول، فوالده مصارع قديم، وخبير في الجيش الروسي، وهو الذي تولى تدريب نجله من سن الثامنة حتى أوصله إلى منصات التتويج. وفي 2014 أعلن البطل الروسي التحدي مع المقاتل الشرس جيلبرت ملنديز، وذلك على منصات السوشيال ميديا، وكانت المواجهة الفعلية في بطولة القتال النهائي (UFC 170) في 22 فبراير، إلا أن المباراة ألغيت لأسباب لم يكشف عنها، ليخوض مواجهة أخرى مع نيت دياز، الذي اعتذر في اللحظات الأخيرة، الأمر الذي أغضب حميدوف الذي عبر عن خيبة أمله قائلا: “إذا قالوا إنهم مستعدون لخوض القتال الأفضل، عليهم أن يحاربوا الأفضل، إذا أرادوا، فسوف آخذهم معاً في القفص”. وفي 19 إبريل من العام ذاته حقق فوزا مدويًا على المقاتل رافائيل دوس، في بطولة القتال النهائي (UFC) على FOX 11، وفاز بالقتال من خلال قرار بالإجماع، إلا أنه انسحب من المباراة التي كان مقررا له أن يواجه فيها دونالد سيرون في مايو 2015 بسبب اصابة في الركبة المتكررة، وتم استبداله بجون مقدسي. ومنذ 2008 وحتى اليوم حقق حميدوف 28 انتصارًا وبطولة، بداية من بيرموف في 13 سبتمبر 2008 حين هزمه في أوكرانيا بالإخضاع، وصولا إلى فوزه على المصارع الأميركي المخضرم داستن بورييه في البطولة التي أقيمت في أبو ظبي قبل عدة أيام، ليعزف الرجل منفردًا على منصات التتويج.
استعداد مبكر للتألق
ظهرت ملامح النبوغ في القتال مبكرًا عند حبيب عبد المنعم نور محمدوف الذي ولد في قرية سليدي في منطقة تسومادينسكي من داغستان، والتي لم يقم فيها طويلا حيث انتقل إلى العاصمة الداغتسانية ماخاشكالا، وبعدها ذهب إلى كييف في أوكرانيا لتلقي تدريباته الأولية في الفنون القتالية. نشأ البطل الصغير في بيت رياضي من الطراز الأول، فوالده مصارع قديم، وخبير في الجيش الروسي، وهو الذي تولى تدريب نجله من سن الثامنة حتى أوصله إلى منصات التتويج، وفي عام 2001 بدأ الصغير في تعليم فنون المصارعة وهو في سن الـ 12، وبعدما وصل إلى الـ 15 بدأ تعلم لعبة الجودو ثم السامبو.
انتصارات محمودف لا سيما المنازلة الأخيرة دفعت وسائل الإعلام العالمية لتسليط الضوء على البطل المحتكر للألعاب القتالية، فمن جانبها قالت مجلة “فوربس” الأمريكية الشهيرة إن: “حبيب نور محمدوف يجعل الأمور بائسة على منافسيه، فاز النسر بتحدي بطولة UFC في ختام أسبوع أبوظبي للتحدي”.
وبحسب المجلة؛ فقد ظهرت معالم الأسى والحزن على المنافس بورييه؛ لأنه بعد كل المجهودات والإعداد للنزال، لم ينجح في إظهار إمكانياته بفضل تفوق محمدوف الساحق، فيما تساءلت شبكة “ESPN” العالمية، في تقرير لها عن البطل، قائلة: “هل محمدوف الأكثر هيمنة في تحدي UFC على الإطلاق؟”.
آريل هيلواني، الصحفي المتخصص في الشأن الرياضي في حديثه للشبكة قال: “نعم؛ لقد كنت أقولها على مدار عامين، نور محمدوف هو أكثر رياضي له هيمنة في تلك الرياضة وقعت عليه عيني، لم يخسر إلا جولة واحدة في مسيرته، وهو الآن رصيده 28-0″، وواصل: “هو لا يهزمك فقط، ولكنه يسخر منك ويحطمك”. أما صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فعلقت بقولها إن: “نور محمدوف واصل هيمنته على منافسات الوزن الخفيف كبطل عالمي بلا منازع”، مركزة على مشهد الاحتفال الذي قام به البطل الروسي بالقفز من الحلبة للتعبير عن سعادته بالانتصار، كما ركزت أيضا على الرقم المذهل للاعب الذي يبلغ 28-0.
نور الدين عطية